صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأربعاء 20 - 08 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

مشاركات

وصل إلى برق الشرق :

لماذا أهمل المسلمون السياسة !؟

خالد أحمد الشنتوت*

من الملاحظ في واقع كثير من المسلمين في القرن العشرين وما سبقه ؛ انصرافهم عن العمل السياسي ، وترفعهم عنه ، حتى تركوا سـاحة العمل السياسي للعلمانيين ولغير المسلمين ، فحكموا المسلمين في دارهم ، وساموهم سوء العذاب ، وجرعوهم كؤوس الذل ، كما هو حال المسلمين اليوم ، فلماذا أهمل المسلمون السياسة ؟

 المعتزلـة :

        شــاع علم الكلام في العهد الأموي والعباسي ، وقدمت أفكار تقلل من أهمية االإمامة ([1]) ، كما يقول المعتزلة : الإمامة واجبة بالعقل وليس بالشرع ، ويـرد النووي عليهم فيقول : (وأجمعوا على أنه يجب تنصيب خليفة ، ووجوبه بالشرع لا بالعقل ، وأما ماحكي عن الأصم ( معتزلي ) أنها لاتجب ، وعن غيره أنها تجب بالعقـل لا بالشرع فباطـلان (شرح النووي علىصحيح مسلم ، كتاب الإمارة )، ويقصد النووي يرحمه الله أنها واجبة بالشرع وبالعقل أيضاً . .

   ومن الأسباب التي ساهمت في إبعاد المسلمين عن السياسة مايلي :

الملك العاض ([2]):

      حيث افترق السلطان عن القرآن ، فانصرف العلماء إلى الفقه ، وحصروه في فقه الشعائر التعبديـة فقط ، ثم المعاملات ، وابتعدوا عن فقه السياسة إلا في حالات نادرة ( كالماوردي والجويني والفراء يرحمهم الله ) ، لأن حديثهم في فقه السياسة سيغضب السلاطين ، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة ، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها ، فأولها نقضاً الحكم ، وآخرهن الصلاة ] ([3]). فقد نقض الحكم العاض مبدأ الحكم الإسلامي ، وهو الشورى ، والبيعة ، وسكت العلماء اجتهاداً منهم ، ورأوا في ســكوتهم ضرراً أقل من كلامهم في السياسة . وساد الفكر الإرجائي والطرقي ( الصوفي المتطرف ) وهو انسحاب من الحياة الاجتماعية ، ومازال هذا الانعزال مستمراً لدى كثير من المسلمين حتى يومنا هذا .

الملك الجبـري ( الديكتاتوريات ) :

      في بداية القرن العشرين الميلادي سادت الانقلابات العسكرية في معظم أقطار العالم الإسلامي ، وتسلط العساكر على الشعوب المسلمة ، وخنقوا الحريات وكموا الأفواه ، واضطهد العلماء والمفكرون والدعاة ، حتى أن زياد بري أحرق مجموعة من العلماء في الساحة العامة ، وكذلك فعل الشيوعيون في كابل ، وقضت هذه الديكتاتوريات على كل من لديه أدنى اهتمام بالسياسة والحياة الاجتماعية ، فشجعت العلماء على عزلتهم ، ودفعت سائر المسلمين إلى البعد عن السياسة والتعاون مع الآخرين .

المكيافيلليـة

      ومما أبعد المسلمين عن السياسة مفهوم السياسة الذي زرعته المكيافيللية في أذهان الناس ، وهو أن السياسة كذب وخداع ومرواغة ، والغاية تبرر الوسيلة، فساعد ذلك على إبعاد العلماء المسلمين عن السياسـة ، ووازى ذلك مفهوم فصل الدين عن الدولة في الغرب ، وهو فهم خطير جداً، أحد أنواع الفهم الجزئي للإسلام. الذي يركز أعداء المسلمين على نشـره وترسـيخه بين المسلمين ، وبينما كانت الشيوعية تحارب الإسلام من جذوره ، وقد فشـلت وانهارت ولله الحمد ، مازالت الصليبية والصهيونية يحاربون الإسلام بتشويه مفهومه عند المسلمين ، ويحرصون على نشر مفهوم الإسلام الجزئي عند المسلمين ، وأهم ما يؤرق ويقض مضاجع أعداء المسلمين ؛ اهتمام الشباب المسلم بالسياسـة ، بعد أن أيـقـن أنها جزء أسـاس من ديـنه ، وأنها نوع من أنواع العبـادة والجهاد .

 وجاءت الصحـوة الإسلامية ، وانتشر مفهوم الإسلام الحقيقي الذي أنزلـه الله عزوجل في الكتاب ، وعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم لصحابته رضي الله عنهم في سـنته الشـريفة ، الإسلام كنظام شامل للدين والدنيا ، والدين والدولة ، وصار المسلمون يدرسون السياسة ، وعرفوا أن السياسة المسلمة تختلف عن المكيافيللية ، كما يختلف الاقتصاد الإسلامي عن الاشتراكية والرأسمالية ، فالسياسة المسلمة سياسة أخلاقية ، تقوم على المبادئ وليس على المصالح ، وانتشرت هذه البدهيـة لـدى قطاع واسـع من المسـلمين اليوم ، فراحـوا يطالبون بتطبيق الشـريعة الإسلامية في حياتهم ، وأفضل السـبل التي يسـلكونها المجالس النيابيـة ، واستخدام الديموقراطية هذا النظام العالمي اليوم التي تنادي بأن يختار الشـعب بكل حـرية النظام الذي يـريده ، وعندما يخيـر المسلمون لن يختاروا سـوى الإسلام ، ولـن يرضوا عنـه بديلاً .

التربيــة الســياسـية :

والتربيـة السـياســية  مفهوم حديث بين المسلمين ، بعد أن انتشر مفهوم الإسلام الشامل ، وأن السياسة جزء أساسي من الإسلام لذلك عرف الباحث التربية السياسية بأنها : إعداد الفرد المسـلم ليكون مواطناً صالحاً في المجتمع المسـلم ، يـعرف واجباتـه فيؤديـها من تلقاء نفسـه ، طمعـاً في ثـواب الله عزوجل ، قبل المطالبـة بحقوقـه ، كما يعرف حقـوقـه فيسـعى إلى اكتسـابها بالطـرق المشـروعة .

والتربية السياسية جزء أسـاس من التربيـة الإسلامية ، لأن التربية الإسلامية تربيـة شــاملة للفرد والمجتمــع ، وهذه التربية السياسية واجب اليوم ؛ من أجل إعداد اللبنات المسلمة الصالحة لتكوين المجتمع المسـلم ، وهي ركن أسـاس من أركان التربية الإسلامية لأن التربية الإسـلامية تربية شاملة تشمل التربية الروحية ، والتربية العقلية ، والتربية الجسدية ، والتربية الوجدانية ، والتربية الاجتماعية ، والتربية العسكرية ، والتربية الاقتصادية ...إلخ ، فالإسلام دين للفرد وللمجتمع ، ولايقوم مجتمع مسلم بدون سياسة مسلمة ، فالتربية السياسية ( تـعد المواطنين لممارسـة الشئون العامـة في ميدان الحياة ، عن طريق الوعي والمشاركة ، وعن طريق إعدادهم لتحمل المسئولية ، وتمكينهم من القيام بواجباتهم ، والتمسـك بحقوقهم ، وتبدأ التربية السياسية في مرحلة مبكرة من العمر ، وتستمر خلال سنوات العمر كله) ـ عثمان عبد العزيز، التربية السياسية عند الإخوان المسلمين ـ 13ــ .

ولابد أن تسـهم جميع المؤسـسـات التربوية في المجتمع كالبيت والمدرسـة والأندية ووسائل الإعلام من صحافة وإذاعـة وتلفزة ، والجامعات والمكتبات العامـة ؛ في إعداد المواطنين المسلمين إعداداً سـياسـياً ، كي يقـوم المجتمـع المسـلم .

والحمد لله رب العالمين

* باحث في التربية الإسلامية


([1]) ــ وهذه ردة فعل ضـد الشــيعة الذين جعلوا الإمامة من أركان الإسلام ، ولاتصح ردود الأفعال في التفكيروالعلم . وقد رد ابن تيمية على الطرفين فقال : ( إن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين ، بل لاقيام للدين إلا بهـا ).  

([2]) ــ ملك عضوض : فيه عسف وظلم ، وفي الحديث : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يكون ملك عضوض ، انظر المعجم الوسيط .

([3]) ــ أحمد (5/251) وقال الألباني : رواه الحاكم وصححه ، وإسـناد أحمد صحيح (صحيح الترغيب والترهيب : 1/229)  رقم (571) .السابق

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
  اتصل بنا  
   
   

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ