ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 10/02/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

        

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


قضايا المجتمع (1)

سورية بدون أضرحة ولا مشاهد

زهير سالم*

أجدني أعود إلى الخمسينات من  القرن الماضي، أعود لأكر في معركة كنا قد ظننا أنها قد حسمت على ساحتنا الاجتماعية منذ أنفقت الحركة الإسلامية من جيل التنوير من أهل العلم، جهداً غير قليل في انتشال المجتمع السوري من تراكمات التاريخ غير المقدسة التي تلبست بالإسلام.

كان التبرك بالقبور والمشاهد، ونذر النذور، والسير إلى أصحاب المقامات لقضاء الحاجات، بدء من طلب شفاء مريض أو زواج عانس، أو حل إشكال بين زوجين، أواستجلاب الحب لأسرة حرمت منه؛ كان كل ذلك يرتبط بالأولياء والصالحين في مواسم ومراسم محفوظة معلومة عند العامة يتداولونها ويتواصون بها. فلكل ولي يوم ووقت ورسم، وأحياناً اختصاص. ومع كل وصية أو وصفة سيل من الأقاصيص عن نجاعة القصد وبرهان التجربة للمتشككين!!

ظل معول أهل العلم، برفقه وحكمته ينحت في عقول الناس، ويشذب من سلوكهم، ويرشد من عوائدهم حتى أدركنا مجتمعنا يوم فرضت علينا الهجرة منه وقد تخفف من كثير من هذه العقائد أو العوائد وما تبقى منها كان في طريقه إلى الاندثار.

في ردة اجتماعية غير مبررة ولا مقدرة عادت لتنهض في حياتنا العامة صورة أخرى من (العقلية) القبورية الطوطمية المتجسدة في نمط من السلوك (الرسمي) ومن ثم الشعبي. وثم هنا تعني الترتيب مع التراخي. وتعني أيضاً أن ظاهرة اجتماعية سلبية ومندثرة بدأت تعاود الظهور في تعبيرات أكثر حدة، وأغرق في الدلالة السلبية، وأبعد أثراً في إحداث الفصام في بنية الناس وفي بنية المجتمع.

تجلى الموقف الرسمي الأول لقادة حزب البعث العربي الاشتراكي (العلماني) في اعتبار قبر الرئيس الراحل حافظ الأسد (ضريحاً) أو (مقاماً) أو (مزاراً) أو (مشهداً) ولا مشاحة في الاصطلاح.

قد تضطر هنا كمتابع اجتماعي أن تتوقف عند الأبهة أو الفخامة التي أحيط بها الضريح مما يتنافى مع الروح الإسلامية من جهة، ومع المواضعات العلمانية المادية من جهة أخرى. ولكن لا بأس، فإن بناء القبر أو المزار ليس الذي تريد أن تتوقف عنده هذه الدراسة. وإنما الذي نريد أن نتوقف عنده هو الخطة العملية التي وضعت /لسوق/ الناس من جميع محافظات القطر، وفق رسم مرسوم للوقوف على القبر أو الطواف به. كان هناك برنامج آخر لجميع العاملين في القطاع العام والمشترك للتحرك وفق برنامج لزيارة الضريح أو المشهد أو القبر.

تنقصنا بالحقيقة الإحصاءات المناسبة، لكي نعطي أرقاماً دقيقة عن الأموال العامة التي أهدرت في حركة العدد الهائل من المواطنين وتفويجهم أفواجاً لأداء هذا الواجب الوطني!!

وكذلك عدد ساعات العمل التي أهدرت من حساب المؤسسات والمصانع والمدارس والجامعات  لحساب عمل لا يفكر فيه مسلم حقيقي ولا علماني حقيقي.

ثم أصبح الضريح مزاراً، وأصبح جزء برتوكولياً من زيارة أي وفد لسورية، أن يعرج على منطقة الساحل ليقف على ضريح الرئيس الراحل فيضع عليه إكليلاً من الزهور!!

وعلى هامش هذا التصرف الرسمي المحض لإحياء عادة مندثرة في التمسح بالقبور، أو طلب المعونة من أصحابها!! برزت مظاهر أخرى شبه رسمية لإدخال (الضريح) مرة أخرى كعامل فعال في الحياة الاجتماعية والفكرية وربما السياسية للمجتمع السوري وتجلت هذه المظاهر في (إعادة الحضور) إلى بعض المراقد والمشاهد بطريقة تنضوي على كثير من القصور والسذاجة واليأس من الحاضر، والتعلق بشخصيات من الماضي طلباً مرة أخرى للفرج: النصر أو الغنى أو الشفاء أو الزواج أو الأولاد أو الحب!!

وعندما أقول بأن هناك جهات شبه رسمية تشرف على إحياء مثل هذا (الموقف) النفسي البائس في تجسده الاجتماعي المذكور فإنني أشير إلى ثلاث جهات تشترك في إبراز هذه الظاهرة، وإن اختلفت بواعثها.

الجهة الأولى، هي الحكومة السورية بسكوتها عن مثل هذه المظاهر، ودعمها لبناء الأضرحة والمشاهد، وسكوتها عما يجري على ضفافها من مخالفات: شرعية واجتماعية وقانونية.

والجهة الثانية، هي الحكومة الإيرانية التي تتبنى رسمياً مشروعاً لتحويل هذه القبور والمشاهد مرتكزاً من مرتكزات الوجود والنفوذ وتنفق على مثل هذا المشروع الكثير من الأموال.

والجهة الثالثة، هي المرجعيات الشيعية، بصدق بعض أفرادها الساذج أو بوصولية آخرين الذين يرون في هذه القبور (المآرب الأخرى) التي رآها موسى عليه السلام في عصاه.

إذا تنامى الارتداد إلى القبورية (الاجتماعية) فإن الحالة العامة من العجز واليأس والإحباط والبطالة والفقر والقهر ستساعد كثيراً على انتشار مرض ظن المجتمع السوري أنه تخلص منه، وربما تكون هذه القبورية الجديدة (كالجدري) العائد الذي ظنت البشرية أنها تخلصت منه. وستغذي الطائفية بمدادها المقيت هذه الحالة من الوهن الاجتماعي. منذ أيام كان أحد السوريين على إحدى الفضائيات يرفع صورة قبر سيدنا معاوية رضي الله عنه، مستنكراً ما يحيط به من أذى وهوان.. كلام له ما بعده كما يقولون.

ليس هناك مسلم في سورية لا يشعر بالولاء والتقدير لسيدنا عمار بن ياسر على ضفاف الفرات. ولا أحد يستهين بقطرة دم سقطت من رأس الحسين رضي الله عنه في مشهد حلب إن كانت، ولا أحد لا يناجي بالتعظيم والإكرام بنات الرسول زينب إن كانت زينب أو كانت رقية.

أكثر تحقيقات المؤرخين رصانة وعلمية وموضوعية تؤكد أن ليس هناك في هذه المقامات زينب ولا رقية ولا قطرة دم، وأن مشهد حلب لم يكن غير دير للنصارى. ومع ذلك وخارج هذه اللجاج الطائفي أو المذهبي أو الشرعي نعتقد أن سورية بلا أضرحة ولا مشاهد ولا قبور ولا نذور ستكون أقرب للعصر وألصق به.

وأن على الحكومة وعلى النخبة أن تأخذ دورها في توجيه الفرد والمجتمع في مواجهة المشكلات الحقيقية بإيمان وعزم ويقين وبروح علمية موضوعية.

وإلى قادة طهران، وغير طهران من بناة المراقد والمشاهد وتسيير الوفود إليها أقول ربما ببعض ما ننفق في هذا السبيل سداد لجوع جائع أو حاجة محتاج.

--------------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

10/02/2007

 


تعليقات القراء

أبو زهرة

يا عزيزي إن الهدف من كل تلك الأضرحة والتعلق بها هو لتفتيت الفكر الإسلامي الذي بدأ نهضة يخشى منها ومن ثم العودة إلى إنشاء الإمبراطورية الفارسية مرة أخرى ولو على حساب وجود إمبراطورية أمريكية في المنطقة.


أبو سلطان

السلام عليكم .وبعد

اكتب أيها الحر لعل الشعب يستيقظ من سباته .

اكتب أيها الصقر  لعل كلماتك تشفي صدورنا المريضة من هذا الكابوس الجاثم منذ أكثر من أربعة عقود على هذا الوطن وما ذكرته في مقالك هذا هو وجه واحد فقط والوجوه الأخرى اشد سواداً ودماراً . لذا لا توقف القلم يا ضمير الشعب والله الموفق ...  


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ