صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الثلاثاء 21 - 10 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |ـ

.....

   

رؤية

برق الشرق

من يدفع ثمن المحرقة المسيحية ضد اليهود ؟!

(المحرقة المسيحية !!)، نعم المحرقة المسيحية، مادام كل فعل يقوم به فرد من أتباع دين من الأديان يحسب على الدين وأهله، حسب المنطق الأمريكي السائد الذي يصبغ كل فعل فردي يقوم به منتم إلى الإسلام بصبغة الإسلام، فابسط قواعد التعاطي السياسي أن تقابل المنطق بمثله.

لم تكن إذاً المحرقة التي نفذها هتلر ضد اليهود، هتلرية ولا نازية، كانت مذبحة مسيحية !! ولم تكن المذابح التي نفذها القوط أو الأسبان ضد المسلمين واليهود عبر محاكم التفتيش قوطية أو إسبانية، وإنما كانت محرقة مسيحية أيضاً.  ويوم دخل الصليبيون القدس، فخاضت خيولهم في دماء المسلمين حتى الركب كانت المسيحية والمسيحيون هم الذين يفعلون ذلك، وليس الغزاة البرابرة من الفرنجة المتعصبين !!

هذا هو المنطق الذي يكرسه اليوم الخطاب الغربي، وهذا هو المكيال الذي يكيلون به للمسلمين !! ولكن العدالة الربانية، وتجليات المدنية الإنسانية، وقواعد علوم العمران والاجتماع تتطلب من عقلاء بني البشر أن يتنكبوا هذا الطريق، وأن يكفوا عن سياسات التنابذ، وأساليب التحريض وإلقاء عناوين العداوة والبغضاء.

العدالة الربانية المطلقة تؤكد وترسخ (أن لا تزر وازرة وزر أخرى) وأنه إذا كان (أوريان الثاني) أو (بطرس الناسك) من المسيحيين فهم ليسوا شهوداً عدولاً على المسيحية وأهلها. فمن المسيحيين كما يقول الكتاب العزيز (ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون. وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين). ثم كل القوانين والأعراف المدنية والعمرانية والحضارية منذ قرون متطاولة، تجهد لتقصر مسؤولية الفعل على الفاعل، وتحددها في دائرته، وتتصدى لأشكال الثأر العشائري أو القومي ولأساليب العقوبات الجماعية، بينما يسير منطق الغطرسة والقوة هذه الأيام مناقضاً للعدالة الربانية، ولمقتضيات الحضارة الإنسانية.

نؤكد أن في بني الإنسان أخياراً وأشراراً، وأن الخير والشر لا يكون في الانتماء إلى مكان أو إلى زمان أو إلى مجموعة بشرية بعينها.. ففي كل زمان وفي كل مكان، وفي كل مجموعة بشرية كفايتها من أصل الخير والشر، وعمل الإنسان الفرد وحده هو الذي ينميه إلى هذه الفئة أو تلك، وإسهام المجموعة البشرية وحدها هو الذي يعطيها تصنيفها بين العالمين. نرانا محتاجين مرة أخرى للاستشهاد بالكتاب العزيز (وإن من أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل..) وأصحاب المقولة الأخيرة ليس علينا في الأميين سبيل هم بعض اليهود إذ يحددون موقفهم من سائر الأمم والشعوب.

عندما طرحنا تساؤلنا من يدفع ثمن المحرقة المسيحية ضد اليهود، أو عندما نتساءل من يتحمل مسؤولية هستيريا الدم اليهودية التي يمارسها شارون ضد الفلسطينيين فإننا في الحقيقة نقابل منطقاً أعوج بمثله.

من حق بني البشر أجمع أن ينعموا بالعدل والعدالة والأمن والأمان. ومن حق الإنسانية أجمع أن تستقر موازين القسط قائمة على قواعد الحق لا على غرور القوة. ومن حق الشعوب على أولي الأحلام والنهى أن يقودوا المركب إلى شطآن السلامة والأمان.

للرئيس الفرنسي (جاك شيراك) الذي أرعبه بالأمس السوط الصهيوني نقول: نعم كانت المحرقة النازية ضد اليهود رهيبة ووحشية، ولكن على من ارتكبها أن يدفع ثمنها. فإن ما يجري في عالمنا العربي والإسلامي بشكل خاص هو الوجه الآخر للمحرقة المشؤومة. وإذا كان اليهود مادة هذه المحرقة في وجهها الأول فهم أداتها في وجهها الثاني. وإن في هذا لذكرى لقوم يعقلون.

21 / 10 / ‏2003‏السابق

 

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
 

اتصل بنا

 
   
   
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ