ـ |
ـ |
|
![]() |
|
![]() |
|
||||||||||||
الشرق
الأوسط الجديد الذي يولد الآن بقلم:إبراهيم
درويش صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية
أمس الأول أن شرق أوسط جديداً
يولد الآن. وقد تزامن مع هذا
التصريح الخطير نشر موقع أمريكي
عسكري (www.armedforcesjournal.com)خارطة جديدة للشرق الأوسط فيها تغييرات
مخيفة تبعث على القلق ، وتنذر
بشر مستطير، وتؤكد أن الولايات
المتحدة في طريقها إلى تصدير
الفوضى الدموية التي لن يكون
فيها رابح أو مستفيد، بل الكلّ
فيها خاسر،حتى وإن بدا للوهلة
الأولى أن ثمة رابحين،باستثناء
ما يسمى بإسرائيل،فإنهاالوحيدة
التي يمكن لها أن تصفّق لمشروع
كهذا،لأن من عداها ـ سواء أكان
قاتلاً أم مقتولاً، وسواء أكان
رابحاً أم خاسراً ـ مصنّف بأنه
عدوّ لها، إن لم يكن على المدى
القريب فعلى المدى
البعيد،ولذلك سيسهل استهدافه
بالمؤامرات والتخريب بعد أن
يكون قد ازداد ضعفاً على ضعف. ونرجو
ألاّ يستهين أحد بهذه الخطة أو
المؤامرة الجديدة أيضاً،كما
استخفّوا من قبل بمؤامرة سايكس
ـ بيكو سيّئة الصيت والتأثير،أو
أن نصدّق المتآمرين الجدد كما
وثقنا لسذاجتنا بالمتآمرين
والبريطانيين الفرنسيين أجداد
هؤلاء من قبل، ثم تبيّن أنهم هم
الذين يستخفّون بنا وبعقولنا.وصدق
الله العظيم القائل في محكم
كتابه العزيز"قد بدت البغضاء
من أفواههم،وما تخفي صدورهم
أكبر "آل عمران/الآية 118.فهل
سنُلدغ من الجحر نفسه مرة
أخرى؟أم أن الجحر الأمريكيّ غير
الجحر الأوربيّ ؟! والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن
هو:لماذا طرح هذا المشروع الآن؟
هل هو بالون اختبار،(أو وسيلة
ضغط) للدول "المارقة" و"الصديقة"
وتلك التي تصنّف على أنها
لاتتخذ مواقف صارمة ضدّ ما يسمى
بالمنظمات الإرهابية ؟ أم هو
بالون اختبار للوقوف على مواقف
الدول الأخرى المعنيّة بهذه
المنطقة المهمة من هذا
المشروع؟أما شعوب المنطقة ذات
الشأن فلا شأن لها بما يُخطّط
ضدّها من مؤامرات ومكايد . أم
أنها وسيلة ضغط أخرى لابتزاز
دول معينة،وحشرت أسماء دول أخرى
على سبيل التعمية؟ أم أن
المشروع هو تلويح لدول
بمكافأتها ولدول بمعاقبتها
نتيجة سياسات معينة؟ وهل لهذا
المشروع علاقة بما يجري على
الساحة اللبنانية والفلسطينية
هذه الأيام ؟ . وإذا تركنا هذه
الأسئلة جانباً،وعدنا إلى
المشروع نفسه فإن ثمّة أسئلة
تطرح كذلك :
ما ملامح هذا الشرق الأوسط
الجديد؟ وما فرص نجاح هذا
المشروع؟ أوكيف السبيل إلى
إيجادشرق أوسط جديد بالمواصفات
الأمريكية، أو بموصفات
المحافظين الجدد في البيت
الأبيض، بعد كان هذا الشرق
الأوسط بالمواصفات البريطانية
الفرنسية طوال العقود التسعة
الماضية؟وما النتائج التي يمكن
أن تترتب على هذا المشروع إن كتب
له أن يرى النور؟ وكيف السبيل
إلى تفويت الفرصة على المتآمرين
على هذه الأمة وإفشال المشروع
وقبره؟هذا ما سنحاول بحثه في
السطور الآتية. ملامح الشرق الأوسط الجديد: الخارطة الجديدة التي رسمها
أبالسة السياسة الدولية في
دهاليز واشنطن، ومن ورائهم
حكماء صهيون،تقضي بضرورة بناء
الكيانات السياسية الجديدة على
أسس مذهبية وعرقية،وإيجاد حقول
ألغام قابلة للانفجار في كل
لحظة.وفيما يأتي بعض التفاصيل
التي يمكن استنتاجها من الخارطة
الجديدة المقترحة المرفقة بهذا
المقال: أ0 بالنسبة للأقطار العربية: الأقطار العربية التي سيشملها
التغيير في حدودها هي :
سورية،العراق،السعودية،الأردن،اليمن،والإمارات
العربية المتحدة .والتغيير
تتلخّص ملامحه في أن تقام في
سورية دولة سنية هزيلة، بعد أن
تقتطع أجزاء من سورية الحالية
لصالح دولة كردستان المزمع
إيجادها.والعراق يقسّم إلى ثلاث
دويلات (كردية في الشمال،وسنية
في الوسط، وشيعية في الجنوب).والسعودية
تقتطع أجزاء منها وتضم إلى
الأردن الحالي،وأجزاء تضم إلى
اليمن، والأجزاء الشرقية من
السعودية الحالية تقام عليها
دولة شيعية،تضم إليها المناطق
ذات الأغلبية الشيعية في
الإمارات العربية وقطر
والبحرين وغيرها.أما منطقة
الحجاز فتقام فيها دويلة دينية
شبيهة بدويلة الفاتيكان بقيادة
بابا روما .والأردن ـ حسب المخطط
الجديد ـ ستلحق به مناطق من
فلسطين وشمالي السعودية ـ كما
ذكرناـ لتصبح من حيث المساحة
أكبر من سورية، وتحل المشكلة
الفلسطينية على حسابه. ب0 بالنسبة للدول الأخرى : ستقتطع أجزاء من إيران لصالح
كردستان،وأجزاء أخرى لصالح
أذربيجان الموحّدة،وربماأجزاء
لصالح بلوجستان المزمع
إيجادها، وتلحق بإيران مناطق من
أفغانستان. وتقتطع مناطق من
أفغانستان وأخرى من باكستان
لصالح دولة بلوجستان المنوي
إقامتها ـ كما ذكرنا .وتلحق
مناطق بأفغانستان بعد أن تقتطع
من باكستان .أما تركيا ـ الصديقة
التقليدية لأمريكا والغرب ـ
فتقتطع الأجزاء الشرقية
والجنوبية الشرقية منها وتلحق
بدولة كردستان . فرص
نجاح هذا المشروع: يستحيل تنفيذ هذا المشروع الهائل
والخطير إلا بعد إراقة أنهار ـ
أين منها نهرا دجلة والفرات ـ من
الدماء، وجبال هائلة من الجماجم
والأشلاء،أين منها مآسي الحرب
العالمية الثانية؟. وبطبيعة
الحال ستكون هذه الدماء
لمسلمين،لأن القتال ـ الذي
سيطول لعقود بين شعوب هذه
البلدان من أجل تثبيت الحدود
الجديدة ـ
بين المسلمين أنفسهم،سواء
أكانوا عرباً،أم تركاً،أم
كرداً،أم فرساً، أم أفغان،أم
باكستانيين،أم بلوشاً، أم
هؤلاء جميعاً. وسواء أكانوا
سنّة أم شيعة.وإذا افترضنا أن
دولة ما اضطرت وسط ظروف قاهرة
وبالغة التعقيد لأن تتنازل عن
أجزاء من أراضيها لدولة
أخرى،بعد هزيمتها في الحروب
التي تخوضها على أكثر من جبهة
وبإمكانات محدودة، فممّا لاشك
فيه أنها ستكون مصدر قلق وتهديد
للدولة التي استولت على هذه
الأجزاء،الأمر الذي يعني
استمرار الاضطراب وانعدام
الاستقرار إلى ما شاء الله .وما
يترافق مع هذه الحالة من كوارث
ومآس لشعوب هذه الدول
أجمع،وتأخّر مشاريع التنمية
فيها، وتجذير روح العداوة
والثأر بينها،مع ما يعني ذلك من
تجدّد القتال والعداوات كلّما
كانت الفرصة سانحة،فهل تتحمّل
شعوب هذه الدول هذه الأخطار
التي ستكون لها بداية، ولكن من
يضمن أن تكون لها نهاية؟ وفي
سبيل ماذا؟ طبعاً في سبيل أن
تتمتّع ما يسمّى بإسرائيل بحدود
آمنة، وأن تصبح الدولة العظمى
في هذه المنطقة ذات الموقع
الاستراتيجيّ،والتي تزخر
بواطنها بثروات هائلة،كما تزخر
بواطن شعوبها برصيد هائل من
الأحقاد ضدّ بعضها من جهة، وضدّ
الأعداء الخارجيين وعملائهم من
جهة ثانية. وهناك أمر آخر،وعلى جانب كبير من
الأهمية، وهو أن الحدود ليست
واضحة مسلّماً بها بين القوميات
والمذاهب في الشرق الأوسط،فمن
سيقرر هذه الحدود؟ وما المرجعية
في ذلك؟ لاشك أن الذي سيقرر كل
هذا في النهاية هو منطق القوة
الغاشمة ومصالح الأطراف
الخارجية ذات المصالح في
استمرار الصراع والاقتتال بين
المسلمين. النتائج
المترتبة على المشروع : لا يمكن التنبّؤ بما سيسفر عنه
مشروع كهذا من نتائج وخيمة،سواء
على الصعيد السياسي
أم الاجتماعي أم الاقتصادي
أم الديني.ولكننا على ثقة تامّة
أن من يهلّل ويستبشر لهذا
المشروع وأشباهه من
المشاريع،ممن يفتقرون إلى
الحكمة والبصيرة النافذة،
سيكونون أول وقوده.فالذي يشعل
النار في حقل قمح جاره حماقة
وسفاهة وحسداً،ستحرق النار
حقله أيضاً، بفعل الرياح
وغيرها،وربما تمكّن جاره من
إطفاء حريق حقله بأقلّ
الخسائر،ولكنّه سيترك النار
تحرق من أشعلها مع حقل سنابله. ثم إن مشروعاً تدميرياً ـ كهذاـ
للأمةالإسلامية أجمع في حاضرها
ومستقبلها لن يمرّ قبل أن يخلق
من الحواجز والخنادق بين الشعوب
الإسلامية يصعب ردمها وتخطّيها
خلال عقود أو قرون،فكيف يمكن
لعاقل أن يفكر بتمرير مشروع
تجزيئي خطير على هذا النحو، في
الوقت الذي يشهد العالم كله
ميلاد التكتّلات الكبرى؟ فعن أي
مصالح حقيقية نتحدّث؟وعن أي
مستقبل لأبنائنا وأجيالنا
القادمة نبحث؟ ولأي حياة مأمولة
نعمل؟ الطريق لإفشال المشروع :
الطريق إلى الحفاظ على البقية
الباقية من قوتنا وتماسكنا
وكرامتنا ودمائنا ومكتسباتنا
وإنجازاتنا على مدى عقود وربّما
قرون سهل ويسير على من أوتي
حظّاً ـ ولو قليلاً ـ من الحكمة
وبُعد النظر،ونظنّ أن من واجب
أي إنسان في مثل هذه الظروف،لا
سيّما من يتبوّأ مواقع
المسؤولية، أن يتّصف بالتعقّل
والواقعية والتنازل عن بعض
الكبرياء الزائفة وما يسمى (
الكرامة القومية )أو ما يسمّى(خلق
دولة متجانسة السكان)على حساب
حقوق الآخرين وعذاباتهم
وإلغائهم وصهرهم في بوتقات ما
أمر الله بها من سلطان . فيجب
الالتفات إلى المطاليب العادلة
لبعض الفئات المسحوقة
والمضطهدة وتحقيقها في ظلّ
الأخوّة الإسلامية، على طريق
تمتين الوحدة الوطنية، بثمن هو
في مقدورنا،حتى لا تصبح هذه
الفئات معول هدم وأداة تدمير
بيد عدونا المشترك ضدّ مصالحنا
جميعاً،لأن الثمن الذي سندفعه
فيما بعد سيكون باهظاً إن بقيت
العنجهية والظلم والاستبداد هي
التي تحكم سياساتنا وطريقة
تعاملنا مع موطنينا وبني أمتنا
الإسلامية.وحينئذ لن ينفع الندم. في الرؤيا الجديدة لشرق أوسط مابعد التقسيم والذي نشر على الموقع :
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |