صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأربعاء 16 - 04 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | كــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

   تقرير خاص

مركز الشرق العربي

ماذا تريد الولايات المتحدة من سورية ؟!

تتزاحم التصريحات الأمريكية، وتختلط بالصهيونية ضد قطرنا العربي السوري. نصائح وتحذيرات وإنذارات ووعيد وتهديدات، تبدأ بالحديث عن قانون محاسبة سورية، ثم عن دفع فاتورة حساب وهمية، وترتفع الوتيرة لتتحدث عن عقوبات وحصار، ثم عن صليات مدفعية من الحدود الشرقية (العراقية) أو الجنوبية الصهيونية. ويشترك في إطلاق هذه التهديدات: بوش وتشيني ورامسفيلد وباول وكوندوليزا رايس وولفوتيز وريتشارد بيرل وفليشر وشارون وموفاز وسلفان...

الخلطة الأمريكية الصهيونية العتيدة والتي تحكم العالم اليوم لا تخفي ارتباطاتها التوراتية، واندفاعها في آفاق الحلم اليهودي العالمي. ففي حضرة الإيباك (المنظمة الأكبر) لتجمع المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، والتي يصح أن نطلق عليها بدون مبالغة (تجمع حكماء صهيون)، وقف باول منذ أيام ليوجه التهديدات والإنذارات لسورية. لا بد أن باول المتهم بأنه أكثر (علمانية) في سياق الإدارة الأمريكية التوراتية، كان يسعى إلى إرسال رسالة استرضاء للحضور اليهودي، في الوقت الذي يطوح بتهديداته عبر البحار ضد سورية.

وكما أن طيف العقوبات التي يلوح بها (البُزاة) الأمريكيون ضد سورية واسع ومتدرج، كذا فإن الذرائع التي تطرح في هذا السياق متعددة أيضاً. دوامة الذرائع الأمريكية ضد سورية كالعيارات الطائشة، أو لعلها كالقذائف الذكية التي ثبت أنها غير ذكية. في البداية تحدث الأمريكيون عن دعم سوري للعراق، وكانوا يومها متضايقين من معارضة سورية قوية في مجلس الأمن لقرار يمنح الشرعية لضرب العراق، ثم تحدثوا عن سلاح سوري للعراق، ولكي يخففوا حدة الدعوى قليلاً أشاروا إلى مناظير للرؤية الليلية، ثم انتقل الحديث عن مجاهدين عرب وسوريين ينتقلون عبر الحدود السورية للمشاركة في الدفاع عن العراق، ثم جاءت الذريعة الثالثة بعد انهيار النظام الرسمي في العراق، أن سورية تستقبل اللاجئين من القيادات العراقية، وارتفعت الذرائع درجة أخرى ليردد رجال الإدارة الأمريكية مقولة شارون القديمة، بأن العراق قد أخفى أسلحة الدمار الشامل العراقية في سورية، ثم تجاوز الأمريكيون ذلك ليتحدثوا عن امتلاك سورية لأسلحة كيمائية وبيولوجية وتطويرها لهذه الأسلحة.. وأن عليها أن تجيب على كثير من التساؤلات في هذا الصدد، والإجابة على التساؤلات هو المخرج الذي يطرحه وزير الخارجية البريطاني (سترو) الذي أكد بالأمس أن سورية ليست في قائمة الدول المستهدفة !!

كثير من المحللين ينظرون إلى هذه التهديدات على أنها أدوات ضغط سياسي، وأنها لا أفق عسكري لها، وإنما هي محاولة جادة للقضاء على حالة (النشوز) السوري، ويذكر هؤلاء أن فلايشر ذكر سورية في 14/3 في عداد الدول الداعمة للإرهاب والمارقة، وقال إن على سورية أن تعدل من سلوكها.

إن سورية لا تمتلك (النفط) الكافي ليجعل الشركات الرأسمالية الأمريكية تنظر إليها كغنيمة باردة، يمكن أن تسترد منها المليارات مضاعفة التي ستنفقها في عملية الغزو. وليس في الصف السوري تلك المعارضات المتهالكة على المناصب، أو المرتبطة (بالإيباك)، ولذا فقد صرحت المعارضات السورية بطيفها الواسع، برفضها القاطع للتهديدات الأمريكية ضد سورية، ووقوفها صفاً واحداً للدفاع عن الوطن ضد أي عدوان، فلذلك فإن ملف حقوق الإنسان الذي تعودت الإدارة الأمريكية السابقة أن تثير أوراقه، والذي كان ذريعة أساسية في الملف العراقي، قد اختفى من قائمة الذرائع. إن الذي تملكه سورية هو الموقع الحساس والمؤثر في سيرورة الترتيب الأمريكي في المنطقة.

تتشابك السياسات السورية في هذه المرحلة بعمق وتتنافر مع سياسات الولايات المتحدة على ثلاثة محاور، كلها ساخن: العراق ـ فلسطين ومشروع السلام الأمريكي ـ لبنان.

فعلى المحور الأول، تريد الولايات المتحدة من سورية، أن تتوقف عن إعلان المعارضة الحادة للاحتلال الأمريكي للعراق، في الشارع العربي، وفي إطار المنظومة العربية والإسلامية (تدعو العربية السعودية بعد زيارة وزير خارجيتها إلى دمشق إلى مؤتمر استثنائي لوزراء خارجية الطوق العراقي) وفي مجلس الأمن حيث تحتل سورية مقعدها كعضو غير دائم.

إن تحالفاً سورياً إيرانياً بأبعاده القومية والمذهبية، قد يربك بالفعل سياسات الولايات المتحدة ليس في العراق وحده، وإنما في المنطقة بأسرها. فتأتي هذه التهديدات كضربة ديبلوماسية استباقية، تمنع سورية من (اللعب بالنار) على حد ما صرح مسؤول صهيوني مقرب من شارون.

كما تسعى الولايات المتحدة على الصعيد العراقي ذاته وبنفس التفكير الاستباقي إلى قطع الطريق على سورية لكي لا تفكر بأي شكل من أشكال الدعم لأي مقاومة قد تنطلق على أرض العراق. تتخوف الولايات المتحدة من تكرار تجربة حزب الله في لبنان. وتركيبة العراق السياسية والديموغرافية تعين على انطلاق العديد من (أحزاب الله)، التي ربما لا تكون أقل تنافساً من حماس والجهاد الإسلامي في اصطياد الأمريكيين. والذي تخشاه الولايات المتحدة، أن تجد مثل هذه الأحزاب أو الجماعات دعمها من سورية أو إيران أو كليهما على حد سواء.

إن الولايات المتحدة التي احتلت العراق بأقل من مائة قتيل، قيل إن نصفهم قتل بنيران صديقة، لن تكون مستعدة، إذا ما بدأت المعركة الشعبية الحقيقة، أن تدفع ثمناً كالذي دفعته في لبنان أو في الصومال. إن تكرار التصريحات الأمريكية أن أكثر (المقاومين العرب) الذي رفضوا الانسحاب من ساحة المعركة، حتى ساعة إعداد هذا التقرير هم من السوريين فيه رسالة واضحة إلى دمشق، ودورها المطلوب في قطع المدد البشري والمادي عن هؤلاء. وحتى عندما أعلنت دمشق أنها قد أغلقت حدودها في وجه هؤلاء مع العراق، قال متحدث أمريكي إن ثمة منافذ غير نظامية يمكن أن يعبر منها المتطوعون، ليكونوا نواة عمل بعيد المدى، يجلب للأمريكيين ما هو أكثر من المتاعب !!

وعلى صعيد الملف العراقي من جهة ثالثة، ونظراً للنقمة الأمريكية والنزوع إلى الثأر المتأصل لدى الإدارة الأمريكية، فإن هذه الإدارة تصر على ملاحقة فلول النظام العراقي، بمن فيهم السياسيين والديبلوماسيين، وهي تأخذ على سورية في هذا السياق أنها تؤمن الملجأ أو المعبر لهؤلاء. وفي قائمة المطلوبين الأمريكيين: علماء وسياسيون ونساء!!

فلسطين ومشروع السلام الأمريكي

تؤكد هذه التهديدات أن على سورية أن تدرك أنها تعيش الحقبة الصهيونية. وأن عليها أن تتخلى عن شروطها، التي ينظر إليها الأمريكيون على أنها متشددة، لتوقيع اتفاقية سلام مع اليهود.. هذه الاتفاقية التي ستكون بمثابة انهيار (سد مأرب) أمام الطوفان الصهيوني في المنطقة. وتنظر الولايات المتحدة إلى تلكؤ سورية عن توقيع اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني، على أنه عرقل كثيراً من المشروعات الصهيونية في المنطقة، وكلف الولايات المتحدة المليارات التي اضطرت إلى دفعها للكيان الصهيوني، بينما كان المنتظر أن تُمول دولة العدو في عهد السلام الأمريكي من الاقتصادات العربية تحت ذرائع مشاريع استثمارية شتى. كما كان للموقف السوري تأثيره المباشر على زعزعة مشروع أوسلو، وإحداث حالة من عدم الاستقرار في فلسطين، ومن هنا فإن الولايات المتحدة ترى أنه قد آن الأوان لإجبار سورية على توقيع معاهدة سلام، وبالشروط الشارونية عينها.

وهذا سيعطي الوعد الأمريكي بالانتقال بعد العراق إلى ملف السلام مصداقيته. ولا نظن أن سورية لو انصاعت للإرادة الأمريكية أو الصهيونية لا فرق، ستُحصّل ما رفضه الرئيس الراحل في جنيف مع الرئيس كلينتون سنة /2000/ بل إن العروض عليها ستكون أقل بكثير.

وفي سياق عملية السلام نفسها، تعتبر التهديدات الأمريكية مدخلاً مباشراً للضغط على سورية كي تتوقف عن معارضة (خارطة الطريق) بصيغتها الشارونية، حيث يعبر مسؤول صهيوني بالأمس، أن شارون يبدو أكثر تشدداً هذه الأيام. لأن معارضة خارطة الطريق ستجعل التوقيع على صك التنازل عن فلسطين (الأرض) و(الإرادة) و(الوعد) صعباً، نوعاً ما، على رئيس وزراء جيء به خصيصاً لينجز هذا الإجراء.

ومن ضمن ما تريده الولايات المتحدة من سورية في السياق الفلسطيني، أن تتوقف عن إيواء المنظمات الفلسطينية المعارضة لمشروع أوسلو، والمنظمات الإسلامية حماس والجهاد، ولو كان الإيواء بمستوى التمثيل الإعلامي فقط، كما يكرر المسؤولون السوريون في كثير من الأحيان. فالولايات المتحدة التي صنفت هذه الحركات في إطار الحركات الإرهابية أو المارقة ستصر على دمشق أن تعمل معها لفكفكة هذه المنظمات لمساعدة الوزارة الفلسطينية الجديدة على وأد المقاومة الفلسطينية للمشروع الصهيوني (خارطة الطريق) بكل أبعادها.

وتسعى الولايات المتحدة على الصعيد الثالث، (لبنان) إلى إعادة ترتيب الأوراق اللبنانية، وتحقيق انسحاب سوري من لبنان بما يلبي التصور الأمني الصهيوني. وستكون ضمن المطالب طبعاً خضد شوكة حزب الله. بقطع المدد عنه سورياً كان أو إيرانياً. وتحويله إلى جمعية خيرية، أو إلى حزب سياسي في أحسن الأحوال.

أجندة المطالب الأمريكية من سورية طويلة، والملف السوري لدى الأمريكيين قديم، ولن نستغرب إذا ما بدأت الإدارة الأمريكية في نثر أوراق هذا الملف واحدة بعد أخرى.

الموقف:

ينبغي أن ننظر إلى هذه التهديدات بالجدية التي تستحق. لا نتوقع أن تشن معركة عسكرية غداً على قطرنا، ولكن المعركة السياسية بالفعل قد بدأت. إن تنازلات سياسية على الصعد الثلاثة التي أشرنا إليها ستكون كارثية.

للعراق والعراقيين حق في أعناقنا. حق العقيدة والدم والجوار. وحق استراتيجية الدفاع الاستباقي. لماذا تسمح الولايات المتحدة لنفسها أن تخوض حرباً استباقية عبر المحيطات. ولا نبدأ معركة استباقية للدفاع عن حدودنا وعن قرارنا الذي تساومنا الولايات المتحدة عليه.

ومن شعورنا بجدية الموقف وخطورته، ندرك أنه ليس المطلوب من الحكومة السورية أن تعالجه، بموجة إعلامية حادة تكافئ الموجة الأمريكية. الموقف الإعلامي، والموقف السياسي لكل منهما دوره ومكانته. نؤكد على الحكمة والصلابة في وقت معاً.

القوى السياسية على الساحة السورية كان خيارها مباشراً وواضحاً وقاطعاً: سورية كتلة واحدة صماء غير نفوذ في وجه أي تفكير بالعدوان أو الاستجرار إلى تنازلات سياسية في قضايا الوطن الكبرى. هذا هو خيار القوى السياسية في سورية. أما باقي الموقف فسيكون عند النظام.السابق

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | كــتب | مجموعة الحوار | ابحث في الموقع |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ