ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 06/01/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

كم آية من آيات الله بلّغت ؟!

الشيخ محمد العريفي

بمطار لندن رأيت رجلاً يلبس قبعة غريبة وقد علق أجراساً في ظهره تصدر أصواتاً لجذب الناس له تلطفت معه وسألته عن دينه؟

_الرجل يتبع ديناً هندياً خليط من البوذية والهندوسية.. ينكر الآخرة والجنة والنار.. ويعتقد بتناسخ الأرواح! فما هو؟

_كان بحقيبته مئات الكتب يوزعها لدينه.. سألته عن عمله؟ قال:لا أعمل.. قلت:من ينفق عليك؟ قال:آكلُ القليل وكثير السفر...

_دعوته للإسلام فلم يتجاوب.. فقلت فكّر وغادرتُه.. فلحقني بكتاب يدعوني لدينه! فأهديته كتابي استمتع بحياتك/لغة انجليزية..

............................

رجل كثير السفر يأكل القليل ..يسعي بكل ما أوتي من قوة في سبيل الدعوة لدينه (الباطل)..

فماذا صنعنا نحن في الدعوة لديننا(الحق)؟؟!!

قال صلى الله عليه وسلم "بلغوا عني ولو آية"

فكم آية من آيات الله قد بلغت؟؟!!!!!

 

------------------------  

بين الرحيل ... والـدمع!

( إلى روح صديقي وأخي الشاعر "فيصل قرقطي" انثر على روحك أغنية من أغاني حياتنا اليومية التي عشناها كعائلة معا في غربة لم تلد البديل عن الوطن .... )

بقلم / الكاتبة والشاعرة هدلا القصار

بين الرحيل ... والـدمع!

(1)

أتيتُ لأدونَ غيابَك من ذهولي

لأفرشَ ظلالَك

وأُسْرِجُ خيولَك مع طائرٍ ... أطْلَقْتَ سراحَه يوما

 

لأملاءَ سِلالَ الصدقِ من أوتارِك

بين الذهولِ والمحبةِ ...!

التي حَمَلَتْ أصابعي  ظلُك

ولَمْلَمْتُ ذِكْرَاك من ضُلوعِ الفجر

(2)

بين الدهشة .... ِوالدمع ِ!

أتيتُك ليلاً لأسْأَلَك:

 

هل صَنَعَ القلمُ  قبرَك  ...؟

أم كان قلبُك يطلقُ رصاصاتَه  نحو القبرِ؟

ألم تقوى يا صديقي على تأجيل مأتمك ؟

الم تقوَى على انتظارِ حضوري؟

لأصْنَعَ لك طعاماً لُبْنانيا

 

هل كان قلبُك في يدِك حين تَركْتَ

" الوفاء، والحسام، والسلام، والسما " دونك ؟

أم كان قلبُك يرسمُ قمرَ اللغةِ في الشعرِ للعابرين في طقوسِك ...

 

قد لا يليقُ بِكَ يا صديقي هذا الكفنُ

قد لا يليقُ ...

وقد لا يليقُ بي أن أتْرُكَك بلا غطاءٍ…

لذا جِئْتُك من بيروت إلى سوريا

إلى جزيرة قبرص

ومن غزة إلى بير زيت

لأدخلَ معطفَ كتاباتِك ....

 

وأسألُك:

هل سالَ حزنُك قهراً ؟؟

هل  سال قهرُك فوق الصبرِ؟

هل  سال حبرك في حضرت الموت ... ؟

كما سال قلمُك دماءاً على بيروت وصبرا

 

آه يا صديقي كم وضعْتَ الشعرَ متراسا لشعبِك  ...

وكم كان صبرُك يرسمُ النصرَ

فوق اللحظاتِ المقتولةِ

لترسُمَ الهويةَ الفلسطينيةَ ...

 

 (3)

بعد شارعين ... وشرفة

أتيتُ لأقولَ لك :

كم كانت قدماك تركض لخدمة الأصدقاء

كم كان هذا القلبُ عاصمةً للمتعبين

كم كان يحفظُ في خزائنِه مواويلَ الأنين

كم كان هذا القلبُ جمراً

كم كان هذا القلبُ طيراً يشدو ..

يرفرفُ فوقَ الشعرِ ليستريحَ في عشِّ صدرِك

كم رأيت في عينيك الغضبَ والتصالحَ

والتسامحَ

بعد لحظةٍ ...

وخطوة

 

هل تذكرُ يا صديقي حين هربْنا

من شمسِ نيقوسيا

إلى  دهشةِ شاطئ "بافوس"

وأنت تسجلُ على كفك الأيسرِ

العمرَ لحظةَ سعادةٍ

الأفضلُ لنا أن نعيشَه بين الورقِ والقلمِ

تحت هذه السماءِ

 

 

 

 (4)

بعد شارعين ... وشرفة

دمعتين ووردة  تسألُك

 

لما لم تمشطْ المستحيلَ وتنتظرْ أختاً لم تلدها أمك

لنتسامرَ في سطورِ الشعرِ ....

لنحللَ طقوسَ الحياةِ ...

 

هل هو اختيارُك ألا تنامَ هادئاً إلا مع الموتِ

في لياليِ طوالٍ …!!

ولمّا سَحَبْتَ ظِّلَك قبل فجرِ البكاءِ

قبل أن تعيشَ السلامَ

قبل أن تُزوجَ "حسام "

 

هل وزعْتَ ورودَ الكلماتِ على غبارِ الأردن

أم  تَرَكْتَ  السطر الأخير على سريرِ مشفى الحياة

في لوعةِ حنينٍ لا يترجمُه أحدٌ سواي .....

(5)

آه يا صديقي كم سَتَفْتَقِدُكَ الدواوين

وكرسي الغرفة

قواريرُ الشرفة

وأزهارُ البنفسج

هل سجلْتَ يا صديقي رحلاتَ البحرِ البعيد ؟؟

وقطفَ البرتقال

واقتلاعَ الخرشوف

....

هل سجلت نُزهاتِنا العائلية ؟

وبراغي ألعابِ أطفالنا

في  حلم قيلولةٍ لا تنامُ فيها في عينيك ؟

 

هل دفأت أحلامَك بغطائيين ووسادةٍ

وهل وزعْتَ أوراقَ الليلِ على بيدرِ طاولتِك العتيقة ؟

لأستنشقَ نبيذَ الشعرِ في عرينِك؟

هل أفرغت منفضةَ السجائرِ قبل النوم؟....

وهل سَتَسْبِقُـني على صناعةِ قهوةِ صباحاتِ أكتوبر؟

قبل أن ترششَ العطرَ على زراعيِك ؟

 

آه يا صديقي كم ستبكي فراقَك  الأوراقُ والأقلامُ

والقصائدُ المحشوةُ من دموعِك المختبئةِ في بحورِ الشعر ...

 

(6)

ها نحن الآن نرشُ لك سنابلَ العزاء

لنرفعَ صوتَك

ونلامسَ  كتـفي حضورِك ...

لنَغردَ لحنَ كلماتِك المحملةِ بأرجلِ ألفِ معنى ...

 

ها نحن نحزنُ لفراقِك ...

نَجْمَعُ من أجلِك هاماتِ الشعرِ ...

نرشُ زهورَ النرجسِ الحنونِ على ذكراك ...

نرفعُ لك قبعةَ نخلةٍ لم تركعْ يوما

لنُذَكِرَك باللوزِ والزيتونِ..

.......

يعز عليّ يا " فيصل" أن تحرِمَنا الأياّمُ أحاديثَنا الأدبيةَ

يعز عليّ ألا أشهد وجهَك وهو ينامُ نَومَتَه الأبدية ...

و الختـام وداعا

وداعا أيها الأخُ والرفيقُ والزميل ُ

والصديقً الصادقُ الصدوقُ

عليك السلامُ يا أبا حسام ؟..

وعلينا بالصبرِ الأليم ..

 

------------------------  

(الدائرة) قصة واقعية

لطالما آمنت بأن حياة كل منا عبارة عن دائرة مملة تتكرر عبر الأجيال

ولادة وصراخ .. طفولة وطلبات .. مراهقة ولف بالشوارع .. دراسة مع بعض التجارب الشقية .. وظيفة وفلوس .. زواج ورزانة .. أطفال ومسئولية .. تقاعد وفراغ .. قبر موحش!؟!

ثم أسلم عصا سباق التتابع لابني ليركض في نفس المضمار!

ويقول التاريخ أن هذه الدائرة بدأت من آدم ... وورّثها لنا واحداً بعد الآخر! وكل من حاول أن يتخطى هذه الدائرة ويرسم خطاً مستقيماً، فالويل لهذا الشاذ المجنون الأرعن المارق عن العادات والتقاليد و .. و .. تعرفون باقي الشتائم!

وكنت أعتقد أني أنا الآخر سأتسكع في هذه الدائرة حتى أسلّم عصا التتابع لمغبون من بعدي .. حتى جاء ذلك اليوم ..

حينما ألحت علي أختي للذهاب إلى العمرة، وأختي – من وجهة نظري – من ذلك النوع المثالي الذي لا يحب الخروج عن الدائرة نهائياً، فذهبت مرغماً ثقيل النفس لأؤدي دوري كمحرم من العيار الثقيل الظل في هذه الرحلة ذات الثلاثة أيام ..

ولا أنكر ذلك الانشراح النفسي الذي يغمرني في بيت الله الحرام، خصوصاً في هذا الوقت الهادئ من العام.

بعد صلاة العشاء في الحرم المكي، تلفتّ وإذا بشاب أشقر، طويل القامة، عيناه بلون البحر، لا تخطئ عيناك أوروبيته من النظرة الأولى ..

تسربل بذلك الإحرام، ليعطيه شكلاً لم تألفه عيني، إذ نادراً ما ترى أوروبياً مسلماً، فبدا مظهره في الإحرام كأنه صورة صغيرة ركب عليها برواز كبير غليظ لا يناسقها بالحجم ولا بالشكل، ولكن سبحان من استجاب لدعاء إبراهيم:" واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ..."، ابتسم في وجهي فرددت ابتسامته بمثلها أو بأحسن منها، وهممت بسؤاله بلغة إنجليزية ذات "راء" أمريكية أعكس فيها فشخرتي واستعراضي بثقافتي الأمريكية، إلا أنه فاجئني بقوله:

- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا أخي ...

كان يتحدث بعربية فصحى تعرضت حروفها للكسر والعجمة من لسانه ..

- وعليكم السلام يا أخي ...

- من أي بلاد الله أنت يا أخي؟

- أنا من الكويت وهل تعرفها؟ وأنت من أين؟

أحسست بأني في مسلسل مدبلج وأنا أتحدث العربية الفصحى لأول مرة في حياتي، ففي مشوار حياتي كلها كنت أتحدث بلهجة خليجية، وقد ألجأ من باب المداعبة للتحدث بلهجة عراقية، مصرية، لبنانية .. لكن أن أتحدث العربية الفصحى، فقد كان غريباً بعض الشيء ..

- أنا من هولندا، ولا أعرف عن الكويت غير رسمها على الخريطة وإنكم محظوظون لأنكم بلد عربي ومسلم ..

- وأنتم محظوظون في هولندا، لأنكم تتسممون بالأفيون والحشيش في مقاهيكم، وتحت أعين الشرطة!

ابتسم، وهو يرد على دعابتي بعربيته الفصحى:

- وأنتم محظوظون لاتصالكم بسر الخلود .. وأفيون السعادة الذي يخرجكم عن الدائرة!

- أي دائرة تعني؟

- الدائرة التي يعيشها الإنسان: ولادة .. دراسة .. عمل .. زواج ثم فناء!!

سبحان الله هذا الأشقر الأحمر، الذي جاء من آخر أقاصي أوروبا يتحدث بنفس لغة تفكيري! ويعرف الدائرة، أطرقت قليلاً وقلت له:

- ما الذي يخرجني عن الدائرة؟ فكلنا محكومون بها!

- سر الخروج عن الدائرة أنتم من يملكه، وخروجك عن الدائرة يجب أن يكون ضمن الدائرة!!

- لم أفهم شيئاً من فلسفتك، كيف أخرج من الدائرة وأنا أمشي فيها؟

- الفرق بيننا وبينكم بأننا نحتاج إلى أن نبحث ونقرأ ونقارن بين الفلسفات والديانات حتى نصل إلى الحقيقة، أما أنتم فمحظوظون لأنكم ورثتموها جاهزة بكل يسر .. ولعل تلك الوراثة هي التي منعتكم من التفكير فيها ..

- حيرتني معك يا هذا .. لم أفهم شيئاً مما تقول ....

- تخيل أنك في ممر طويل ومظلم، ترى في آخره بابان ... وكل إنسان مجبور بأن يمشي لآخر الممر، وحينما يصل سيفتح له أحد البابين ليدخله ..

- منظر غريب ..

- تخيل أن الناس الماشون في هذا الممر على صنفين، صنف يعلم ما وراء كل باب، وصنف حيران، لا يدري ولا يمكن له أن يتخيل ما وراء البابين، ولكن الجميع يمشي نحو البابين، فما هو الفرق في نظرك بين نفسية الصنفين؟

- امممم .. لعل الذي يعلم ما وراء الباب سيحس بطعم مشيه وسببه ... أما الآخرون فلا مذاق لخطواتهم، وستكون نفسياتهم مضطربة قلقة طوال الطريق ..

- هذا مثلنا ومثلكم ... فالإسلام قد بين لكم نهاية رحلة الدنيا، أما نحن فلا ندري لماذا نقطع هذه الرحلة أو نعيش في هذه الدائرة، وتحار عقولنا وقلوبنا في أن تجد تفسيراً لرحلة الحياة ... لذا نحاول أن نتلذذ بكل المتع التي نراها في الطريق المظلم، ولكن ينقصنا معرفة النهاية ..

- لكن المسيحية قد دلتكم على طريق النهاية ..

- عذراً لعلي أخطأت في التوضيح .. المعرفة شيء، والإيمان شيء آخر، الكثير منا يعرف النهاية لكن قلة هم الذين يؤمنون بها ويوقنون بما وراء الباب! وهذا الإيمان واليقين لا يعرفه إلا من ذا ق اللذة ...

- وكيف تتذوق اللذة؟

- بالنسبة لي فقد عشت في ظلام لسنوات طويلة، لذا حينما رأيت النور عرفت الفرق .. عرفت اللذة ..

شعرت بأن هذا الأوروبي قد ذاق شيئاً في الدين لم أذقه من قبل .. وأحس بحيرتي، فأكمل من تلقاء نفسه:

- منذ سبعة سنوات، كنت شاباً غضاَ في أول العشرينات من عمري، وذهبت إلى زيارة للقاهرة، وبالرغم من كل ما يدهش الأوروبي من أهرامات وجمال ومتاحف، إلا أنه أكثر ما سحرني هي تلك الزيارة لأحد المساجد التاريخية، وكان ذلك وقت صلاة العصر، ووقفت عند باب الجامع لأشاهد منظراً يبدو مألوفاً لديكم

شاهدت الناس تخرج من الصلاة، فسحرني منظر تلك الوجوه الناعمة، تعلوها مسحة الإيمان. وتشع ضياءً وراحة نفسية .. رأيت غير الوجوه التي أعرفها في حياتي ..

رأيتهم يبتسمون بطيبة ورقة لم أرها من قبل .. لم أتمالك نفسي فاقتربت من أحدهم أسأله بالإنجليزية إلا أنه لم يكن يتحدثها فلم يفهم ما بي، ولكنه حتما لمح التشوق والتلهف في عيني، فقلب في وجوه الناس حتى رأى أحدهم يتحدث الإنجليزية فناداه، وقلت له أريد أن أفعل مثلكم، أريد أن أصلي! فابتسم الرجل وطلب مني الحضور بعد ساعتين على توقيت صلاة المغرب، وأفهمني بفكرة مواقيت صلاة الجماعة، ووقفت منتظراً، فأخذني ذلك الرجل البسيط الفقير ودعاني إلى كوب من الشاي المصري الثقيل، وشرح لي بإنجليزيته المكسرة شيئاً عن الصلاة وفكرتها، وظللت أسأله وهو يجيب بصدر رحب، إلى أن علا صوت الأذان من تلك القبة القاهرية المزركشة

 وشعرت بالأذان ينساب في شرياني ويجري في عصبي ودمي ..

وبالرغم من عدم فهمي لمعانيه .. إلا أني شعرت بأنه نداء خاص يأتيني من فوق الغيوم ومن وراء النجوم .. ثم قمت للوضوء مع الرجل .. وصليت الجماعة ولم أفهم منها سوى كلمة آمين!

- ثم أعلنت إسلامك؟

- لا .. لكن تسربلت روحي براحة داخلية لم أشعر بها من قبل ...

شعرت بأن الكون له خالق ورازق .. وأني اتصلت به في تلك اللحظات ..

شعرت بأني معه في تلك السجيدات والركيعات ..

شعرت لأول مرة أني قريب منه .. وأني أستطيع أن أطلب منه ما أريد ..

ورحلت عن مصر، ولكن تلك اللحيظات لم تغب عن روحي للحظة، وظلت تراودني فكرة الصلاة على الطريقة الإسلامية بني الفينة والأخرى ..

- ثم ماذا؟

- بعد عدة سنوات أرسلتني الشركة التي أعمل فيها للعمل في قرية صغيرة في ألمانيا لعدة سنوات، في القرية رأيت منظراً غريباً كان سبباً في إسلامي!

- منظر غريب في ألمانيا! مثل ماذا؟

- رأيت مسجدا شفافاً!

- مسجد شفاف؟

- نعم، فحينما أراد بعض المسلمين المهاجرين في القرية بناء المسجد، سرت موجة من الاعتراضات بين أهالي القرية، فقد توضع في المسجد أسلحة خفية، أو قد تدار فيه خلايا إرهابية ... وغير ذلك من الكلام الفارغ الموجه للمسلمين!

 وكان من بين المسلمين في القرية مهندس معماري، فاقترح عليهم بناء مسجد زجاجي شفاف، يرى منه أهل القرية كل ما يدار في المسجد ..

وفعلاً حينما مررت بذلك المسجد الشفاف ورأيت المسلمين مصطفين لصلاة المغرب، تقافزت كريات دمي شوقاً إلى ذلك الشعور الذي زرع فيّ من سنين يوم صليت في القاهرة ..

أوقفت سيارتي وتوضأت وصليت معهم .. وخطوت خارج المسجد سابحاً في تلك اللذة التي تغمرني ...

- ثم أعلنت إسلامك؟

ابتسم وهو يترقب استعجالي فقال بصوت حنون:

- أثناء خروجي من المسجد لمحت ورقة مكتوب عليها أوقات الصلاة، واستقر في ذهني وقت الفجر، فلما غشاني الليل لم أنم وأنا أتفكر في تلك اللذة التي لم أشعر بها من قبل، وظللت أسمع تلك الهواتف في داخلي تدعوني إلى الله، ولم تنقطع تلك الهواتف حتى رأيت الساعة وقد حان وقت صلاة الفجر، فخرجت من فوري إلى المسجد

 .. توضأت .. صليت .. وشعرت بقربي من خالقي .. أحسست بنور يشع في قلبي ويسبح في دمي .. وأثناء سجودي بكيت بنشيج .. ودون أن أعرف سبباً لبكائي .. لكنه كان بكاءً ممتعاً مريحاً ..

وبعد الصلاة أقبل المصلون إليّ .. فأخبرتهم بأني غير مسلم .. فقام الشيخ ومسح على قلبي وقرأ سور طه .. فعدت إلى البكاء .. وبكى من حولي ..

وكانت الحياة علمتني أن البكاء ممنوع على الرجل .. ولكن الإسلام علمني بأن البكاء قمة الرجولة!! فهذا عمر بن الخطاب الشديد القوي .. كان يبكي! وهذا هارون الرشيد الذي ملك الأرض .. كان يبكي!

فأعلنت إسلامي وسط تكبير الرجال من حولي!

أحسست بلمح عيني يتساقط أنا الآخر، فسكت من هول قصته وأنا أنظر بهاء الكعبة، وأسأل نفسي: هل بكيت مرةً من لذة طاعة أو ذل دعاء؟ لمَ لم أبكي في حياتي؟

سكت الأوروبي لوهلة، ثم أردف:

- ومنذ أسلمت أحسست بروعة الشعور بالطاعة، والاقتراب من مالك الملك، أحسست بأن تلك القوة الرهيبة التي صنعت هذا الكون بمجراته ونجومه وإنسانه، قد فتحت بابها لي، وأذن لي بالدخول إلى بلاطه في أي وقت أشاء .. وكان شعوراً رهيباً أن يسمح لإنسان مثلي أن يدخل إلى بلاط ملك الملوك متى ما احتاج أن يتخفف من عبء الحياة وأثقالها دون وسيط أو حاجب! ففي الإسلام هناك ارتباط مع الله في كل شيء ... فهناك دعاء للاستيقاظ وذكر للنوم والخروج من المنزل وركوب السيارة ، حتى العطسة لها ذكر خاص!

- كلام جميل .. كأني لأول مرة استشعر هذه الحقائق ..

- هذه مشكلتكم .. ولدتم مع هذه الحقائق! فلم تتدبروا في أسرارها .. ولو تدبرت واستشعرت معنى كل دعاء من هذه الأدعية لما بلغت عمقه وسره.

- مممممم .. إذاً هكذا تسير في الدائرة ... ولكن تعيش مستمتعاً بها.

- نعم .. لو تدبرت أسرار الأدعية وغصت في معاني الآيات .. وأقمت علاقة سرية خاصة بالله .. فستعيش في الدائرة مع الناس ظاهرياً .. ولكنك في الحقيقة تعيش مع الله ..

ومنذ ذلك اليوم أعيش في هذه الدائرة .. آكل .. أشرب .. أضحك .. وأخرج .. ولكن لي علاقة خاصة مع الله، في صلاتي وليلي وفجري تجعلني سعيداً راضياً .. متشوقاً إلى لقاءه

.. إنها الحياة مع لذة الطاعة .. جربها

 

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ