القضية
الكردية في سورية
بقلم
: الدكتور محمد بسام يوسف
في
سورية، كثيرة هي القضايا التي
تحتاج إلى حلٍ وتجاوبٍ مباشر،
لعل أهمها القضايا المتعلقة
بحقوق الإنسان، والحريات
العامة.. التي أصبحت شائكةً خلال
حكم (حزب البعث)، طوال أكثر من
أربعين عاماً، ولعل القضية
الكردية بكل أبعادها.. إحدى أهم
تلك القضايا التي تحتاج لدراسةٍ
مستفيضةٍ واعية، تمهيداً لوضع
الحلول المنطقية المعقولة لها،
التي ترفع الظلم، وتُحِق الحق،
وتُراعي حقوق الإنسان، ضمن
مراعاةٍ شاملةٍ لحقوق الإنسان
السوريّ على امتداد الوطن كله.
لقد
أفرز انفراد أميركة قوةً عظمى
في السنوات الأخيرة.. توجهاً
إمبراطورياً أميركياً باتجاه
العالم العربي والإسلامي، لوضع
اليد على ثرواته الهائلة، التي
يمكن بالاستيلاء عليها.. التحكم
بمستقبل العالَم لعشرات
السنين، وبالتالي مدّ عمر
النفوذ الأميركي والسيطرة
الأميركية عقوداً طويلةً
إضافية.
كما
أفرز الانفراد الأميركي، ظهور
المقاومة بكل أشكالها الفكرية
والسياسية والمسلّحة.. ضد
محاولات الهيمنة الأميركية على
منطقتنا، ما أدى إلى تبلور نوعٍ
من السياسات الأميركية لتفتيت
المنطقة، ليسهل ابتلاعها
واللعب على جراحها، وبالتالي
يسهل تنفيذ المخططات الأميركية
والصهيونية في السيطرة
والهيمنة.. ولعل إحدى أبرز
الأوراق التي بدأت الدوائر
الأميركية باستخدامها.. ورقة
الأقليات العرقية والدينية،
وقد كان احتلال العراق والشروع
بتنفيذ بعض السياسات الأميركية
فيه.. خطوةً أولى يمكن أن تتبعها
خطوات تمتد إلى القطر العربي
السوري.. خاصةً لدى استخدام
الورقة الكردية في تنفيذ إحدى
أهم المخططات الأميركية
الصهيونية.
القضية
الكردية ليست قضيةً شائكة جداً
في سورية، وحلها ممكن حين تنفتح
الأطراف على بعضها بحسن نيّة،
لحماية الوطن السوريّ من عواقب
المخططات الاستعمارية الجديدة..
وسنسلّط الأضواء على هذه
القضية، لأهميتها أولاً،
بالنظر إلى المتغيرات السياسية
والإقليمية في المنطقة، ولأنها
ثانياً، تحتاج إلى رفعٍ للظلم
الواقع على الأكراد طوال عقودٍ
من الزمان.
مدخل
الأكراد في سورية
يشكلون جزءاً من الشعب الكردي
الذي يقطن في كردستان، ويبلغ
تعداده خمسةً وثلاثين مليوناً
تقريباً، يتوزعون في أجزاء
كردستان الأربعة بالشكل التالي
:
-
(16-18) مليوناً في تركية.
-
(7-9) ملايين في إيران.
-
(5-6) ملايين في العراق.
-
(1,5-2) مليوناً في سورية.
وكردستان
هي المنطقة المتصلة جغرافياً
والتابعة حالياً لأربع دولٍ
رئيسية، هي : تركية وإيران
والعراق وسورية.. وقد كانت
كردستان الإسلامية إحدى أقاليم
الدولة العثمانية الإسلامية،
ثم قُسّمت بهذا الشكل من قبل
الدول الاستعمارية البارزة،
بعد الحرب العالمية الأولى التي
أنهت الحكم العثماني، وتشكّلت
بموجبها دول جديدة.
جاءت
تسمية (الكورد) من القوّة
والشجاعة والصلابة، وكلمة (كورد)
تعني : البطل.. و(كردستان) تعني : (وطن
الأكراد).. وهم يتكلمون اللغة
الكردية، بلهجاتها المتعددة،
أهمها: الكرمانجية والسورانية.
تدين
الأكثرية الساحقة للأكراد
بالدين الإسلامي (98%)، معظمهم
ينتمون إلى الأكثرية السنية
الشافعية، مع وجود طوائف
وأقلياتٍ أخرى، كالطائفة
العلوية، والشيعية.. وهناك
أقليات مسيحية: بشيرية وآشورية
وأرمنية.. وهناك اليزيدية،
واليهود الذين غادر معظمهم إلى
فلسطين المحتلة بعد نشوء
إسرائيل (حوالي مئة ألف كرديٍ
يهوديٍ إسرائيليّ)!..
تاريخياً
:
دخل (الكورد) في الإسلام منذ
السنة الثامنة عشرة للهجرة،
وكان لهم دور مهم في بناء
الحضارة الإسلامية، والمشاركة
في الفتوحات الإسلامية، خاصةً
في زمن القائد المسلم الكردي (صلاح
الدين الأيوبي)، الذي استرجع
مصر من سيطرة الفاطميين، ووحّد
بلاد الشام، وحرّر القدس الشريف
وبيت المقدس، وطهّر بلاد
المسلمين من الصليبيين!.. وكان
للأكراد دور مشرِّف في رفض
مخططات الدول الاستعمارية،
خاصةً بعد زوال الخلافة
العثمانية.
والشعب
الكردي المسلم خرّج مئات
العلماء المسلمين الأفذاذ،
الذين ساهموا في بناء الصرح
الحضاري الإسلامي والفكري
والثقافي، من مثل: ابن
خُلَّكان، وابن تيمية، وابن
الأثير، والألوسي، والزهاوي..
وغيرهم.
أهم
الإمارات والثورات الكردية
التي قمعها العثمانيون
1-
إمارة (جانبولاد) عام 1707م : كان
مركزها منطقة (كلّس)، وتشمل جبل
الأكراد، وقد أعلن (الأمير علي)
الثورة فيها بعد أن قتل
العثمانيون شقيقه (الأمير حسين).
2-
إمارة (بدرخان) في تركية (1812-1884)م
: وتقع عند أقصى الشمال الشرقي
للحدود السورية، وتمتد ما بين (سيرت)
في تركية.. و(الموصل وسنجار) في
العراق.
3-
إمارة (إبراهيم باشا المللي) :
الواقعة شمال (رأس العين)،
والممتدة إلى الجنوب بمسافة (50كم)
تقريباً داخل سورية.. وقد اتحدت
فيها القبائل العربية الموجودة
هناك مع الأكراد ضد العثمانيين،
الذين قمعوها، واعتقلوا الأمير
(إبراهيم باشا) في جبل عبد
العزيز، وأعدموه في عام 1908م.
أهم
الثورات الكردية ضد الدول
الاستعمارية بعد انتهاء الحكم
العثماني
-
ثورة الشيخ (سعيد بيران) عام 1925م،
التي كان يدعو فيها إلى إعادة
الخلافة الإسلامية.
-
ثورة الجنرال (إحسان نوري باشا)
(1927- 1930)م.
-
ثورة (درسيم) عام 1937م.
-
ثورة الشيخ محمود برزنجي في
العراق عام (1919-1923)م.
-
ثورة (أحمد ومصطفى بارازاني) عام
1933م في العراق.
فضلاً
عن ذلك، هناك ثورة (مصطفى
بارازاني) في العراق عام (1961-1970)م،
التي انتهت إلى حكمٍ ذاتيٍ
للأكراد العراقيين، بالاتفاق
مع الحكومة العراقية المركزية.
أخيراً،
بعد فرض الحصار على العراق منذ
عام 1990م بعد (حرب الكويت)، فقد
تمتع الأكراد في الشمال العراقي
بمنطقة آمنة معزولة بحمايةٍ
أميركةٍ وبريطانية، وبموجب
قراراتٍ خاصةٍ صادرةٍ عن
الجمعية العامة للأمم المتحدة..
فتم نتيجة ذلك، تشكيل برلمانٍ
كرديٍ، وحكومةٍ كرديةٍ ذاتية.
جغرافياً
:
تبلغ مساحة كردستان (500) ألف كم
مربع تقريباً، موزّعةً على
الشكل التالي :
1- كردستان الشمالية (في
تركية) : مساحتها 285 ألف كم مربع.
2-
كردستان الشرقية (في إيران) :
مساحتها 125
ألف كم مربع.
3-
كردستان الجنوبية (في العراق) :
مساحتها 72 ألف كم مربع.
4-
كردستان الغربية (في سورية) :
مساحتها 18 ألف كم مربع.
وكردستان
لها أهمية خاصة، تجعلها إحدى
أكثر المناطق العالمية ثراءً
بالثروات الطبيعية، فهي :
1-
تحتوي على ثروةٍ نفطيةٍ كبيرة،
في سيرت (تركية)، وشاه آباد (إيران)،
وكركوك وخانقين (العراق)،
ورميلان (سورية).
2-
تحتوي على ثروة معدنية لا بأس
بها، من مثل : الحديد والنحاس
والكروم والفحم والفضة والذهب
واليورانيوم والفوسفات.. وجدير
بالذكر أنّ منطقة (رجّو) في جبل
الأكراد السوري، تعتبر المركز
الأول لاستخراج الحديد في سورية..
وكذلك تعتبر تركية غنية بالنحاس
لأن مناطق الأكراد هناك غنية
بهذا المعدن.
3-
تحتوي على مناطق زراعيةٍ خصبةٍ
جداً وواسعة، تنتج محاصيل هائلة
من القمح والشعير والقطن
والأرز، والخضروات المتنوعة
وأجود أصناف الفواكه المختلفة.
4-
تحتوي على بيئةٍ وظروفٍ مناسبةٍ
جداً لإنتاج أكبر ثروةٍ
حيوانيةٍ في المنطقة.. وذلك لو
أُحسِن استثمارها.
5-
تحتوي على ثروة مائيةٍ هائلة،
من المياه العذبة النقية.
6-
تعتبر منطقةً سياحيةً طبيعيةً
ساحرة، بسبب اعتدال الطقس
والظروف المناخية المثالية،
وبسبب وجود الوديان والجبال
والبحيرات والسهول والأنهار.
الأكراد
في سورية
يبلغ
عدد الأكراد في سورية مليونَيْن
تقريباً، أي يشكّلون حوالي 11% من
مجموع تعداد الشعب السوري
البالغ (18) مليون نسمة، وهم على
قسمين :
1- قسم منهم يوجد بشكل
تجمّعاتٍ رئيسية، كما هو الحال
في محافظات: الحسكة والرقة وحلب..
إذ تمتد تجمّعاتهم على شكل
شريطٍ يتوسع أحياناً ويضيق
أحياناً أخرى، ويمتد من العراق
شرقاً.. إلى الغرب على امتداد
الحدود مع تركية، ويوجد ضمن هذا
الشريط أيضاً مجموعات من العرب
والتركمان إلى جانب الأكراد..
وأهم مناطق التجمعات الكردية هي
:
-
في الشرق :
القامشلي، وديريك، ودرباسية،
وته ربه سبي، وعامودا، وجوادية،
وسري كاني.
-
في الغرب :
جبل الأكراد، وأهم منطقة فيه هي
: عفرين.
2- والقسم الثاني من
الأكراد، انصهر في المجتمع
العربي السوري، ويتوزع في بعض
المناطق السورية، من مثل دمشق (حي
الأكراد، وناحية النشابية في
غوطة دمشق)، وحمص، وحماة،
والساحل السوري، ودرعا..
شارك
الأكراد في سورية بكل الثورات
السورية ضد الاستعمار، فكان لهم
دور مشرِّف بمناهضة الاستعمار
في العصر الحديث.
ومن أبرز أعلامهم
:
القائد
الضابط وزير الحربية (يوسف
العظمة)، بطل معركة ميسلون مع
الجيش الفرنسي.. و(إبراهيم هنانو)،
قائد الثورة السورية ضد
الاستعمار الفرنسي في شمال
سورية، وحسني الزعيم (رئيس
جمهورية)، ومحسن البرازي (رئيس
وزراء)، وعبد الرحمن الأيوبي (رئيس
وزراء)، ومحمد كرد علي (أديب
مؤرخ : أحد مؤسسي المجمع العلمي
العربي بدمشق ورئيسه)، والشيخ
أحمد كفتارو (مفتي الجمهورية)،
والدكتور محمد سعيد رمضان
البوطي (عميد كلية الشريعة
بجامعة دمشق).. وغيرهم.
من أهم
الانتفاضات الكردية السورية ضد
الاستعمار :
ثورة البرازيين في
حماة، وانتفاضات (عامودا) ضد
الانتداب الفرنسي.
الملامح
الأساسية للقضية الكردية
السورية
تتلخّص القضية
الكردية السورية، في أنها: قضية
جزءٍ من الشعب السوري، طالته يد
الظلم منذ عشرات السنين، وقد
كانت أهم عناصر هذا الظلم
متمثلةً بما يلي :
1- صدور قانون الإحصاء
الاستثنائي رقم (93) بتاريخ 23/8/1962م،
الذي جُرِّدَ بموجبه آنذاك
حوالي (120) ألفاً من المواطنين
الأكراد السوريين.. جُرِّدوا من
جنسيتهم السورية، ففقدوا بذلك
حقوق المواطنة، وما يتبعها من
حقوق: العمل، والخدمة العسكرية،
والانتفاع من قانون الإصلاح
الزراعي، وتسجيل الزواج لدى
الدوائر المدنية السورية،
والانتخاب، والترشيح،
والتملّك، وتسجيل الأطفال في
الدوائر المدنية السورية،
والتعليم، والحصول على الخدمات
الطبية، والحصول على البطاقة
التموينية، والانتساب إلى
النقابات، والتوظيف، والمشاركة
في الحياة السياسية، والحصول
على البطاقة الشخصية وجواز
السفر، والتنقل داخل البلاد أو
السفر إلى خارجها.. وغير ذلك.
2- تهجير الأكراد
السوريين من مناطقهم ومصادرة
أراضيهم وقراهم، بموجب
الإجراءات الحكومية السورية
التي بدأت في تشرين الثاني من
عام 1966م، وعُرِفت بإجراءات (الحزام
العربي) في المناطق الكردية،
وبلغ طول الحزام حوالي (375) كم
وعرضه (15) كم تقريباً، على
امتداد المناطق الكردية على
الحدود السورية-العراقية
والسورية-التركية، وقد تم بموجب
ذلك تهجير أكثر من (140) ألف كرديٍ
سوريّ من مناطقهم في ذلك الوقت،
وإحلال عشائر وقبائل عربيةً
مكانهم!.. وقد طالت هذه
الإجراءات التعسفية الظالمة،
(332) قريةً كردية، بهدف تغيير
ديموغرافية المناطق الكردية في
سورية.
3- منع الأكراد من
تداول اللغة الكردية فيما
بينهم، ومن تأسيس الجمعيات
والمؤسّسات الثقافية الخاصة
بهم، ومن إصدار الصحف والمجلات
الكردية.
4- منع الأكراد في
منطقة الجزيرة السورية من تشجير
أراضيهم، بحجة أن تلك الأراضي
مخصصة لزراعة القطن فحسب.
الحركة
السياسية الكردية السورية
لا
بد من التنويه أولاً، إلى أنّ
الإخوة الأكراد في سورية
ينقسمون إلى قسمين :
1-
سكان المناطق الداخلية
السورية، الذين يتكلمون اللغة
العربية.. وهؤلاء يُعتَبَر
تاريخهم السياسي جزءاً من
التاريخ السياسي للأحزاب
السورية، بشقيها : الإسلامي،
والعلماني.
2-
سكان مناطق الجزيرة السورية،
الذين يتكلمون اللغة الكردية،
ويغلب عليهم النـزوع القومي
الكردي، ثم الصحوة الإسلامية في
السنوات الأخيرة.. وهؤلاء هم
الذين نقصدهم حين نتحدث عن
الحركة السياسية الكردية في
سورية.
لقد
اعتبَرَ أكرادُ سورية، أنّ خدمة
قضيتهم يجب أن تتم عن طريق
مساندة الحركات الكردية الأقوى
في مناطق أخرى من كردستان، أي في
كردستان : العراق وتركية وإيران..
أما ما ميّز نشاطهم داخل سورية،
فكان : تأسيسَ الأحزاب، وإصدار
المنشورات، وإحياء التراث
الكردي بكل صوره، وعقد الندوات
والمحاضرات، وتنفيذ بعض
الاعتصامات أو التظاهرات في
السنوات الأخيرة، والمعاناة من
الاعتقالات والسَجن السياسي.
إن
انتشار النـزعة القومية لدى
الأكراد، كان نتيجةً مباشرةً
لغياب الإسلام عن الحكم،
وانتهاء عهد الخلافة الإسلامية..
وانعكاساً لانتشار الفكر
القومي في منطقتنا العربية، وقد
بدأ هذا الفكر القومي بالانتشار
في أواخر سني العهد العثماني،
بانتشار القومية الطورانية في
عهد دولة (الاتحاد والترقي) وحزب
(تركية الفتاة).. وهو جزء من
الفكر الغربي القائم على الروح
القومية، التي انتشرت في ذلك
الوقت وتأثرت بها الأحزاب
العلمانية العربية.
كانت
بداية ظهور الأحزاب الكردية
السورية في الخمسينيات من القرن
المنصرم، عندما تأسّس (الحزب
الديمقراطي الكردستاني) في عام
1957م، رداً على الحملات القومية
الظالمة، والقوانين التي
اتبعها القوميون العرب، خاصةً
حكومات البعث المتعاقبة.. وقد
أسّس الحزب الديمقراطي
الكردستاني ثلاثةُ أشخاصٍ هم : (عبد
الحميد حاج درويش، وحمزة
نويران، وعثمان صبري).. ثم انقسم
الحزب أول مرةٍ في عام 1965م، إثر
خلافاتٍ داخل صفوفه، فشكّل
عثمان صبري : (الحزب اليساري
الكردي)، وشكل عبد الحميد حاج
درويش : (الحزب الديمقراطي
الكردي).
بعد
مراحل طويلةٍ من المخاضات
الحزبية، تبلورت الحركة
السياسية الكردية، بتجمّعين من
الأحزاب الكردية، وحزبين خارج
هذين التجمّعين، فضلاً عن حزبٍ
إسلاميٍ كرديّ.
أما التجمّعان
فهما :
أ- التحالف
الديمقراطي الكردي في سورية :
ويتألف
من الأحزاب الخمسة التالية :
1-
الحزب الديمقراطي الكردي في
سورية-البارتي، سكرتيره العام
هو: (نصر الدين إبراهيم).
2-
الحزب الديمقراطي التقدمي
الكردي في سورية، سكرتيره العام
هو: (عبد الحميد حاج درويش).
3-
حزب الوحدة الديمقراطي الكردي
في سورية-يكيتي، سكرتيره العام
هو: (محي الدين شيخ آلي).
4-
الحزب اليساري الكردي في سورية،
أمينه العام هو: (خير الدين مراد).
5-
الحزب الديمقراطي الكردي في
سورية، برئاسة (دهام ميرو).
ب-
الجبهة الديمقراطية الكردية في
سورية :
وتتألف
من الأحزاب الأربعة التالية :
1-
الحزب الديمقراطي الكردي في
سورية-البارتي (محمد نذير مصطفى).
2-
الحزب اليساري الكردي في سورية (عثمان
صبري ثم محمد موسى).
3-
الحزب التقدمي الكردي في سورية .
4-
الحزب الوطني الديمقراطي
الكردي في سورية .
وأما
الحزبان الآخران خارج هذين
التجمّعين، فهما :
1-
حزب الاتحاد الشعبي (صلاح بدر
الدين).
2-
حزب اليكيتي الكردي في سورية .
كما
أنّ هناك (حزب العمال
الكردستاني)، وهو ليس حزباً
كردياً سورياً بل كردياً
تركياً، أي أنه حزب كردستاني
تركي له بعض الوجود والتأييد
بين الأكراد في سورية.
نظرة
عامة على مواقف الحركة الكردية
في سورية
على
تعدّد الأحزاب الكردية السورية
وكثرتها.. فإن أهمها الموجودة
على الساحة السورية لا يتعدى:
1- ثلاثة أحزاب
فاعلة معارِضة لنظام الحكم
السوري، هي :
(الحزب
الديمقراطي الكردي - البارتي)، و(حزب
الوحدة الديمقراطي - يكيتي)، و(حزب
الاتحاد الشعبي).
فضلاً
عن حزبٍ كرديٍ إسلاميٍ،
منسجمٍ في توجهاته مع الحركة
الإسلامية العالمية المعاصرة،
أسّسه في خارج القطر بعضُ
الإخوة الأكراد من منطقة
الجزيرة السورية، وله نشرة
دورية بعنوان (جودي)، كما له
أنصار بين الأكراد داخل القطر،
ويدعو هذا الحزب إلى جعل
كردستان دار إسلامٍ ونصرةٍ
وهجرة، وإلى منح الأكراد حكماً
ذاتياً حقيقياً ضمن الدول التي
يوجد فيها أكراد.
2- حزبين مؤيدين
للنظام السوري، هما :
(الحزب
الديمقراطي التقدمي الكردي –
درويش)، و(الحزب الاشتراكي
الكردي – صالح كدو).. وهما أيضاً
حزبان مواليان للزعيم الكردي
العراقي (جلال طالباني).
من خلال نظرةٍ
عامةٍ على مجموع الأدبيات
الحزبية للأحزاب الكردية في
سورية، يمكننا استخلاص النتائج
التالية :
1- يوجد جدل بين
الأحزاب الكردية حول طبيعة
النضال لتحصيل الحقوق، فهل
يعتمدون النضال السوري أم
الكردستاني؟!.. وهذا الجدل ولّد
فراغاً استغله (حزب العمال
الكردستاني)، فزجّ بآلاف
الأكراد السوريين في صراعاته
خارج سورية (في تركية خاصةً)!..
2- السؤال المهم
بالنسبة للحركة الكردية هو : هل
يوجد خطاب سياسي فعال وحيوي
واضح، يشكّل ناظماً حقيقياً
لنضال الحركة الكردية في سورية؟!..
في الحقيقة، الأحزاب
الكردية السورية عموماً، تعتبر
أنّ الشعب الكردي جزء من الأمة
الكردية وليس الأمة العربية،
وأنّ فكرة القومية الكردية هي
فكرة عادلة وإنسانية، لكن هذا
لا يعني بالنسبة لمعظمهم،
المطالبة بالانفصال عن سورية،
لأن المصلحة الكردية تقتضي
الحياة المشتركة مع العرب، وأنه
ينبغي تأطير النضال القومي
الكردي في سورية، على أنه نضال
سوري بالدرجة الأولى.. لكن كل
ذلك لم يتخذ لنفسه طابع المشروع
السياسي، ولو أنّ (حزب اليكيتي
الكردي) حاول تقديم ما يشبه
المشروع السياسي، الذي يغلّب
فيه الكردستاني على السوري.
3- تذبذبت الحركة
الكردية في سورية بمشروعها
السياسي.. ما بين كونها منفعلة
بالحركة الكردية الكردستانية
العامة خارج سورية، وليست
فاعلةً تنطلق من واقع الأكراد
الجغرافي والاجتماعي
والديموغرافي في سورية.. وبين
التخلي بمجملها عن فكرة (كردستان
موحدة)، واعتماد مبدأ (الواقعية
السياسية)، لكنها أبقت في نفس
الوقت عينَها على ما يجري في
مناطق كردستان الأخرى، بانتظار
ما يمكن أن تتمخّض عنه المخاضات
السياسية والإقليمية هناك.
4- نتيجة ذلك، ومن
منطلق أنّ القضية الكردية
السورية ليست مطروحةً دولياً..
فقد تجاوبت الحركة الكردية
السورية مع تحرّكات المجتمع
المدني السوري، الذي يطالب
بالديمقراطية والتعددية وحقوق
الإنسان، كما تجاوب بعضها مع
حركة المعارضة السورية بشكلٍ
عام، لأنها تلبي في هذه المرحلة
طموحاتها نحو الحرية
والديمقراطية، من منطلق أن هذا
هو السقف المتوافر حالياً
والمنسجم مع مبدأ (الواقعية
السياسية).. وتتقدّم الحركة
الكردية في سورية، نحو الانخراط
في الحركة الوطنية العامة
المنادية بالإصلاح السياسي
والاقتصادي.. وتقترب أحياناً
نشاطات الأحزاب الكردية
السورية من باقي الأحزاب
السورية المعارِضة، نظراً
لتاريخها الطويل من الخلاف مع
النظام السوري.
5- الأحزاب المؤيدة
للنظام عموماً، كالحزب (الديمقراطي
التقدمي الكردي – درويش)،
تتعمّق لديها فكرة (الواقعية
السياسية)، إذ تَعتبر أنّ
الحركة الكردية السورية، هي
حركة ديمقراطية سورية، تنهج
نهجاً مدنياً، وتطالب بحقوقٍ
قوميةٍ للأكراد ضمن إطار الوحدة
الوطنية للوطن السوري.
6- لا يزال الغموض
يكتنف الخطاب السياسي للحركة
الكردية السورية، ولا يزال
بعضها يستخدم لغتين في خطابه
السياسي حسب الظروف: لغة
الكردستاني، ولغة الكردي
السوري والواقعية السياسية.
ما
الذي يطالب به الأكراد السوريون
؟!..
هناك نوعان من
المطالب :
أولاً : مطالب
عامة :
تنسجم مع مطالب
المعارضة السورية وحركة
المجتمع المدني، من مثل : تحقيق
التعددية والديمقراطية
والحريات العامة وحقوق الإنسان..
وذلك لكل أبناء الشعب السوري،
على اختلاف توجهاتهم الفكرية
والسياسية وطوائفهم وقومياتهم..
وإلغاء الأحكام العُرفية
وقوانين الطوارئ، وتبييض
السجون من سجناء الرأي والسجناء
السياسيين، وإعادة المنفيين
والمهجَّرين إلى بلدهم سورية،
واحترام حقوق المواطنة،
والتعويض على المتضرّرين من قمع
السلطة واضطهادها، وحرية
الصحافة.. وما شابه.
ثانياً : مطالب
خاصة بالأكراد السوريين :
يمكن حصرها بالمطالب
التالية :
1- الاعتراف الدستوري
بالشعب الكردي في سورية، من حيث
الوجود التاريخي والواقعي.
2-
الاعتراف بالهوية الكردية
المميّزة.
3-
إعطاء الحق للأكراد، بالمساهمة
في حكم البلاد وإدارة مؤسسات
الدولة، والتفاعل مع الحياة
السياسية كأية شريحةٍ من شرائح
المواطنين السوريين والمجتمع
السوري.
4-
الاعتراف باللغة الكردية لغةً
متداولةً بين المواطنين
السوريين الأكراد في البلاد،
ومنح حق تعليمها في المناطق
الكردية، وإصدار المجلات
والكتب، ومنح حق البث الإذاعي
والتلفزيوني باللغة الكردية.
5-
إلغاء كل القوانين الظالمة بحق
الأكراد، من مثل : قانون
الإحصاء، والتعريب، ونزع
الجنسية.. وتعويض المتضررين من
جراء هذه القوانين الجائرة،
وإعادة كل الحقوق المدنية وحقوق
المواطنة للإنسان الكردي
السوري، التي حُرِمَ منها بموجب
تلك القوانين الظالمة.
6-
فتح المجال لتمثيل الأكراد في
مجلس الشعب، وتحديث المجلس،
وتغيير النسب المعمول بها ضمن
قوائم الانتخابات، مع فتح
المجال للأعضاء بالتعبير عن
آرائهم بحرية، والابتعاد عن
سياسة فرض المرشحين من قبل
أجهزة الأمن وحزب البعث الحاكم.
7-
مساعدة الأكراد السوريين على
تطوير لغتهم وثقافتهم، والسماح
للمدارس الابتدائية في مناطقهم
بالتدريس باللغة الكردية، مع
إمكانية تشكيل جمعياتٍ ثقافية،
تُعنى بالثقافة الكردية.
8-
السماح للفلاحين الأكراد في
منطقة الجزيرة بتشجير أراضيهم
وقراهم.
رؤيتنا
لحل القضية الكردية في سورية
لا شك أنّ الشعب
السوري بشكلٍ عام، والأكراد في
سورية بشكلٍ خاص.. قد تعرّضوا
للظلم واستلاب الحقوق
الإنسانية، طوال عقودٍ
متتابعةٍ من الدكتاتورية
والتسلّط وحكم الحزب الواحد
القائد، والقمع والاضطهاد
بمختلف أنواعه وأشكاله.. وهذا ما
أدى إلى زعزعة استقرار المجتمع
السوري، وبث روح الفرقة بين
أبناء البلد الواحد، واهتزاز
وشائج الثقة بينهم.. لذلك لا بد
لحل أي قضيةٍ أو مشكلةٍ من إزالة
أسبابها أولاً، ومن هنا يمكننا
عرض رؤيتنا لحل المشكلة الكردية
في سورية، وهي بطبيعة الحال
تتمثّل بالنقاط التالية :
أولاً : تقدير حجم
المشكلة الكردية في سورية :
تتركّز المشكلة
الكردية في سورية، بمشكلة
التجمعات الكردية المسلوبة
الحقوق، الموجودة في الجزيرة
السورية، إضافةً إلى الأكراد
الآخرين الذين يعانون من مشكلة
الحقوق الإنسانية، مثلهم مثل
بقية أبناء الشعب السوري، ولا
بد لفهم هذه المشكلة من إلقاء
الضوء على حجم التجمع السكاني
الكردي في الجزيرة السورية،
والنسب السكانية هناك، إذ :
1-
قدّرت اللجنة التابعة لعصبة
الأمم عدد الأكراد في سورية عام
1925م.. بـ (300) ألف نسمة.
2-
وردت في التقرير السنوي للتوزع
السكاني في الجزيرة السورية عام
1937م، الأعداد السكانية التالية
:
أ-
(84) ألفاً من الأكراد، منهم (82)
ألفاً مسلمون، وألفان من
اليزيديين.
ب-
(42) ألفاً من العرب المسلمين.
ج-
(31) ألفاً من المسيحيين الأرمن
والآشوريين.
د-
ألف واحد من اليهود.
هـ-
ألف واحد من الشركس.
بناءً على ذلك،
وبالنظر إلى أن نسبة النمو
السكاني في سورية هي (3.4) سنوياً
تقريباً، نلاحظ ما يلي :
1-
عدد الأكراد في الجزيرة السورية
يساوي نصف عدد سكانها تقريباً.
2-
يفترض أن يكون عدد الأكراد
حالياً في الجزيرة السورية (بغض
النظر عن الهجرات والتهجير) :
(250-300) ألفاً.
3-
عدد المجرّدين من الجنسية من
أكراد سورية كان (120) ألفاً عام
1963م.
4-
من المفترض أن يكون عدد
المجرّدين من الجنسية من أكراد
سورية.. قد وصل إلى حوالي (280)
ألفاً تقريباً.
إذن
: حل المشكلة الكردية، هو حل
لمشكلة هؤلاء المجرّدين من
الجنسية، وعددهم الآن يبلغ
حوالي (280) ألفاً، يقطنون في (المالكية
والقامشلي ورأس العين)، مع أن
عدداً غير معروفٍ منهم قد نزحوا
إلى المحافظات الأخرى بغرض
العمل.
المجرّدون
من الجنسية ينقسمون إلى قسمين :
1-
(200) ألفاً مجرَّدون من الجنسية
ومسجَّلون في سجلات القيد
المدني على انهم أجانب (أجنبي).
2-
(80) ألفاً مجرَّدون من الجنسية
وغير مسجّلين في السجلات
الرسمية، يسمى الواحد منهم:
(مكتوم).
ويمكننا
مناقشة قضية الجنسية وإظهار
الظلم فيها من خلال إلقاء نظرةٍ
على القوانين السورية المعمول
بها نفسها، فقد نصّت المادة
الثانية من قانون الجنسية
الصادر بالمرسوم التشريعي رقم
(276) على أنه : (تثبت جنسية
الجمهورية العربية السورية لمن
كان متمتعاً بها وفقا لأحكام
المرسوم التشريعي رقم (67) الصادر
بتاريخ 31/10/1961م).
وقد
نصت المادة (1) من المرسوم
التشريعي الأخير على أنه (تثبت
جنسية الجمهورية العربية
السورية) :
أ
- لمن كان يتمتع بالجنسية
السورية في 22 شباط 1958م.
ب
- لمن اكتسب جنسية الجمهورية
العربية المتحدة من المواطنين
السوريين في الفترة الواقعة ما
بين 22 شباط 1958م و28 أيلول عام 1961م.
ونصّت
المادة الثالثة من المرسوم رقم
(276) على أنه : (يُعتَبَر عربياً
سورياً حُكْماً، مَن وُلِد في
القطر من والِدَيْن مَجهولَيْن
أو مَجهولَيْ الجنسية أو لا
جنسية لهما..).
من
خلال النظر في هذه المواد
القانونية يتبين أنّ الأكراد
السوريين قد جُرّدوا من جنسيتهم
بشكلٍ مجحِفٍ مخالفٍ حتى
للقوانين المحلية السورية،
فبفرض أنّ الجيل الأول الذي
جُرِّد من جنسيته لم يكن يستحق
هذه الجنسية، فكيف يكون التعامل
مع الأطفال الذين ولدوا بصفة (مكتومين)
أو (أجانب)، ولا يستطيعون الحصول
على جنسية، على الرغم من أنّ
المواد السابقة تؤكّد (حقَّ أي
طفلٍ وُلِدَ في الأرض السورية
لأبوَيْنِ مجهولَيْ الجنسية أو
لا جنسية لهما.. في الحصول على
الجنسية السورية).
ومن
مؤشرات الظلم في التجريد من
الجنسية أيضاً.. أنّ أفراداً من
عائلةٍ واحدةٍ مثلاً، بعضهم
احتفظ بجنسيته، وبعضهم الآخر
جُرِّد منها.. فمثلا : هناك حالات
تفيد بأن الجَدَّ وُلِدَ في
سورية عام 1892م وكان يتمتع
بالجنسية السورية حتى وفاته،
بينما الوالد المولود عام 1942م
جُرِّد من جنسيته بموجب قانون
الإحصاء، على الرغم من أنه أدى
الخدمة العسكرية في عام 1961م!..
ثانياً : حل سياسي
عام :
يُعيد للمواطن
السوري كرامته المسلوبة،
ويُلغي كل ما يتعارض مع حقوقه
واحترام إنسانيته.. وهو حل قائم
على التعددية السياسية واحترام
حقوق الإنسان، وإلغاء الأحكام
العُرفية وقوانين الطوارئ،
وتصحيح أوضاع المنفيين
والمهجّرين بالحق، وإطلاق سراح
سجناء الرأي والسجناء
السياسيين، وتحقيق مبدأ تكافؤ
الفرص بين كل أبناء الشعب
السوري، بغض النظر عن توجهاتهم
السياسية والفكرية، وعن
قومياتهم وأعراقهم وطوائفهم
ومذاهبهم.. واحترام حقوق
المواطنة لكل السوريين.
ثالثاً : حلول
خاصة بالإخوة الأكراد السوريين
:
قائمة على مبدأ : انتزاع
الحقوق، مع ارتباط ذلك بالكفاح
العام للشعب السوري لنيل حقوقه
كاملةً.. أي : ألا يوجد تضارب بين
أن يكون المواطن كردياً وسورياً
في نفس الوقت، إذ لا بد لأي حلٍ
للقضية الكردية في سورية.. من
مراعاة المعايير التالية :
1- المحافظة على
الوحدة الوطنية ووحدة الأراضي
السورية، وهذه الوحدة لا تؤسّس
إلا على الحرية واحترام حقوق
المواطنة بشكلٍ كاملٍ لكل أبناء
الوطن السوريّ، ولا بد من إزالة
كل ما يتعارض مع هذا المبدأ.
2- اللغة.. وأماكن
التجمّع، هما العاملان اللذان
يميّزان بين الإخوة الأكراد
مسلوبي الحقوق، وبين الإخوة
الأكراد الآخرين الذين انصهروا
في المجتمع السوري في المحافظات
السورية الداخلية، ويتكلمون
اللغة العربية ولا يتعاملون
باللغة الكردية.
3- لا يمكن تنفيذ كل
الحلول في آنٍ واحد.. فمثلاً، لا
يمكن الجمع بين حقوق المواطَنة
السورية الكاملة.. والحكم
الذاتي.
4- القضية الكردية
ليست محصورةً في سورية، بل
تتفاعل مع قضايا الشعب الكردي
في الأقطار المجاورة (تركية
والعراق)، وفي إيران.. وتحقيق
حقوقهم في تلك الأقطار سينعكس
حتماً على أوضاعهم في سورية،
فلا بد من استيعاب ذلك، وتحقيق
ما من شأنه أن يسهّل عملية
التواصل بين أبناء الشعب الكردي
واحترام علاقاته الأسرية
والاجتماعية والعشائرية.
5- استمرار الظلم وهضم
حقوق إخواننا الأكراد واستمرار
شعورهم بالاضطهاد.. سيؤدي إلى
صنع فراغٍ تستثمره الأحزاب
الكردية داخل سورية وخارجها..
وضعف رؤية هذه الأحزاب لحل
القضية الكردية في نفس الوقت،
سيعمّق المشكلة ولن يحلّها.. فلا
بد من تعاون كل الأطراف السورية
المعنية بالحل، سواء أكانت
حكوميةً أم مُعارِضة.
رابعاً : كيف نحل
القضية حلاً عملياً ؟!..
الأكراد
في سورية أمام خيارين :
1-
إما أن يكونوا مواطنين سوريين
لهم كامل حقوق المواطنة.
2-
أو متحيّزين ضمن منطقة حكمٍ
ذاتيٍ، تابعين لحكومةٍ
مركزيةٍ، حسب حجم المنطقة التي
يتحيّزون فيها، وهم بذلك يكونون
قد اختاروا أن يكونوا أقليةً
ضمن أكثرية، ليس لهم إلا حقوق
الأقلية.
وبرأينا، أن يكون
الأكراد مسلمين مواطنين سوريين
لهم كامل حقوق المواطنة، أفضل
لهم بكثيرٍ من تحوّلهم إلى
أقليةٍ ضمن المجتمع السوريّ.
لو أنعمنا النظر
في أصول المشكلة الكردية في
سورية، وفي مطالب إخواننا
الأكراد، لاكتشفنا أنها لا تخرج
في جوهرها عن أمورٍ عدةٍ ممكنة
التحقيق :
1-
برأينا، وانطلاقاً من تعاليم
إسلامنا التي تدعو إلى نبذ
التفرقة بين المسلمين، ورفع
الظلم عن المظلومين.. فإنّ
الأكراد المجرّدين من الجنسية
السورية ينبغي أن تعاد إليهم
هذه الجنسية مع كامل الحقوق
المترتبة على ذلك.. سواء أكانوا
قادمين إلى سورية منذ عشرات
السنين بسبب الاضطهاد، أو كانوا
من سكان سورية الأصليين.. لأن
القادمين من تركية منذ عشرات
السنين ليس لهم دولة، ولهم
امتدادات عشائرية وصِلات قربى
في سورية.
إذن لا بد من إلغاء كل
القوانين الجائرة بحق إخواننا
الأكراد، كقوانين: الإحصاء،
والجنسية، والتعريب القسري.
2- احترام حقوق
المواطَنة لهم، مواطنين سوريين
لهم كامل حقوق المواطَنة، من
مثل: التعليم، والعمل أو
التوظيف، والانتخاب والترشيح،
وشَغل المناصب الحكومية مهما
صغرت (موظف حكومي) أو كبرت (وزير
أو رئيس جمهورية)، وحرية السفر
والتنقل، والخدمة العسكرية،
والتملّك، وحيازة الوثائق
السورية كالهوية الشخصية وجواز
السفر وإخراج القيد، وتسجيل
الزواج في الدوائر المدنية،
وتسجيل الأطفال.. وما إلى ذلك من
الحقوق المشابهة المعروفة.
3- السماح لهم بتأسيس
المدارس والمؤسّسات الثقافية
الخاصة بهم وبثقافتهم وبلغتهم..
وذلك في أماكن تجمّعهم، على أن
يكون هذا خاضعاً للوزارات
السورية المركزية المعنية،
وبإشرافها.
4- السماح لهم أيضاً
بإصدار النشرات والصحف
والمجلات الخاصة بهم بلغتهم،
على ألا تتعارض في فكرها مع فكرة
الوحدة الوطنية السورية،
وتخصيص فتراتٍ إذاعيةٍ
وتلفزيونية رسمية، للبث بلغتهم
في مناطقهم.
5- تعويض المتضرّرين
من القوانين الجائرة التي صدرت
بحقهم، على ألا يتعارض ذلك مع
حقوق غيرهم من العرب السوريين.
6- تسهيل الحركة
والتزاور في مناطقهم، بينهم
وبين إخوانهم الأكراد في
الأقطار المجاورة الأخرى،
لتدعيم الأواصر الأسرية
والعشائرية بينهم وبين أبناء
جلدتهم.
7- تطوير مناطقهم
وإعادة تأهيلها من الناحية
المدنية والزراعية والاقتصادية
والعلمية والأكاديمية، بحيث
تتواكب مع بقية المناطق التي
حولها.
أي
يمكننا أن نقول في بإيجاز :
يجب
أن يشعر المواطن الكردي السوري
بإنسانيته وكرامته، ويجب أن يتم
الاعتراف له بقوميته وخصوصيته
من خلال الأصول الدستورية، وما
يتبع ذلك من تمثيل الكورد في
الهيئات المركزية بنسبٍ
متوافقةٍ مع نسبتهم إلى عدد
السكان في سورية.. ويمكن إحداث
وزارةٍ رسميةٍ تهتم بشؤون
القوميات والأقليات.
وكما
أنّ الوحدة الوطنية لا تتحقق،
إلا من خلال توفير الكرامة
والحرية للمواطن السوري مهما
كانت قوميته.. فإنّ ذلك يستوجب
من الإخوة الأكراد، من خلال
ممارسة خصوصيتهم.. أن يحرصوا على
خدمة سورية كلها، ويعزّزوا
وحدتها الوطنية، لتكون أقوى
وأرسخ وأعمق ما يمكن.
كلمة
أخيرة :
هل
يمكن أن يستقلّ الأكراد ضمن
وطنٍ كرديٍ مستقل ؟!..
إن
إقامة دولةٍ كرديةٍ مستقلةٍ في
كردستان الممتدة داخل أربع دولٍ
(تركية وإيران والعراق وسورية)..
أمر غير ممكنٍ حالياً، وغير
واقعيٍ في الظروف الدولية
والإقليمية الحالية للأسباب
التالية :
1-
لأنّ مثل هذه الدولة لا تقام
بالتمنّي ومحاولات تحقيق
الأحلام.. وإنما بتوافر الظروف
الدولية والإقليمية الملائمة
لذلك.
2-
لأن المحيط الإقليمي الذي يحيط
بكردستان، هو محيط غير متعاونٍ
مع فكرة تأسيس دولةٍ كردستانيةٍ
مستقلة، بل يقف في جهة الضد من
ذلك.. فيما الظروف الدولية هي
انعكاس مباشر للظروف
الإقليمية، فمهما زعمت
بريطانية وأميركة أنهما
مخلصتان لفكرة إقامة الدولة
الكردية.. فإنهما بالمقابل لا
يمكنهما تنفيذ هذه المزاعم،
وإغضاب الحليف التركي، وتأجيج
نيران الأزمات في المنطقة مع
إيران وسورية، إضافةً إلى الوضع
القلق في العراق، المفتوح على
كل الاحتمالات.. فكل ذلك يمكن أن
يأتي بعواقب وخيمةٍ على المنطقة
كلها، وينعكس على الغرب كله.
3- من الناحية
الجغرافية الواقعية، كردستان
غير مشرفة على بحر، فكيف يمكن
إقامة دولةٍ مستقلةٍ محاطةٍ
بدولٍ غير مستعدةٍ للتعامل
معها، أي غير مستعدةٍ لتأمين أي
منفذٍ بحريٍ لها؟!.. فهذا الأمر
يصعّب جداً إقامة الدولة، ضمن
الظروف الإقليمية الحالية
ومواقف دول المنطقة.
لذلك كله برأينا، إنّ
إقامة دولةٍ كرديةٍ مستقلةٍ..
أمر غير ممكنٍ في الظروف
الحالية، لأنه سيؤدي إلى مزيدٍ
من التجزئة والتشظّي والتناحر
والصراع.. لكنه ممكن التحقيق في
حالةٍ واحدةٍ فقط، هي أن تتوحد
بلاد العرب والمسلمين، تحت راية
حكمٍ إسلاميٍ مركزيٍ واحد، يحكم
مجموعةً من الأقاليم المتحدة
فيما بينها، لتشكيل الدولة
الإسلامية أو ما كان يعرف
بالخلافة الإسلامية.. ومن هذه
الأقاليم : الإقليم الكرديّ
المستقل، الذي يمكن أن يضم
حينئذٍ كل الأراضي الكردستانية
ضمن الدولة الإسلامية، لتشكيل
إقليمٍ كردستانيٍ واحد موحَّد،
مثله مثل أي قطرٍ آخر ينتمي إلى
الدولة الإسلامية الواحدة..
لأننا نعتقد أن التجزئة لبلاد
العرب والمسلمين أمر استثنائي
غير عادي، وقع نتيجة ضعف الأمة،
وكان حصيلة المؤامرات الدولية
والغربية، التي بدأت بسايكس
بيكو، ولم تنتهِ حتى اليوم.
وآخر دعوانا أن الحمد
لله رب العالمين .
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

|