صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 09 - 03 - 2002م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | مجموعة الحوار |ـ

.....

   

رؤية

 [ فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْم ]

المقاومة .. والمبادرة

زهير سالم ـ م . مركز الشرق العربي للدراسات الاستراتيجية والحضارية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يشكل المشروع الصهيوني بكافة أبعاده ( الاستيطانية والعسكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية ) تحدياً شمولياً لأبناء أمتنا الإسلامية من طنجة إلى جاكرتا كما تعودنا أن نقول ، وبدرجة أخص لأمتنا العربية في مشرقها ومغربها على حد سواء .

ويتجسد التحدي الذي يفرضه علينا المشروع الصهيوني ، في حرب ظاهرة وخفية ، تديرها قوى مقتدرة ، ومدعمة عالمياً بكافة أشكال الدعم المادي والمعنوي ، وتتغلغل هذه الحرب في كافة مناحي حياتنا الفردية والجماعية ، ويشارك فيها جنود مجهولون بعضهم من بني جلدتنا ، ويتكلمون    بألسنتنا ...

وخلال ما يقرب من قرن هو عمر الصراع الذي فرضه الغاصبون علينا ، أثبتت التجارب أن مقابلة الكيد بمثله ، عدا عن كونه قيمة من القيم الإنسانية المعبرة عن كرامة الأمة وعنوان حياتها ، هو اللغة الوحيدة التي بمكنة العدو الذي نتعامل معه أن يتهجاها...

إن ما يدور على الأرض الفلسطينية من صراع ساخن ، تسيل فيه الدماء ، وتزهق الأرواح ، هو التعبير العملي عن حياة أمتنا ، وعن صلابة إرادتها ، ومن قبل كتب علينا القتال ( وهو كره لنا ) وأخبرنا ربنا تعالى جده ( .. إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ، وترجون من الله ما لا يرجون .. )

إنه قدرنا ، وقدر أشقائنا أبناء الأرض المقدسة في بيت المقدس ، وأكناف بيت المقدس ، الذين كتب عليهم أن يكونوا وقوداً لملحمة الإسلام في هذا العصر .. لا نقول هذا استهانة بدمائهم ، ولا رقضاً على جراحهم ، وإنما نقوله لأن منطق الصراع يفرضه ، ومتطلبات التحرير تحتمه ، وهل تحررت الجزائر من الاستيطان الفرنسي إلا بعد أن قدمت مليون شهيد !!  

فلا معنى بالتالي لأن تتملك البعض من أبناء أمتنا أو قادتها رقة القلب ، فيقلبوا المعادلة على رأسها، ليجعلوا من المقاومة وضعاً شاذاً أو استثنائياً تحتاج إلى من يضع حداًله .بل إن الشاذ   والاستثنائي ، أن يكون احتلال ثم لا تكون مقاومة ، وأن تستلب الأرض ولا يكون مدافع ، وأن تنتهك الحرمات والمقدسات ، ولا تجد من يغضب لها غضبة تسيل بها الدماء .

إن جماهير الأمة تنتظر من القمة العربية القادمة مبادرة تعزز المقاومة ، وتدعم المقاومين ، وتفتح أمامهم آفاقاً أرحب ، وتؤكد لهم أنهم يأوون إلى ركن شديد من إخوانهم الذين يلوونهم في   الدار ، ويشاركونهم في العقيدة والدم والمصير ...

كما أن السياق السياسي لتصرفات العدو الصهيوني تجعل من المخجل لأي من أبناء أمتنا أن يمد يد الصفح لمن يوجه إلى صدورنا فوهة المدفع ، ويرفع فوق رؤوسنا القناطير المقنطرة من أسلحة الدمار الشامل : بيولوجية ونووية ... !!!

وهل فهم هذا العدو من أي يد امتدت إليه من قبل ، إلا أنها قد امتدت إليه ليأخذ منها ، أو يتوكأ عليها ، دون أن يخطر بباله قط أن الأخذ يقتضي عطاءً ؟!

وإذا كان أحدٌ لا يشك في صدق نوايا الأمير عبد الله ولي العهد السعودي ، وفي جدية مواقفه في نصرة قضايا الأمة ، فإن واقع الحال يشهد أن المبادرة التي لوح بها منذ أيام ، قد وقعت في غير   موقعها ...

إن ما فهمه ( قصاب ) و ( شارون ) من هذه المبادرة أنها ستفتح أمامهم أبواب الجزيرة  العربية ، فسارعا ، ومَن وراءهم وأمامهم ، إلى إعلان استجابتهم لهذه المبادرة باستعدادهم لزيارة المملكة العربية ، ومن يدري ، فقد يفهم شارون ، أن من مقتضيات التطبيع الكامل ، الذي تقدمت به المبادرة ، فغدا مكسباً لسياسات القمع الشارونية ، أن يطأ بحذائه الثقيل الحرمين الشريفين ، كما وطأ من قبل الحرم القدسي ، ومن يملك أن يضع حداً للأحلام الشارونية المدعمة بآلة الحرب الأمريكية ؟!!!

ومما يزيد في سلبية انعكاس المبادرة أنها تأتي في حالة اختلال شديد في ميزان القوى ، بحيث  تبدو ، المبادرة ، مدخلاً مباشرة لإحكام طوق السيطرة على أمتنا ، وإجهاض عملية المقاومة ، والإطاحة بكافة إنجازاتها ...

إنه لجدير بقادة الأمة أن يسعوا في قمتهم القادمة إلى بناء موقف قومي موحد ، يعتصم   بالصبر ، وينقبض عن تقديم التنازلات ، ويلوذ بالجهد المقاوم حتى يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده ..

وإن من أول ملامح هذا الموقف ، إسقاط خيار التسوية أو ما يعرف(بخيار السلام) وكذا مقولة     ( الأرض مقابل السلام ) فلم تكن معركتنا مع العدو المغتصب قط معركة حدود ، ولن تكون ، وإنما هي معركة وجود ، مفتوحة الأبعاد ، بما يفرضه هذا العدو علينا من جبهات ، لا بما نسعى نحن إليه ، ومن بعد إسقاط خيار التسوية ، يأتي تدعيم خيار المقاومة بكل أبعادها ، سواءً في بؤرة الصراع على الأرض الفلسطينية ، أو في ساحة الصراع الأوسع على الأرض العربية والإسلامية في كل مكان ..

 لا بد أن يكون جوابُ الغطرسة الصهيونية ، مثلَها : إجماعاً عربياً على قطع جميع العلائق مع العدو الصهيوني وإحياء المقاطعة العربية بأسلوب أشد إحكاماً مما كان عليه قبل مدريد ...

إن بناء معاهدة دفاع عربي مشترك تأخذ أبعادها الحقيقية على أرض الواقع ، وتتيح الفرصة للمشاركة القومية في تخفيف العبء عن الشعب الفلسطيني بتحريك جبهة الجولان المحتل : بتثوير أبنائه ، الذين لا يقلون حماسة ولا وطنية ، عن أبناء الضفة والقطاع ، والسماح للمقاومين من أبناء شعب  سورية ، الذين يتلظون شوقاً إلى الجهاد ، أن يأخذوا دورهم ، كما أخذت المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان دورها ..وتوظيف طاقات الأمة في المعركة المحتدمةهي العنوان الأنسب لمبادرة عربية تسعى إلى عزة الأمة وتحررها .

كما لا بد للمبادرة العربية المنشودة أن تعتبر فلسطين، كل فلسطين ، أرض رباط، وتعتبر كل فلسطيني جندياً، يكتب في ديوان الجند ، ويدفع له ما يرفع عنه ضنك العيش تماماً كما الولايات المتحدة تدفع لجنديها اليهودي على أرض فلسطين !!

هذه هي المبادرة التي تنتظرها جماهير الأمة ، والتي تستعد لدعمها بكل ما أوتيت من قوة ، على الصعيدين الفردي والجماعي . أما المبادرات التي يصفق لها الآخرون فما هي إلا التنازلات التي يجب أن يحذر منها المخلصون ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم .) 

28 / 02 / 2002مالسابق

 

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | مجموعة الحوار |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ