ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 05/05/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

يتجه الوضع في سورية بسرعة متجاوزا نقطة اللاعودة

تقرير مجموعة الأزمات الدولية

بروكسل 3/5/2011م

يغلق النظام السوري الباب أمام أي احتمال لمخرج مشرف من خلال رفضه لكل صور الاحتجاج معتبرا إياها نوعا من التخريب ومتعاملا معها بتصعيد العنف مما يحول الأمر إلى أزمة داخلية عميقة. وباعتبار أن المجتمع الدولي لا يملك الكثير للقيام به ، فإن الحل الأمثل المتمثل بالوقف الفوري للعنف وحوار وطني  حقيقي يعبد الطريق لانتقال ممثل وديمقراطي للسلطة السياسية يتضاءل يوما بعد يوم.

خلال الأسابيع الماضية نزل الكثير من السوريين إلى الشارع أساساً للتعبير عن ضيقهم من الفوضى الاقتصادية المتزايدة وغضبهم من الوحشية وعدم المحاسبة لقوات الأمن وتضامنهم مع أجزاء أخرى من البلاد شهدت أسوأ أنواع القمع.

  لقد اعترف النظام لفترة من الوقت بشرعية المطالب لكنه تراجع إلى موقفه الأصلي بتشخيص الاحتجاجات على أنها مؤامرة دولية تجمع في آن واحد الولايات المتحدة ، إسرائيل ، أعداء سوريا في العالم العربي في لبنان والسعودية وقطر خصوصا ، منشقون عن النظام وأصوليون نشأووا في سوريا. وتروي وسائل الإعلام الرسمية رواية تبدو فيها أدوات الأمن السورية كضحايا يقتلون على أيدي المجموعات المسلحة ، وهم بريئون من أي ممارسات خاطئة ويحاولون جاهدين على الإبقاء على الوحدة الوطنية. ويلقي النظام بكل اللائمة على المناهضين له من المندسين ومؤخرا الجهاديين ، وتقع الصور الفظيعة وأحيانا المؤلمة للقتلى من قوات الأمن في  قلب هذه الرواية. وقد أشار النظام مرة إلى المدنيين على أنهم ضحايا ولكن للأسف لم يعد ينظر إليهم كذلك.

وبالرغم من أنه لا يمكن نفي تدخل أجنبي في الأزمة القائمة ، فإن الشواهد القوية تدل على أمثلة كثيرة من عنف عظيم وعشوائي من قبل الدولة ، يتضمن الاعتقال العشوائي ، التعذيب وإطلاق النار على حشود المتظاهرين السلميين. في جوهرها فإن هذه الانتفاضة هي انتفاضة تلقائية سلمية وشعبية ، ناتجة عن أفعال النظام أكثر بكثير مما هي ناتجة عن  تدخل خارجي مفترض. هناك تقارير مشكوك فيها عن تعرض قوات الأمن لهجوم من مجموعات مسلحة غير معروفة وعن متظاهرين يطلقون النار عندما يهاجمون. لكن لمن هم على أرض الواقع فإنه مما لا شك فيه أن معظم الضحايا هم نتيجة وحشية النظام. كما أن النظام يدعم شعله الطائفية من خلال نشر شائعات عن هجمات مقبلة تستهدف مجموعات محددة. الاستعداد الطائفي لا شك موجود في بعض أنحاء البلاد لكن تكتيكات النظام  توقع في محاولة واعية ومغرضة لتوظيف ونشر الطائفية.

 تتزايد في هذه اللحظة الأسئلة حول قدرة السلطات على السيطرة والقدرة على ضبط أجهزة الأمن ولقابلية هذه القوات لنقل صورة حقيقية لمايجري على أرض الواقع لقيادتها السياسية . إنه حتى في أحسن الأوقات اتصفت أجزاء كبيرة من أجهزة الأمن بالطائفية والفساد وعدم المهنية وشعور شامل بالحصانة. ومن المرجح أن تظهر مثل هذه المميزات على السطح خلال الأزمات. وحتى اليوم تظهر القيادة السياسية عدم جاهزيتها لفرض مهمة محددة أو ضبط أو محاسبة لأجهزتها الأمنية. فإنه لا يوجد شاهد واحد على سبيل المثال لأوامر ذات مغزى لعقوبات بسبب استخدام القوة المفرطة وغير القانونية

إن العنف المستخدم من قبل النظام والرد غير المنضبط لم يؤد إلا لتعميق الإحساس بالاضطراب. مما أدى إلى نزع الثقة بالإصلاحات التي أعلن عنها والتي كانت تهدف إلى نزع فتيل الموقف والوصول به إلى قاعدة سياسية. لكن هذه الإصلاحات وإن بدت ذات معنى وواعدة على الورق فقد اتضح أنها لا حقيقة لها عمليا. فقد رفع النظام حالة الطوارئ لكن قوات الأمن قامت بعملها كالمعتاد موضحة أنه في المقام الأول لا معنى لمفهوم القانونية.  وقد سمحت السلطات بالتظاهر فيما ادعت أنه لم يعد له مبرر وجعلته خيانة. هي تتحدث عن إصلاح الإعلام وفي نفس الوقت تفصل أولئك الذين يحيدون عن الخط. هي تصر على تجاهل رموز الفساد الكبرى. آخيرا وفي الوقت الذي تقوم بحوار مع عدد من الممثلين المحليين فإنها تقاوم البدء بحوار وطني ، وهو ما قد يمثل آخر فرصة ضئيلة لطريق سلمي إلى الأمام.

يظهر أن أمل النظام هو في أن قمعا كبيرا يمكن أن يؤدي إلى وقف المظاهرات. ويزعم البعض ان إظهار القوة مطلوب لاستعادة الهدوء ومنح الظرف الملائم للقيام بالإصلاحات. إن حزمة الإجراءات التي يتطلبها هذا الأمر تتضمن خسارة على مستوى كبير في الأرواح. قد تؤدي خلال مدة من الزمن لقتال طائفي ذي آثار كارثية على سوريا ، إنه قد يؤدي إلى زعزعة استقرار جيرانها والأهم والأكثر احتمالا أنها لن تنجح.

 حتى لو نجح القمع الكبير لفترة من الزمن فإن نصرا كهذا ما يلبث في أحسن الأحوال أن ينقلب ، في حالة ظهور القمع سيكون حكم قوات الأمن ظاهرا. لكن مصداقية الرئيس الأسد داخليا ودوليا ستتلاشى ، وإن عددا قليلا من الدول ستقبل أن تمد يدها لاسترداد اقتصاد منهار. ولن تجد الاستثمارات الكبيرة ومشروعات التنمية والمشروعات الثقافية إلا قليلا من الشركاء الأجانب. وقد يتجنب الأسد تغييرا في النظام لكن النظام سيكون تغير مبدئيا في نفس الوقت.

إن الفرصة الحقيقية والآخذة في التضاؤل لتجنب مثل هذه النتيجة هي في أن يقوم النظام بخطوات فورية لقيادة قواته الأمنية واتخاذ إجراءات حاسمة ضد أولئك المسؤولين عن العنف في الدولة والبدء في حوار حقيقي ووطني شامل للكل. إن وقف دائرة العنف سيفسح المجال اللازم لممثلي الحركات الشعبية لتوضيح مطالبهم و للمضي في التفاوض حول برنامج جذري وحقيقي للإصلاحات ، وسيمنح النظام فرصة إظهار أن لديه ما يقدمه خلاف الكلمات الفارغة والخراب الأكيد

بالنسبة للمجتمع الدولي فإن الأزمة السورية تمثل تحديا صعبا. وللأسف فإن القليل الذي يمكن للمجتمع الدولي القيام به بخلاف إدانة الوحشية وإظهار أن  سلوك النظام سيؤدي إلى مزيد من العزل وحثه على القيام بإصلاحات مستحقة منذ أمد بعيد والبدء بالحوار . إن اللاعبين الخارجيين يتمتعون بدور ضئيل خصوصا في وقت يشعر النظام فيه أن وجوده على المحك. لقد تمكن النظام من البقاء في فترات سابقة من العزل الدولي ومن المحتمل أنه يشعر أنه بإمكانه أن يتجاوز العاصفة مرة أخرى. حتى الدول التي طورت علاقات قريبة من دمشق مثل تركيا ينظر إليهم بمزيد من الشك من جانب المسؤولين السوريين المصابين بالذعر حاليا والذين يعتبرون أي دور خارج الدعم الكامل نوعا من الخيانة. إن العقوبات التي تستهدف المسؤولين المتورطين في القمع والتي أعلن عنها لا يحتمل أن تؤدي إلى أي نتيجة ، إن أثرها يمكن أن يكون أعظم ما يمكن إذا كانت هذه القرارات مدعومة بالأدلة العلنية والمتماسكة بدلا من تسمية هؤلاء المسؤولين فقط. إن توسيع العقوبات ذا خطر مزدوج من حيث تأكيد زعم النظام أنه يواجه مؤامرة خارجية والإضرار بالمواطنين العاديين الذين يدفعون سلفا ثمنا كبيرا للكساد المأساوي الذي يعانيه اقتصاد البلد.

يقع على عاتق دول الجوار دورا أعظم في منع زعزعة الاستقرار. إن الاضطرابات في بلد غير متجانس عرقيا ومذهبيا سيكون له أثر سريع ومروع على تركيا التي تشترك مع سوريا بحدود طويلة ومتداخلة يبلغ طولها 877 كيلومتر. لبنان الذي ارتبط مصيره تاريخيا بجارتها ، الأردن الدولة الصغيرة التي تقع كذلك تحت رحمة التطورات في سوريا والعراق الذي بالكاد تعافى من حربه الأهلية والذي لا يكاد يحتمل حربا طائفية على حدوده. ونتيجة ذلك فإن عليهم أن يمنعوا قدر استطاعتهم التنقلات عبر حدودهم التي تتعلق بالمليشيات أو الأسلحة أو غيرها.

إن البعض يطلب من المجتمع الدولي أكثر من ذلك ، لكن التدخل العسكري الشبيه بما يحدث في ليبيا غير محتمل وخطر وغير مرغوب فيه ، وأي مساعدة خارجية للمتظاهرين ستسخدم بالتأكيد بواسطة النظام لتظهرهم على أنهم عملاء للخارج وتعرضهم لمزيد من القمع من غير أن تمنحهم حماية أو تأثيرا حقيقيا على نتيجة الصراع.

في تشكيل رد دولي مناسب فإن عاملين آخرين يجب أن يستحضرا في الذهن

أولا: رغم أن الاتجاه الكلي واضح بشكل متصاعد ، فإن الكثير من القضايا المتعلقة بالتطورات في سوريا (المختصة على سبيل المثال بمعارضة محتملة في قوى الأمن ، حجم التطاهرات ، هوية أولئك الذين يقتلون قوات الأمن) يبقى صعبا التحقق منها. وبسبب منع النظام لوسائل الإعلام العالمية فإن كثيرا من وسائل الإعلام أجبرت على الاعتماد على مواد غير مؤكدة منشورة على الانترنت وعلى شهادات غير موثقة لشهود عيان. هناك خطر في اتخاذ ردود فعل فورية لمثل هذه المواد الأولية الجزئية وغير المؤكدة. إن على الفاعلين الدوليين أن يؤسسوا أفعالهم على تقدير حذر وهادئ بقدر الإمكان للأحداث على الأرض.

ثانياً: إن علينا أن لا نتجاهل وجهات نظر كثير من السوريين حتى من أولئك الذين لا يتعاطفون مع النظام الذين يستمرون في إظهار الخوف على انهيارها الحاد. إنهم يخشون على انهيار دولة مؤسساتها بما فيها الجيش ضعيفة حتى على المستوى الإقليمي ، إنهم يخشون ديناميات الطائفية أو أن تسيطر أجندات قيادات دينية ، إنهم متوجسون من التدخل الخارجي ، ولا يثقون بالمعارضة الخارجية التي تشبه كثيرا المعارضة العراقية. إن غياب الانهيار الداخلي للنظام يجعلهم مقتنعين أن حلا محليا قائما على التفاض فقط يمكن أن يقدم أملا في انتقال سياسي ناجح.

إن على المجتمع الدولي دورا هاما في ناتج الأزمة الحالية على الرغم من القدرة القليلة على التأثير فيه. إن هذا التأثير يقع أساسا على الداخل السوري. مع استمرار المتظاهرين في المطالبة بحقوقهم والذين تتمثل قوتهم العظمى في قدرتهم على المحافظة على السلمية والمرونة وأرضية الدعم الداخلي ، ويقع على النظام الذي يجب أن يُفهم أن الاستمرار في اللجوء إلى العنف سوف يؤدي فقط إلى تعميق الأزمة التي جلبها لنفسه.

-----------------------

التقارير المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

   

    

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ