صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 09 - 03 - 2002م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | مجموعة الحوار |ـ

.....

   

رؤية

سورية

البيان الوزاري

غياب خصوصية البرنامج ... وحضور العموميات العائمة

... لا يشعرون بالزمن، لا تؤثر فيهم المستجدات ، التحديات بالنسبة إليهم ألفاظ، والمخاطر أوهام، ومعجم لألفاظ هو ما تحفظوه منذ كانوا يافعين، لا يتغيرون ولا يغيرون، وهكذا، كما قال أحدهم، يكون الرجال.!!

بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من تشكيل السيد مصطفى ميرو وزارته الجديدة القديمة، تقدم بتاريخ

4/3/2002 ، ببيانه الوزاري، في غياب عضوي البرلمان المشاكسين: رياض سيف ومحمد مأمون الحمصي. حيث لا يزالان معتقلين، لتعبيرهما عن آراء سياسية، لم ترق للسلطات الأمنية، وبالتالي فإن(رأس الذئب المقطوع..)  سيلقن بقية أعضاء(مجلس الشعب) دروساً في ضرورة الالتزام بالتهذيب، والتصفيق ..‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍

لقد جاء البيان الوزاري نمطياً كلاسيكياً، منتزعاً من العموميات التي يمكن أن تتكرر في كل بيان.. فجاء بلا نكهة ولا خصوصية، ولا وعد مبشر .

دار البيان في جملته، حول الاقتصاد، وكان محوره تقديم الرغيف على الإنسان.(في ضوء تحليل شامل وعلى هدى تصور تميز بالتركيز على العوامل التي تمنح الاقتصاد الوطني مرتسماً مستقبلياً) ومع أن السيد رئيس الوزراء، قد حذر من أن تكون(أساليب التفكير والعمل القديمة، وغير المجدية عصية على التغيير والتطوير ومعيقه لدخول العصر من باب العلم، الذي لا مدخل أمامنا إليه غيره..) إلا أنه لم يستطيع إلا أن يبارك كل الأفكار والمناهج والأساليب العتيقة، على صعيد السياسة، وعلى صعيد العلاقات الوطنية، وعلى الأسس والأطر العامة لبناء الدولة، أو للمشاركة الوطنية والشعبية في صنع القرار وتحمل المسئولية !!

إن تكرار لفظ(التـقا نة) ما يقرب من عشر مرات، في البيان لا يجعل من البيان(تـقنـياً) يحدد أهدافاً، ووسائل، وزمناً، ويفتح أمام أبناء شعبنا نوافذ الأمل. ويرسم المدرجة التي يرقى عليها المشروع الوطني، ليدخل عصر التقانة والتقدم .

يعلم السيد رئيس الوزراء أن سيادة القانون ليس شعاراً، ومحاربة الفساد(بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية ..) ليست معزوفة، وأن مجلس الشعب ليس دار أوبرا، يستمع فيه المرء إلى ما يريح أعصابه، ثم يخرج لينغمس من جديد في المكايدة والضنـك، في وطن استأثر بأدوات الإصلاح فيه، من يخافه، أو من يزدريه .

وفي التـفاتة لطيفة إلى الوراء، نستطيع أن نؤكد، أن البيان الأول للرئيس بشار الأسد، كان أكثر إشاعة للأمل، وإثارة للنشوة.. كم كنا نتمنى، أن يكون البيان الوزاري قد جعل من خطاب السيد الرئيس(برنامجاً) وأن يكون قد تتبعه خطوة خطوة، ليضع لكل ما ورد فيه من أهداف وأفكار، آليات تنفيذ... !!

إن أول الطريق إلى ولوج عالم العصر و(التـقانة)، أن يكون البيان الوزاري (برنامجاً) بالمعنى الاصطلاحي، وأن يحدد أهدافاً، ووسائل، وزمناً وآليات رقابة، ووسائل قياس مدى الإنجاز، وقواعد التقويم والمتابعة..

إن مكافحة الفساد، تحتاج إلى آلية أو إلى سلطة تعلو فوق سلطة المفسدين. وسيادة القانون لا تكون بتحويل القانون إلى عصا يضرب بها المتذرعون بسيادة القانون..‍‍‍‍

سيكون لنا في هذه الدراسة جولاتٍ غير استقصائية على البيان الحكومي، لنناقش بعض المحاور التي وردت فيه، على سبيل الحوار، ولفت النظر، لا على سبيل التقريع أو التثريب، لنضع هذه اللفتات أمام أعضاء مجلس الشعب أولاً، ثم أمام من يهمه أمر الإصلاح والتغيير في هذا الوطن العزيز.       

على صعيد السياسة الداخلية :

تناول بيان الحكومة تحت عنوان السياسة الداخلية، خلطة غير متجانسة من محاور السياسات العامة حيث اندرج تحت هذا العنوان وبشكل تصادمي: التعددية السياسية.. والعناية بالأمومة والطفولة والمرأة، مع قضايا الكهرباء والطاقة والصرف الصحي ‍‍‍؟؟

في جردة سريعة نستطيع أن نمر على أهم العناوين الكلاسيكية التي مرّ عليها البيان الوزاري على صعيد السياسة الداخلية: التعددية السياسية،والمشاركة الشعبية، واللامركزية-والتنمية الإدارية-والعناية بالقضاء-وتطوير أجهزة الرقابة والمحاسبة-ودعم القوات المسلحة-والاهتمام بالأمن الداخلي-دراسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وحل المسائل المتعلقة بالمجالات الزراعية والصناعية، ومتابعة المشاريع المتعلقة بالطاقة الكهربائية،ومشاريع توفير مياه الشرب والصرف الصحي، وتعميق دور المرأة السورية، وتطوير إسهامها في بناء المجتمع وتعميق المفاهيم المتعلقة برعاية الطفولة وحمايتها، وأخيراً يؤكد البيان الاهتمام بالشباب، وترسيخ قيم العمل والإنتاج والمثل الأخلاقية         

كل ما ورد في البيان الوزاري، عناوين عامة، وكلمات عائمة، لا تحمل برنامجاً ولا رؤية، وإنما هو كلام إنشائي عام، يمكن أن يردد في أي مناسبة، وفي أي تاريخ، وهو كقول الشاعر..

مستفعلن فاعلن فعول ... مستفعلن فاعلن فعولن..

جاء في البيان عن النظام السياسي..

[ يمثل النظام الديموقراطي الشعبي، الإطار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للدولة والمجتمع في سورية، وهو قائم على التعددية السياسية كعنوان للتوجه الديمقراطي، والإيمان بالشعب، ودور المواطن، وحقه في التعبير عن رأيه، وقدرته على المشاركة في الحكم عن طريق الأحزاب السياسية المؤتلفة في الجبهة الوطنية التقدمية، والمنظمات الشعبية والنقابات المهنية، والمؤسسات الدستورية، وفي مقدمتها مجلس الشعب ]  أ.ه

هل يستطيع السيد رئيس مجلس الوزراء أن يخبرنا كم عمر هذا الخطاب؟‍‍ أو ليست هذه المعاني المائعة الرجراجة هي التي كان يرددها في بلدته(التل) منذ الستينات؟ كيف يأتلف هذا الكلام مع ما جاء في البيان ( يجب أن لا تكون أساليب التفكير والعمل القديمة وغير المجدية عصية على التغيير والتطوير ومعيقة لدخول العصر من باب العلم ) 

هذا النظام: السياسي الديمقراطي الشعبي ... إلخ أليس معزوفة قديمة وملولة ، ألم يكن صيغة أنجبها فكر حزبي منذ أربعين عاماً، فأنجب معها... هزيمة السابعة والستين، والانهيار الاقتصادي، والفساد، وتكريس التجزئة القومية وتفتيت الوحدة الوطنية، والدخول في مشروعات التسوية، التي تفرط بالأرض والإنسان ..؟!!

كيف يأتلف حديث السيد رئيس الوزراء، عن دور المواطن (العادي) وحقه في التعبير عن رأيه، وعضوا مجلس الشعب، وراء القضبان، وفي معلوماتنا أن عضوي مجلس الشعب، لم يفعلا أكثر من التعبير عن الرأي ولكن بطريقة لم تعجب الآخرين...

إن الخروج من أساليب التفكير والعمل القديمة وغير المجدية، تقتضي إنجاز صيغة جديدة للعمل الوطني تستوعب دروس الماضي وتؤسس لمستقبل زاهرٍ، وتجعل الوطن قادراً على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، صيغة تلم الشمل وتجمع الكلمة وتوحد الجهد، وتقوم على مشاركة شعبيةٍ حقيقية لا إقصاء فيها لأحد، ولا افتئات على حق أحد، وتفتح المجال أمام تعددية سياسية في ظل سيادة القانون والاعتراف بحقوق الجميع على قدم المساواة . 

‍‍مكافحة الفساد :

لم تحظ (مكافحة الفساد) إلا بكلمات عابرة في بيان رئيس الوزراء حيث اعتبر (تحقيق نقلة أساسية في التنمية الإدارية وتطوير هيكليات الدولة وبناها وتشريعاتها ونظمها وتوصيفها ... الطريق الأساسية للقضاء على الفساد وأشكاله ومساربه الإدارية والمالية .)

بينما كان المنتظر من الحكومة أن تقدم مشروعاً وطنياً متكاملاً لمكافحة الفساد، الذي أتى على الأخضر واليابس. إن رئيس الوزراء السابق، وكذا الوزراء الموقوفون، الذين شغلوا مناصبهم المختلفة، عقوداً من الزمان، لم يكونوا يعملون في فراغ، وإنما كان يعتمدون على شبكات (أخطبوطية) من المفسدين، تمتد إلى كل اتجاه.

للحق أن نقول : إن الفساد ليس خصوصية سورية، بل هو إفراز طبيعي لمجتمع مادي استهلاكي يقوم على أسس (التكاثر)و(التفاخر)، وهو ينخر بنيان الهيكلية الاقتصادية الرأسمالية، كما نخر الهيكلية الاشتراكية من قبل، وإن خوض غمرات هذا الميدان، تعني إعلان حرب حقيقية، على أولئك الذين سخروا : السياسة، وجندوا القوة، وتسلحوا بالسلطة، لإرضاء نهمة لا تشبع من حب الثروة وتكديس- القناطير المقنطرة ...

وإذا كان لنا من كلمة نتقدم بها مشروعنا هذا فهو هدية نهديها للرئيس بشار الأسد في سورية، مقولة صدرت عن صحابي لأمير المؤمنين عمر ... (عففت فعفوا ، ولو رتعت لرتعوا . !!)

وإذا قصرت الحكومة، في تقديم مشروع وعد وطني لمكافحة الفساد؛فهل سيكون بإمكان أعضاء مجلس الشعب، أن يتوافروا فرادى ومجتمعين على تقديمه، ووضع آليات تنفيذه، ومتابعته، والمحاسبة على أساسه؟! وبدورنا نشير في هذه العجالة إلى بعض الخطوط الأساسية في هذا المشروع

خطوط عريضة في مشروع وطني لمكافحة الفساد

إن أول الطريق إلى مكافحة الفساد هو إسقاط نظرية(تدبير الراس)، التي صرح بها مسؤول رسمي وحزبي كبير منذ ثلاثين عاماً. هذه النظرية التي كانت منطلقاً حزبياً أولياً، في التأسيس للفساد، وزرع شجرته الحنظلية في حاضر الوطن وباديه..

ثم إعادة تقويم الجهد الوطني، تقويماً عادلاً ومنصفاً، يتناسب وحجم التضخم الذي كان نتيجة طبيعية للفساد، وعمليات تهريب الأموال، وبناء الإمبراطوريات المالية خارج الوطن، وإعطاء العامل في الحقل العام أو الخاص نصيبه من الثروة الوطنية بقدر ما يبذله من جهد، وحسب قواعد الكفاية، التي ترفع عن المواطن سيف الضرورة في مسكنه وقوته وتربية أبنائه...

تجديد المنظومة الأخلاقية على أسس دينية وإسلامية في إحياء الوازع الديني، والرقيب الذاتي في النفس الإنسانية، والسمو بقيم(العفة)و(القناعة)و(الطهر) التي اعتبرت،يوماً، قيماً برجوازية أو رجعية، والعودة بالمجتمع إلى أفق(الحرام) و (العيب)، كل ذلك من خلال نهج تربوي رشيد ينطلق مع الطفل منذ بدايات حياته، وأن يشترك في التأكيد على هذه القيم: التعليم والإعلام والمسجد، بلسان الحال قبل لسان القال ...

جعل تكافؤ الفرص، حقيقة واقعة، ووضع الرجل المناسب في مكانه المناسب، والقضاء على كل صور التمييز بين المواطنين على أسس(فئوية)أو (حزبية)، فلا يمكن أن تكون بطاقة العضوية الحزبية، مدخلاً للاستئثار بالثروة أو بالموقع أو بالفرصة ...        ‍‍‍‍

تجريد المفسدين من سلطاتهم الإضافية، التي تجعلهم، قادرين على ممارسة جميع أشكال الفساد، بغطاء سلطوي تارة، وغطاء قانوني مزيف تارة أخرى...

سن شبكة قوانين حازمة ورادعة، تطال كل من تسول له نفسه، أن يعتدي على المال العام، أو المال الخاص بأي شكل من أشكال الاختلاس، أو الابتزاز، أو تقاضي العمولات عن طريق الصفقات المريبة، التي انتشرت أخبارها في الآفاق...

منح سلطات إضافية، وإسباغ حماية مطلقة على هيئة الرقابة والتفتيش، لتقوم بواجبها الوطني، واستخدام الأخيار من أبناء الوطن، في مثل هذه المواقع الحساسة .

إصلاح سياسي شمولي، يفتح الباب أمام معارضة سياسية حقيقية، وصحافة حرّة، ومنابر للتنبيه والمتابعة ...

إن إصرار (الحكومة) و (الحزب) على الانفراد بالوطن، لم يكن صورة من صور الاستئثار السياسي فقط، بل كان أيضاً استئثاراً عملياً بثروة الوطن، وجهد أبنائه، فرضت على المواطنين جميعاً، ذل الحاجة، والفقر، فدفعت بعضهم إلى أن يمدوا أيديهم إلى ما لا يرتضون، أو يضربوا في الآفاق بحثاً عن لقمة كريمة مغمسة بغبار الاغتراب ووعثائه، أو أن يعيش العفو منهم مع أسرته ذل الفقر والمسغبة بينما يرتع في حقوقه وحقوق أطفاله الراتعون ...

إن اعتماد برنامج وطني لمكافحة الفساد، حسب ترتيب الأولويات، ووفق منظور وطني عام تحتفظ لكل مواطن بحقه المعنوي والمادي في وطنه(القرار- والفرصة- والثروة)، سيعين على معالجة كثير من الظواهر السلبية، كهجرة العقول، والتشرذم الوطني، وسيكون مدخلاً أساسياً لسورية الحديثة في القرن الحادي والعشرين ...

القوات المسلحة :

حظي الجيش، درع الوطن، ووسيلته إلى تحرير الأرض، وفرض المهابة من بيان رئيس الحكومة: بعشرين حرفاً وكلمة- خلا أحرف العطف... !! هل تكفينا هذه الإشارة للتعبير عن مدى إحساس المواطن السوري، في زمن ترعد فيه سحب الحرب وتبرق في الآفاق، بالخيبة والمهانة..؟!

حرب تدور على أرض فلسطين، وشرر يتطاير في جنوب لبنان، وجزء عزيز وغال من أرض الوطن محتل، وجار عزيز في الشرق يتلقى تهديداً مباشراً! إذ وضع على رأس ثلاثية محور الشر...، وتهديدات صهيونية تصفعنا صباح مساء، وأحلاف استراتيجية مشبوهة تلف المنطقة... وعشرون كلمة وحرفاً هي ما استحقه الجيش من بيان رئيس الحكومة...!!

كان (الدركي) قد كتب في تقريره الأول(مقتول دردست قاتل فرار..) أي (قبضنا على المقتول، وهرب القاتل) فلا مشكلة إذاً، ولكن رئيس الوزراء قد نصحنا، منذ البداية أن نتخلى عن عقلية الدركي تلك...

إن جيشنا العربي الباسل، بتاريخه المشرف في ميادين الدفاع عن الوطن، والذود عن كرامته يحتاج من مجلس الشعب وقفة تليق به إذ نكصت الحكومة عن القيام في ذلك ...

·  لابد لمجلس الشعب أن يؤكد على البعد الوطني للجيش العربي السوري، ليتحول إلى مؤسسة وطنية عامة، يحق لكل مواطن،أن يحوز شرف الانتساب إليها، والعمل من خلالها .

· بناء الجيش العربي السوري، بناء جهادياً حقيقياً، يجلّى في رجال المؤسسة، ألق الفروسية الإسلامية التي مثلها: خالد وأبو عبيده وصلاح الدين وقطز ويوسف العظمة ...   

· وقف منهج تسييس الجيش، والزج به في صراعات داخلية، بعيدة عن مهامه الأساسية، وتحصين هذا الجيش أفراداً وقادة، ضد جميع أنواع الفساد (الخلقي) و (المالي) و (الإداري) .

· التأكيد على العقيدة العسكرية للجيش العربي السوري، والتحديد الاستراتيجي الواضح لمهامه،وللعدو الأساسي في المنطقة، المتمثل في العدو الصهيوني، بعيداً عن جميع الطروحات المائعة والرجراجة التي أشاعتها الظروف الإقليمية والدولية القائمة..

·  مواجهة جميع أشكال التراخي والترهل التي أفرزتها، مشروعات التسوية المختلفة، والتعلق بأوهام السلام. وإعداد الجيش وفق برنامج تدريبي استراتيجي، ليكون دائماً في حالة من الجاهزية تؤهله ليقوم بمهامه ...

·  المبادرة السياسية المكافئة، لإعادة تسليح الجيش السوري، بأسلحة موازية لمعطيات التطور الاستراتيجي في المنطقة، ولا سيما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، الذي كان مصدر التسليح الأول لهذا الجيش، وتحديث العتاد بما يكفي لمواجهة التهديدات، وتحرير الأرض ...

إن شعبنا لم يبخل في يوم من الأيام على هذه المؤسسة الوطنية، وكان نصيبها من الميزانية دائماً(القدح المعلى). ومن هنا، فإن من حق هذا الشعب على ممثليه، أن يطالبوا بتحقيق التوازن الاستراتيجي، لا أن يكون ذلك شعاراً إعلامياً فضفاضاً، وإنما نريده هدفاً استراتيجياً، توضع له الخطط والآليات .

الأمن الداخلي :

يشكل الأمن، أمن السلطة،بأبعاده المختلفة، المعضلة والهاجس. لقد تغولت الأجهزة الأمنية، على كل سلطة وجهاز في بنيان الدولة.. فلا الحكومة، وعلى رأسها(رئيس الوزراء) ولا مجلس الشعب، ولا القضاء يستطيع، أن يتقدم ولو برأي، أمام عنفوان الأجهزة الأمنية. بل يقال: إن المؤسسة الأمنية قد تجاوزت حتى على المؤسسة العسكرية، وابتلعتها، مع أنها لم تكن إلا إفرازاً لها ...

إننا إذ ندعو مجلس الشعب أو بعض أعضائه، إلى فتح ملف الأجهزة الأمنية وتجاوزاتها على الأفراد والقانون والمؤسسات، سنبدو كمن ينصب فخاً لهؤلاء، الذين تحفظوا جيداً من (سلمى وجارتها)

 هكذا فعل رئيس الوزراء.. فلم يقترب أبداً من المعضلة وهكذا سيفعل أعضاء مجلس الشعب، ولكن للوطن حقوقاً في أعناق أبنائه، لابد لمن يتصدى للمسؤولية أن يقوم بها ...

لا أحد ينكر أهمية الأمن بشقيه(الداخلي والسياسي) في حماية الوطن من الاختراقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولكن هذا لا يعني أن تتضخم المؤسسة الأمنية على حساب مؤسسات الدولة، وتتجاوزها جميعاً .

إن على مجلس الشعب أن يمتلك الجرأة، ليطالب بفتح (الملف المعضلة)،التي ألقت بزميليهم(سيف)و(الحمصي) وراء القضبان وحين يستقيم(العود) يستقيم كل ظل على أرض الوطن ...!!

 

نكتفي بهذا القدر من الحوار حول ملف السياسات الداخلية، حسب البيان الوزاري لننتقل إلى وقفة أخيرة مع ما طرحه البيان حول الصراع العربي الإسرائيلي(حسب تعبير البيان)!! الذي بذل الاعتراف(بالإسرائيلي) قبل أن يحصل حتى على وعد بالانسحاب من الأراضي السورية، لا الفلسطينية..!!

منذ بداية الحديث عن هذا الصراع يبشرنا البيان بأن عملية السلام قد شارفت على الانهيار التام بسبب السياسات العدوانية التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية الرافضة كليـاً لمتطلبـات السـلام العادل الشامل ..)

ولكن ماذا يقابل هذا الرفض الإسرائيلي الكلي لمتطلبات السلام العادل والشامل، يقابله حسب بيان رئيس الوزراء تمسك سوري بتحقيق هذا السلام المرفوض من قبل الطرف الآخر(سوف تظل سورية متمسكة بتحقيق السلام العادل والشامل) .

إن على مجلس الشعب أن يطالب الحكومة بجدية مطلقة، أن تبحث عن خيار آخر غير هذا الخيار الذي شارف على الانهيار التام، والذي يرفضه العدو المغتصب للأرض والكرامة كلياً ...!!

هاهو الشعب الفلسطيني يخوض معركة تحرير أرضه بجدارة واقتدار، بينما لا يزال خيار حكومتنا الرشيد التمسك بخيار تقر هي أنه قد شارف على الانهيار التام. ولفظ(شارف) هو مجرد خداع لفظي، لإبقاء هذه الدعوى الساقطة ذريعة يتذرع بها المتهربون من تحمل المسؤولية التاريخية لتحرير الأوطان .

إن على مجلس الشعب أن يطالب الحكومة السورية،بوضع خطة استراتيجية، وجدول زمني لتحرير الجولان المحتل. لقد حرر الأشقاء في لبنان أرضهم، وهاهم الفلسطينيون يخاضون معركتهم. وبالتالي فإن على شعبنا أن يأخذ مبادرته الخاصة لتحرير أرضه أيضاً ...

إن الصمود(السلبي) ما هو إلا صورة للاستسلام لإرادة العدو، الذي يستمتع بالاحتلال، وما يقدمه له من مكاسب استراتيجية واقتصادية. ولا سيما حين يستشعر هذا العدو، أنه لا يدفع أي ثمن لهذا الاحتلال، سوى أن يسمع بين الفينة والأخرى أصوات طلقات خلبية تطيش في الهواء ..        

نحن مع رئيس الوزراء، أن المنطقة تعيش ظروفاً بالغة الصعوبة... ولكن من يدري فربما يكون الآتي أعظم، إن الظروف الدولية والإقليمية، تفرض على الحكومة السورية، أن تستفيد من معطيات المقاومة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، لتأخذ هي الأخرى الطريق إلى وضع استراتيجية مقاومة تتناسب مع وضع جولاننا المحتل، وتراعي الظروف المحيطة، لتخلط الأوراق لمصلحة القضية الوطنية، والقضية الإقليمية والقضية العربية ...

وإن من أولى إيجابيات تحرك كهذا، أنه سيفوت الفرصة، على ضربة خارجية لأي دولة من دول المنطقة تحت أي ذريعة من الذرائع... كما أن مثل هذا التحرك، سيوجد متنفساً حقيقياً للشعب الفلسطيني الشقيق، الذي أفرد في معركة غير متكافئة يأباها أي شعور عربي أصيل. ومن المفيد لمجلس الشعب أن يذكر السيد ميرو أن (فلسطين) هي جزء أصيل من الإقليم العربي المعروف تاريخياً باسم بلاد الشام ...

 أن على أعضاء مجلس الشعب، أن يسقطوا كل الدعاوى الرسمية، التي يتهرب بها المتهربون دائماً من تحمل مسئولية المقاومة بالتذرع، بالظروف الدولية، أو الخصوصية السورية ...

فلا شيء مستحيل ، ولكل شعب ظروفه، ولكل مقاومة أساليبها، وعلى مجلس الشعب أن يحث الحكومة السورية، على فتح باب المقاومة وبالطريقة التي تتناسب مع الظرف السوري... ونحب أن نبشر السيد رئيس الوزراء، أنه لا عليه أن يفكر بالمقاومين ...

وفي الختام.. إن وجود ترسانة من أسلحة الدمار الشامل بأيدي مجرمين من أمثال: شارون وباراك، مما يثير قلق الشعب السوري أجمع، إن الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة، لن يقينا لحظة حماقة، يحرق بها أحد المجرمين الحرث والنسل... ولو لا نية القوم في استخدام هذه الأسلحة، ما تحملوا وزر امتلاكها...

لابد من سلاح ردع عربي، وسوري يواجه ما في يد العدو، ويتفوق عليه..

كانت هذه جولات سريعة ومختصرة على بيان رئيس الحكومة ، أحببنا أن نتقدم بها ، قراءة وطنية ورؤية مستقبلية ، تشفع إرادة الإصلاح لما فيها من قسوة بعض الكلمات . السابق

 

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | مجموعة الحوار |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ