حقوق
الكرد السوريين
بين
ادّعاء السلطات الحاكمة
والواقع
بقلم
إبراهيم درويش
nafizah_2006@yahoo.com
قرأت التقرير
الصحفيّ عن المحادثات التي جرت
بين وفدٍ من الكرد السوريين
والفريق العامل المعنيّ
بالأقلّيّات ، التابع للجنة
الفرعية لتعزيز وحماية حقوق
الإنسان لدى مجلس حقوق الإنسان
في الأمم المتّحدة. والردّ الذي
تقدّم به مندوب الحكومة السورية
في البعثة الدائمة لدى مكتب
الأمم المتحدة في جنيف علي
الحسين على ما أدلى به الوفد
الكرديّ.
موجز كلام الوفد الكردي :
الوفد الكرديّ السوريّ أثناء
محادثاته مع الوفد الأمميّ أشار
إلى عدد من الإجراءات التي
أقدمت عليها السلطات الحاكمة في
سورية بحق الكرد
السوريين،فجرّت عليهم المصائب
والنكبات وحوّلتهم إلى مواطنين
من الدرجة الثالثة أو
الرابعة،بل إلى قطعان من
الآدميين ليس لهم سوى حق الأكل
والشرب في ظروف هي أقسى من الموت!!من
هذه الإجراءات :
أ. قانون
الإحصاء الاستثنائي رقم 91 لعام
1962م، الذي جُرِّد بموجبه عشراتُ
الآلاف من المواطنين الكرد من
جنسيتهم السورية،وأصبحوا أجانب
في بلادهم.
ب. مشروع
الحزام العربي الذي تمّ بمقتضاه
نزع الأراضي من الفلاّحين الكرد
وإعطاؤها لفلاّحين عرب
استُقدِموا من محافظتي حلب
والرقّة،بين عامي 1972و1974م.
ت. سياسة
تعريب أسماء القرى والمدن
الكردية.
ث. منع
استخدام اللغة الكردية، سواء في
الإعلام أم التعليم أم
المراسلات. بل منع التحدّث بها
في الأماكن العامّة كذلك.
ج. منع
تسجيل المواليد الذين يحملون
أسماء كردية في السِّجِلاّت
الرسمية وقيود النفوس وغيرها.
ح. حرمان
المناطق الكردية من
الاستثمارات والمشاريع
التنموية والخدمية الحكومية،
لتبقى هذه المناطق ضمن دائرة
الفقر والتخلّف والحرمان
والبطالة.
ردّ ممثّل الحكومة السورية:
بطبيعة
الحال لن يكون ردّ ممثّل
الحكومة السورية الإقرارَ بما
ورد على لسان الوفد الكردي
السوري، لأنه يمثّل حكومة بلاده
لا العدل والإنصاف وحقوق
الإنسان، وإلا كنت رأيته في
موقع آخر سوى موقع الدفاع عن
الشيطان وكلّ تصرّفاته. لقد رفض
السيد علي الحسين – ممثل نظام
دمشق - القول
بوجود تمييز بحق الكرد
السوريين، واصفاً كلام الوفد
الكردي بأنه"محاولة تشويهية
ومرفوضة لنقل ما يسمى بالملف
الكردي إلى سورية، بفعل ما نجم
عن احتلال العراق وتداعيات هذه
الأزمة في غير دولة من الدول
المجاورة للعراق" .
وزعم
علي الحسين أنه بالنسبة لموضوع
الأجانب (يقصد الكرد المجردين
من الجنسية السورية) فقد تمت
دراسة الحالات التي تقدمت
بطلبات والبتّ بأكثر من نصفها.
كما ادّعى أن سبب التأخير هو
استمرار العمليات العسكرية في
العراق ونزوح عدد كبير من
الأكراد العراقيين إلى سورية
وتركيا، وأن عدداً كبيراً من
مقدِّمي الطلبات لا يحملون أيَّ
وثائق تشير إلى وجودهم في
البلاد خلال السنوات السابقة.
وادّعى
الحسين أن رئيس الجمهورية قرّر
مؤخّراً دراسة ملف منح الجنسية
السورية لعدد كبير من هؤلاء
اللاجئين الأكراد غير السوريين
لأسباب إنسانية بحتة، ولجمع شمل
العائلات بالنسبة لمن تزوج من
مواطن أو مواطنة سورية من هؤلاء.انتهى
كلامه.
ولنا ردّ :
يا
سيد حسين من أين أبدأ ردّي لا
أدري؟هل لك أن تساعدني؟ ولا
أدري هل أحسدك على قوة ذاكرتك أم
على علمك بالقوانين والمراسيم
السرية الصادرة بحق مواطنيك
الكرد؟ أم على قدرتك الفائقة
على خلط الأوراق
وعدم التمييز بين عباس ودباس،
وبين طه وأنطاكية؟
يا
سيد حسين نحن نتحدّث عن الكرد
السوريين الذين جرّدتهم
السلطات البعثية من جنسيتهم قبل
اثنين وأربعين عاماً وهم ليسوا
طارئين على هذه الأرض بل هم
أبناؤها قبل
أن تخلق سورية بحدودها الحالية
ببركة سايكس ـ بيكو ،ولا نتحدث
عن اللاجئين العراقيين في
أيامنا هذه!!
يا
سيد حسين نحن نتحدث عن حقوق
الإنسان الكردي السياسية
والثقافية والاجتماعية في
سورية ، ونتحدث عن الحزام
العربي الذي تصادر حكومتك
بموجبه أراضي المواطنين الكرد
وتوزّعها على فلاحين عرب جيء
بهم إلى
المناطق الكردية من مناطق
بعيدة، ونتحدث عن تعريب المناطق
الكردية وتغيير ديموغرافيتها
وتركيبتها السكانية لصالح
الأكثرية، على طريق ابتلاع
الأقلية وهضمها وتذويبها،أو
فلتذهب إلى الجحيم!!!
ياسيد
حسين هل تعرف شيئاً عن القرار
رقم 580 الصادر عن وزير الإدارة
المحلية عام 1977 الذي يقضي
بتعريب أسماء القرى والمزارع
الكردية التابعة لأقضية الباب
وعين العرب وأعزاز .وهو القرار
نفسه الذي يوجب تعريب أسماء مئة
وتسع وأربعين قرية ومزرعة تابعة
لقضاء عفرين الكرديّ؟
ياسيد
حسين ماذا تعرف عن قرار وزير
الإدارة المحلية يحيى أبو عسلي
الصادر يوم 20/12/1997م،الذي يقضي
بتغيير أسماء 55 قرية في محافظة
الحسكة بموجب المادة (1)، كما
يقضي بتغيير أسماء 49 قرية أخرى
في المحافظة نفسها بموجب المادة(7)،
بناء على قرار المكتب التنفيذي
لمجلس محافظة الحسكة رقم 541
تاريخ 28/10/1997م،وموافقة المديرية
العامّة للآثار والمتاحف
بكتابها رقم 5451 و5 تاريخ 14/10/1997م؟
يا
سيد حسين هل أتاك نبأُ التعميم
السري ذي الرقم 1865ـ س ـ 35 تاريخ
11/11/1989 الصادر عن محمد ميرو
محافظ الحسكة (رئيس الوزراء
فيما بعد) الذي يطلب فيه من جميع
العاملين في الدوائر الرسمية
وفروع المؤسسات والشركات
والمصارف ومجالس المدن
والبلدات وسائر جهات القطاع
العام عدم استخدام غير اللغة
العربية في التخاطب والتعامل
خلال فترة الدوام الرسمي،كما
يطلب فيه من قيادة الشرطة
التعميم على كافة الوحدات وسائر
المخافر لمنع المظاهر والأغاني
غير العربية التي تقام في
الحفلات الخاصّة والأعراس،
واتّخاذ العقوبات الرادعة في حق
المخالفين ؟
ألم تسمع يا سيد حسين بقرار
رئيس لجنة المعاهد بوزارة
التعليم العالي السورية
الدكتور كمال شريف ذي الرقم 687ـ
م، الذي يمنع قبول الطلاب غير
المتمتعين بالجنسية السورية (
أجانب الحسكة ) في جميع المعاهد
والمدارس ، "بالإضافة إلى
ضرورة اتّخاذ الحذر و الحيطة في
مسألة التربية والمفاهيم
الأصلية والحفاظ عليها".؟ عن
أي شيء يا ترى يتحدث د. كمال شريف
بطلبه ضرورة اتخاذ الحذر
والحيطة؟
يا سيد حسين أيّ كمال وأيّ شرف في
إجراءات أسيادك؟ بل أي عدل
وحكمة في هذه القرارات
والتعاميم؟ عن أي مساواة تتحدث
بعد كل هذا؟
يا سيد حسين إلامَ يهدف أسيادك
بإطلاق اسم " المالكية " ـ
نسبة لعدنان المالكي أحد رموز
القومية العربية ـ على البلدة
الكردية " ديريك "، و "
القحطانية " على بلدة "
تربي سبي "، و " راس العين
" على " سَري كانِيِه"؟...إلخ.
أيّ استفزاز للمشاعر القومية؟
وأيّ عنصرية مقيتةٍ هذه يا سيد
حسين؟ ألا ترى معي أنّ هذه
السياسات القائمة على التمييز
العرقيّ والمحو والإلغاء لا
تخدم الوحدة الوطنية،وتجلب
العار والشنار على أصحابها؟
وألا ترى يا سيد حسين أن من
الصعب جدّاً الدفاع عن الشيطان
وجنوده وتسويغ كل قراراتهم
وتعميماتهم السرية منها
والعلنية ؟
أما عن الادّعاء بأن عمل الوفد
الكردي وفضح سياسات نظام دمشق
هو من جرّاء احتلال العراق
وتداعياته على أكثر من دولة
مجاورة للعراق،ونقل ما يسمى
بالملف الكردي إلى سورية،فهذا
الادعاء باطل، وهو محاولة
للهروب من مواجهة المشكلة
الحقيقة، فهل هناك ظلم واقع على
الكرد السوريين أم لا؟ وهل
للكرد السوريين حق الحياة
والتمتّع بكل حقوقهم السياسية
والثقافية وغيرها على قدم
المساواة مع غيرهم أم لا ؟ وهل
هم يتمتّعون بهذه الحقوق الآن
أم لا؟ وهل مطالباتهم بنتُ
الساعة أم منذ وقوع الظلم عليهم
قبل أكثر من أربعة عقود؟ وهل
يحيا الإنسان بالخبز وحده؟
أسئلة كثيرة لا أظنّ أنّ علي
الحسين أو غيره من أزلام النظام
وأبواقه يملك الشجاعة الكافية
ليجيب عليها بموضوعية
وتجرّد،لأنهم أسارى عبوديتهم
والمواقع الهزيلة التي أنعم بها
عليهم قائدهم الشاب الملهم
،الذي يعرف كيف يقتنص
الانتصارات ويدير الصراع مع
العرب والكرد والكيان
الصهيوني،ومع متهِميه ـ زوراً
وبهتاناًـ باغتيال الحريري،
ومع اللجان الدولية المعنِيّة
بحقوق الإنسان التي تتهمه أيضاً
ـ ظلماً وعدواناً وخدمة لأهداف
معادية ـ بانتهاك
حقوق الإنسان على أوسع نطاق.

|