ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 02/12/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

هل تغير المعلومة المستجدة القناعة المستقرة؟!

زهير سالم*

 

هل تغير المعلومةُ القناعةَ؟!

يختصر الجواب على هذا السؤال الكثيرَ من أسباب العَنَتِ الذي تعيشه شعوبنا. بعض أبناء هذه الشعوب يتحصنون وراء قناعتهم المستقرة في عقولهم، القناعة المستصحبَة من أسرة أو بيئة أو معلم، يقرون أنه غير معصوم. ويصرون على إعادة تفسير الظواهر والأحداث على أساس ما استقر في عقولهم أو نفوسهم. وعلى أساسها أيضا يحددون الموقف من الحضارات والنظريات والأقوام والأشخاص. وكل المعلومات المستجدة أو اللاحقة يجب أن تفسر على قاعدة القناعات السابقة، ولو بلي النصوص، أو الالتفاف على الحقائق!! بعض بني قومنا مع الأسف يشعر أنه مكتمل المعارف، وأن مهمة كل جديد يتحصل عليه من عالم المعرفة أن يؤيد القديمَ الذي كان قد اكتسبه.

 

 ((وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا)) أمر رباني مفتوح. يبارك حديث شريف اليومَ الجديد الذي يكتسب فيه الإنسان علما جديدا. بل ينفي هذا النص البركةَ عن يوم (لا يزداد ) فيه الإنسان علما؛ يصر البعض على أن تكون الزيادة المشار إليها كميّة. هل للزيادة النوعية حظ في هذه البركة؟! نص جديد فقط أو نص جديد، و فقه جديد، ورؤية جديدة أيضا؟! ومع كل يوم ينشق فجره نتعرف على علم جديد، ونكتسب معرفة جديدة، ونصحح في كينونتنا معلومة أو قناعة تسللت إلى عقولنا عن طريق الخطأ، أو في الظرف الخطأ، أو ربما معلومة استحالت بفعل المتغيرات، فكبر الصغير، واعوج المستقيم، أو استقام المعوج. أي معلومة تصحح في العقل أو في الضمير هي خير وأبقى من اكتساب مفردة جديدة من محيط المعرفة اللانهائي. تصحيح المعلومة أو تسديد القناعة سيؤثر مباشرة في تصويب السلوك، أو تغيير الموقف، ولكي نستقيم أكثر على الصراط المستقيم الذي نلهج إلى الله في كل ركعة من الصلاة: ((اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)). دائما ينبغي أن نتصور هذا الصراط، في آفاق رمزيته المفتوحة، الجسرَ المنصوب على قيعان الجهل والغواية والذي يصل بيننا وبين عالم الحقائق والوقائع، ويصحح علاقاتنا بالأقوام والأشخاص. من دعاء الرسول الكريم ( اللهم أنت تحكم بين عبادك.. اهدني لما اختلفوا فيه من الحق بإذنك ) ضم هذا إلى ((اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)) تجدهما دعاءين بعضهما من بعض.

 

المشكلة في بعض عالمنا أنه مهما يكن مصدر القناعة، ومهما يكن حظها من المصداقية أو الثبوت تظل تمثل عند أصحابها الأصل والمعيار الأولي الذي تقايس عليه الحقائق، وتؤوّل أو تفسر على أساسها النصوص.

 

في الدين كما في السياسة كما في الاجتماع والاقتصاد يبقى ما تعلمناه حاكما على ما يمكن أن نتعلمه. وما حفظناه مهيمنا على كل ما يمكن أن نحفظه. وتبقى قناعتنا في ميادين الحقائق والعلاقات والأشخاص، وحول قضايا التاريخ والجغرافيا هي الأصل الذي يرد إليه الأمر كله فيما نقبل ونرد؛ حتى القصيدة التي وعيناها وحفظناها هي أجمل بلا نزاع من كل إبداع يمكن أن تجود به قريحة شاعر جديد.

 

المنهج الإسلامي أوجب علينا أن نتحقق في استقبال المعلومة، وأن نتثبت من صحتها، وأن نردها إلى الأقدر منا على فهمها ووضعها في إطارها وسياقها لتنضم إلى مكانتها في صنع قناعة جديدة، أو موقف جديد؛ ولكن اتجاه الحراك الفكري والعملي في واقع الجمهور العام لا يسير في هذا الاتجاه.

 

 المنهج العلمي في الإثبات والاستنتاج كذلك لا يختلف في طبيعته عما أشرنا إليه في الحديث عن المنهج الإسلامي من حيث الحرص على التثبت والفهم والتوظيف بل هو هو في أصله وفرعه، مع بعض الاختلاف في التسميات؛ ولكن جمهور من يسمون أنفسهم ( العقلانيين العرب ) يخوضون في تعاملهم مع المعلومة ، التي لا تروق لهم ،مع الخائضين..

 

بل كثيرا ما يتحكم في الموقف من المعلومة، قبولا أو رفضا، تسليما أو تأويلا، ليس فقط القناعة المسبقة، بل أيضا العواطف الجامحة، والأماني المجنحة. الخبر الذي يؤيد قناعتنا نصدقه دون تثبت، نروجه دون تبصر، والتهمة التي تطال خصمنا أو عدونا نطرب إليها، نسارع فيها، ننسى الأمر والنهي فنسارع فيما يجب أن نتوقف فيه، ونخاصم عمن وجب علينا أن نتبرأ منه.

 

حين يزداد الفرد أو الجماعة أو المجتمع مع كل يوم تشرق شمسه علما جديدا يعني أن لدينا مع كل صباح إحداثيات جديدة تعيد التسديد حتى نستقيم على الطريقة و الطريق..

 

 ((وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا..))

----------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الخميس 2/12/2010م

---------------------

الرؤية المنشورة تعبر عن رأي كاتبها


 

 

 

تعليقات القراء

   

 

الاستاذ الكبير ابو الطيب رعاه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اسأله تعالى لكم التوفيق والرعاية

كلام جميل ومسدد

خاصة مع ظهور الوثائق

فكثيرون هم الاساتذة الذين يريدون اختصار كل شيء والعودة الى ما عرفوا

بارك الله بكم وحماكم

سداد

 


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ