ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 12/12/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

الأخلاق السياسة

زهير سالم*

 

ما زالوا يفتلوننا بالذروة والغارب، كما تقول العرب، لإقناعنا بأن فصل الدولة عن الدين، وتجريدها منه، وبقاءها بلا عقيدة، ولا هوية،  ولا مشروع أخلاقي هو الأساس الأسلم لبناء اجتماع إنساني سوي. إن أبرز ما كشفت عنه وثائق الويكيكليس، إن كانت كشفت عن شيء، هو سقوط البعد الأخلاقي على مستوى العلاقات الدبلوماسية والسياسية.

 

إذا لم يكن الله موجودا فكل شيء مباح. قانون ديستوفيسكي الشهير هذا يؤكد أن الأخلاق مشتق ديني بحت. وأنه عندما ننحي الدين أو نقصيه فإننا نسقط الأصل الذي تشتق المنظومة الأخلاقية منه، والأساس الذي تعتمد عليه.

 

 (الله) جل وعلا هو مصدر الحق والباطل، والخير والشر، والجمال والقبح، واسحب هذا الأساس من خلفية هذه الحقائق الإنسانية تجدها مجرد خيالات متصورة لا حقيقة لها خارج الذهن الإنساني. في عالم الغابة القائم على الصراع تتحول الغريزة إلى قانون ضابط يجعل  هذا العالم أكثر انتظاما وعدلا من عالم بشري مجرد من العقائد والأخلاق.

 

سبق أن جاهر الفتى الفلورنسي منذ القرن السابع عشر بالدعوة إلى تجريد السياسة عن الأخلاق، واعتُبر كتابه إنجيل السياسيين منذ ذلك الحين

 

لقد أوصى صاحب كتاب الأمير الحاكمَ ألا يعبأ بالفضائل، بل وأن يلجأ إلى الرذائل إن كان ذلك يحقق مصلحته. فلا يجب على الأمير أن يكون كريما لأن الكرم يؤدي إلى الفقر. وهو إن افتقر سيسقط من عين رعاياه، وسيثب خصومه عليه. وعليه ألا يكون طيبا لأن ذلك يثير الثورة عليه في نفوس رعاياه. وينصحه بالقسوة التي تخضع الناس وتمنع الفوضى، وتقيم النظام. ويؤكد عليه ألا يبحث عن رضا الناس وأن يطوعهم لأمره بالقوة والبطش.

 

يقول : أنا لا ألوم الحاكم الروماني روميلوس الذي قتل أخاه وشريكه في الحكم لكي ينفرد بالسلطة ويوطد سلطاته. ولا ألوم الروماني الآخر بروتس الذي حكم على أولاده الخمسة بالموت لكي يستمر عرشه. فإذا كانت الواقعة تدينه فإن الغاية النبيلة في دوام ملكه تمجده.

 

هذا الكلام ليس تاريخا للأفكار فلقد تحول خلال قرون أربعة إلى واقع حاكم وأصبحت الأخلاق السياسية مجرد دعوى.  لقد عاد ( روبن كوك ) وزير الخارجية البريطاني  عام 2003 إلى مقعده في مجلس العموم البريطاني وعيناه مغرورقتان . يوم عجز عن وقف الحرب على العراق، لقد قال إن هذه حرب ترفضها الأمم، ويرفضها الشعب البريطاني، ومع ذلك مضى قانون الحرب اللاأخلاقية إلى غايته، ونُبذ أو استقال روبن، ليعلن بلير فيما بعد أن حربه كانت على القيم.

 

دولة بلا دين تعني سياسة بلا أخلاق. نعترف أن مظالم كثيرة ارتكبت وما زالت ترتكب باسم الأديان. ونقدر أن الذين نجحوا في فصل الدولة عن الدين، نجحوا في مواطن وأزمنة عديدة في فصل الكنيسة أو المسجد أو المعبد عن الدين. وهذا يفسر الكثير من وقائع الماضي والحاضر التي مارسها المحسوبون على الدين. جوهر الدين: إيمان بالله وعمل صالح.

 

وبالمقابل هذه الأنظمة التي تُدعى بالحرة والممسكة بقرار العالم، أليست هي التي تضم إلى النادي الدولي حكاما زيفوا إرادة شعوبهم، وسرقوا قرارها؟ إن سمعة تجار المسروقات في عالم الأخلاق السوي سيئة جدا، وهم باعتبار قانوني وأخلاقي  شركاء للسارقين.

 

هذه الأنظمة الحرة التي تدير البنك الدولي، أليست هي التي ترعى صفقات الفساد حول العالم ورجالها يتناوبون على مكانة: الراشي والمرتشي والرائش بينهما..

 

وهذه الحروب التي تدار حول العالم ألا يغذيها تجار السلاح غير المشروع، وتدور عليها مصانعهم.

 

وسياسات الاحتلال والاستيطان والتهجير والاعتقال والتعذيب والانتهاك كل هذه الممارسات أليست خروجا مقننا على الدين والأخلاق معا.

 

 حتى في شرعة حقوق الإنسان يميزون بين إنسان وإنسان!!! بأي استحقاق تقدم ( ليو ) الصيني على هيثم المالح السوري؟ أو على (طل) الطفلة التي زجت بها أخلاقية القرن الحادي والعشرين المعترف بها عالميا  وراء القضبان...

 

في عالم عنوانه ( يكذبون علينا ونكذب عليهم ) نجد الصيرورة النهائية لمشروع فصل الدولة عن الدين، والسياسة عن الأخلاق، والإنسان عن إنسانيته. حتى دارون فيما أقدر لم يخطر بباله أن يفتح على الإنسانية باب هذا الجحيم.

----------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الأحد 12/12/2010م

---------------------

الرؤية المنشورة تعبر عن رأي كاتبها


 

 

 

تعليقات القراء

   

 

أبا الطيب حفظه الله

أسأل الله أن يفتح عليك ويزيدك من فضله وينفعنا بما تسطر من يراعك المعطاء

أثابك الله ودمت سالماً لمحبيك

د . محمد حاتم الطبشي

================

كلام من ذهب، ولا ريب أن البشرية ستفيء طوعا أو كرها إلى الحق والخير، وتكتشف مكر شياطين الإنس الذين أوحوا إليها بهذه الفكرة ، لا سيما في مجتمعاتنا العربية الإسلامية

سليم زنجير

================

لله درك أبا الطيب ..

ماأوسع الأفق الذي ترى وتنظر من خلاله ..

وماأعمق الفكر الذي تسبح فيه لتنتقي منه لآلىء تقدمها لأولي النهى والعقول .

وما أجمل القلم الذي تصوغ به أفكارك ورؤاك .

سبحان من أعطاك لتستحق عن جدارة واستحقاق - لا عن عصبية أو هوى ! - أن يقال

لك : ( لافض فوك .. وبعُد شانئوك ) .

بارك الله فيك ونفع بك وتقبل منك

عبداللطيف الهاشمي

====================

جزاك الله خيراً على هذه المقالة الرائعة .

هلا تكرمت بشرح الألفاظ التي قد تشكل على القارئ العادي من أمثالي مثل  (

مازالوا يفتلوننا بالذروة والغارب ) !؟ مع جزيل الشكر

الدكتور  نبيل محمد علي

رد من زهير سالم : الشكر للأخ نبيل وبارك الله بكم وأحسن إليكم..

تقول العرب ما زال يفتله بالذروة والغارب أي يحتال عليه بكل أنواع الحيلة ليقنعه بأمر ما

====================


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ