ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 13/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

أحداث 11/9

أما آن لمسلسل الكراهية أن يتوقف

زهير سالم*

 

في قصيدة رائعة من ( المنتقيات ) في جمهرة أشعار العرب، لأبي زيد القرشي، ينادي المهلل بن ربيعة على ابن عمه جساس قاتل كليب

يا أيها الجاني على قومه    جناية ليـس  لها بالمطيق

جناية لم يدر ما كنههـا    جان ولم يصبح لها بالخليق

كقاذف  يومـا بأجرامه    في هوة ليس لها من طريق

وتختصر لك حرب البسوس، وبداية شرها ضرع ناقة أصيب بحجر، أو حرب الغبراء إذ تسبق داحسا، قصة الشر المكرورة في العالم. يُقدم فاتك غير مسئول على فعل أحمق يظنه بطولة، لتكون بعد ذلك الكارثة على يد فاتك مسئول أكبر. وبين الفاتكين يبقى الحجر في قعر البئر وقد أعيا العقلاء.

 

ومهما أعدنا عن جريمة الحادي عشر من أيلول ( سبتمبر) من أحاديث النكارة والفظاعة، و مهما نددنا بالعدوان على حياة الأبرياء، بغض النظر عن السياق والتبعة؛ فإننا لن نضيف جديدا إلى ما قرره وأكده أهل الدين والعلم ورجال الفكر والسياسة والاجتماع، من أن الفعل، منعزلا عن سياقه السياسي وتبعاته الكارثية، مرفوض لذاته، مدان بما تسبب به من ألام للذين قضوا بوطأته من جهة، وللذين ذاقوا مرارة فقد القريب الحبيب من جهة أخرى..

 

لن تستطيع وأنت تستعيد مشهد الكارثة أن تغمض عينيك عن هول اللحظة التي عاشها أناس مثلك على متن طائرة قرر مختطفها أن يحوّل كتلتها إلى سلاح خارق حارق في بضعة ثوان. لن تنمحي من ذاكرتك صورة الإنسان يلقي بنفسه من شاهق ليهرب من جحيم المشهد الذي هو فيه داخل مكتبه المنهار. دائما ستحاول أن تتصور أنك هو..

 

كل ما في المشهد الخاطف كان مستنكرا مستفظعا مهولا، خارجا على السياق السوي للفطرة الإنسانية، كما هو خارج على قواعد العدل والرحمة والتآخي، التي يجب أن تحكم حياة الناس وعلاقاتهم؛ مهما اختلفت الأديان والأعراق والملل والنحل والمذاهب..

 

نستنكر!! وقد استنكرت أمة بأسرها وأدانت وشجبت من جهة وتعاطفت وواست وعزت من جهة أخرى.. ولكن كل ذلك لم يكن كافيا ليحبس المشهد الخاطف في قفص الجريمة في لحظتها التاريخية العابرة ويقصرها على مرتكبيها كما هو قانون التمدن الإنساني منذ رافقت المدنية الإنسان... وإنما ومع الإدانة من جهة والتعاطف من أخرى ظل المشهد خلال عقد من الزمان يتولد ويتجدد أفانين من مشاهد الدمار والهول والشقاء والقهر والإذلال يصبه على أمتنا مدعوو مدنية يصرون على وصمنا بالإرهاب!!

 

ولأمر ما تحول مشهد الرعب اللحظي المنفلت الذي عصف بركاب الطائرتين أو العاملين في البرجين إلى خبز يومي يقتات عليه من أبناء أمة الإسلام الطفل والمرأة والشيخ في أفغانستان وفلسطين والعراق وفي كثير غيرها من بلاد الإسلام..

 

ولأمر ما تحول الثكل واليتم والفقد قاسما مشركا بين الملايين من أبناء الشعوب المسلمة التي كتب عليها أن تدفع ثمن الجريرة ظلما وعدوانا، رغم أنها ما ارتكبت ولا أيدت ولا سارت مع أصحاب الجريرة في ركاب..

 

دخل الخوف والرعب والذعر في عالمنا كلَّ بيت، تارة على أكتاف الخراب والدمار ، وأخرى سالت مع الدم المعصوم المسفوك ظلما بفعل القذائف الذكية والأسلحة المتطورة..

 

امتدت يد الإثم الناعمة الناصعة إلى نواصي الأبرياء من أبناء أمتنا فاقتادتهم إلى غوانتانامو وأبي غريب وغولاغ طويل من السجون الطائرة و السرية، كان الرعب في شاهق البرجين ساعة الهول بعضا مما يُحكَى عما جرى ويجري فيها..

 

وتمادت يد الفوضى متوكئة على القدرة العمياء في كرة ثالثة أو رابعة إلى بنيان دول فدمرتها، وإلى أعزة كرام من أبناء الشعوب فشردتهم، وإلى معالم حضارة فأبادتها..

 

وتجاوزت أكثر إلى سطر الحقيقة على جبين الوجود فعملت على العبث بحروفه وكلماته. وتحكمت بسوره وآياته وهي لا تجد على الجانب المهيض جناحُه من يرد يد عابث أو إرادة مفسد..

 

يقول الحكماء: إن النسيان بعضُ نعم الرب على الإنسان. على الصعيد الفردي يموت الوالد، ويموت الولد، ونخسر الصديق، ونكتشف الزيف والخداع، ويضيع المال، ويفقد بعض الناس سمعهم أو بصرهم، ثم يتكيف الإنسان مع المصيبة وينسى ما كان؛ ليقبل على الحياة الأجمل والأرحب والأنضر. وعلى الصعيد الجماعي تصاب الأمم والشعوب بتسونامي مدمر يذهب بمئات الآلاف من أبنائها، أو بفيضان جارف يدمر المدن والبلدات، أو بزلزال أو بإعصار؛ فتعصب الشعوب رأسها بعصابة سوداء لبعض الوقت، ثم تستقبل الشمس والهواء النقي من جديد.. كل هذه الحقائق تقول لنا بعد عقد تقريبا على أحداث الحادي عشر من أيلول وأخواتها الكريهات اللاتي كن جميعا أكبر منها: أما آن لمسلسل العنف والكراهية والبغضاء الذرائعي أن يتوقف؟!! لقد سقطت منذ تلك الأحداث الأقنعة والبراقع والادعاءات. سقط كل ما قيل عن الناس الطيبين البسطاء والأعزة في أفغانستان. وسقط كل ما قيل عن إرادة العدوان لدى حكومة أو شعب العراق. وسقطت وعود السلام، وإن كان مهينا وهزيلا، في فلسطين. سقط كل شيء وبقيت الذريعة بعد عقد من الزمان تفتح الباب أمام قس مأفون يدعو إلى حرق المصحف على رؤوس الأنام. ثأرا وانتقاما وكيدا ومكرا (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ)

 

الحقيقة الإنسانية لا تتجزأ، والألم الإنساني لا هوية له وهو لا يكال ولا يوزن، ولا بد لعاقل أن يقول إن الثأر ،إن حَسُن الثأر، قد تجاوز فأربى. وإن الانتقام ،إن شُرِع الانتقام، قد بلغ كل غاية.. وأن عناد القوة مهما جمّل نفسه بالأسماء، وموَّه قبحه بالشعارات؛ يظل هو البغي الذي قيل عنه: إن البغي مرتعه وخيم.

----------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الاثنين 13/9/2010م

---------------------

الرؤية المنشورة تعبر عن رأي كاتبها


 

تعليقات القراء

   

بارك الله فيك يا اخي وزادك من علمه هذه الرؤية فعلا رائعة وقد عبرت عن كل من لا يعرف ان يصل صوته لابعد من شفاهه

nabil848

 


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ