صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 13 - 12 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

مشاركات

جنسية الإرهاب

محمد الخطيب / كندا

هل الارهاب حكر على دين دون أديان وعلى قوم دون أقوام وعلى جنس دون أجناس؟ ماهي العناصر اللازمة لتولد الارهاب وما هي الكتلة الحرجة التي عندها تتحول قوى مهملة الى طاقة جبارة تنشر الخراب والدمار؟

هل هناك إرهاب خيّر وأرهاب شرير؟ هل هناك إرهاب يشفي الصدور وآخر يدمي القلوب؟ هل للارهاب قيمة مطلقة تعرف بالعقل وتصنف بالاخلاق أم أنها أمر نسبي تختلف فيه العقول وتتنازع فيه الاخلاق؟

ما لم نجب عل هذه الاسئلة بشل صريح ونجعل منها رأيا عاما يسلّم به العقلاء وذوو الاخلاق فسنبقى ننفخ في قرب مقطوعة ونصيح في وديان.

إن العناصر التي تولد الارهاب: هي وقوع الظلم وغياب العدل وحضور المسوغ الاخلاقي وتوفر قوة للمظلوم وتترس الظالمين بالمدنيين والضعفاء، إن الظلم الشديد يجعل المظلوم في حالة يستوي عنده فيها الموت والحياة ومن هانت عنده الحياة جاء بالعجائب، وقد أخافت قطة مرة شابا مفتول العضلات عندما حصرها في زاوية محاولا الامساك بها فزأرت في وجهه زأرة ونفشت شعرها حتى فر صاحبنا من امامها وهو لا يكاد يصدق ما يرى، وأعرف شابا اعتقلته المخابرات وعذبته عذابا شديدا حتى اذا جاؤوا به الى رئيسهم بصق السجين في وجهه وكان هذا هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يستخدمه في تلك اللحظه، كذلك الشاب الذي يمضي في تنفيذ عملية استشهادية فأن خصومه غالبا ما يكونوا قد حولوه الى قنبلة ناسفة من شدة الظلم والاضطهاد.

إن العمليات الاستشهادية ليست حكرا على المسلمين، فقد نفذها طيارون يابانيون قبلهم في الحرب العالمية الثانية عند ضرب ميناء بيرل هاربر الامريكي، وقتل المدنيين المتترس بهم ليس مبدأ اخترعه المسلمون بل هو مبدأ معروف يطبقه العالم كل يوم وطبقته الجيوش المتصارعة في الحربين العالميتين في قصف المدن وترويع المدنيين، وإنه لمن السهل أن يجد المعتدي المنتصر المسوغات الاخلاقية لفعلته غير أنك إن دققت بها لن تجدها مختلفة كثيرا عن المسوغات التي اختنقت في حلق شاب قضى في عملية انتحارية قبل أن يستطيع رفع صوته وإبداء عذره.

هل هناك فرق بين بن لادن وبوش في تسويغ الارهاب؟

في نظر بن لادن أمريكا معتدية على المسلمين ولا بد من معاقبتها على موقفها، والاصل في المعاقبة هو معاقبة الحكومة والجيش، ولما كان الوصول للحكومة والجيش بشكل معزول أمر صعب جدا فلا بأس من ضرب ما يمكن الوصول إليه من أهداف تختلط فيها الحكومة بالمدنيين.

والمبررات الاخلاقية التي يستند إليها بوش هي أن بن لادن إعتدى على المصالح الاميركية فيلزم معاقبته والاقتصاص منه، ولما تترس بن لادن بطالبان وبالشعب الافغاني، فقد جاز قتل كل المتترس بهم حتى ولو بلغوا آلافا حتى يصل العقاب الى المعتدي المتترس. فما هو الفرق إذن، أن المسوغ الاخلاقي الذي استخدمه كل من بوش وبن لادن هو نفسه.

اذن ما هو الحل :

الحل هو وقف الظلم ونشر العدل واحترام العهود والمواثيق ونصر الضعيف وعدم الكيل بمكيالين وعدم تعرض المتحاربين للمدنيين. إن جميع العقلاء في العالم يجب أن يقفوا وقفة واحدة صريحة عادلة نابعة من الاخوة الانسانية ومن مكارم الاخلاق ومن التقدم الحضاري الذي تأهلت له الانسانية، إنه موقف يشبه موقف قريش عندما أحست بالعار من الظلم الذي ألحقته بالمسلمين عندما حصرتهم في شعب أبي طالب يتضورون جوعا و يأكلون أوراق الشجر، إنه موقف يشبه حلف الفضول الذي تداعى له عقلاء العرب ليضعوا حدا لشريعة الغاب التي نهشت ضعيفهم وأقلقت آمنهم. إنه موقف يشبه اليوم الذي قررت فيه الانسانية أن تلغي نظام الرق، إنها وقفة تشبه اليوم الذي قررت فيه البشرية أن للاسرى حقوقا وضمانات تلزم الجميع.

ويبقى السؤال المهم: من يبدأ وكيف نحقق هذا الهدف المنشود؟ !!!

في المدارس يأخذ الطلاب الدرس ثم يحصلون على الخبرة، غير أنه في مدرسة الحياة يأخذ الناس الخبرة ثم يتعلمون الدرس، وعليه فلا شك أن البشرية اليوم ستبقى تجني من الظلم ارهابا وتحصد من الحنظل شوكا، وكلماتي هذه ستبقى نقطة في بحر التجربة التي تتعلمها البشرية والذي لن يؤتي ثماره الا بعد أن يستوفي وقته وعناءه وآلامه، فقد جعل الله عز وجل لكل شيء قدرا، ولكل أجل كتابا، غير أن الذكرى تنفع المؤمنين، والبلاغ المبين يفيد من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

السابق

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
  اتصل بنا  
   
   

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ