صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الإثنين 03 - 02 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | كــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |ـ

.....

   

رؤية

برق الشرق

الولايات المتحدة : لوكيميا الفساد والمصير السوفييتي

لم يكن انهيار الاتحاد السوفييتي متوقعاً بالطريقة التي انهار بها في مطلع التسعينات من القرن المنصرم، ولقد عملت جدليات الاستبداد والفساد وسوء الإدارة عملها في نخر بنية النظام من الداخل حتى انهار مثل كومة من الرماد.

الوضع بالنسبة للولايات المتحدة، لن يكون أحسن حالاً، ولا أبعد مآلاً، فكما كان للاتحاد السوفييتي بنظامه الجماعي على الصعيد الفلسفي، والأحادي على الصعيد الإداري، عوامل نقضه وهدمه حسب المقررات الجدلية الماركسية، فإن للنظام الرأسمالي الغربي أيضاً منظومة العوامل السلبية التي تفعل فعلها في نحت بنيان النظام من الداخل ومن الخارج على حد سواء.

كثيرون ممن تبهرهم مظاهر القوة، يرون في مثل هذا الكلام نوعاً من الرؤى الحالمة، ولكن من كان يصدق في أواسط الثمانينات أن مثل تلك النهاية الفاجعة للاتحاد السوفييتي يمكن أن تكون.

الولايات المتحدة الأمريكية في منظور تحليلي لتركيبة الدولة، هي مجموعة من الشركات (متعددة الجنسيات)، أو (العابرة للقارات): أسلحة وصناعات ثقيلة ـ ونفط ـ ومايكروسوفت ـ وثروات زراعية هي الأركان التي يقوم عليها بنيان الدولة. أما الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، والتنافس المعتمد على الحافز فكل هذه الشعارات ما هي إلا براقع تجميلية للحقيقة المطلقة التي تخفي وراءها السعار الملهوف في اقتصاد (السلعة) الذي يفسد الحياة الإنسانية ببعديها الفردي والجماعي ولن تكون هذه الشعارات قط أكثر قيمة من شعارات الاشتراكية والقيادة الجماعية التي كان يطلقها النظام الماركسي في يوم من الأيام. وحسب هذا المنظور التحليلي، فإن انهيار الولايات المتحدة مرتبط بشكل مباشر بانهيار هذه الشركات العملاقة والعجوز.

انهيار (الأونون) بالأمس القريب لم يكن أول القطر، ولا هو آخره، إن هذه الانهيارات تمثل بداية العد التنازلي للنظام الرأسمالي القائم على الاستبداد الاقتصادي، واستغلال حاجة الإنسان، وقهره، واستنزاف عرقه وجهده من أجل رغيف مضمخ بذل العبودية المحدثة.

إن تتبع مسار الانهيارات الاقتصادية الأمريكية الضخمة، يعني رصد ساعة الأفول الحقيقي لحضارة الغرب الأمريكي.

إن حالة (النزق) و(الطيش) و(الضرب يميناً وشمالاً) ناتجة عن إحساس (المدراء ـ الساسة) بهول الدمار الاقتصادي الذي ينتظر إمبراطوريتهم.

ما وزعته رويترز عن وضع الميزانية الأمريكية حسب (ميتش دانييلز) مدير مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض، يفسر الكثير، فقد تضمنت الميزانية الأمريكية للسنة المالية الحالية عجزاً قياسياً دون الأخذ بالحسبان تكاليف الحرب المتوقعة على العراق. وتوقع ميتش في حديث لوكالة رويترز أن يصل العجز المالي للسنتين (2003 ـ 2004) إلى 315 مليار دولار، مما يبرز تدهوراً خطيراً في الميزانية الأمريكية.

وقدر ميتش أن يبلغ عجز الميزانية الأمريكية زهاء 3% من إجمالي الناتج المحلي في السنتين الماليتين (2003 ـ 2004) وأن يكون حجم الاقتصاد ما بين 10،4 ـ 10،5 تريليون دولار، وعليه فإن حجم العجز في العامين المذكورين سيقترب من 315 مليار دولار.

وسيكون هذا الانهيار المريع لولبياً تصاعدياً، ولاسيما إذا قوبل بسياسات مكافئة من الشركاء العالميين أي بنوع من الحرب الاقتصادية التي تشدد الخناق على (نمرود) العصر.

المخرج الأمريكي..

لقد اعتبر الساسة الأمريكيون بالفاجعة السوفييتية، فهم اليوم يسعون جاهدين ليتجنبوا النهاية الفاجعة التي تقودهم إليها سياساتهم، ومن أجل ذلك يبدو للعالم اليوم هذا الشذوذ غير المبرر للسياسات الأمريكية التي تستميت في افتعال الذرائع لتحمي نفسها من المصير المشؤوم ولقد تجسدت المحاولة الأمريكية للحصول على مخرج في ثلاثة أبعاد:

أولاً ـ الإرهاب الأمريكي، وعلى الطريقة الأمريكية التي جعلت كثيراً من دول العالم تذعن للرغبات الأمريكية على الصعد كافة بما فيها الصعيد الاقتصادي. وكأن الدول والأنظمة تحاول أن تشتري حريتها، بدفع الأتاوة المطلوبة، بالخضوع لجميع الاشتراطات الاقتصادية، لصندوق النقد الدولي، أو منظمة الغات، أو غيرها من المنظمات والشركات المتعددة الجنسيات، وبالتالي فتح أسواقها أمام البضائع والمنتجات الأمريكية، وإزالة جميع العوائق التي تحمي الخصوصية الاقتصادية للبلدان النامية والفقيرة. وإطلاق يد الخصخصة في مؤسسات هذه الدول، لإتاحة السبيل أمام قنوات الاستنزاف العالمي لتمتص ما تبقى من خيرات الشعوب.

ثانياً ـ المبادرة إلى تجميد أرصدة وأموال الكثير من الأفراد ، والشركات، والدول (إيران) التي تخرج عن بيت الطاعة الأمريكي، وهذه الأموال المجمدة بالطبع هي بحكم الأموال المصادرة لصالح الخزينة الأمريكية ولو إلى حين. وفي هذا التجميد تلويح لأصحاب المليارات المودعة في البنوك الأمريكية، والذين تعمل الإدارة الأمريكية على جدع أنوفهم، وتمريغ جباههم في الحمأة جهاراً نهاراً، وتطالبهم بتغيير عقائدهم وأديانهم وألوانهم وهي يقفون أمامها صاغرين.

ثالثاً ـ المبادرة إلى السيطرة على منابع الثروات في العالم، حيثما وجدت، وهذا ما قرأه كل المحللين في الحرب على أفغانستان والسودان وإيران، وأخيراً في هذه الحرب الأخيرة المعلنة على العراق.

لقد استفاد الأمريكيون من الدرس السوفييتي وأيقنوا أن لوكيميا الفساد التي تفعل فعلها في بنيانهم ستأتي عليه في يوم قريب، فبادروا إلى مصادرة ثروات العالم كدم احتياطي يحمي وجودهم من الانهيار. وهذا ما يفسر كل شيء.

3 / 2 / 2003السابق

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | كــتب | مجموعة الحوار | ابحث في الموقع |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ