ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 14/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

سيد قطب الكاتب الأنيق

ثلاثية الشهادة

زهير سالم*

 

كان يتحدث على إحدى الفضائيات. كان يتحدث وهو يلبس الثياب. ويقرر بكلمات لا ماء فيها، أن ما صدر بحق الشهيد الرباني سيد قطب هو حكم محكمة. وأن حكم المحكمة هو عنوان الحقيقة. وأنه غير معني بمناقشة أفكار سيد قطب، تغمده الله برضوانه، وإنما يقول لمحاوره انظر إلى آثار تلك الأفكار في الواقع.

 

وينسى لابس الثياب ذاك أن الواقع الذي يشير إليه هو نتاج سياسات ساكن القصر، وليس نتاج أفكار نزيل زنزانة. والمحكمة بقضاتها الجزارين كانت هي ثمرة لتلك السياسات. ووجود لابس الثياب هذا وأمثاله بيننا هو ثمرة أخرى لتلك السياسات.

 

أصبح العدوان على الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى جسرا للعبور إلى عوالم يسوءنا أن نصفها..

 

ولقد قتل هذا الشهيد الأديب الأنيق اللطيف ثلاث مرات؛ كانت الأولى على يد الطاغية الذي تقرب بإعدامه إلى من نعلم، وقد صار القاتل والمقتول إلى حيث يلتقي كل مظلوم وظالمه. وكل مقتول وقاتله، يتعلق المقتول بعنق قاتله ويقول: يا رب سل هذا فيم قتلني؟ّ!

 

كثيرا ما يماريك بعض من يحب مضغ الكلام : كيف يعذب الرحمن الرحيم؟! سلوا الظلم في عيون المظلومين، واقرؤوه أخاديده على صفحات نفوسهم، وتذكروا أن الرحمن الرحيم هو أيضا الملك الحق المبين.

 

وكان القاتل الثاني لسيد قطب رحمه الله تعالى أولئك المجاميع من قليلي العلم، و محدودي الفهم، الذين وظفوا كلامه خارج سياقه، واقتطعوا وابتسروا وحرفوا ليجعلوا من سيد قطب، رحمه الله، مرجعية لبعض تصرفاتهم الحمقاء الشاذة التي لم تخطر بباله وهو يخط أفكاره المتوهجة من قلبه الحي الشفاف..

 

والفريق الثالث، الذين كروا الثالثة على الأديب الأريب هم نفر جعلوا من الهجوم على سيد قطب دَرَكا لرغائبهم، أو للخفي من إراداتهم، أو لمكبوتات عقلهم الباطن الذي لم يغادر ساحات تربوا فيها وأحبوها ووالوها من قبل. ألم يقل صاحب المعالم رحمه الله تعالى إن من ملامح الجيل القرآني الفريد أن الرجل من العرب كان إذا دخل الإسلام انخلع من كل أسمال الجاهلية. من حق صاحب المعالم على إخوانه على الطريق أن يعيدوا قراءته مثنى وثلاث ورباع بعيدا عن تهويش المهوشين وغبار المستنفرين.

 

ويبدو أن هذا لم يحدث لدى فريق من المنظرين والكتاب والزعامات التي التحقت بالثقافة الإسلامية واعتلت موجها في عتمة، وظلت تحافظ على الخلفية السابقة لتركيبتها الفكرية و مزاجها النفسي أيضا.

 

لسنا نزعم العصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولسنا نستبعد أن يكون سيد قطب في آلاف الصفحات، التي خطها في الدفاع عن الإسلام قد جانبه الصواب في العديد من المواطن. ولسنا نستبعد أن يكون في مشروع سيد قطب بعض القصور أو الخيال الأدبي فسيد قطب رحمه الله تعالى بشر يأكل الطعام..

 

ولسنا نستنكر أيضا على من ينتقدون سيد قطب فيصوّبون ويسددون بروح العالم ومنهجيته. شريطة أن يحاكم فكر سيد قطب إلى منهج سيد قطب نفسه. منهج المفكر المفسر الأديب؛ وليس إلى مناهج العلوم الأخرى. فسيد قطب لا يحاكم إلى منهجية المشرع القانوني لأنه لم يكن يكتب نصوصا قانونية، ولا إلى منهجية كاتب المتن أو شارحه الفقيه لأن سيد قطب لم يكن يصنف جديدا في مصنفات الفقه الإسلامي . كان سيد قطب يمد ظلا وارفا للمتعبين في حر الهواجر يلتقطون فيه أنفاسهم ويستجمعون قواهم، محطة يتزودون منها رؤية وفهما وعزما وتصميما.

 

المراجعات، والنقد الذاتي، وإعادة النظر في المقولات والأدبيات أمر ضروري جدا، ومهم جدا، ويجب على رجال الحركة الإسلامية أن يباشروه بحزم وجدية ومنهجية أيضا.

 

 ولكن لا يجوز أن تتحول المراجعات هذه إلى جسر لإدانة الضحية ومنح شهادة البراءة للجلاد..!!

 

بعضهم يقول: إن أتاتورك كان إصلاحيا حقيقيا!! ولكن الناس الذين حوله لم يفهموه، ويردف هؤلاء: انظروا هذه ثمرة المشروع الأتاتوركي!! وبعضهم يقول إن الذين علقوا على المشانق في مصر والذين نهشت لحومهم الكلاب في سجن أبي زعبل وليمان طرة، لم يحسنوا التعامل مع الشاب الأسمر، وكان سيد قطب واحدا من هؤلاء.!!.

 

ويضيفون إن ما حدث في حماة وفي تدمر وحلب كان وليد سوء تقدير وسوء تصرف من أشخاص يسمونهم بأسمائهم..!!

 

إن رصد الأخطاء للاعتبار والاستفادة منها في تقويم السير شيء، وتوظيف هذه الأخطاء في التماس صكوك البراءة تحت أي عنوان للذين دمروا بنيان هذه الأمة ومشروعها شيء آخر..

 

إن كل ما كتبه سيد قطب رحمه الله تعالى لا يعطي مسوغا بسيطا لتوقيفه أو مساءلته وليس إعدامه. وإن التوظيف السيء لكلام سيد قطب وأفكاره رحمه الله تعالى ليس من مسئولية الكاتب أولا، ولا هو من مسئولية القارئ ثانيا؛ بل إنه أولا وثانيا وثالثا وسابعا مسئولية الذين غيبوا الحرية وجعلوا الناس يقرؤون الأفكار في الظلام. مسئولية الذين سدوا عن المرجل الذي يغلي حتى منافذ صمامات الأمان...

 

وليس شيئا من اضطرابات الضحايا أو تشحطهم بدمائهم تحت سكين الجزار مما يعطي الذريعة أو البراءة للجلاد..

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الأربعاء 14/7/2010م


 

تعليقات القراء

   

 

والله انك اصبت عين الحقيقة ولكن ماذا نقول لمن يماري  ويبرر ويعطي صك البراءة  للظالمين والمعتدين على ارواح البشر والمفكرين الاحرار

ماجد

=======================

بارك الله بك على هذه المقالة

حسان قطب

=======================

أحسنت يا أستاذ .فهذه هي الرؤية الصائبة لمعرفة معادن الرجال خاصة الذين رحلوا وتركوا ارثا فكريا ...يحتاج المثقفون منا إلى معرفة علم الجرح والتعديل 

العربي من الجزائر  

=======================

رحم الله سيد قطب ومن قبله الإمام الشهيد حسن البنا وكل شهداء الحركة الإسلامية فقد قضوا ثمنا لقتالهم في حرب فلسطين عام 1948 وكذلك على ضفاف قناة السويس -- والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون

عبدالرحمن - ط – أبازيد

================

لا ترج إنصاف من لم ينصف ربه بطاعته، ولم ينصف نفسه بكفها عما يضرها، ولم ينصف إخوانه بتقدير فضائلهم، ولم ينصف الناس بتقدير ظروفهم، لا يرتجى منه الإنصاف في الخصومات

أبو خفعر

================


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ