صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأربعاء 26 - 02 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | كــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |ـ

.....

   

رؤية

العرب في نهايات الحرب العالمية الثالثة

الدكتور عاطف صابوني *

إذا كانت الحرب العالمية الثانية قد أعادت رسم العالم وفق مشيئة المنتصرين فيها, وإذا كانت أوربا وهي الساحة الرئيسية في هذه الحرب قد دفعت أثمان نهايتها بتقسيم القارة بين النفوذين الأمريكي والسوفيتي , فان الحرب العالمية الثالثة قد بدأت فعلا ومنذ نهايات القرن الماضي وكانت محطتها الأولى إسقاط النموذج الشيوعي عبر تفتيت دولته القيادية ( الاتحاد السوفيتي ), ثم عبر السيطرة على منابع النفط في الخليج أوائل التسعينات بعد ضرب العراق , ونشر القوات الأمريكية بكثافة في دول الخليج العربي ومياهه وربط هذه الدول بمعاهدات تذكرنا بتلك المعاهدات التي كانت تعقد مع دول العالم الثالث سابقا قبيل احتلالها, إضافة طبعا إلى ما حدث ويحدث في يوغسلافيا ودول أفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وإذا كانت الحروب العالمية تتعلق بالسيطرة على العالم فان مهاما وعمليات في مختلف أنحاء العالم مازالت بحاجة إلى حسم, بعضها يتم على نيران هادئة وبعضها يحتاج إلى درجة عالية من التأجيج , فالحروب مستعرة في كل مكان , في آسيا وأفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية والشرق الأوسط وحتى في أوربا.

والمتتبع للحدث السياسي اليوم يدرك أن الأمر يتعلق حاليا بكيفية رسم نهايات هذه الحرب, ودائما نهايات الحروب تتسم بالكيفية التي تدار فيها عملية تقاسم النفوذ حول العالم.

وعلى ما يبدو فان الولايات المتحدة الأمريكية قد حسمت مناطق نفوذها عبر السيطرة على مواقع وطرق النفط حول العالم, بعضها قد حسم بالفعل أو في طريقه إلى الحسم النهائي ( أفغانستان) , وبعضها الآخر ينتظر اللمسات الأخيرة ( دول الخليج العربي والعراق ), وبعضها مؤجل قليلا ( فنزويلا – إيران ), إضافة طبعا إلى العديد من الساحات غير المحسومة بعد في آسيا وأفريقيا وحتى داخل أوربا.

وللاحاطة بالمشهد السياسي العام حول العالم اليوم يمكن أن نرصد الملاحظات التالية:

1ـ إن المخطط يتم اليوم كشف أوراقه الأخيرة وهو الأمر الذي باتت تهتم به معظم دول العالم المدركة لمصالحها, وذلك من خلال الاصطفاف الدولي الذي نشاهده اليوم عبر تحديد مستوى الاستقطابات العالمية بين أمريكا وحليفتيها الرئيستين بريطانيا وإسرائيل, ومن سيقف معهما وبين فرنسا (المغبونة بعد حرب الخليج الثانية) وألمانيا الباحثة عن الدور وروسيا الجريحة ومن سيصطف إلى جانبهم في نهاية هذا الاستقطاب.

2ـ تنامي دور الرأي العام العالمي وارتفاع درجات وعيه وإدراكه لحجم دوره في هذه الحرب, وهو ما يمكن قراءته بوضوح عبر هذا الحجم الشعبي الهائل الذي يخرج في شوارع المدن الكبرى حول العالم ليقول كلمته سواء فيما يتعلق بالمظاهرات الهائلة ضد العولمة أو ما يحدث اليوم ضد الحرب على العراق, إن القراءة الأولية لهذا المشهد ( رغم الآلة الإعلامية الأمريكية الهائلة التي تسخّر اليوم في خدمة المجهود الحربي الأمريكي ) تشير إلى تنامي الوعي السياسي عند أغلب الشعوب والتي حاولت الثقافة الاستهلاكية الأمريكية عقودا طويلة من الزمن اختراق جميع ثقافاتها وتسطيحها وفق النموذج الأمريكي, لكن ما حدث ويحدث اليوم يدل على أن فشلا ذريعا قد أصاب هذه الحرب الإعلامية التمهيدية في الصميم.

3ـ تراكض بعض الدول للاصطفاف مع أمريكا ( وهو تراكض غير مفهوم بالنظر إلى المصالح الحقيقية لهذه الدول ), بهدف الحصول على جزء من الحصة النهائية من الغنائم ومناطق النفوذ حول مناطق العالم المختلفة كأستراليا وكندا وأسبانيا وايطاليا وبعض دول أوربا الشرقية سابقا, إضافة إلى دول لم تحدد بعد موقفها كتركيا وإيران وغيرها.

4ـ الغياب الكامل للرؤية العربية اتجاه هذه الحرب والتي ستكون المنطقة العربية الساحة الأبرز فيها, لوجود أكثر من منطقة حساسة للمصالح الأمريكية ومخططات إدارتها فيها, كمنطقة الخليج العربي والصراع العربي الصهيوني إضافة طبعا إلى المناطق الحامية الأخرى في جنوب السودان وشمالي إفريقيا , وبعبارة أخرى فان الوطن العربي بأكمله سيكون ساحة لهذا الاقتسام.

5ـ الغياب شبه الكامل للشعوب العربية وهو الأمر المفهوم نتيجة الضبط الشديد للشارع والتغييب القسري الذي مورس عليه عقودا طويلة بفعل الديكتاتورية والاستبداد وغياب الحريات العامة وانعدام الثقة بين الشارع والحكومات إضافة طبعا إلى المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسيكولوجية المزمنة.

إن خلاصة الحديث تتركز حول الصراع من أجل إعادة تقسيم للعالم بأسره, والعالم العربي كما كان دائما بحكم موقعه وثرواته وضعفه وتفككه يشكّل ساحة رئيسية لهذا الصراع , وأيّا كانت النتائج فان هذا التقسيم سيكون حتما على حسابه, وان النتائج النهائية لهذا الاقتسام ستحددها آليات الاستقطابات الدولية والتي برأيي لا تتصارع حول مبدأ التقسيم بحد ذاته بل حول الحصص النهائية فيه, وان التجارب التاريخية علمتنا بأن الدول الاستعمارية تتوصل في النهاية فيما بينها إلى حلول وسط فيما يتعلق بهذا الاقتسام, وفي الجهة المقابلة تتبارز دور شعوب العالم وحركة الشارع ولعلّ أن هذا هو الجديد الوحيد في نهايات هذه الحرب.

* كاتب وباحث - حلبالسابق

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | كــتب | مجموعة الحوار | ابحث في الموقع |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ