ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 28/06/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

مسؤولون أميركيون: دعم الأسد ينحسر بين أصحاب

الأعمال والقلق يزداد بين المسيحيين والعلويين

تاجر سوري في حلب: نريد حلا ولن ننتظر الى الأبد

بيروت: أنتوني شديد*

* خدمة «نيويورك تايمز»

25-6-2011

تبدو الفنادق التي اعتادت استقبال السائحين الوافدين إلى مدينة حلب السورية خاوية، في الوقت الذي بدأ فيه تدفق الأموال القادمة من الدول الخليجية، والذي عزز الطموحات السورية بالتحديث في الانحسار. وانهارت الليرة السورية، وتراجعت الصادرات، بينما وعدت الحكومة بتوفير أموال لن تتوافر لديها لفترة طويلة.

خلال أول خطاب يلقيه أمام السوريين منذ شهرين، حذر الرئيس السوري بشار الأسد هذا الأسبوع من «انهيار الاقتصاد السوري». ربما انطوت هذه الكلمات على مبالغة بغية حشد تأييد السوريين وراء قيادة تترنح تحت وطأة انتفاضة مستمرة منذ ثلاثة شهور، لكن المشاعر التي بدت في الخطاب تسلط الضوء على الخطر الذي يشكله تدهور الوضع الاقتصادي على حكومة وعدت منذ وقت بعيد شعبها بحياة أفضل، حتى في الوقت الذي رفضت فيه التخلي عن أي سلطة سياسية حقيقية، ومع تعمق الأزمة التي تعصف بالبلاد، يواجه السوريون إمكانية عدم تحقيق أي من الأمرين.

عن ذلك، قال محمد زيون، تاجر ملابس في حلب: «نحن كأصحاب أعمال نرغب في إيجاد حل، ولن ننتظر إلى الأبد. ينبغي أن يجد الرئيس سبيلا للخروج من هذه الأزمة، أو يترك الأمر لآخرين. نحن بحاجة لحل، أيا ما كان».

في الكثير من أرجاء العالم، جرى النظر إلى الانتفاضة السورية باعتبارها رد فعل تجاه الحملات الوحشية التي تشنها واحدة من أكثر حكومات المنطقة استبدادا. إلا أن الاقتصاد الذي حصد لفترة طويلة الإشادة والثناء لما يحمله من إمكانات - رغم انتقاد المسؤولين عنه بسبب سوء إدارتهم له - لعب دورا لا يقل أهمية في تأجيج المظاهرات الحالية. كان من شأن الإصلاحات السوقية التي قلصت الدعم الموجه للطعام والوقود على مدار السنوات السبع الماضية أن أثارت حالة من الإحباط تفاقمت جراء القحط الذي بدأ عام 2006 ودفع بـ1.5 مليون نسمة من الريف إلى المدن جراء عدم وجود وظائف كافية. ومع توقع خبراء اقتصاديين تردي الأوضاع خلال الصيف، فإن مستوى صحة الاقتصاد قد يحدد المسار الذي ستتخذه الانتفاضة الراهنة.

ومن هذا المنظور، تبدو المظاهرات السورية دراسة حالة للاضطرابات التي يعج بها العالم العربي، حيث تداخل القمع السياسي مع الإحباط الاقتصادي، علاوة على شعور مبهم بالمذلة ليطلقوا جميعا بعض أكبر التغييرات التي تشهدها المنطقة منذ جيل. وحتى المحللون المتعاطفون مع الأسد يعترفون بأنه أخفق حتى الآن في طرح خطة حقيقية لتناول هذه المظالم، بخلاف تحذيره من البديل لوجوده في السلطة. وأوضح محلل يعيش في سوريا طلب، مثل الكثيرين ممن التقيناهم، عدم الكشف عن هويته خوفا من تعرضه للانتقام، أن «خلال الشهور الثلاثة منذ اندلاع الأزمة، عجز النظام عن التحرك على أي جبهة، حتى الاقتصاد، رغم أن التأييد الذي يحظى به يعتمد على الاقتصاد. الواضح أن النظام لا يملك أي سياسة أو استراتيجية في الوقت الراهن».

ومنذ اندلاع الانتفاضة في منتصف مارس (آذار)، جاء التأثير الأكبر لها اقتصاديا على قطاع السياحة، وهو أحد القطاعات التي كانت تحقق نموا وتدر 8 مليارات دولار سنويا، حسبما ذكر اقتصاديون. وتشير تقارير شفهية إلى أن عائدات السياحة تراجعت بصورة حادة، فيما عدا الحجاج الإيرانيين الذين يزورون أماكن مقدسة في دمشق. أما السياح الأوروبيون فحولوا وجهتهم، وانحسر تدفق الأتراك على حلب بصورة كبيرة.

من جهته، اشتكى مالك أحد الفنادق أشار إلى نفسه باسم أبو جورج، من أنه «بحلول يوليو (تموز)، سأضطر لغلق الفندق». وبدلا من تسريح عامليه، فضل أبو جورج تقليص ساعات العمل للعاملين البالغ عددهم 50 فردا إلى النصف.

وخلال خطابه، لمح الأسد لوجود أزمة ثقة، وهي كلمات تحمل الحقيقة. وأشار خبراء اقتصاديون إلى تراجع قيمة العملة السورية بنسبة وصلت إلى 17 في المائة، وتواجه الحكومة التي توقعت اجتذاب استثمارات أجنبية بقيمة 55 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة إمكانية فقدان الكثير من تلك الأموال. يذكر أن شركة قطرية، والتي تمتعت في وقت من الأوقات بعلاقات جيدة من سوريا لكنها تدهورت مؤخرا، ألغت خططا لبناء منشأتين لتوليد الكهرباء في سوريا. وتحدث مستثمرون أتراك بنبرة متوترة حول استثماراتهم في دولة بدت من قبل كواحدة من أنجح شركاء تركيا بمجال التعاون الاقتصادي. من ناحيتها، فرضت دول أوروبية والتي جرى النظر إليها منذ فترة طويلة كمصدر آخر للاستثمارات في سوريا، عقوبات واسعة النطاق قد تمتد في النهاية إلى قطاع النفط السوري، أحد المصادر الحيوية للعملة الصعبة، والذي يعاني ترديا الآن.

في أبريل (نيسان)، راجع صندوق النقد الدولي تقديره لمعدل النمو السوري هذا العام، ليخفضه إلى 3 في المائة عن 5.5 في المائة. ومع دخول الانتفاضة شهرها الرابع، يرى محللون أن الاقتصاد، الذي يقدر إجمالي الناتج الداخلي به بقرابة 60 مليار دولار، قد ينكمش بما يصل إلى 3 في المائة عام 2011. الملاحظ أن هذه المشكلات تسببت في تفاقم الأوضاع المتردية بالفعل في الريف السوري، حيث دفع القحط مئات الآلاف للانتقال إلى المدن. وقد خلت بعض القرى من سكانها. منذ عام 2004، سارعت الحكومة من وتيرة رفع الدعم الخاص بالطعام والوقود، مما زاد من صعوبة المعيشة بالنسبة لموظفي الدولة الذين فشلت رواتبهم في اللحاق بوتيرة التضخم.

من ناحيته، قال بسام حداد، مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط بجامعة جورج ميسون: «تسبب ذلك في تسارع السخط الذي نراه في الشارع اليوم. وهذا هو ما لا يدركه الكثيرون، الأمر لا يتعلق بالقمع السياسي فحسب. وربما لا يقتصر على القمع الاقتصادي أيضا، وإنما هو مزيج من كليهما، علاوة على غياب سبيل لعلاج المشكلات، الأمر الذي يسيء لكرامة المواطنين».

وفي أعقاب اندلاع المظاهرات بفترة قصيرة، لمحت الحكومة لتفهمها للتأثير الذي خلفته إجراءات سابقة لها، حيث أعادت بعض صور الدعم للوقود وعرضت أكبر زيادة في رواتب الموظفين الحكوميين خلال أربعة عقود. وذكر أحد الخبراء الاقتصاديين أن الحكومة قدمت زيادة سخية أيضا لأعضاء قوات الأمن التي تمثل أهمية محورية لبقاء الحكومة. ولا يبدو أحدا واثقا من كيفية توفير الحكومة لتلك الأموال.

وعلق نبيل سمان، الخبير الاقتصادي ومدير مركز الأبحاث والتسويق في دمشق، بقوله: «هذا استنزاف هائل للموارد الحكومية». وأضاف: «لن يتمكن الاقتصاد السوري من الصمود لأكثر من ثلاثة أو أربعة شهور على هذا الحال. إنهم لا ينظرون للمستقبل، وإنما ينصب جل اهتمامهم على إرضاء الرأي العام ومنحه مالا كافيا لوقف المظاهرات. وتوقع سمان انهيار العملة السورية».

وفي سوريا التي لا تزال بمعزل إلى حد ما عن الاقتصاد العالمي، لم تكن الإصلاحات السوقية قط بالضخامة التي كانت عليها في مصر وتونس. يذكر أن سوق الأسهم السورية أنشئت عام 2009 فقط، ولا تزال الحكومة تتمتع باحتياطيات تقدر بـ17 مليار دولار - وهو رقم يرى أحد الخبراء أنه كاف لتغطية واردات سبعة شهور. إلا أنه مثلما أشار الأسد نفسه، فإن المشكلة في حقيقتها قد تكون سيكولوجية أكثر، مع سعي قيادته للتشبث أكثر بدعم مجموعات الأقلية والطبقة الوسطى ونخبة أصحاب الأعمال لها والذي لا يزال كبيرا.

ومنذ بداية الانتفاضة، كانت هذه المجموعات - وليست المعارضة - هي الجمهور المختار للحجج الحكومية القائمة حول فكرة أن بشار وحده هو القادر على تحقيق الإصلاح والاستقرار. وأشار مسؤولون أميركيون إلى اعتقادهم بأن التأييد الذي يحظى به بشار في انحسار بين نخبة أصحاب الأعمال، في الوقت الذي يزداد القلق بين المسيحيين بل وبين العلويين أنفسهم الذين تنتمي إليهم عائلة الأسد. وقال زيون، التاجر: «أول الغيث قطرة».

وفي دمشق، قال وكيل سفريات يبلغ من العمر 28 عاما وأشار إلى نفسه باسم أنور، إن راتبه البالغ 600 دولار شهريا انخفض بالفعل بمقدار الربع. وأضاف أن جميع الوفود السياحية ألغت حجوزاتها. وأوضح أنه وزوجته لا ينفقان المال الآن سوى على الطعام فحسب، رغم أنه لا يزال يقدم أموالا لوالديه. وقال: «إذا خسرت وظيفتي، سأذهب للمسجد وأعتكف به، وإذا فشلت في ذلك سأنضم للمظاهرات. إن من مسؤولية الحكومة توفير وظائف لجميع المواطنين».

-----------------------

التقارير المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

   

    

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ