ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 11/07/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

        

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الأدب الكردي في سطور

(2)

البروفيسور (توماس بوا) المولود في دنكرك في فرنسا عام 1900، وقد انتظم في رهبنة الدومينيكان عام 1919، أرسل عام 1927 إلى الشرق الأوسط لدراسة أحوال الشعب الكردي. وقد كرس معظم حياته في تعلم اللغة الكردية والعربية، وعاش بين الكرد في جميع مناطقهم (في تركيا والعراق وإيران وسورية)، ودرس عاداتهم وتقاليدهم وآدابهم، وبحث في أصلهم ونشأتهم، مستنيراً بأبحاث المستشرقين الأوائل ونتائجهم بصورة دقيقة جداً، وزاد عليها ما اكتشفه بنفسه وتبينه أثناء معايشته لهذا الشعب. وقد أودع دراسته وملاحظته في مؤلف سماه (تاريخ الأكراد)، وقام  بتعريبه محمد تيسير ميرخان، طبعته دار الفكر بدمشق عام 1422هـ 2001 م.

هذا البروفيسور عند بحثه في الأدب الكردي يذكر تواريخ أخرى عن ميلاد كثير من شعراء الكرد وأدبائهم ووفاتهم مختلفة عما درجت عليه المصادر الكردية، لذا اقتضى التنويه.

نعود إلى ما ذكره هذا البروفيسور عن الأدب الكردي، مبتدئين بالأدب العامي واللفظي.

يقول (بوا) عن هذا الأدب إنه غني وغزير بشكل استثنائي.. وإذا أردنا أن نتبين شيئاً من ذلك علينا أن نغوص في أكداس ضخمة من المستندات التي جمعت ونشرت من قبل المستشرقين الأجانب، أمثال: جابا، لرتش، برايم وسوسن، ماكاس، مان، هدانك، نيكيتين، ليسكوت، ماكنزي.. الخ

ويقول: الوفرة والغنى في الفلكلور الشعبي يبدو جلياً أكثر من كل شيء في الأمثال والأقوال المأثورة والألغاز والأحجيات والأغاني والقصص، ثم القصص الملحمية البطولية. والأمثال الكردية كثيرة جداً، وأغلبها طيب المذاق ومفعم بالحيوية. واقع الكردي يميل إلى تنميق الكلام، فيسلك طريق السجع والإيقاع الذي يوحي بإحساس عميق بالملاحظة، مشهد الطبيعة، الأعمال اليومية. ولا سيما وصف الحيوانات الأليفة عندما يوقظها، والوحوش التي اصطادها.. من ذلك:

ـ لا توجد قمم عالية دون ثلج، ولا وديان سحيقة دون ماء.

ـ أعتى الصخور لا تؤثر إلا في المكان المستقرة فيه فقط.

ـ يزداد صوت الماء صخباً إذا جرى في قناة ضيقة.

ـ تحلم الدجاجة الجائعة بالذرة.

ـ من يصادق العقعق يبقى منقاره دائماً بالوحل.

ـ القدر الذي تكسره ربة البيت لا يسمع صوته.

ـ الذي يجلس قرب الكير لا ينال سوى الشرر.

ـ في فصل الخريف ادخل بيتك وفي الربيع أسرع بالخروج.

ـ مطر نيسان يساوي كنوز خراسان.

ومن أحاجي الكرد وألغازهم:

ـ قبعة مقعرة تملؤها البراغيث؟ .. تينة

ـ الحمار ينهق والروث ينطلق؟ .. عيار ناري.

الأغاني:

إن الأغاني لا ينضب معينها حيث العدد والتنوع، في الريف، في البيت، أثناء العمل. في كل مكان تسمع الأغاني؛ من الفلاح، من الحلابة، من الأم، أغاني الحب والحرب، أغاني الرثاء والندب. والأغاني الراقصة دائماً على شفاه الراعي كما على شفاه ربة المنزل.

هناك أغنية قصيرة تغنيها فتاة تدعى ميرموك (مريم)، تعبر في قسم منها عن أفكارها ومشاعرها، وتبين كيف أنها تعرف كيف تتصرف مع المعجب الوقح. وهي عبارة عن حوار بين فتاة جميلة وصائغ مجوهرات، كانت قد طلبت منه أن يصوغ لها زهرة ذهبية، كالزهرات التي تضعها النسوة في طرف إحدى فتحات الأنف:

هيا، معلم حنا اصنع لي زهرة ذهبية

ولكن إياك أن تثنيها بالكماشة

أو تضعها على السندان

أو تطرقها بالمطرقة

وأقسم بأنك سوف لن تندم

سأصنع لك زهرة ذهبية

وسوف لا أثنيها بالكماشة

ولا أضعها على السندان

وسوف لا أضربها بالمطرقة

وأقسم بأنه سوف لا يعتريني الندم

إذا منحتني زوجاً من القبل

إذا كانت هذه غايتك، فلا تأمل مطلقاً بقبلي

حتى لو دفعت ثمن ذلك

سبعة قطعان من الغنم،

وسبعة قطعان من ماعز شعرها أجعد،

وسبع قطع من أراض خصبة،

وسبع طواحين،

وسبع معاصر خمر تديرها أتان،

وسبعة أكواب من لبن العصفور،

وكل هذا بالحقيقة دون أي طائل

الشعر التمثيلي الغنائي:

الأدب الكردي الشعبي يخلد قصص الحب والحوادث الواقعية يشوبه شيء من الخيال والتصوير البارع ليزيد في إثارته وجاذبيته.. والمعارك القبلية يتم سردها بقالب غنائي جميل. وعند الملحمة يعتمد فيها تصوير الأسطورة، وهي تمتزج بالحقيقة والواقع. والأساطير والملاحم الكردية الكبيرة عادة ما يغنيها أو يسردها شعراء الغناء المحترفون. إذ يبدأ المغني عادة بسرد القصة. وعندما ينتهي من عرضه وتقديم شخصيات الملحمة لا يلبث أن يحولها إلى شعر يسترسل في غنائه إلى أي مدى يختاره. وعندما يكون هناك عدد من المغنيين يقوم أحدهم بدور القصاص، بينما يلتزم الباقون بأدوار شخصيات القصة. ويغني كل حسب دوره، أي أن العملية أشبه بالشعر التمثيلي المغنى على خشبة المسرح. والحكايات والأساطير عموماً تصاغ شعراً، والنثر المسجوع كثيراً ما ينقلب إلى شعر أيضاً، ويغني بألحان جميلة خفيفة.

يستهل المغني غناءه في جميع أجزاء الوصف ملتزماً بالقافية التي يظل محافظاً عليها حتى الوقفة الأولى، وفي كل وقفة من الغناء، بحيث تبقى القافية متوافقة مع الوقفات السابقة. وهكذا..

الأدب العامي في مصدر لدراسة الشخصية الكردية:

الأدب العامي أو اللفظي الكردي، الذي يتناول تاريخ القبائل والعادات والطباع لدى الشعب الكردي يشكل مصدراً مهماً لدراسة الشخصية الكردية من جوانبها المختلفة: الدينية والاجتماعية والنفسية. فهذا الأدب يتضمن المعتقدات الدينية وصيغ القسم (اليمين) والخرافات والطقوس، وأسماء الأسلحة وأدوات الفلاحة والحصاد، والآلات الموسيقية السائدة في عصر ما في بيئة كردية، وكذا اختلاف الطباع بين سكان الجبال وسكان السهول، ووصف مناظر الطبيعة من جبال وغابات وثلوج وعواصف وسيول جارفة.. الخ، وكيف يتعامل الكردي مع هذه المظاهر. هذا من ناحية.

ومن ناحية فإن الأدب الكردي بعامة، والشعر الغنائي والقصص بأنواعها مادة خصبة من حيث كونها ملاذاً للإنسان الكردي، يلوذ به أو يلجأ إليه للتعويض عما حُرمه في حياته الواقعية.

فأساطير السحر والعجائب ـ التي يزخر بها هذا الأدب ـ تكون حافزاً للفرد الكردي البائس الذي يعاني من شقاء وعناء وفقر وآلام، لأن يستحث أحلامه لتصبح حقيقة، فيأمل بأن يأكل ما يستطيب، وأن يتخلص من أسماله، وينجح في مشاريعه، ويتزوج المرأة التي اختارها في أحلامه وينجب أولاداً رائعين. إذن هذه الأساطير بديل خيالي لذيذ عن واقع مر، وتنفس عن كرب طالما لازمه في يقظته.

نتوقف هنا ليكون حديثنا في الحلقة القادمة عن الأدب الكردي بنثره وشعره في القرنين التاسع عشر والعشرين.

المراجع:

1ـ توماس بوا: تاريخ الأكراد، (ترجمة محمد تيسير ميرخان، دار الفكر، دمشق، ط1 1422/2001) ص153 ـ162 وص166 ـ167

 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ