ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 07/09/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ذكريات طنطاوية -3

كان أكثر أئمة المساجد في دمشق ينقرون التراويح نقراً، يتبارون فيها سرعة، يقرؤون الفاتحة بنفس واحد، ثم يتلون (الرحمن علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان) ويكبرون ويركعون، ومثل ذلك في الركعات كلها، إلا نفراً منهم كانوا يصلونها على مهل، ويناجون الله لا يعدون الركعات، ومنهم من كان يقرأ كل ليلة جزءاً من القرآن يرتله ترتيلاً، وأشهر هؤلاء إمام المشهد الحسيني في جامع بني أمية وهو فاضل من آل الحمزاوي، شيخ صالح، وكان يقصده الناس من أطراف دمشق ليصلوا معه. أما التراويح في الأموي فكانت ونحن صغار عجباً من العجب: أربعة أئمة من أتباع المذاهب الأربعة يصلون في وقت واحد، ووراء كل إمام مبلغ من أصحاب الحناجر القوية والأصوات الندية، فتختلط أصواتهم، فيسمع المقتدي بتكبيرة الانتقال من غير إمامه فيسجد وإمامه لا يزال، حتى جاء مدير الأوقاف نسيت الآن أسمه، ولكن الله لا ينسى له فعله، فوحد الجماعات، وجعل الإمامة كل ليلة لإمام، وهذا الذي لا يرضى غيره الإسلام.

وأنت إذا دخلت الأموي من بابه الشرقي، وهو أقدم الأبواب، وجدت المحراب المالكي، وهو المحراب الأصلي للمسجد، وكان يسمى محراب الصحابة، وكان الجامع قبل أن يوسعه الوليد بن عبد الملك ويبنيه البناء الذي كان إحدى العجائب في سالف العصور. كان الجامع بمقدار النصف مما تراه اليوم ولم يكن له إلا هذا المحراب، فلما بناه الوليد زاد المحراب الكبير وهو إلى جنب المقصورة في نحو منتصف جدار القبلة. وفي سنة 617هـ نصب محراب الحنابلة في الرواق الثالث الغربي، وقد عارض بعض الناس في نصبه ولكن ركن الدين المعظمي، ناصر الحنابلة فأقيم، وأمَّ الناس فيه الموفق بن قدامة المقدسي مؤلف المغني والكافي، ثم رفع في حدود سنة 730هـ وعوضوا عنه بالمحراب الغربي، جنب باب الزيادة، وهو الباقي إلى اليوم، أما محراب الشافعية فأقيم سنة 728 بأمر تنكز باني المسجد المعروف في دمشق.

فصارت المحاريب أربعة: محراب الخطيب وهو الكبير وإلى جنبه المنبر وهو للحنفية، ومحراب الشافعية وهو الذي يليه من جهة الغرب، ومحراب المالكية وهو في أقصى الشرق من جدار القبلة، ومحراب الحنابلة وهو في أقصى الغرب.

وكانوا قبل سنة 694 يصلون الفروض الخمسة في وقت واحد، ثم رسم للحنابلة أن يصلوا قبل الإمام الكبير، وفي سنة 819 انتقل الإمام الأول إلى محراب الشافيعة، ثم استقرت الحال على أن أول من يصلي إمام الكلاسة وهي مدرسة شمالي الأموي، ملحقة به، وهي إلى جنب مدفن صلاح الدين الأيوبي، أو لعل صلاح الدين دفن فيها. يعرف ذلك أخونا الدكتور صلاح الدين المنجد، فهو والشيخ دهمان من أعرف أهل دمشق بدمشق، ثم إمام مشهد الحسين، والمشاهد في عرف أهل الشام مساجد صغيرة ملحقة بالجامع وبابها إليه وهي جزء منه يضمها سوره، والوضع اليوم على أن يصلي إمام الشافعية أولاً ثم الحنفي ثم المالكي ثم الحنبلي، وتركت الجماعات التي كانت في المشاهد(1).

وهذا كله مخالف للسنة، ومفرق للجماعة، ومن المحدثات في الإسلام، والصحيح أن المساجد التي لها إمام راتب لا يجوز أن تتكرر فيها الجماعات، وهذا مذهب الحنفية(2)، بل إن المحاريب نفسها محدثة لم تكن في القرن الأول وهو خير القرون.

وإذا أنا خصصت الجامع الأموي بطول الكلام عنه، لأنه أقدم مساجد الإسلام صارع النار والدمار، وثبت على الأعصار والأدهار، وتكسرت على جدرانه موجهات الزمان وهو قائم، كما تتكسر أمواج البحر على أقدام الصخرة الراسية عند الشاطئ.

ذهبت أمية بسلطانها ومالها، ولبث وحده يخلد في الدنيا اسم أمية، فكان أبقى من كل ما نالت أمية من مال وسلطان، وكان معبداً من أكثر من ثلاثة آلاف سنة، تداولته أيدي اليونان والرومان وأقوم كانوا قبلهم، نسي التاريخ خبرهم، ثم صار كنيسة للمسيح، ثم انتهى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -.. وعلى أخيه المسيح بن مريم، عبد الله ورسوله، فبقي لأتباع محمد إلى يوم القيامة.


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ