ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 14/10/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

        

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


هذا السؤال الخاطىء :

أأنت كرديّ أم مسلم؟

إبراهيم درويش

Nafizah_2006@yahoo.com

    أذكر أنّني سُئلتُ مرات عدّة،كما سُئِلَ أكراد بُسَطاءُ آخرون أمامي سؤالاً مبطَّناً أو ملغوماً،بقصد اختبار سرعة البديهة أو الانتباه أو بقصد المزاح،وهو: أأنت كرديّ أم مسلم؟ فكنتُ أجيبُ على الفور كردي مسلم،أو مسلم كردي.على حين سمعتُ آخرين يجيبون بالقول : أنا كردي.لأنهم لم يفكروا بالسؤال جيداً،أو كأنهم سمعوه هكذا : أأنت كردي أم عربي؟ وبطبيعة الحال يكون الجواب هو : أنا كردي. ولو انتبه المجيبُ للسؤال جيداً لأجاب مثلما أجبت،لأنه معتزّ بدينه كاعتزازه بنسبه وقوميته. ولولا اعتزازالكرد بالدين  الإسلاميّ ما قدّموا بناء المسجد على بناء بيوت لهم في كلّ بقعة ينوون إنشاء تجمُّع سكنيّ أو قرية. ولولا اعتزازهم بنسبهم وقوميتهم لما استطاعوا الصمود في وجه كلِّ محاولات التتريك والتفريس والتعريب كلَّ هذه العقود بل القرون.

    ما المانعُ أو الغرابةُ أن يكون الإنسانُ مسلماً ويبقى محتفظاً بنسبه ولغته، وبعاداته وتقاليده إذا كانت لاتخالف النصوص الصريحة من مصدري التشريع الأساسين القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهّرة الثابتة. بل الغرابة أن ينخلع من كل شيء بزعم أن ذلك من الإسلام،فيلبس الدشداشة القصيرة ويأكل بيديه ويطيل لحيته إلى صدره ، ولا يأكل أو يشرب إلا قاعداً، ويرفع في وجوه إخوانه المسلمين سيف الجهاد ويطلق العبارات النارية من تكفير وتفسيق وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر(من وجهة نظره) باليد قبل اللسان،ويتّهِمَ مخالِفيه بالكفر والزندقة والمروق من الدين،وينسى أخلاق نبيّه صلى الله عليه وسلم ورفقه بالناس وخفضَ جناحه للمؤمنين،كما ينسى قوله عليه الصلاة والسلام : " إنّ هذا الدين متين،ولن يُشادّه أحد إلا غلبه، فأوغلوا فيه برفق"،وقوله :" ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزِعَ من شيء إلا شانه".

لا نقول هذا الكلام اعتباطاً، ولاتهويناً لشأن أولئك الذين يتحرَّون كلَّ ما أُثِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم فيحاولون التأسِّي به،معاذ الله، ولكننا ندعو إلى التفقُّه في دين الله وضرورة التمييز بين ما كان عادة عربية في بيئة ليس بالضرورة أن يناسب بيئة أخرى،وبين ما كان سنّة نبوية حضَّ النبيّ الكريم عليها،فليس لنا ولا لأيّ مسلم أن يهملها أو يقف بالضد منها.وإلا ما معنى انتسابنا للإسلام؟(وقراءة كتاب السنّة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث للشيخ محمد الغزالي رحمه الله،وكذلك كتابه مستقبل الإسلام خارج أرضه.. كيف نفكر به؟ مفيدة في هذا المقام).

إنّ الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين،لإنسهم وجنِّهم ،لعربهم وكردهم وسائر القوميات والأمم والشعوب، بل ولكل المخلوقات، هذا الإسلام الذي جاء بمكارم الأخلاق ونهى عن رذائلها، وأخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، ومن ضِيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ووازن بين متطلّبات الروح والجسد،وبين العمل للدنيا التي فيها معاشُ الإنسان والعمل للآخرة التي إليها معاده،هذا الإسلام لا ينبغي أن يكون موضع التخيير والأخذ والردّ عند المسلم أبداً، ولا أن يتخيّر منه ما شاء ويرفض منه ما شاء، وإلا اعتُبِرَ في عِداد المخاطَبين بقوله سبحانه : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }البقرة85. ولأنه يعلم ما معنى قوله سبحانه :{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً }الأحزاب36،ولكنّ السؤال قد يكون غير متوقّع أو مصوغ صياغة حكيمة.

ما معنى كوني كردياً؟

إنّ معنى كوني كردياً أنني أنتمي للشعب الكردي،الذي هو جزء من الأمة الإسلامية،هذا الشعب الذي يتصف بالخصائص والمميزات المعروفة،من صدق وشجاعة وشهامة،وتمسّك بالحق واستماتة في سبيله، وكرم، وغيرة على العرض والشرف، وإغاثة للملهوف وعون للمحتاج، وحب للضعيف والمسكين، وتقدير للمرأة، واحترام وتوقير للكبير والعالم، وعطف على الطفل والمسكين،ورحمة بالضعيف،وشدة التزام بالإسلام  والدفاع عنه،وقوة انتماء للأرض والتعلق بها والدفاع عنها .

إنّ معنى كوني كردياً أنّ نسبي ينتهي إلى أسرة كردية والشعب الكردي،وأن حبّي لأهلي ولقومي يكون طبيعياً،في حدود حب الخير والسؤدد والتقدم لهم،وليس الحب الأعمى الذي يدفع إلى التعدّي على حقوق الآخرين وظلمهم والتجاوز عليهم، فإنه حينئذ يصبح على حساب الحق والعدل والإنصاف،وهذا هو الحب المذموم والعصبية الجاهلية التي جاء الإسلام لتهذيبها وتوجيهها الوجهة الصحيحة،ففي الحديث الشريف " أنّ رجلاً سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم : أمِنَ العصبية أن يحب الرجلُ قومَه؟ فقال عليه الصلاة والسلام: لا،ولكن من العصبية أن ينصر الرجلُ قومَه على الظلم ". رواه أحمد وابن ماجه.     

 وإنّ معنى كوني كردياً أن الواجب الدينيّ والقوميّ والإنسانيّ يفرض عليّ ـ كما يفرض العقل والمنطق السَّليمان ـ أن أعمل على النهوض بهذا الشعب وانتشاله من براثن القهر والاستبداد والتمزيق والدعوات والمبادىء الهدامة،كل ذلك بالقول الليّن البليغ والحكمة والدعوة بالتي هي أحسن،والحوار الهادىء والحجة والمنطق،بعيداً عن لغة التهديد والتخوين والتقريع والتسفيه.

إن معنى كوني أنتمي للشعب الكردي هو أن أفضح السياسات غير الإنسانية التي تُمارَس ضده،والظلم الذي يقع عليه،وأن أطالب بإصرار على إنصافه والأخذ على يد الظالم،كما عليّ أن أمدّ (أو أقوّي) جسور التواصل والحوار بينه وبين محيطه،لاسيّما مع إخوانه المسلمين،وأعمل معهم على تكوين جبهة مناهضة للظلم وإجراءات التذويب والإلغاء والاستلاب الحضاري ضد الكرد وكل من يقع عليه ما وقع على الكرد.

إن معنى كوني كردياً هو أن لا أجعل من الرابطة القومية بديلاً عن الإسلام الدين الذي ارتضاه الله تعالى للبشرية،ولا أن أتجاهل هذه الرابطة،وإنما أضعها ـ التي لا تعدو كونها نسباً ـ في موضعها الصحيح،دون إفراط ولا تفريط.

وما معنى كوني مسلماً؟

أن أتذكّر أن المسلم هو من سلِمَ المسلمون من لسانه ويده،وأن أقوّي الرابطة الإسلامية بين المسلمين جميعاً كرداً وعرباً وتركاً وفرساً وشعوباً وقوميات أخرى  تتشكل منها الأمة الإسلامية،ولكن ليس على حساب الحق والعدل ، وأن أعمل مع العاملين على تكوين جبهة إسلامية عريضة مهمتها نصر المظلوم وإقرار العدل وحل المشكلات التي تنشأ بين المسلمين بالطرق والوسائل الحضارية السلمية.

وأن أتذكر أنّ الإسلام وقهر الشعوب لايجتمعان،وأنّ الإقرار بالتعدّي والاستلاب ودعوة الضحية إلى الخضوع للعسف والجور والتعايش مع التجريد من كل الحقوق الإنسانية الأساسية عودة بالمسلمين إلى شريعة الغاب والجاهلية المقيتة ودفع بهم إلى الكفر بقيم الإسلام السمحة،وطمس لنور الهداية،وهذا ما لا يفكر به مسلم صحيح الإسلام .

وأن أتذكر أنّ " كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"، وأن"المسلم أخو المسلم لايظلمه ولا يحقره ولا يخذله ولا يُسْلمه"، و "بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم".

وأن أتذكر أن  " الخلق عيالُ الله تعالى،فأحبّهم  إلى الله تعالى أنفعهم لعياله"،ولذلك وجب التعامل مع الناس وفق مبادىء الرفق والتعاون والتكاتف والتكافل والحرص على هدايتهم والإقرار بالحقوق الأساسية للإنسان وصونها والدفاع عنها،كحرية العمل والتملك والتعلم والرأي والتعبير والمعتقد وممارسة النشاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي في حدود الارتقاء بالمجتمع المحلي والإنساني بعامة، وقبلها الحق في الحياة الحرة الكريمة،والحق في المأكل والمشرب الطيبينِ وفي المسكن اللائق وفي الطبابة والعلاج والزواج وتكوين الأسرة.

 ويعني كوني مسلماً كردياً أو كردياً مسلماً أن أتمثّل بكل ما ورد في كوني كردياً وفي كوني مسلماً،مما أتينا على ذكره،فهل أنا كردي أم مسلم؟

 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ