ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 16/03/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الديمقراطية والدين

محمد زهير الخطيب / كندا

abusinan@yahoo.com

هل تستطيع الديمقراطية أن تلغي الديمقراطية؟

في النظام الديمقراطي حيث الحكم للأكثرية، هل تستطيع الاكثرية إتخاذ قرارات بتجريد الاقلية من أموالها وحقوقها؟

هل تستطيع الاكثرية أن تشرع في الدستور الظلم والتحييز؟

هل تستطيع الاكثرية أن تلغي الديمقراطية؟

قد يكون الجواب نعم من الناحية النظرية، غير أن هذا أمر غير واقعي من الناحية العملية،

حيث أن للديمقراطية أعرافا ومبادئ قد تكون مكتوبة او غير مكتوبة غير أنها بدون شك موجودة ومعتبرة ومتشابهة في كل الانظمة التي يصلح أن تسمى ديمقراطية ... إننا نجدها في الفقرات الاولى من أي دستور ديمقراطي ... إنها بكل بساطة مبادئ العدل والمساواة والحرية والكرامة وتكافؤ الفرص ...

وهي مبادئ الفطرة السليمة ومكارم الاخلاق وحلف الفضول ومنظمات حقوق الانسان ... إنها روح التعاليم الدينية لعلاقة الانسان بالمجتمع.

فعلى سبيل المثال: نجد أن مقدمة الدستور الاميركي تقول بالحرف الواحد:

We the people of the United States, in order to form a more perfect union, establish justice, insure domestic tranquility, provide for the common defense, promote the general welfare, and secure the blessings of liberty to ourselves and our posterity, do ordain and establish this Constitution for the United States of America.

وترجمة ذلك: نحن شعب الولايات المتحدة، لأجل تحقيق الاتحاد كامل، وإقامة العدل، وتحقيق الامن الداخلي، وتوفير الحماية العامة، وزيادة الخير العام، وضمان نعمة الحرية لأنفسنا ولذرياتنا. نسن ونرسم هذا الدستور للولايات المتحدة الامريكية.

وعليه فإن الديمقراطية بالاضافة الى أنها الاحتكام الى صناديق الاقتراع فانها أيضا مجموعة من المبادئ الاخلاقية والاجتماعية التي تصلح لأن تجتمع عليها اصوات ثلثي الامة أو أكثر، وهو المقدار الذي يلزم لاجراء تعديل دستوري في أغلب الانظمة الديمقراطية.

هل نختار الدين أم الديمقراطية؟

إن في هذا السؤال مغالطة تجعل من الديمقراطية ندا منافسا للدين وهذا غير صحيح، إن يشبه أن نسأل هل نختار الدين أم مكارم الأخلاق؟ لقد بذل كثير من الكتاب المسلمين جهودا كبيرة ليقنعوا الناس أن الديمقراطية ليست من الدين بل هي كفر ... وهذا في الحقيقة ظلم للديمقراطية وتجن عليها، إن الديمقراطية الحل الامثل للمجتمعات المتعددة الاديان والمذاهب والاتجاهات، وهو حال معظم الدول في عصرنا هذا، وهو يشابه حال الدولة التي نشأت في المدينة المنورة بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها، فقد أصبح في المدينة أكثرية مسلمة وأقلية يهودية، وكان الحل هو إبرام عقد إجتماعي واقعي عادل يشمل علاقات الانسان الثلاثة:

1ـ علاقة الانسان بنفسه يحددها الانسان بنفسه حسب أفكاره أو دينه

2ـ علاقة الانسان بربه يحددها الانسان بنفسه حسب أفكاره أو دينه

3ـ علاقة الانسان بمجتمه يحددها عقد اجتماعي يقوم على العدل والمساواة والحرية، وينظم المصالح المرسلة الكثيرة التي يحتاجها الناس في حياتهم اليومية ، ومنها مثلا الديات الذي تشترك في أدائها القبائل بحسب علاقاتها القبلية لا بحسب دينها، فيتعاون فيه المسلمون مع اليهود بحسب قبائلهم وصداقاتهم القديمة، كما يضع هذا العقد الاجتماعي صيغة للدفاع المشترك عن المدينة كل من جهته ...

إن هذا العقد الاجتماعي هو صورة من صور الديمقراطية، صورة مبسطة واقعية تتناسب مع طبيعة ذلك المكان والزمان،

أما اليوم وفي عالم أصبح الناس فيه كأنهم في قرية واحدة، وأصبح المهاجرون والاقليات والاختلاط السمة العامة لمعظم البلدان، فلا شك أن الطرح الديمقراطي هو صيغة عادلة واقعية حضارية صالحة للحياة الاجتماعية، وقابلة لأن يجتهد المصلحون والمنظرون في طرح أفكارهم وعقائدهم فيها في جو من الحرية والعدالة والمساواة، إنها المركب الحيادي الذي يسع الجميع، ويقوده الربان الماهر الذي يقنع الناس بمنهجه وأفكاره ويسير بهم في رحلة سلام برضاهم وحبهم. وفرص الصالحين والنزيهين في الديمقراطية أكبر من فرص المفسدين والكاذبين، لأن للفساد روائح نتنة تفوح منه ولو بعد حين، وحبل الكذب جد قصير ...

المتدينون والعلمانيون:

إن هذه النظرة الجديدة الى الديمقراطية ستجعل المتدينين والعلمانيين يقفون صفا واحدا أمام الظلم والفساد. وينتقلون من حرب داحس والغبراء الى اللقاء على ما اتفقوا عليه وعلى إعذار بعضهم بعضا فيما اختلفوا عليه.

إنهم قد اتفقوا على العدل والمساواة والحرية، واتفقوا على محاربة الظلم والفساد والاستبداد، فليلتقوا على ذلك.

وقد اختلفوا في أديانهم ومعتقداتهم وثقافاتهم، فليعذر بعضهم بعضا في ذلك. 

إن كثيرا من المتدينين أصبحوا مقتنعين بان الدولة المنشودة هي دولة مدنية، قرأت هذا للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ولعدد من الاخوان السوريين، كما أن كثيرا من العلمانيين أصبحوا يدركون أن عدوهم الحقيقي هم المستبدون والفاسدون وليست الشريحة المتدينة المتنورة من المجتمع.

الدولة الدينية والدولة المدنية

الدولة الدينية هي الدولة التي تلتزم بدين معين وتعتبر أن مصدر التشريع هو هذا الدين فقط، ومثال هذه الدولة دول الخلافة الراشدة حيث لم يكن في الجزيرة العربية آنذاك أقليات وأديان غير دين الاسلام.

الدولة المدنية هي الدولة التي تلحظ وجود التنوع والتباين في أبناء الوطن، فتضع قوانين وتشريعات توفر العدل والمساواة والحرية لابناء الوطن وتوفر الحماية للاقلية من جور الاكثرية، ولحسن الحظ أن هذه القوانين كما ذكرنا سابقا هي قوانين الفطرة السليمة ومكارم الاخلاق وحلف الفضول ومنظمات حقوق الانسان ... ولو حصل بعض الاختلاف بين المتدينين وغيرهم في البرلمانات فعلى الجميع أن يبذلوا وسعهم في أجواء من الحرية لبيان الحق وإقامة الحجة على الآخرين، ولو كان البرلمان يضم الراشدين من الامة فقد كان القرآن يبحث عن رجل رشيد ( أليس منكم رجل رشيد)، فلعل رجلا واحدا رشيدا في برلمان يقوم على الحرية والعدالة حري بأن يهدي قومه سبيل الرشاد، بالحجة والاقناع لا بالادعاء بأنه يملك سلطة إلهية تخوله إلزام الآخرين.

إن المرونة وسعة الافق مطلوبة من جميع الاطراف، ومطلوب من المتدينين أن يوضحوا باخلاص أن برنامجهم في الحكم لن يتعرض للحريات الشخصية وحريات الاعتقاد والنشر والتعبير... ولا شك أن الموضوع فيه تفصيلات كثيرة وتطبيقات قابلة لأن تكون متطرفة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وحتى لا يكون كلامي خياليا أرى أنه من المناسب ذكر التجربة التركية كصورة تقريبية لما أقول، إن حزب العدالة والتنمية يقدم نفسه على أنه حزب ديمقراطي وأنه ليس حزبا إسلاميا، غير أنه بتطبيقه لمبادئ الديمقراطية فإنه يطبق الجانب الاجتماعي من الاسلام من عدالة ومساواة وحرية ... وهو ساحة العمل الصحيحة للسياسين والحكام، أما علاقة الانسان بنفسه وربه فتترك للدعاة والمصلحين من كل رأي ودين ليعرضوا بضاعتهم في أجواء العدالة والحرية والشفافية التي توفرها الديمقراطية، والبقاء للاصلح ... إنهم يسعون لتطبيق الجانب المهم من الاسلام الذي ينظم حياة الناس، ويسعون لتحسين علاقة الناس بربهم لا بقتل المرتدين وسجن تاركي الصلاة بل بنشر الحرية وتوفيرالعلم والمعرفة للناس ...

الديمقراطية والاستغلال؟

هل الديمقرطية مستعصية على الاستغلال والفساد؟ كلا،  غير أن هذا هو خروج عن الاصل وصيد في الماء العكر، فان الديمقراطية مثلها مثل غيرها قابلة للاساءة والاستغلال والتضليل وخاصة في الظروف الصعبة والاستثنائية، حيث يحاول المستبدون تعطيلها بشتى الوسائل والحجج والاعذار ...

وأخيرا قد لا تكون الديمقراطية أفضل طريق، غير أني أجدها أكثر الطرق واقعية في هذا العالم الذي أصبح صغيرا.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ