ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 07/03/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

رؤيـــــة

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أقلام لا تستقيل

في رحاب

الأخ الداعية محمد الحسناوي

زهير سالم*

إذا ما دعوت الصبر بعدك والبكا     أجاب البكا طوعاً ولم يجب الصبر

(وإنا على فراقك يا أبا محمود لمحزونون..)

صلى الفجر، ورتل الورد، ثم وضع رأسه على الوسادة، أغمض عينيه، وحلق في سماء طالما تعود أن ينفذ من أقطارها، يرود كلمة ينصر بها دينه، ويدفع عن وطنه. في بحره النوراني ذاك لقيه رجال نورانيون يحملون بأيديهم سُرقة من حرير، أسلم الوديعة بصمت وهدوء، لم يزعج أحداً، ولم يشعر به أحد. هو مايزال في بحره ذاك الأثير الحبيب كما العاصي إلى قلبه، يرتب أفكاره، ليدبج مقالة جديدة ينتصر فيها لملايين المظلومين والمقهورين.

يقولون إنه الموت، عدم محض وفناء تام. يؤكد الراسخون في العلم أن الموت ليس عدماً، إنه انقطاع تعلق الروح بالجسد، وهو تغير حال وانتقال دار. دار للصالحين تشبه في معاني السكن والطمأنينة تلك التي كانوا يألفونها في الدنيا، بل هي خير منها وأرحب. دار في معاني السكن والطمأنينة كتلك التي  خلفها الراحل في بلدته إحسم في منطقة جسر الشغور، أو تلك التي كانت منزله الأول في حلب الشهباء، أو هذه التي غادرها في مهجره من عمان. يتحول إلى داره الجديدة كالغائب يقدم على أهله، فأي أهل وأي إخوة وأي أحبة كانوا في لقائك يوم القدوم يا أبا محمود..؟! نسأل الله أن يقر عينك بالأحبة محمد وصحبه وحزبه، وأن يرحمك ويغفر ذنبك ويجزل عطاءك ويتقبلك عنده في عليين.

يوم اكتشف الراحل مرضه الأخير (الفشل الكلوي). سألته قبل أن أعلم بالخبر؟ كيف الصحة يا أخي، لم يكن السؤال تقليدياً، فقد كنت أحس أنني أمام إنسان منهك. قال وهو يبتسم: قالوا: فشل كلوي. هزني الخبر بعنف، قلت ماذا؟! قرأ جزع الشفقة في وجهي، فأجاب بلسان المؤمن الواثق المحتسب: هون عليك يا أخي، ماذا أبغي من هذه الدنيا بعد السابعة والستين؟! وكان هذا عمره يومها. وكان رضاه بقضاء الله وقدره من أبلغ الدروس التي يتلقاها تلميذ من أستاذ.

وعلى ذكر التلميذ والأستاذ، تعود بي الذكرى إلى عام 1964، إلى طالب يافع في الأول الثانوي، يلتقي مع مجموعة من أقرانه، في أحد بساتين حلب الحبيبة، لأول مرة بالأستاذ والشاعر الداعية محمد الحسناوي. كان ذلك اللقاء أحد المحطات الأولية في حياة هذا التليمذ. استمرت العلاقة ، توثقت ، ثم توشجت ، ثم لم تعد العلاقة علاقة ، أصحبت حالة من الحالات التي لا تجد اللغة لها اسماً. وطوال ما يقرب من نصف قرن بقي التلميذ تلميذاً والأستاذ أستاذاً. أرفع سماعة الهاتف، لأسمع صوته المحبب يقول: قرأت بالأمس.. ثم يردف أحسنت يا أبا الطيب، ولكن، (نقولها معاً)، ثم نضحك، ويبدأ بنفس حبيب أثير يوجه أو يعمق أو يؤشر، يشعرك أنه صوت وجدانك يتحدث إليك ، تختفي من حديثه نبرة (الأنا) ليحل محلها (النحن) ؛ فإذا بك لا تزال تلميذاً يافعاً تحت شجرة من شجرات بساتين حلب الحبيبة في حضرة المعلم الكبير.

في مدرسة محمد الحسناوي المعلم والداعية عنوان مشهور يتداوله الإخوان، ويستشهدون به في مواقع ومقامات شتى ، يقولون إن أبا محمود هو صاحب (مدرسة المسايرة) !! لا يكاد يعرف الخصومة بله اللدد فيها، وهو مع حميته للحق والصواب يظل الأقدر على أن يشعرك، عندما يحتدم الحوار، أنه غير محتد، ولا منفعل. بعد أن تعاشره بضعة وأربعين عاماً، كما فعلتُ وتكون معه في حضره وسفره، وجده وهزله، ورضاه وغضبه ؛ تدرك أن صاحب مدرسة المسايرة هذه ، ابن (بلد النوابغ) كما أحب أن يطلق على بلدته جسر الشغور، قادر على أن يسايرك فيذهب معك حيثما شئت ليصير بك في النهاية إلى حيث يريد. كل ذلك بلين ورفق ودماثة وحسن خلق يذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن أحبكم إليّ، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة ؛ أحاسنكم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً، الذين يَألفون ويُألفون..). سهولة ولين ويسر وشفافية كل ذلك ممتزج بصلابة ابن جبل الزاوية بكل شموخه وعنفوانه. حين تعجم عوده بأمر الدين والعقيدة أو قضايا الأمة والوطن ؛ تراه يابس العود، صلب القناة، بعيد المدى، يقول حقاً، وينطق فصلاً. ويمزج بين اللين والشفافية والرحمة والقوة والصلابة والثبات بالطريقة التي تجعل منه (محمد الحسناوي) المفكر والأديب والشاعر والمجاهد الذي يأبى أن يلقي قلمه حتى اليوم الأخير من حياته.

درس أرجو أن يبلغ صاحبه..

في مسيرة دعوية عمرها نصف قرن، امتزجت فيها الغربة والدم والألم، وطفت على السطح مرات كثيرات الطبائع والعوائد البشرية، يحدث أن يستشعر فريق أو فرد أحياناً أنه يملك الحقيقة كاملة، وأن الآخرين، والآخرون هنا هم إخوانه الذين أحبهم ووالاهم وامتزج بهم لحماً ودماً وعصباً، يمارسون عليه أنواعاً من الأثرة، أو يستبدون عليه بأمر له فيه رأي مخالف، في ساعات مثل هذه أو أيام، تحمر فيها الحدق، وتنتفخ الأوداج، وتعلو الأصوات، وتضطرب حبال الود حتى تكاد تتقطع، في هذه الأثناء؛ قد يسعف صاحب قلم أن يفزع إلى قلمه وقرطاسه، ينفث به وعليه ذات صدره، ويسود بياض القرطاس بما يظنه الحق المحض الذي لا شبهة فيه، ليكون كالرجل الذي يقطع يمينه لينتقم من شماله. في رحلة نصف قرن، بكل ما كان فيها من لأواء لا تختصرها الكلمات، كان التلميذ والأستاذ دائماً تحت مظلة واحدة، رغم خلافهما على أمر مفصلي أساسي في مسيرة الحركة. وكان درس الدروس الذي تلقاه التلميذ من أستاذه، والذي أسطره في هذا المقام ليبلغ من أدعو الله له بالسلامة والعافية: ألا تخط سطراً لا يسرك في القيامة أن تراه. وليكن قيلنا وقالنا، ونحن كسائر البشر لنا قيل وقال، في ستر ما بيننا. وألا نشمت في هذه الجماعة التي نحب ونوالي، خصماً أو عدواً. وعندما يذكر البعض أمام الأستاذ الراحل الحبيب الهنات واللعاعات التي تظن أحياناً ببعض الظن أمراً إداً، يجيبك المعلم الراحل أو لم تبايع (وعلى أثرة عليّ) أو لم تتفكر ساعة بايعت في معناها؟!

في الرابعة والستين، كان التلميذ مع إخوانه اليافعين تحت شجيرات حلب مع الأستاذ الداعية، بعد السابعة والستين كنا نطوف على بيوت رجالات حلب الذين اضطر الطغيان إلى الإفراج عنهم، بعد فعلته التي فعل، ليكون التلميذ تحت كنف الأستاذ منذ أواخر الستينات في (وحدة العمل السياسي) في جماعة الإخوان المسلمين. وحدة تغيرت أسماؤها التنظيمية مرات كثيرة لتبقى بصمة الأستاذ المعلم محمد الحسناوي واضحة عليها.

حمل إلينا في أوائل السبعينات تقريراً كتبته صحفية غربية عن أوضاع المسلمين في الاتحاد السوفياتي. كنا يومها، ولما يبلغنا عن حقيقة المد الماركسي العقائدي، يائسين من أي وجود إسلامي حسب مقاييسنا في تلك الديار. ذكرت الصحفية يومها ومازلت أذكر عبارتها، وإن نسيت اسمها، إن هناك ـ في الاتحاد السوفياتي ـ خمسين مليون مسلم يشكلون هماً للإدارة السوفياتية؛ فهؤلاء الملايين حسب تعبيرها، مايزالون يختنون أبناءهم!! ولا أدري كم ضحكنا يومها على الملاحظة التي لم نقم لها وزناً. ولكن الأستاذ المعلم أصر على أن الملاحظة ذات دلالة واسعة، وأن ما تشير إليه كاتبة التقرير سيكون له شأن في يوم من الأيام، ربع قرن مر تقريباً ليكون من أمر الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفياتي ما كان.

في درس آخر في مدرسة الأستاذ محمد الحسناوي ؛ أننا قبيل تفجر الأحداث الدامية في التاسعة والسبعين، جلسنا نقوم الوضع العام، كان توصيفه لهذا الوضع دقيقاً، ومما قال كما أذكر عبارته بدقة: هناك سحابتان مشحونتان تتحركان في مواجهة بعضهما في أفق السماء. الصدام لا يريده العقلاء منا ولا العقلاء منهم، لأنه لن يكون في مصلحة أحد، ولكن كيف نمنع هذا الصدام؟! يخيل إلي أحياناً أن على الضفة الأخرى لم يكن أحد من العقلاء!! وكان أمر الله قدراً مقدوراً.

في توجيهه السياسي كله، كان رحمه الله تعالى، صاحب بوصلة تحدد التوجهات، أكثر منه غارقاً في التفصيلات الصغيرة. كان دائماً يركز على تعظيم الجوامع والمشتركات، يدعو إلى الجادة، ويحذر من بنيات الطريق. منذ أوائل الثمانينات كان يتمسك بضرورة إنجاز مشروع إسلامي عام يتجاوز المفارقة (السنية ـ الشيعية)، ويحذر من الغرق في مستنقع الطائفية المقيت. وعندما يحاول البعض أن يحرجه بالحديث عن الشواهد الفاقعة التي يمارسها الآخرون، يجيب بمقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لست بالخب ولا الخب يخدعني).

أما بالنسبة للأشقاء الكرد، فمع اشتراكي معه في أصل الرؤية من حب واحترام وتقدير واستشعار بمعاناتهم في آفاقها الإنسانية والوطنية ؛ إلا أنه نجح أكثر في الوصول إلى قلوبهم، وكسب ثقتهم. كان كثير الإلحاح على ضرورة الالتحام بشكل أفضل معهم. متمسكاً بخصوصية مفاتيح الخطاب لكل مقام. يقول لك معلماً بروح الأنس: إن مراعاة خصوصية الخطاب هي التي تجعل الحقيقة الواحدة مقبولة في صيغة ومرفوضة في أخرى.

أعلم أن الأخ الحبيب الراحل محمد الحسناوي لن يقرأ هذه الكلمات، ولن أرفع سماعة الهاتف بعد اليوم لأتلقى منه ما ينتظره تلميذ من أستاذ. أعلم أنه في منزله الجديد، لا يمسك ورقة ولا قلما، ولا يسجل دوراً كعادته ليدلي برأيه الذي ينتظره الجميع. ولكنني أحسب* – ولا أزكي على الله أحداً – أن الأستاذ محمد الحسناوي في مقامه الجديد يستمع إلى صرير أقلام الحق ترقي به درجة بعد درجة وأفقاً بعد أفق.. لأن أقلام الفضل والأجر التي تكتب ما قدم أهل العلم والفضل لا تستقيل، وإنما تظل تتبع آثارهم إلى يوم الدين. (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين).

رحم الله الأستاذ الداعية محمد الحسناوي، وغفر ذنبه وأحسن نزله، وتقبله عنده في عليين. اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله.. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا

(إنا لله وإنا إليه راجعون)

ـــــــــــــــــــــ

*تم تبديل كلمة (على يقين) بكلمة (أحسب) بناءً على ملاحظة من الأخ الفاضل محمد زهير الخطيب ، فجزاه الله خيراً.

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

07/03/2007

 


تعليقات القراء

 

سعيد ثابت ـ اليمن

عظم الله أجرنا جميعا بوفاة الأخ والأستاذ والمربي الكبير محمد الحسناوي (أبو محمود) ولله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل.

أتقدم بأحر التعازي لكل الإخوان في الوطن العربي والإسلامي لوفاة المرحوم بإذن الله تعالى محمد الحسناوي سائلا المولى الكريم أن يتغمده بواسع رمته ويلهم أهله وإخوانه ورفاق دربه الصبر والمواساة.

لقد خسرنا جميعا هذا الطود الأشم ونحن كنا بحاجة إلى فتوحاته الفكرية والأدبية والسياسية، وبحاجة إلى نصائحه وتوجيهاته التي هي خلاصة تجاربه الطويلة في عالم الغربة والمعاناة، وسلوتنا أننا نحتسبه عند الله راضين بقضائه وقدره، واثقين أنه مات على العهد وعلى الوفاء بمبادئ دعوته ورسالته التي ما فرط بحقوقها عليه يوما، وصمد يوم ارتجف كثيرون، وأقدم يوم أحجم آخرون، وثبت يوم تساقط الانتهازيون، فرحمه الله وإنا لله وإنا إليه راجعون.

---------------------

جان كورد

تعرفت على الأستاذ محمد الحسناوي معلما لي في مدينة عفرين في ستينات القرن الماضي، وبعدها كمشرف على لجنة تصحيح امتحانات الكفاءة السورية في حلب، حيث كنت من ضمن لجنته، وفي تلك الأثناء حدث الهجوم على طلاب مدرسة المدفعية بحلب، وكنت في  وقت سابق لتلك الامتحانات مشاركا في حوار بمنزله العامر بالكتب بينه وبين مسؤول كبير في القيادة المرحلية للحزب الديموقراطي الكوردي للتباحث حول القضية الكوردية بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص... عرفت في هذا الإنسان الكبير - رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه-  مسلما صادقا، محبا للإنسان ومتعاطفا مع قضايا المستضعفين، وأتذكر أنه أهداني كتابا عن البطل الكوردي صلاح الدين الأيوبي وقال : " لو أعلن الزعيم مصطفى البارزاني أن ثورته إسلامية لكنت أول ملتحق به..." كما يتذكر معي العديد من الأكراد وقفته الشامخة عندما كان يدرسنا في عفرين في وجه البعثيين الذين كانوا ينكرون كوردية صلاح الدين الأيوبي، وكيف وصل الأمر إلى حد الشجار العنيف، فخطب غير آبه بهم وغير مرتعد مادحا بالكورد ومدافعا عن الحقيقة التاريخية ... وفي مقابلة أجريتها معه قبل عامين اتضح لي أكثر بأن الأستاذ الحسناوي كان ضد التطرف ومع الحوار بين الأطراف المتناقضة، وأنه كان وطنيا سوريا كبيرا ومدافعا عن عدالة القضية الكوردية وإسلاميا منفتحا على الآخرين وصادقا في دعوته للحوار بين الحضارات

ولذا أقول بأن رحيله بعيدا عن موطنه وأهله ومدينته وكتبه إهانة للإنسانية يتحمل وزرها المجرمون الحاكمون في بلادنا 

أدعو الله أن يتغمده برحمته وفضله ويسكنه الفردوس الأعلى

---------------------

محمد زهير الخطيب

جزاك الله خيرا أخي زهير وغفر لنا ولكم ولفقيدنا الغالي

مقالك عن الأستاذ الحسناوي قوي ومؤثر ونسأل الله أن يتقبل منك كلماتك الطيبة

---------------------

فايز علي يوسف

رحم الله الأستاذ الداعية محمد الحسناوي، وغفر ذنبه وأحسن نزله، وتقبله عنده في عليين. اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله.. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا

(إنا لله وإنا إليه راجعون)

---------------------

مؤمن محمد نديم كويفاتيه سوري في اليمن

الحسناوي من كلمات قالها حكم ومنهاج

محمد الحسناوي في سطور أتى بها تلميذه المعلم زهير سالم أبو الطيب حفظه الله بقوله أولا(وإنا على فراقك يا أبا محمود لمحزونون..) فكم فقدنا من الاحبه الكرام طوال فترة الغربه الطويله وعلى مثلهم فلتبكي البوكي الشامخين الذين قل لهم المثبل بعضهم قتل واستشهد في زنازين ال الاسد تحت وطأة التعذيب الشديد  وبعضهم قتل برصاصهم الغادر وبعضهم قضى نحبه وفي قلبه مرارة الفراق والبعد عن الوطن والاحباب والاهل والاصحاب وذكريات الصباوأحلام الطفوله واشجار الزيتون والطرقات العتيقه ومنهم شيخنا الفاضل والشاعر الاديب الكبير الحسناوي رحمه الله الذي لازلت اسمع رنين محاضراته فينا التي كانت تمضي سريعا لسهولتها وسلاستها وكثرة معانيها وفائدتها الجمه وكنا نتمنى عليه المزيد من الوقت

وثانيا بقوله  ألا تخط سطراً لا يسرك في القيامة أن تراه كلمات في الميزان ثقيلات معبرات ذواتا مدلولات كثيره ان يكون عملك خالصا لوجه الكريم وان تنسى نفسك من اجل الاخرين ارضاء لرب العالمين فأنت مع اخوانك ان تكون كالبلسم الشافي كلما طرأ طارئ ان تقوم على سرعة علاجه وأنت مع الاصدقاء عنوان يحتذى به تقرب ولاتبعد تمتن العلاقات وتعمل على مزيد من التقارب الى درجة التمازج وانت مع الخصوم شريفا في الخصومه ولا تعمل على التأجيج والتنفير بل على التحيد وانت مع الاعداء صلبا قويا شامخا راسخا مؤمنا بعدالة قضيتك وعندك الاستعداد ان تموت لاجلها كدفاعك المشروع عن حقوق مواطينيك وسلامة بلدك ورفعة شأنه ابتغاء وجه الله وحده لا من اجل ان تأخذ الاوسمه وتنال النياشين ويسطر اسمك في سجل الخالدين الزائفين الذين سرعان مايزولون من ذاكرة التاريخ ويبقى ذاك الجليل الذي ترفع عن الدنيا وزخرفها علما في الخالدين عند الله سبحانه

وثالثا بقوله قادر على أن يسايرك فيذهب معك حيثما شئت ليصير بك في النهاية إلى حيث يريد أي لغة الاقناع والعوه الى سبيل الله بالحجة والموعظة الحسنه والكلمه الطيبه لا بالارهاب او كثرة الصياح او توجيه الاهانات والسباب او محاولة تشغيل العضلات او الترهيب بالسلاح وهذه اللغه أخذها عن الحبيب محمد صلى الله وعليه وسلم حين يأتيه الرجل ليسلم ولكنه يشترط عليه ان يسمح له بالزنا فيدعه يكمل حديثه ثم يحاوره بلغة العقل والمنطق السوي وغير ذلك من الامثله

ورابعا قوله المأثور عن السلف (لست بالخب ولا الخب يخدعني).وان كنت اخالف هنا استاذنا الفاضل ابو الطيب بكلمة الخب الفارسي الذي خدعنا حينا من الزمن واستطاع ان يجمل نفسه في اعيننا فنال تأييدنا واذا بنا بعد حين تتكشف لنا الامور ولا نراه الا على حقيقته في عداءه لنا في اسلامنا وديننا وعقيدتنا وأطماعه في ارضنا ودليلنا على ذلك كل الوقائع التي جرت منذ وصولهم بثورتهم لسدة الحكم في ايران ومحاولتهم تصديرها لنا وباختصار عدد ضحاياهم بالملايين من ابناء امتنا الاسلاميه في ايران والعراق وسوريا ولبنان وافغانستان وباكستان وغيرهم اثر تبنيهم الفكر الطائفي والعرقي وتقسيم الناس على هذا النحو فأشعلوا الحروب ودمروا الكروم واثاروا الفتن وما جرى ويجري على ارض الواقع لهو خير تعبير لما اقول

وختاما اسأل الله ان يرحمه برحمته الواسعه وان يعوض له عن سنين الغربة والمعاناة والمصابره بخير الجزاء عنده وان يجمعنا واياه يوم القيامه عند حوض النبي صلى الله وعليه وسلم تحت عرش الرحمن نشرب شربة ماء لانظمأ بعدها ابدا وان يدخلنا مدخلا حسنا وان نكون جميعا ولمن قال امين في عليين مع النبيين والصديقين والصالحين امين 


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ