ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 15/06/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


السحاب الأحمر.. وعقل التاريخ

زهير سالم*

 

دفعت سورية الوطن بسبب الصدام الدامي الذي حصل في الثمانينات كثيراً. وبغض النظر عن الفاعل والمنفعل بالأحداث، وبغض النظر عن الخاسر والمنتصر فيها، سواء على المستوى اللحظي أو المستوى التاريخي، فإن الخاسر الأول والرئيس من تلك الأحداث الأليمة كانت هي سورية الكل الجامع. هذه حقيقة أولى..

 

والحقيقة الثانية التي لا بد من اعتبارها والتأكيد عليها أن درس ذلك الصدام العنيف، الذي جعل رئيساً مثل حافظ الأسد يقف أمام الجماهير في خطاب له شهير يؤكد فيه أنه مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأنه يصلي ويصوم منذ كذا عام..، وجعل الشعب السوري يدفع ما يقرب من مائة ألف ضحية؛ كان قاسيا على الجميع. حتى الذين يقدرون أنهم انتصروا كانوا يتمنون ألا يُطرَّز تاريخُهم بهذا السيل من الدماء.

 

والحقيقة الثالثة، التي نريد أن نستحضرها لنوظفها في درس للعبرة، أن ذلك الانفجار الشعبي العام كان أكبر من أن يُحسب على مجموعة أو تنظيم أو حزب أو طائفة أو مذهب أو دين. كان الانفجار شعبيا عاما وحسبك.وإن شكل الإسلام صاعقه الأول.

 

وحين كانت ثلة من الشباب الذين خاضوا ذلك الصراع تُحاكم في حلب. كان واحدا من المحامين المتطوعين للدفاع عنهم محام مسيحي، وانفعل أثناء المرافعة أمام المحكمة حتى سقط مغشياً عليه. أنصح من يريد عقل التاريخ أن يطلب محاضر تلك المرافعات من أرشيف المحكمة، فهي بالفعل تستحق الدراسة. وأتمنى عليه أن يتتبع محاضر (جلسات الاستماع) التي أسندت يومها إلى محمود الأيوبي، ليتبين فقط إن كان المتحدثون في تلك اللقاءات من الإخوان المسلمين أو من السواد للعام للشعب السوري؟؟؟ أخف ما أحفظه وطأً قول أحدهم: الإعلام يكذب على الشعب حتى في الإعلان عن درجات الحرارة. أما الصحفي الذي ذكر الوصف الذي أطلقه عليه موظف رسمي مختص وطريقة مناولته لجواز سفره  فأترك أمره لمطالعة المطالع.

 

إسناد ما جرى في ذلك الوقت إلى الإخوان المسلمين وحدهم فيه تمييع للحقيقة يضر بفهم الحدث التاريخي والاعتبار منه. ما حدث كان فعلا شعبيا جماهيريا عاما. إسناد ما جرى في سورية في ذلك الوقت إلى (الإخوان المسلمين) وحدهم كان مطلوبا لتمرير عملية القمع التي جرت  بكل أبعادها، فمن المفيد دوليا أن يُلقى العبء على كاهل جماعة مرفوضة عالميا، لتحظى عملية القمع بدعم وبغطاء حريري براق.

 

ثم بالعودة إلى قوائم نقابات الأطباء والمحامين والمهندسين التي تم حلها سنة 1980 وملاحقة أعضائها، يعلم دارس التاريخ، إذا كان هناك من يريد الدراسة واقتناص العبرة منها، أنه لم يكن للإخوان المسلمين بالمعنى التنظيمي في أعضاء تلك النقابات إلا أقل القليل.

 

 هذه مقدمات لا بد منها لإعادة تقويم الموقف. ولستُ في مقام الدفاع عما جرى أو تسويغه، ولكنني في مقام المساعدة على الفهم، ووضع الحقائق في نصابها لنصير إلى عقل التاريخ.

 

 في بداية الأمر عندما كانت عمليات الصدام الأولى في نطاقها الفردي، كانت القوات الأمنية  تغطي عمليات المطاردة والصدام، على الصعيد الشعبي الداخلي، بأنه صدام مع أعضاء من حزب الكتائب اللبناني المتسللين إلى سورية؛ لأن المزاج العام في سورية لم يكن يحتمل أي صدام مع عنوان إسلامي!! ضباط الأمن الذين يقرؤون الآن هذا الكلام هم الأعلم بمصداقيته. وعلى الطرف الآخر كان الكثير من الشباب المتوارين يجدون بعض أمنهم  بين ظهراني أسر مسيحية في مدينة حلب. تفتح سيدة مسيحية الباب، وتقول للشاب المطارد الذي آوى إلى مدخل بناية، أو تعلق بدرجها، ادخل يا بني ادخل، وتقدم له وجبة غداء أو عشاء. ثم وهذا شاهد إضافي يعين على إعادة التقويم، أن العديد من الشباب المسيحيين من أصحاب الأسماء المحيرة مثل سمير ونديم وخليل، كانوا بسبب اشتباكهم بالحوار مع زملائهم في العمل أو في الجامعة دفاعاً عما يجري أو إدانة لسياسات النظام يُعتقلون بتهمة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، ويمكث بعضهم بالسجن بضعة شهور!!

 

أنا لا أحاول أن أعيد عملية تقويم كلية. وإنما الذي أحاوله هو عقلنة الموقف الوطني عن طريق إعادة عقلنة التاريخ. ففي سورية اليوم قيادة لم يعايش كثير من أعضائها تلك الأحداث. ومن حق هؤلاء  بل من واجبهم أن يسمعوا في تحليل ما جرى من مصدر آخر، غير المصدر الأمني، الذي يحرص على أن يوظف كل تقاريره لخدمة مصالحه، وتكريس سلطته..

 

أعلم أن البعض يمكن أن يسوق هذا الكلام في المساقات التي يشتهي، فيقول إنه صيغة للتلويح بالتهديد ، أو محاولة للدفاع عن الذات والتنصل من المسئولية!! ولكن الحكيم العربي قال: إن معظم النار من مستصغر الشرر.

 

 في موقف خطير مثل الذي نحن فيه لا ينبغي أن نصغي لأصحاب النفوس الصغيرة، والمصالح القريبة. ونعتقد ونحن في ظرف تتفجر فيه براكين العنف من حولنا لا نملك إلا أن نقول: حمى الله سورية وشعبها. وأن نؤكد أن شياطين الإنس الذين لا همَّ لهم إلا التحريض على الإسلام العقيدة والشريعة والإنسان، هم مزامير الشيطان، ودعاة الفتنة، الذين لا يبالون أن يشعلوا مدينة ليدَّفئوا على حطامها. إنها الريح الصفراء العقيم تعود لتسوق السحاب الأحمر إلى أفق سورية الحبيبة.

 

حين يقول رئيس الجمهورية في تصريح له مثلاً إن سورية لا تتخوف من هزة داخلية.  يمكن للكثيرين أن يقبلوا هذا الكلام، وأن يمحصوه وأن يفهموه على أكثر من وجه بالنسبة لقائله، وبالنسبة لسامعه، وبالنسبة للشعب السوري أجمع. ويرى فيها قوم تطمينا ويرى فيه آخرون تهديدا. ويظنه فريق مبشرا ويظنه آخرون منفرا.

 

وحين تصفعنا الريح الصفراء في صورة مرسوم ، يُقيل أعضاء مجلس محافظة منتخبين على مستويين من مستويات الانتخاب؛ يعض المواطن المقهور على أصابعه، وهو يكاد يتميز من الغيظ . يقول في نفسه لنفسه، أو أمام مرآته: حتى انتخاباتهم وبشروطهم لا يقبلون بنتائجها، فماذا بعد؟!

 

وحين يتناقل الناس في سورية خبر اعتقال طفلتين مثل آيات أحمد وطل الملوحي وشيخ كبير مثل هيثم المالح لا نظنهم يُغْضُون عن رضا ، أو يصمتون عن غير الغضب المكتوم !!

 

وحين يصدر قرار بإقصاء معلمات سوريات لحجابهن عن مجال التعليم، لوضعهن في مكاتب مهجورة ومستودعات عفنة يستحضر الناس قوانين الإقصاء في مجزرة التعليم الأولى سنة 1979. مستشارة رئيس الجمهورية تكتب المعلقات الشعرية في الدفاع عن النقاب والمآذن في الغرب الأوربي، والقرارات المحلية تسل سيف الإقصاء على النخيل في موطنه!! 

 

وحين.. وحين.. وحين.. يكون السحاب الأحمر قد عاد ليتراكم فوق الأفق الشرقي، ويكون من يعنيه أمر الاستفادة من الدرس الذي دفع شعبنا ثمنه غالياً قد أضاع الفرصة، وعاد ليحشر المجتمع في نصاب الكتلة تحت الحرجة. لا أحد يريد للسحاب الأحمر أن يمطر. ولا أحد في ظل هذه السياسات المقلقة يحسن التكهن متى تقصم القشة ظهر البعير. ونحن لا نريد لأمر ما أن يقصم هذا الظهر ، لأن البعير بعيرنا جميعا.

 

كتب إليّ متابع بعد مقالي / يا فلسطين التي كدنا..

ألستم معلقين للأنشطة المعارضة؟!!

أجيب: بين صيغة المعارضة السياسية و المناصحة الوطنية خيط رفيع.

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

الثلاثاء 15/6/2010م


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ