صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الثلاثاء 04 - 02 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | كــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |ـ

.....

   

رؤية

برق الشرق

مساكيـن الصحافـة

حين كتب الرافعي، رحمه الله تعالى، في مطلع القرن المنصرم مقاله (صعاليك الصحافة) أراد أن يشير إلى ضعف الملكة وقلة التحصيل العلمي، والزاد اللغوي الذي طغى على جيل من الكتاب والصحفيين، ووسم أداءهم الأسلوبي واللغوي. وكان الرافعي، رحمه الله تعالى، حاداً في نقده، عنيفاً في هجومه.

أما حديثنا عن مساكين الصحافة فإنما تحركه في قلوبنا روابط (حرفة الأدب) حسب تعبير أبي تمام أو (حرفة القلم) كما يمكن أن تسمى اليوم، إننا  إنما نفعل ذلك لنعلن إشفاقنا على (صحفي) فرض عليه أن يسبح في حمأة وطين فيكتب بعيداً عن الضمير والمشاعر وأبجديات ثقافة العصر، بذهن كليل وقلم كسير، اقتضته (ظروف العيش) وهي أقسى مما يقدر الرومانسيون، صحفي ارتضى أن يغمس قلمه في أحشائه (ليطعم الأولاد..). إن كلمة (الإشفاق) وحدها لا تكفي للتعبير عما يشعر به المرء إزاء هؤلاء الذي امتهنوا التعري الفكري والنفسي من أجل رغيف، كان يمكن أن يأكلوه من سبل العز، وإن كانت أصعب، ومن ميادين التسامي وإن كانت أضيق.

(خبز السلطان) على نعومته وسهولته، زقوم علقم، ينبت من سحت أجساداً تتغذى على صديد المكلومين، وعذابات المعذبين، وجهد المجهودين، وعرق الكادحين والمحرومين.

الراقع للخرق وإن كان واسعاً، أو المسوغ للفظيعة وإن كانت جللاً، أو الساكت عن الحق الأبلج، كل واحد من هؤلاء صغير في عالم الظلم، باع نفسه (دنياه وآخرته) بدنيا غيره، وهذا وأمثاله هم الذين سماهم سفيان الثوري في يوم من الأيام (سفلة السفلة).

مشاعر الإشفاق المتلفعة بأوشحة مما لا يحسن ذكره، تثور في النفس كلما أتيح للمرء أن يقلب صحيفة من صحف الوطن الذي أنجب الكواكبي، ورشيد رضا، وكامل القصاب، وطلائع الأحرار من أبناء هذه الأمة.

قد تتغاضى كثيراً عن هامشية القضايا التي يعالجها الصحفي (المسكين)، والأحداث التي يعلق عليها، والأسلوب الذي يتعاطى به. وقد لا تبالي بعض الشيء بنقد ينصب على حفرة في شارع، أو جريمة فردية مصبوغة بلون الإثارة، أو انقطاع تيار الكهرباء، أو انسداد الوارد أو الصادر من مواسير المياه، قد لا تبالي بكثير من هذا ولكنك لا تستطيع أن تنسى أن للوطن مطلباً أكبر اسمه الحرية، وأن أرضه المحتلة تنتظر التحرير، وأن أزمته الاقتصادية الخانقة سببها الفساد، وأن انهياره القيمي والأخلاقي ناتج من نواتج الإفساد؛ قد تأسى لأن يوسف العظمة، مع كل العظمة، قد تحول إلى (ياسر العظمة) الذي لم يجد في الساحة فرنسياً أو بقاياه فمازال منذ عقود يبدئ ويعيد في حرب وال عثماني طواه الدهر لأن هذا كل الذي يملكه من الحرية، كما تأسى لأن صحافياً في وطنك لم يقرأ (اللص والكلاب)، ومازال يخلط بينهما بسذاجة أو بغباء. صحفي أو فنان مسكين لا يملك الجرأة ليقف في ساح المرجة كما  وقف فيها أحرار من قبل، كما لا يملك القدرة على التحرك على أرض ميسلون.  ابن عمه في ساح ميسلون.

ومع ذلك، وأمامه وخلفه، يبقى مساكين الصحافة الحقيقيون ليسوا أولئك الهامشيين والمتصاغرين والمتقنعين بأقنعة التاريخ، وإنما هم النفر الذي دأبوا منذ كانوا: على تجريم الكواكبي، وتمجيد الاستبداد. أولئك هم المساكين حقاً وأولئك أولى بالإشفاق و...

4 / 2 / 2003السابق

 

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | كــتب | مجموعة الحوار | ابحث في الموقع |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ