ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 14/05/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

دمشق الأرملة

بقلم سهى عبد الحميد قضماني

عندما يَتَيَتَّمُ القلم

تئن الكلمة .. تنشطر الفكرة

وتحزن .. تحزن .. على الحق الأبكم

عندما نخلق أحراراً فنُغْتصَب

يصبح فرضاً علينا الغضب

وإن عُذِّب طفل .. وقُهِر رجل .. وسُلِبت امرأة

قُمْ .. تمرّدْ .. اصرخْ .. ارفضْ .. كسِّرِ القيد .. مزِّقِ العلم

كفى .. كفى .. كفى بيوت عزاء .. تُوَلْوِلُ بصمتٍ تحت الخِيَم

بلى .. بلى .. تَئِنُّ الكلمة .. على دمشق الأرملة

دمشق .. هُبِّي .. اخلعي ثوبَ النوم .. وكوني لِغيْبوبتُكِ مُستنْفرَة

أما زلت على تَلَقٍي الرصاص الصامت مُدْمِنة

أخارت قواك من الغلاء والفساد والرشوة

أمات الشوق في جوارحك لعيالك الْمُبعدة

دمشق آن الأوان لتَسْتردّي حقَكِ وتعودي للتاريخ مُدوّنة

دمشق هيا .. هيا .. عودي من جديد أمنا المربيّة

وأنت .. الأصيلة الصامتة

أما زالت النخوة في صدور سكناك خائفة

ألا يكفيك بترك عن ركب الحضارة المنجزة

هُتِكَتْ محارمُك .. كُتِمَتْ أنفاسُك .. قُصَّتْ شرايينك

غدا التعليم فيك العصا الْمُبرحة

بيوتك القديمة كانت بالمخطوطات والعلماء عامرة

أصبحت اليوم مطاعماً بالمئات فاخرة

   إبداع وعبقرية وبراءة اختراع للبطون المتدلية

   تعجين بالهواء الملوَثِ واللحوم الْمُهَدْرجة

عَرُّوا مكتباتك وغدت عورة الظاهرية ظاهرة

هُبّي دمشق .. ابتري الخوف من سلطة مستهترة

شَوّهُوا ملامحك

   ونشروا تماثيلَ الطغاة كآلهة مستحدثة

دمشق .. اكسري حاجز الصمت وقد سموه آمنا

هبي هبة رجل واحد 

سجونك حبلى اكتمل فيها الوهن

ألا تسمعين صوت الأقدام القادمة

ألا تعرفينها ؟ .. إنها الخلاص .. إنها القابلة

هيا دمشق .. اكسري حاجز الرعب الواهن

حان وقت الولادة ..

   اخلعي الثوب الأسود .. كفّي عن لطم الخدود

   وشقّ الجيوب ..

   لم يجد بكاؤك نفعاً

   لم يُسمع نواحك همساً

   صبرك الأبله لم يكسر السلاسل المكبلة

   ما عيّر قَطُّ عن حزننا الملحمة ..

دمشق أيتها الحائرة

طال حزنك على رجلك العملاق خمسون سنة

ألم تدركي بعد أن شعبَ الْحُلُمِ على قيادة الظلم مَذَلّة مُؤَبّدة

دمشق ها هي درعا ارتدتك درع محصنة

فحمى الدرع صدرك ورفق بك أيتها الأرملة

لكن الذئاب كشّرت عن أنيابها المسننة

تريد أن تفترس أبناءك الثائرة

هبّي لنجدتهم أيتها الثكلى المتعبة

دمشق .. خوضي المخاض .. تألمي .. تحملي الطلقات القاسية

إلى متى تظلين حبلى .. ادفعي الضرائب الباهظة

ففي رحمك تغلي الأجنة المستعبدة

شعبك بطاقاته الهائلة .. آن أوانه ليعيش حياة مكرّمة

دمشق أَبَوابَةُ للتاريخ أنت .. أم مزبلة

مَلَلْنا أنصاف حياة .. أرباع حياة

   عواطفنا .. أفكارنا .. قدراتنا .. في إنسانيتنا محطّمة

القهر خبزنا .. الظلم ماؤنا .. الاستعباد هواؤنا

   الدواء أحلامنا .. الذلّ وحده هويتنا

نصبغ وجوهنا بالعافية المزورة

وفي باطننا يلتهم سرطان الجبروت خلايانا شهية وشراهة

دعارة باسم السياحة

شحادة من الأمم المتسلطة بحجة التنمية المتاحة

لا شفافية .. لا قاعدة .. لا احترام لحق الإنسان

   لا حرية .. لا كرامة .. لا عدالة

إلى هذا الحد زهدت الأمم بأزمانها

نصف قرن ليبدأ التفكير بالإصلاحات والمصالحة

   تحت أي عنوان تصنف قيادة وحدها بنفسها مُعجبة

الإصلاحات يا سيدي عفا عنها الزمن وولى وقتها وانقضى

لقد انعدمت بين الحاكم والمحكوم الثقة

دمشق .. آلاف النعوات علقت على جدرانك

لعقلائك .. للمبدعين من أبنائك .. للعباقرة

وإن أراد أحدهم زيارتك

عليه أن يقدم طلباً للمداولة

وإذا سُمِحَ له دخول بلده عليه بمراجعة تلو المراجعة

وفي أنحاء الأرض تفرقوا وماتوا في منفى الغربة الجائرة

وتمضي السنين وأنت تصلي .. الصلاة .. تلو الصلاة .. تلو الصلاة

على أموات حتى جثامينهم الهامدة غائبة

دمشق أمنا التي أرضعتنا

دمشق أمنا التي ولدتنا

أحوج ما نكون إليك اليوم مربية

حرري المنابر من الأئمة المستنسخة

ألم يدرك علماء الشام ومشايخها أن زلّة العَاِلِمِْ .. زلّة العَالَمْ

أريحي المسامع من الخطب المكررة .. الممجدة .. الْمُخدِرة

أعيدي لدور الحديث ومنابر الأموي المكانة اللائقة

حتى موتى الدحداح هبوا يشقون القبور يريدون المشاركة

أصبح موتهم أمام موتك حياة مشرّفة

دعوا البيوت الدمشقية المنسقة

تمرّدوا على أصول العادات المكدسة

إنه سقم العاصمة

أألفتموه فلم تعد تلذّ لكم العافية

كُسِرَت حواجز الصمت في سوريا

هبي .. انهضي .. طالبي بالحرية

وممَ تخافين .. كل موت أهون من عبوديتك السلمية

ألم تجرح مشاعرك زيادة الليرات الألف والخمسمائة

كل الكائنات تشرب وتأكل وتضاجع

لا فضل فيها من أحد على أحد .. هذه سنة مؤكدة

لكن النفس البشرية خلقت مكرمة محررة

أتقبلين لشعبك العيش على فضلات الشعوب القاهرة

تُصدر ثرواتك الهائلة .. وتعيشين على المساعدة

دمشق .. حلب .. حماة .. حمص .. القامشلي .. والرقة

   اقتدروا بدرعا الإمامة المبجلة

انسابوا في كل شوارع سوريا .. صلوا بها صلاة الجماعة

اجزم .. إنها سَتَرُدُ لكم الذاكرة

هيا دمشق الأرملة

غاب رجلك النخوة الفاضلة

اطلقي العنان لرجالك الألوف المؤلفة

عندها ستؤدين واجبك كعاصمة

وستعجبين من صمتك الطويل وقد تدلى في كل صباح كحبل المشنقة

سآتيك بالحب المغمور في جوارحي طائعة

أنا ابنتك المنشطرة

أنا البكوة المحبوسة منذ خمسين سنة

أنا الهوية الرافضة للانتماء المهزلة

أنا المتمردة على فكر الفرعنة

اصرخي معي

لا وألف لا .. لِلا أريكم إلاّ ما أرى

هيا انهدروا لتعيدوا لنا الكرامة المطلقة

وإن ارتجفت الذكورة في رجالك رجفة متخنثة

فلتخرج النساء وليصرخن لا بوجه الفراعنة

العرب كل العرب استيقظوا البائدة منهم والمستعربة

اشتعلت نيران الثورات لتحصد كل طاغية

من الذي قسّمنا وفرّقنا ..

من الذي جعل بلادنا مؤطّرة .. مُجنّسة .. مخدّرة

من الذي جعل ألسنتنا لهجات للعاميّة خاضعة

بلى العربية عن هذا كله منـزهة

زَمَنُ فَرِّقْ تَسُدْ ولّى وقته وانقضى

وأصبحت كل أنانا .. أنا

بلى تونسية أنا .. مصرية أنا .. ليبية أنا .. يمنية أنا .. سورية أنا

أنا كل بقعة عربية تسعى لأن تكون محررة

وبعد اليوم لن يبتلعنا أخطبوط الطائفية

أنا الدمشقية الحلبية الحمصية الحموية .. أنا المسلمة .. أنا العربية .. أنا التركية

أنا الكردية .. أنا مسيحية .. أنا علوية .. أنا سنية

أنا مدنية .. أنا قروية .. أنا فقيرة .. أنا غنية

أنا جائعة .. أنا مكتفية ..

أنا كل الأطياف التي أرادت أن تكون بحقها مطالبة

وما زال أعلامنا يستخفّ بالمسامع الواعية

دجلٌ وكذبٌ وافتراء .. مللنا كلمات الطبول المنتفخة الفارغة

هبي أيتها المدن المبجلة .. افتحي نوافذ بيوت على نفسها مغلقة

مزّقي الخوف اللقيط

استأصلي من صدور شعبك الإمعة

أما زلت تخشين أن تتكرر حماة المذبحة

ذاك كان الماضي الذي قطعوا يده تحت سياستهم الخيمة

واليوم ما عاد بمقدور طاغية أن يخبئ شعب تحت ستارة

هبي دمشق تمرّد شعبك ما عاد مبتور اللسان

   بلى تمردوا على التوحش الهذيان

فكل الشعوب اختارت أن تصرخ لا للطغيان

قومي دمشق .. تنتظرك أرجاء سوريا

أرادوك حلزونة في الصدفة

وأردناك عاصمة متحررة

دمشق هذه رسالتي إليك أنا الإنسانة المتألمة

تحول بيني وبينك الحدود والقيود وقصة موجعة

أردت أن أهمس في مسامعك رجاء الكلمات الصادقة

فلكي أحترم نفسي لا أقدر أن أكون الصامتة الغائبة

__________

المصدر : الرائد

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ