صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأربعاء 29 - 01 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | كــتب | مجموعة الحوار |ـ

.....

   

رؤية

برق الشرق

إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ

جام الغضب الذي تصبه الولايات المتحدة الأمريكية على النظام العربي بمدخلاته الأساسية الثلاثة: الاستبداد والفساد والتخلف، كان جزء من المشروع الغربي في المنطقة العربية بل الإسلامية بأسرها، منذ أن استطاع الغرب بمنظومته الأوروبية أولاً ثم الأمريكية، أن يجتاح بيضة الأمة، وأن يفقدها مرجعيتها، والبوصلة التي تحد توجهها.

لقد شعر أصحاب المشروع الغربي، أن هذا النظام الذي كرسوه ودافعوا عنه طوال قرن مضى، لم يكن رغم العنجهية التي يدعيها، والعنفوان الذي يتمظهر به، غير شريك مفلس وعاجز عن تأدية الدور الذي أنيط به خلال قرن مضى.

 في حساب النصر والهزيمة التكتيكي، تدعى كثير من الأنظمة أنها انتصرت على شعوبها، وأنها سحقت إرادة المقاومين لمشروع الهيمنة الغربي  فيها، وتدعو هذه الأنظمة الكاوبوي الأمريكي ليتتلمذ عليها في هذا المجال؛ ولكن أصحاب النظرة الاستراتيجية البعيدة يوقنون أن دعاوى النصر هذه في غير موضعها، وأنها أشبه بدعوى بعض الأنظمة العربية أنها انتصرت في حرب السابعة والستين لأنها مازالت موجودة ‍‍!! وأن النصر الذي تم في جولة من جولات هذه المعركة مع أصحاب (البدوات) و(الطفرات) لا يعني انتصاراً على (القرآن) والقيم التي يحملها والتي يبشر بها. القرآن الذي حذر منه (كرومر) منذ أواخر القرن التاسع عشر، ولكن تحذيره ذهب أدراج الرياح لأنه ومن خلفه أيقنوا أن قرونهم وقرون من شايعهم أوهى من أن تنال من كلمات الله الراسخات.

كما أن مخرجات الواقع العربي والإسلامي على مستوياته المختلفة بدءاً من الاستجابة لنداء الفجر (حي على الصلاة)، ومروراً بحجاب راح يتوج رأس مسلمة لقنوها عبر أكثر من قناة أن هذا الحجاب، رجعية وتخلف وعامل إعاقة، حتى غدا الحجاب ظاهرة تستغرق المحافل والجامعات والشوارع؛ وانتهاء بصناديق اقتراع يتهرب أكثر القائمين على هذه الأنظمة من تحديها المطلق أو النسبي، إذ كلما غامروا بها كانت النتيجة على نحو ما حصل في تركية أو في المغرب أو في غيرها من الأقطار. وما أروع ما قالته النائبة التركية مروة القاوقجي لبولاند أجاويد يوم حرمها من حقها في تمثيل ناخبيها بسبب حجابها (أنت تمثل الأمس الذاهب وأنا أمثل الغد الآتي).

لقد شعر (مدير العالم) الأول، أن شريكه في النظام العربي الذي اعتمد عليه طوال قرن، أوهى من أن يعتمد عليه، وأضعف من أن يقوم بالمهمة الموكولة إليه، فتبرأ منه وراح يشهر باستبداده وفساده وتخلفه، ويطالبه بقائمة من الإصلاحات، التي لا يمكن أن يقوم بها من غرق في وحل  المستنقعات المتحركة.

ومن هنا يأتي هلع هذا الشريك الواهن وجزعه، يأتي من النتيجة التي آل إليها أمره، ومن هنا تنهال التصريحات من هذا الناطق أو ذاك في اتهام أهل الإسلام ودعاته اتهامات تتمادى أحياناً حتى تطال الإسلام نفسه، وهي تحاول أن تجعل من القرآن عضين، فتلح على أن الإسلام دين التسامح والمحبة والعدل، وتتناسى أن ذروة سنام هذا الإسلام هو الجهاد في سبيل الله، وأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وأن الجهاد في الإسلام ليس (جهاد النفس) فقط كما أراده اللاهوتي الكبير باول، وإنما هو حقيقة أخرى تدفع عن الأمة العدوان والأذى وتبرأ ساحتها من الوهن.

أما البديل الآخر القوي على الساحة الإسلامية، فهو الشريك المرفوض أمريكياً، والمطلوب تهشيمه أو تهميشه وتجاوزه، وهذا الطلب أيضاً يدخل في لولبية عبثية من المستحيلات أثبت عدم جدواها قرن من الغزل المنقوض أنكاثا.

إن احترام إنسانية الإنسان أولاً، وخصوصيات الآخرين العقائدية والحضارية والسياسية والاجتماعية، ربما تكون مدخلاً ناجحاً لبدايات جديدة، بدايات لا تعتمد منطق (الاستغفال) أو (الاستعلاء) أو (المكر). وإنما تعتمد الصدق والإخلاص ومحاولات تحديد نقاط الالتقاء، والقواسم المشتركة. مع قواعد الأمة أجمع والممسكين بقرارها الحقيقي. وهذا هو لب الدعوة إلى الكلمة السواء، التي دعا إليها القرآن، ويتمسك بها أبناؤه: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء... )

  29 / 1 / 2003السابق

 

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | كــتب | مجموعة الحوار |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ