ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 25/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

التنمية السياسية

(3)

القصور المعرفي

زهير سالم*

 

لم أشأ أن أستعمل في المقام الضد اللغوي الموضوعي لوصف العلم. شعرت أن اللفظ سيكون حادا لا يليق باللغة السياسية، وأنه وإن عبر عن المقصود في مقامات كثيرة سيكون مبالغا فيه في مقامات أخرى. ولكنني أستطيع الآن أن أقرن في سياق واحد ( النقمة، والغرور، والجهل ) فأقول يشترك هذا الثالوث الذي يأخذ مفرداته بعضها بعناق بعض في صنع الفقر السياسي العربي على صعيد الرؤية، وصعيد الخطاب، وصعيد الموقف..

 

ولأميز بين ما أردته بالغرور وما أريده بالقصور المعرفي، أعود لأشرح بأن المقصود بالغرور التجافي عن قوانين العقل في البحث والفهم والاستنباط. وأذكر بقوله تعالى: ( لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) فالذين يستنبطون الحقائق من النصوص أو من الوقائع هم طراز خاص من الناس. من مصلحة الأمة أن تتسع دائرتهم، ولاسيما في عصر شيوع المعرفة، واستعلان الآراء.

 

الحديث الشريف سيكون أوضح بالدلالة على المراد في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ) في الفرق بين حامل الفقه وبين الفقيه يكمن جوهر الفرق بين حديثنا عن الغرور كحالة عقلية ونفسية تحول بين صاحبها وبين المنهج العلمي في تلقي النصوص والوقائع والتعامل المنهجي معها، وبين القصور الأصلي عن الإحاطة العلمية بالوقائع أو المجريات. نحن هنا نواجه حالة الفرد القاصر أصلا عن التحمل والأداء بله الفقه والاستنباط..

 

تجمع التقارير الإنمائية العالمية على أن العرب أقل الشعوب مقاربة لعالم القراءة. هذه واحدة. والثانية أن الذين يقرؤون منهم لا يملكون الخيار المنتج في تحديد ما يقرؤون. سأجمل في سياق واحد كتب الجن والعفاريت والسحر والشعوذة والأبراج وروايات الإثارة يكتبها رجل أو ربما أنثى ترفرف بجناحيها ليتساقط على كتبها سرب الذباب..

 

وطبقة ثانية من الاستهلاك المعرفي الذي يجب أن يقلقنا جميعا أن تظل مجموعات من الذين يقرؤون يُبدئون ويعيدون في كتب المدرسة العلمية أو الفكرية أو السياسية التي نشأوا فيها. هم دائما يبحثون عن الكتاب الذي يؤيد أفكارهم واجتهاداتهم. وهم ينسون حقائق كثيرة منها النظري الذي يقول: وبضدها تتميز الأشياء. ومنها الواقعي الذي يؤكد صيرورة الاجتماع الإنساني إلى الشراكة الحتمية. لم يعد للمدينة هويتها الدينية أو الثقافية. لا تمر بشارع من شوارع لندن إلا وتخطف عينيك رؤوس المحجبات. يقول صاحبي: على البريطانيين أن يتعودوا على هذا، وعلى أهل باريس أن يتعودوا على النقاب.. حسنا عليهم أن يتعودوا على هذا، ولكن هل فكرت أن عليك بالمقابل أن تتعود على نقيضه؟! المدينة المعاصرة تصير إلى حال ( يثرب )، وأتجاوز في استعمال اللفظ، يوم دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم. مسلمون ومشركون ويهود ومن ثم منافقون. هل نحن بحاجة إلى وثيقة جديدة تنظم علاقاتنا؟ هل نحن بحاجة إلى تعرف أفضل على شركائنا الاضطراريين، ليس فقط التعرف على وجوههم، وإنما التعرف على طرائق تفكيرهم، وعلى مشاعرهم ومعرفة ما يحبون وما يكرهون وما يطمئنهم وما يخيفهم، وكيف يحبون أن نعاملهم، ونحن نملي عليهم كيف نحب أن يعاملوننا في كل حين..

 

تنظيم هذه المدينة جسره الأولي معرفي. قبل أن ندخل الملعب علينا أن نحيط بقواعد اللعبة.. هذه حقيقة.

 

وحين أتحدث عن القصور المعرفي وصياغة الرؤية والخطاب والموقف وما يتطلبه الأمر إحاطة معرفية؛ أعود فأتساءل كم كتاب يقرأ المواطن العربي في الأسبوع أو في الشهر أو في السنة أو في العمر. أقول على سبيل المران العقلي لصديقي: ما هو آخر كتاب قرأتَه؟ ومتى كانت قراءته؟ وماذا كان موضوعه؟ ولنصنف الجواب تحت شعار سري للغاية .. أتذكر قول أبي العتاهية:

قد أحسن الله بنا     أن الخطايا لا تفوح

لنتصور أن الإنسان كلما تصرف تصرفا غير لائق، أو تكلم كلاما غير دقيق فاحت منه رائحة خبيثة !! لنقل جميعا حمدا لله على نعمائه.

 

تتفاقم المشكلة التي نقاربها في عصر( الديمقراطية )؛ حين يكون هذا الذي وصفه القرآن الكريم بالكَلِّ والأبكم (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ...) ، حين يصبح هذا الرجل على الصعد الخاصة أو العامة صاحب سهم في القرار.

 

ليست دعوة إلى الانقلاب على الديمقراطية وإنما هي منبهة على ضرورة التنمية السياسية المعرفية الجادة ليكون الفرد الشريك في القرار أو الذي يراد له ذلك؛ قادرا على حمل عبء الأمانة التي ألقيت على كاهليه..

 

ولا يحق لنا أن نغادر المقام قيل أن نؤكد أن التنمية المعرفية تنمية مستدامة. لا تتوقف عند سن أو زمان. وطالب المعرفة كالمرتقي في الجبل كلما تجاوز قمة انتصبت أمام عينيه قمم. وقديما قالوا ما يزال الرجل عالما ما تعلم فإذا ظن أنه علم فقد جهل..

 

والإحاطة بفروع العلوم والمعارف والمستجدات شرط مهم لرجلين: الفقيه والسياسي على السواء. والعبء على الفقيه الذي يريد أن يكون سياسيا بحق أعظم بل أبهظ..

 

لا يمكن لنا لأي فريق من الناس أن يدعي أنه قادر على إصلاح عالم لا يعرفه ولا يتابع ما يدور فيه..

----------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

السبت 25/9/2010م

---------------------

الرؤية المنشورة تعبر عن رأي كاتبها


 

تعليقات القراء

   

اشكر اليه أستاذ الأديب على ادبه في العرض واضيف في نفس السياق ان الآية طلبت الرجوع الى اولي الامر قبل نشر الخبر فاولو الامر يعرفون كيفية التحميص والحديث الشريف طلب نشر الحديث حتى يصل الى الفقيه ليتنبط منه فكل من الاية والحديث يدعوان لاهل الاختصاص اي لا بد من تكون فئة الاختصاص وبالله التوفيق

محمد نور

 


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ