
تنويه
لا بد منه
التراشق
بالفتوى؟!
عندما
اقترحنا هذه الزاوية على السادة
المتابعين أردنا منها نافذة
حقيقية لتلمس نبض الساحة العامة
التي نتحرك من خلالها التماساً
لمشورة غير مباشرة تدلنا على
الأصوب والأحكم..
نحن،
في الأسبوع الماضي، مدينون
بالاعتذار للعديد من المشاركين
الذين كتبوا إلينا جواباً على
السؤال (المعركة التي تدور في
لبنان معركة من؟) ولم ننشر
إجابتهم. وكذا مدينون بالاعتذار
عن الامتناع عن نشر العديد من
المقالات والمشاركات التي لا
نشك في صدق أصحابها. ولكننا نظن
أنها وقعت في حقل الرمي البعيد
عن الهدف العام للأمة، وليس
لشخص أو حزب أو إدارة أو مركز..
الألم
والقهر والكبت يرمي الإنسان
أحياناً بعيداً عما يريد!! تضطرب
البوصلة في وسط العتمة أو يتحقق
فينا قول الهادي المعلم: (فتنة
تدع الحليم حيران).
عندما
طرحنا في هذه الزاوية (المعركة
التي تدور في لبنان معركة من؟)
أردنا أن ننبه إلى حقيقة أصلية
كنا نسمع حولها نمنمات!! ثم لم
تلبث النمنمات أن تحولت إلى صوت
عال، والصوت العالي تلبست به
عوامل وإرادات خارجية ليتحول
إلى فتاوى يتراشقها المسلمون،
أو إلى أحكام شرعية يصدرون عنها
أو يدندنون حولها!!
حقيقة
يجب أن تظل ناصعة في أذهان
الخاصة والعامة من المسلمين، هي
أن التراشق بالفتوى عمل غير
رشيد. وأن اللجوء إلى الفتوى
إنما هو سلاح الضعيف إلا في أمور
هي من (البيّن والبيّن) الذي
أشار إليه رسول الله صلى الله
عليه وسلم. فالمصالح ميدان
اجتهاد ومهما حاول المرء أن
يعزز رأيه بنص ديني لن يعجز
مخالفه عن أن يأتي بمثله.. هذا ما
قرره الإمام علي رضي الله عنه
عندما قال لابن عباس: (لا
تجادلهم بالقرآن فإنه حمال أوجه..).
أمر
آخر يجب أن نوجه إليه في هذا
المقام، هو ألا نقع في الخطأ
الذي نعيبه على الآخرين.. وألا
تكون مواقفنا انعكاساً
لأخطائهم أو لما نظنها أخطاءهم
بعبارة أدق.. سيل الشواهد التي
ساقها العديد من المشاركين
لاقناع القراء بوجهة نظرهم لا
تقوم بها حجة عقلية مطلقة. وربما
يكون لها وجاهتها الظرفية
الخاصة.
موقفنا
من العركة المفروضة على لبنان
ينبني على أساس الرؤية: من
الظالم في هذه الحرب ومن
المظلوم؟ من المعتدي ومن
المعتدى عليه؟ مآل النصر
والهزيمة في هذه المعركة سيجير
لمصلحة مَن؟ ويقع في ذخر مَن؟
نستحضر
في هذا المقام أن السيد حسن
نصرالله قال بالأمس القريب عن
بلدي سورية (إنها سورية الأسد)
أو أن السيد نبيه بري فعل كذا..
وأن الساحة العراقية يتم فيها
ما يتم كل هذه الأمور تناقش في
سياقاتها، ولا تناقش على ما نظن
في سياق معركة مصيرية كالتي
تدور على أرض لبنان.
لنقعد
للتفكير في هذه الزاوية أكثر،
ولنجعل الحوار أكثر دفئاً وجدوى
سنعود إلى طرح السؤال بما يقرب
علينا سبيل الرؤية، ونعد بنشر
كل ما يصل منضبطاً بضوابط
الحوار البناء..
زهير سالم
مدير
مركز الشرق العربي

|