صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الخميس 13 - 11 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |ـ

.....

   

رؤية

برق الشرق

وعد بوش بين

الفردوس المفقود.. والفردوس الموعود

كان أول الوعد الغربي لأمتنا المشروع الذي روجه حزب (الاتحاد والترقي) والأحزاب المستنسخة عنه، بنسخها التركية والعربية، وبكل عناوينها وتسمياتها. وكان من ثمرة ذاك المشروع أن نقلنا من (الاستبداد الأبوي) الذي كان يمارسه علينا (السلطان) في ظل الدولة الجامعة، والهوية المتميزة الواضحة، والعنوان المعبر عن الذات الرافع لاسمها ؛ إلى (الاستبداد الثوري) الذي بدأ بالطاغية جمال باشا السفاح وسياسات التتريك والعلمنة، ليتحول بنا من الدولة الجامعة إلى الدول القطرية والعناوين الهلامية، والهوية الضبابية المتأرجحة، التي تصنف أصحابها في خانة المذببين (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء..). ثم تمادى بنا هذا المشروع الغربي التحديثي طوال القرن العشرين لينتهي إلى صيغة المقابر الجماعية، التي ملأ بها خلفاء (أتاتورك) الرَّحْبَ من أرضنا العربية والإسلامية، ثم إلى الجمهوريات الوراثية الإقطاعية، وإلى (صكوك الحرمان الثورية)، التي لا تقل قسوة وفظاعة عن صكوك الحرمان الكنسية التي كانت تلاحق رجال العلم والفكر في القرون الوسطى.. فأي إنسان يفكر في ديارنا، بعيداً عن المستبد الثوري يحرم حتى من بطاقة مدنية يثبت بها وجوده، قضاً لمقولة ديكارت (أنا أفكر فأنا موجود)، حيث يمحى اسم أي مزاول لمهنة التفكير التعيسة المنكودة من الوجود (المادي) و(المعنوي).

قرن مضى ونحن ننعم بظل فردوس المشروع الغربي الذي قدمه لنا، على طبق الاستعمار الذهبي، الفرنسيون والبريطانيون، وتبناه أشياعهم من بني جلدتنا تحت عناوين الثورية والتقدمية.

فرض علينا أن نقبل الوعد الغربي تحت عناوين الحداثة والديموقراطية.. فكانت ثمارها بعد تجربة ثلاثة أجيال هي هذه الفرقة والذلة والضعف والفقر، حتى عجز أحدنا عن أن يجد قبراً في وطنه لأن المستبدين لم يغصبونا فقط ظلال الأشجار وإنما أيضاً حفر القبور.

واليوم وبعد أن تلاشى سراب الفردوس الغربي المفقود، يعود إلينا الرئيس بوش بفردوسه الآخر الموعود، يعود إلينا لنعيش على أمل آخر من وعده، يطحن أجيالاً جديدة من أعمار أمتنا وهي تتعلق (بلعل) و(عسى) تمضغ الذلة، وتمارس التوسل والاستجداء وتعيش الفقر والخواء..

الفردوس الموعود يقدمه لنا بوش على طبق الوعد الأمريكي الصهيوني، حيث يكفل الوعد شارون وخلفاؤه على أرضنا المحتلة، وتسقيه بماء الوجه نخب تتكلم بألسنتنا، وتتزيا بأزيائنا، وتخلع ربقة الانتماء وبرقع الحياء، وتتنكر بصفاقة غير معهودة للعروبة والإسلام.

وبين الفردوس الغربي المفقود والفردوس الأمريكي الموعود نملك نحن أيضاً مشروعنا. مشروعنا الذي يعدنا به ديننا، مشروعنا الذي جربناه فكان لأمتنا (ذكراً) و(فخراً) و(قوة).. مشروعنا الذي نتقدم به وإليه ونصلح به ليس فقط حالنا وإنما حال الناس أجمعين.

فردوسنا الحقيقي يرتبط بمشروعنا الحقيقي، وهذا وذاك لن نتلقاه هدية أو منحة، أو أُعطية، وإنما هو بحاجة إلى جهدنا وجهادنا وصبرنا ومصابرتنا كما هو بحاجة إلى وعينا العام بالمشروع وآفاقه وإطاره.

لقد كان الفردوس الغربي المفقود تجربة مرة.. ولن يكون الفردوس الأمريكي الموعود أكثر من سراب أو برق خُلَّب هذا لمن يتعلق أو يحاول أن يعلقنا به.

13 / 11 / 2003السابق

 

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
 

اتصل بنا

 
   
   
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ