ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 29/06/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أزمة أديان ومذاهب

أو

أزمة ثقافة وإنسان

زهير سالم*

 

أحيانا تفجأ الإنسانَ الصدمات. وتتناثر من حوله الوقائع، أو تتقحم عليه المتناقضات ، فيشعر أنه محتاج إلى وقت ليعيد ترتيب عقله، والتفاهم مع نفسه، وتنظيم ذاته. حين يطل عليك رأس الشر من حيث يؤنس الخير،وتهب ريح الفتنة من حيث تنتظر روح الإيمان!! تتوقف لتتساءل هل هذا معقول؟! هل يمكن أن يُفهم؟ وكيف؟ ألا يورث هذا الشكَّ في العقل؟ بل في الإنسان؟ بل فيما وراء العقل والإنسان؟!

 

تنزل عليك الصدمة فتلجمك، فتجد نفسك مضطرا لإعادة الفهم أو التفهم أو الاتساق مع منظومة بنيتَ عليها ذاتك. تتأمل مثلا الأخبار الواردة من الفاتيكان حول الإساءة إلى الأطفال!!! كم هي صادمة عنيفة تلك التقارير والأخبار ؟! فمن حيث ينبغي أن ينتشر الأمن والطهر والنقاء والحب والسلام و الرضا تفوح روائح الدنس والنتن والفجور والكفران!!

 

 إن جوهر الموقف الأخلاقي الديني، ولاسيما بين الأديان السماوية، واحد. وإن ما يشمئز منه قلب المسلم الصادق يشمئز منه قلب المسيحي الصادق أيضا. وبهذا الاعتبار نتساءل هل ما يصل من حاضرة الحواري بطرس، والتقارير أكثر مما يشار إليها، هو شهادة على دين أو هو شهادة على الدين. هذا الاعتبار هو الذي يحدث في نفس المؤمن الصدمة، ويجعلك تحتاج قليلا لالتقاط النفس، قبل أن تبادر إلى الخوض فيها مع الخائضين، أو قبل أن تسارع لتوظيف الحدث الصادم في سياق الصراع بين المتصارعين. تحتاج إلى وقت أطول لتستوعب الصدمة الدرس وتخرج عن صمتك فتقول إنها شهادة على أصحابها فقط، شهادة الإنسان المرتكس في إنسانيته وفي ثقافته وفي أخلاقه، فلا هي شهادة على الدين، ولا هي شهادة على دين.

 

إنَّ في حجم الكارثة وتداعياتها حول الفاتيكان، واتساع دائرة الإثم لمنبهةً على أن انحرافا خطيرا كامنا وراء الأكمة. انحراف أو ارتكاس في أصل الإيمان في قلوب المفتونين أخذ أصحابه بعيدا عن منهج أولئك الذين قال الله فيهم: . (ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ، وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ).

 

ثم لا تكاد تلملم نفسك تحت وطأة تقارير الإثم المتطايرة حول الفاتيكان، حتى ترتطم بشدة، مرة أخرى، بصور تداهم بريدك الخاص، الذي أصبح في هذه الأيام بلا نوافذ ولا أبواب. يتقحم عليك الزائر أو القاصد بلا استئذان، ولا يسعفك الأدب أن تقول لمن يلقي عليك ما يحب: أحب أن أعيش بين الناس سليم دواعي الصدر. وعندي من المكدرات ما يكفي فلا تزد عليّ؛ أقول ما تكاد تطوي ملف تقارير الفاتيكان حتى ترتطم بصور قادمة من العراق. يرسلها إليك من يريد توظيفها في كل الأطر التي تقبل هذا التوظيف..

 

المفارقة الدينية مع الفاتيكان والمفارقة المذهبية في العراق لا تعفيك من صدمة. فلا يستخفنَّك الطرب ، ولا تكونن فرحا مع الفرحين بل تلبّث طويلا قبل أن تقول: انظر إليهم إنهم.. فهذا التعاطي المباشر ا مع الوقائع يفوت فرص الاعتبار منها.

 

 وربما تكون العبرة الأولى في أنموذج الإنسان المرتكس المرتد إلى أسفل سافلين. وعباد الشهوات في غمار الحياة الإنسانية أكثر من أن يشير إليهم مشير، أو أن يتوقف عندهم عابر سبيل، ولكن هؤلاء الشياطين هنا وهناك بالغوا حتى كانوا مثل السوء للغاوين(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ ...)

 

وإذا هالنا في ظاهرة القوم هناك، حيث يرقد حواري السيد المسيح القديس بطرس عليه الرحمة والرضوان، اتساع الظاهرة وامتدادها وانتشارها؛ فإن الذي يصدمنا في فاجعة العراق ليس شخصية مجرمها، ولا موقعه، ولا حجم وقاحته فقط ، بل الذي يصدمنا في فاجعة الحوزة هو موقف ضحاياها. بل لعلك تتساءل هل كن حقا ضحايا أو شريكات؟!

 

يوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بيعة النساء على المؤمنات وكان فيها (وَلا يَزْنِينَ)، قبضت الحرة هند بنت عتبة يدها متسائلة: أو تزني الحرة ؟!! ذاك سؤال تعجز عن الإجابة عليه دعيات الحرية في هذا الزمان..

 

 في فاجعة الحوزة في النجف وما حولها كان هناك حرائر مسلمات عربيات زوجات وأمهات يستجبن لفجور الفاجر الذي تقول بعضهن إنه (دلاهن بغرور..) وأطمعهن بمغفرة ورضوان!!!

 

الصدمة التي نتحدث عنها أن يكون في هذه الطبقة من نساء وبنات العرب والمسلمين من يستولي عليها الجهل، إن كن قد أخذن حقا بالجهل، حتى يقعن فيما وقعن فيه.

 

أي رواية رواها هذا المجرم الأثيم، الذي لا يشهد إلا على نفسه، عن الله؟! أي تربية وثقافة وتعليم تلقتها هؤلاء النسوة الغريرات وجعلتهن يقتنعن أنهن بالاستسلام لرغبات هذا الأثيم يرضين الله ويتقربن منه؟! تتساءل كيف يمكن أن يمر مثل هذا ونحن نعيش بين ظهراني الإسلام، عقائده وشرائعه وشعائره، هذه القرون الطوال.

 

أليست المشكلة الحقيقية في هذه الثقافة القائمة على وجوب الطاعة العمياء. والخضوع للولي الفقيه دون تبصر أو مراجعة أو سؤال.

 

ثقافة: أطفئ سراج عقلك واتبعني، وثقافة ما أفلح مريد قال لشيخه لم؟ أو ثقافة (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) و( إنما الطاعة في المعروف) الطاعة العمياء أو الطاعة المبصرة !! تلك هي المشكلة التي تطرحها الفاجعة على رجال التقرير والتوجيه في كل الأديان والمذاهب على السواء..

 

صورة (بلعام بن باعوراء) ومثله المخيف صورة مكرورة عبر التاريخ ونماذجها في آخر الزمان..

 

 ( يكون في آخر الزمان رجال يأكلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم قلوب الذئاب يقول الله تعالى أبي يغترون أم علي يجترئون فبي حلفت لأبعثنّ على أولئك منهم فتنة تدع الحليم حيران ..).

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الثلاثاء 29/6/2010م


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ