ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 21/01/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

رؤيـــــة

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

 

 

   ـ دراسات  ـ كتب

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الهجرة

يقين وتصميم وعزيمة

زهير سالم*

كانت الهجرة في بعض معانيها تعبيراً عن اليقين يملأ نفس الداعية بصدق الرؤية. كانت محاولة للنفاذ في واقع انسدت آفاقه، وبدا، حسب معطياته المادية، أن المناخ ليس مواتياً، وأن الاستمرار في المحاولة في نفس الظروف يعني هدراً للمزيد من الوقت والجهد. والوقت والجهد، بالنسبة للداعية العامل الذي يرقب حركة الشمس، رأسمال أولي، لا تقر الحكمة التفريطَ بهما، أو التغاضي عنهما.

كانت في قريش زعامة أغلقت على نفسها أبواب المعرفة، وعجزت عن إدراك سر المشروع الرباني، بأسلوب البلاغ الأولي التي يؤثرها القرآن، بلاغ بالحكمة والموعظة الحسنة. كان في مكة قوم منعهم اللدد في الخصومة من قبول البشارة التي حملها المشروع الرباني العظيم (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لداً..) كان المتقون في مكة قليلاً مستضعفين.

ولكنّ اللدد في الخصومة، والمضي بها أو فيها من الألداء حتى النهاية؛ لم يحبط الداعية، ولم يلفه بظلمة اليأس، ولم يجعله يستسلم للعجز أو للقنوط. لم يقل الداعية: دعوت وما من مستجيب، وحاولت ولا جدوى!! لم يحاصره ضعف الإمكانات، ولم تقعده قلة الوسائل. كان اليقين بحقيقة (الرؤية) يملأ نفسه، وينشىء فيها حالة من التصميم على المضي في المشروع إلى الهدف، وكان التصميم يولد العزيمة طاقة بنّاءة ترود الآفاق دائماً، بحثاً عن (النصرة) للحماية وللتمكين. كانت الحماية في الهجرة إلى الحبشة في فوجين متتاليين. وكان طلب التمكين في العرض الدؤوب على رجالات العرب في المواسم.

لك أن تتصور معنى أن يطوف الداعية على منازل العرب، يعرض نفسه عليهم طالباً الحماية والتمكين. لك أن تتصور الأجوبة المختلفة التي يمكن أن يلقاها هذا الداعية من هذا أو ذاك!! كان ما كان من أهل الطائف يوم الطائف صورة بعض منها. ولكن كل هذه الأجوبة، وكل تلك الطرائق في الصد أو الرد، في التوهين أو الاستنكار لم توهن العزيمة ولم تنل من التصميم، ولم تسمح للشك أن يتطرق إلى اليقين.

كانت الهجرة تعبيراً حياً عن الإرادة الصادقة والعزيمة الماضية والتصميم على بلوغ الهدف، مهما كلف من تضحيات. لا الوطن ولا الأهل ولا المال ولا التحديات التي فرضتها القوى المعاكسة بكل ثقلها وتلونها؛ أقعدت الداعية عن هدفه.

وقف الداعية على أطلال مكة، يناجيها: ولولا أن قومك أخرجوني ما خرجت، كان الوطن عزيزاً على النفس، حبيباً إلى القلب؛ ولكن الهدف كان أكثر التصاقاً بالروح التي ترود للعالمين أفق الرحمة، وترود للقوم أفق العزة والمجد.

وسار الداعية على درب الهجرة، مع صاحبه الصديق رضي الله عنه، يملؤه، كما هو دائماً، اليقين بصدق الرؤية، دون أن يخل هذا اليقين بما تقتضيه السنن من مراعاة للواقع بأبعاده المادية وظروفه القاسية: يختبئ في الغار، وهو موقن بمعية الله، متلبس بالسكينة، واثق من أن هؤلاء المتعقبين لن ينالوه ولو ببعض الأذى!!

يمضي في طريقه، يداعب الطلب الذي تمثل في (سراقة بن مالك) ذلك البدوي الذي أطمعته نياق قريش المئة!! يداعبه ببشرى من يستعلي على الزمان والمكان ويستشرف آفاق المستقبل الرحب الريان: كيف أنت يا سراقة إذا لبست سواري كسرى؟!

الهجرة سعي إلى دار الحزم والتمكين والفعل والنفاذ، وتحول عن الوطن، الأرض والأهل والعشيرة إلى وطن المشروع، ووطن الهدف للمضي به إلى غايته.

الهجرة تحول من أرض إلى أرض، ومن قوم إلى قوم، من ركود يكون في بعض معانيه الغفلة عن دوران الفلك إلى أفق مفتوح يموج بالحركة وبالتقدم وبالانتصار.

درس من الهجرة ينبغي على كل القانعين والقاعدين واليائسين والمحبطين والغافلين عن دورة الفلك أن يعيدوا قراءته.

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

21/01/2007

 


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ