صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأربعاء 26 - 06 - 2002م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | مجموعة الحوار |ـ

.....

   

رؤية

بطاقات زيزونية في حزيران .. 2002

زهير سالم

بطاقة زيزونية 

الرئيس بشار الأسد..

من حزيران 1967 ـ إلى حزيران 2002

من حزيران الجولان الضائع، إلى حزيران الرحيل الذي هو طريق الأولين والآخرين.. إلى حزيران الدمار الوطني في تدمر (الشاهد والمشهود..) إلى حزيران زيزون الرمز الناطق بكل ما كان.. وما سيكون، غدا الزمان كله حزيران: هزيمة وعجز واستسلام، موت وذبح وانهيار.. وغدا المكان كله: تدمر؛ تدمر (قصير) مجدوع الأنف، وزنوبيا: الأبية الأسيرة...

سيادة الرئيس:

أحد من الناس لا يحاول أن يحملك مسئولية ما كان.. ولكنك حقاً تتحمل مسئولية ما يكون.. لقد حزت فعلاً على منصب والدك، وشغلت مكانه، فهل حزت أيضاً على نفوذه ومكانته ؟! سؤال لا يجيب عليه أحد سواك..!!

سيادة الرئيس:

من القصر الجمهوري في دمشق ينبغي أن يحكم القطر.. لا من ضريح يعج بالطيب والبخور.. وأنت تعلم يقيناً دور (سدنة) الضريح في كل العصور!!

لم يكن الزمان سيفاً ماضياً كما هو الآن، فهل يسجل الحاسوب الوطني.. الزمن المهدور في أعماق الزنازين، أو في مجاهل الاغتراب القسري، أو في التقليد الزيزوني الحديث بالطواف حول الضريح ؟!

من صاحب المصلحة في شد الناس إلى الماضي، وصرفهم عن الحاضر؟! وفي تقديم الراحل على القائم ؟! وكيف يستقيم أن الرئيس الشاب الذي وجه بألا ينشغل الناس بتعليق صوره يعلقهم أكداساً أو أفواجاً بأمس ولى ولن يعود... ومن قبل قال لبيد:

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما    ومن يبك حولاً كاملاً فقد عذر

وفوقه قوله تعالى: ( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين..) وها قد مرّ عامان، أفلم يأن حين الفصال ؟!

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

أسرة التحرير                     للأعلى


زيزون...

البطاقة الأولى... والأخيرة وليس الآخرة

4 / حزيران/ 2002

جاء انهيار سد (زيزون) في الرابع من حزيران/2002/، بما خلفه من مآس، وبما حمله من دلالات، حدثاً رمزياً معبراً، ارتبط بسياق حزيراني أليم في تاريخ قطرنا العربي السوري، منذ الخامس من حزيران 1967.

رمزية زيزون الأولى رتلت على مسامع أبناء القطر أجمع، قوله تعالى: (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير، أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به...) وهل أبلغ في التعبير عن الرمز (الزيزوني) من هذه الآية الكريمة ؟!

هل هذا البناء الذي أقيم على شفا جرف هار فانهار؛ هو سد من ماء وطين.. أو أنه مسيرة من البناء الزائف، كانت في اليوم الرابع من حزيران، فقادت مباشرة إلى خامسه، وهذه بعض رمزية التاريخ...

رمزية أخرى في البناء المهدوم تتساءل، هل انهار السد حقاً في الرابع من حزيران /2002/ أو أنه انهار يوم بني عام 1995..، حين نقرأ الرمزية هكذا، ربما نتوقف عن ظلم الأشهر والأيام.. فنرى أن صبح الخامس حزيران المظلم.. أو فجر الثامن والعشرين الرعيب منه، قد صنع منذ الثامن من آذار 1963، أو الثامن عشر من تموز من العام نفسه، أو في شباط 1965، أو في تشرين ثاني 1970.. انهار السد، يوم (كانت، أو صارت أو أصبحت أو أمست). الجهات المعنية تتابع المواطن على لون (لباسه الداخلي) على ما روى هلال عبد الرزاق، فهذا أمر يتعلق بحماية الثورة... أما الدفاع عن الوطن ومؤسساته وبنيته التحتية، فقد وُكل لضمائر أصحاب الضمائر من جند رئيس الوزراء المنتحر أو المنحور..!!

في قانوننا الأزلي (.. ولا تزر وازرة وزر أخرى..) فكيف يتحمل مسئولية السد من كان غائباً عن البناء..؟! وإذا كانوا قد قالوا: أول الغيث قطر ثم ينهمر.. فهل لنا أن نقول: إن أول الانهيار سد.. ثم يكون ماذا ؟!!

هديـة

رجال كانوا حول عمر رضي الله عنه قالوا: يا أمير المؤمنين عففت فعفوا، ولو رتعت لرتعوا...

وإنها لنقطة بداية لمن يريد، أن يرد على وطنه أمر البناء الزائف، والسد المنهار.للأعلى


الجولان: البطاقة العالقة

5 / حزيران / 1967...؟!

في حزيران الزيزوني، يطل الجولان، الجرح النازف الذي أصاب الأرض والإنسان، وأدمى الإرادة والكرامة، وجعل الطالب مطلوباً، وألقى الأمة والوطن في دوامات الضياع (المدريدي..)

وبين حزيران 1967.. وتاريخ التحرير المنتظر المعلق في ضمير الغيب، لا يحاول أن يستشرفه أحد، ولا يفكر بمدى له أحد، يبقى طائر الجولان يصدح في أذني كل من كانت فيه بقية من حياة..

الجولان... عالق، وظل عالقاً وصامتاً، لأن الرئيس الراحل وفّى بما عجز عن الوفاء بمثله حتى الآن ياسر عرفات، عرفات الذي جاء متأخراً فلم يستطع أن يقوم بضرباته الاستباقية الوقائية، للقوى المناهضة للاستسلام، التي قام بها الآخرون.. والإشارة للاعتبار وليست للتنديد، فماذا يمنع الذين يدعمون (حزب الله) في لبنان، وحماس والجهاد في فلسطين، أن يكون لهم في وطنهم (حزب الله) و(حماس)، لو كانوا..؟!

الإشارة للدلالة على الطريق، في ظروف أصبحت فيها المعركة النظامية مقتلاً حزيرانياً آخر في الظروف الوطنية والإقليمية والدولية.. من الذي سيستجر العدو إلى مقتله، أو سيزعج في الجولان وجوده، ليدفع ثمن احتلاله للأرض وإذلاله للإنسان..؟!

الرئيس بشار أعلن في خطابه الرئاسي الأول (إننا مستعجلون لتحقيق السلام، لكننا غير مستعدين للتفريط بالأرض..) ربما تساءلنا: عن أي أرض كان يتحدث السيد الرئيس؟ عن فلسطين التي (نادت) منذ 1948، وطُلب من الأمة يومها أن تلبي النداء.. أو عن الجولان الذي لا نظن أنه يعود على طبق ذهبي أو فضي هدية أمريكية أو صهيونية.

إن (الدّم) الذي تقاعس عن الدفاع عن الجولان في السابعة والستين، لا بد أن يعوض شلالات مضاعفة من دم اهريق ظلماً في تدمر وحماة على نهج الحاملين لرايات التحرر والتحرير...

إننا مستعجلون لتحرير الأرض، واستعادة الجولان، أما السلام بين اللحم الحي والخنجر المغروس في الصدر، فما نبالي به، وما نظن أن يكون...!!

عامان مراّ..، يضافان إلى الأعوام الثلاثة والثلاثين، والجولان محتل، والعدو يستثمر معطيات النصر السهل، والسلام العادل والدائم، المزين بكل أنواع الخرز الأزرق، مايزال مطلباً وخياراً استراتيجياً توسلياً، يتقدم به ساستنا إلى عدو متغطرس، لا يُنتظر إن استُرحم أن يرحم...

منذ قمة جنيف سنة /2000/ أعلن الصهاينة والأمريكان، أنهم أعطوا سورية كل شيء.. وأن الكرة في ملعب السوريين، ومع أننا لا ندري إذا كان شارون مستعداً لعقد الصفقة إياها.. أو أنه يهدينا أغنية (خبيبي راخت عليك..)؛ فإن الكرة بحاجة إلى من يلفظها، لا إلى من يرميها...

إن خيار الانتظار المميت.. يقود شعبنا يوماً بعد يوم، إلى حالة من اليأس والإحباط وهو خيار غابت عنه إرادة الشعب، وقواه الحية، وغاب عنه تاريخ قطر حافل بالجهاد والعطاء.  في التصدي لحزيران الخامس الزيزوني؛ يجلجل شوقي منادياً دمشق الإباء والجهاد:

             وللحرية الحمراء باب      بكل يد مضرجة يدقللأعلى


10/حزيران/ 2000

الرحيل

بطاقة الحضور والغياب

في العاشر من حزيران سنة /2000/ أُعلن الرحيل وكان قبلُ، كان أقرب إلى الخامس منه، الذكرى الأشد قتامة في تاريخ الأمة الحديث.. فهل كان لتاريخ الرحيل الذي هو أجل محتوم (لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون..) مغزاه ورمزيته ؟! كما رحل جمال عبد الناصر من قبل في تاريخ له مغزاه ورمزيته في الثامن والعشرين من أيلول!

كان الرحيل، واجتمع السيفان في غمد، وحار الناس في حاكمهم بين القصر والقبر، بين الصامت الناطق، والناطق الصامت، الذي لا يسعه أن يقلب دفاتر زيزون!!

ومرّ على حياة الناس عامان وهم يثرثرون ثرثرة نجيب محفوظ فوق النيل.. وفي حميا سكر أو خبل، يتراءون راحلاً يأمر وينهى، يعطي ويمنع، يخفض ويرفع، ويتلاشى أمام أعينهم حاضر، حتى تكاد أيديهم تتقرّاه بلمس...

أزهار الحديقة في قصر دمشق الجمهوري، خنقت لتضم في طاقات بهية، وترصف بعناية لولبية لانهائية، وفود حجيج، هجروا القصر حيث يجب أن يكونوا ملء البصر والسمع، حواراً وعطاءً، إلى القبر حيث يرصهم (السدنة) في صفوف لإعلان الولاء، ليس لصاحب القبر، وإنما لهم هم، فكل واحد عند نفسه منهم، هو الأول والآخر.. وكم نسي هذا الإنسان إذ يطغى أن الحفرة المظلمة هي المصير...

عامان مرّا على الرحيل، والذي كان يحكم سورية من القصر مازال يحكمها من قبر اسمه الضريح... وإذ تصحو من سكر أو خبل، ربما يخيل إليك مرة أخرى، أنك تثرثر فوق زيزون أو فوق النيل...للأعلى


28 /حزيران/ 1980

تدمر .. بطاقة من دم

وأداروا للعدو ظهراً، فلا الأرض مغتصبة، ولا الوطن مضاع.. ونصبوا في الثامن والعشرين من حزيران في تدمر: مناراً من دم.. فكان ختامَه الصابُ والعلقمُ. وكانت البطولات التي تمثلت عدو الغزال على أرض الجولان، كراً وإقبالاً على أسير في قيده، وساجد في محرابه وأعزل أسالت طلقات رشاش رشاش دمه... واستهزأ مستهتر بصيحات (الله أكبر) تتعالى، وأعاق زنوبيا عن نصرة أبنائها قيد روماني ثقيل، وكان عرس الشهادة الجماعي، الذي تلته أعراس وأعراس وكانت القافلة التي مشت وراءها قوافل: ركضاً إلى الله، ورغبة فيما عنده، وإيثاراً لحق وطن افتتحه أبو عبيدة، وكان لسيف خالد فيه صولات وصولات.

تدمر...

وتاريخ تدمر منذ الثامن والعشرين من حزيران سنة 1980 زيزوني كله، حيث أرخى الظلم على الساح عباءته، ونسي الزمان: الحضاري الثقافي، زمانُ العولمة، حقوق الإنسان.. ونسي العرب والعجم في أعماق الزنازين وعلى أعواد المشانق: محمداً وأحمد وبكراً وعمر وعمرواً وخالداً وأسامة... نسيهم الزمان، فمازالوا هناك في أعماق القبور الجماعية مع دفائن المخلفات النووية التي حملتها زنوبيا العصر إلى أرض الشام، مازالوا هناك: أطفالاً وشباباً وكهولاً وشيوخاً.. مازالوا هناك طلاباً وعلماء أطباءً ومهندسين محامين وأدباء.. سلاحهم الكلمة، ودعواهم: أحد... أحد.

وإذا نسي الزمان وغفا، أو تناسى وتغافى.. فكيف ينسى الأب المكلوم والأم الثكلى والزوج الأيم والطفل اليتيم ؟!! كيف ينسى الشقيق شقيقه والأخ أخاه والجار جاره ؟!

وكلما دار الزمان.. دار معه السؤال: أين الوجوه النيرة، والأيدي المتوضئة، والجباه التي ما عرفت السجود إلا لله، والأرجل التي أنفت من المسير إلى مدريد ؟! أين النفوس الكبيرة، والقلوب الجريئة، التي لو كان أمر الجولان في يدها صبيحة الخامس من حزيران، ما ضاع، ولو رد اليوم إليها لكان شأن العدو فيه شأنه في جنوب لبنان.

في بطاقة الدم الزيزونية هذه دائماً يدور السؤال: من أمر ؟ ومن نفذ ؟ من تواطأ وسكت ؟ ومن أغضى وأخفى ؟ ومن يصر على نقل الوزر من جيل إلى جيل ؟!

في تدمر الثامن والعشرين، ذبحت الإنسانية في تجسدات الطهر، وعربد البغي وصال وجال، وماتزال السكين بيد الجلاد، ومايزال الدم عبيطاً ينزف، وشجرة الشر تلقي بظلالها على مدع وأفاك...

تركة الثامن والعشرين من حزيران بمسلسلها الزيزوني الأفيح الرهيب تركة ثقيلة، وإغلاق ملفها لن يكون إلا في فتحه، وعلى جميع المستويات...

وحين يفتح ملف الإنسان في القطر المعذب المنكود.. يلتئم الجرح، وتعود اللحمة، ويتحرر الجولان، وربما ينسق حزيران ببطاقاته الأليمة تحت عنوان (كان يا ما كان) فيغيب العَنَتُ، وتبقى العَبرة والعِبرة... ما بقي الزمان

السابق

 

 

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | مجموعة الحوار |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ