ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 26/02/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


زيارة شيراك لآل الحريري

هل هي اعتذار فرنسي للسنة في سورية ولبنان

سلمى السهروردي

أكثر من نصف قرن مضى على مغادرة الفرنسيين الشواطئ الشرقية للمتوسط. البحيرة التي يعبث على ضفافها المتقابلة أطفال عرب وآخرون فرنسيون يجمع بينهم ميراث من الحضارة راكموه في تاريخ الإنسانية.

في ربع قرن من الانتداب الفرنسي، وضع الفرنسيون أسس الحياة السياسية في المنطقة، وأعطوا هذه الحياة تسارعها الأولي، وتعهدوا بحمايتها والدفاع عنها في المحافل الدولية فيما بعد.

ـ في لبنان انحاز الفرنسيون إلى المسيحيين، لأسباب قد تبدو مفهومة عقائدياً لا سياسياً، فأوجدوا الفرقة بين اللبنانيين، ودفعوا فريقاً منهم، رأى نفسه بلا ناصر، إلى الاستناد إلى قوة خارجية وإن لم تكن موازية. لم يشهد لبنان صراعاً ساخناً (سنياً ـ مسيحياً)، وأحداث الستينات من القرن التاسع عشر كانت صراعاً بين (المسيحيين والدروز) أي بين المدنية والبداوة كما يستطيع أي محقق اجتماعي أو انتربولوجي أن يلحظ.

ـ وفي سورية، انحاز الفرنسيون أيضاً إلى (الجبليين) ضد الحياة المدنية التي يغطي دائرتها (السنيون والمسيحيون). كان انحياز الفرنسيين منذ وصولهم إلى (الجبليين) محسوماً، فقد وجد فيهم الفرنسيون حليفاً استراتيجياً يقوم على مشروعهم التخريبي الذي أرادوه، لتبقى شعوب المنطقة معلقة في الفراغ التنموي والتعبوي.

بعد الحرب العالمية الأولى وصل الفرنسيون إلى المنطقة وانتشروا فيها حسب معاهدة (سايكس ـ بيكو) وقوضوا (الحلم العربي)، وأطاحوا بالدولة السورية الوليدة التي انبثقت عن المؤتمر السوري الأول، وأعلنت فيصل بن الحسين ملكاً على سورية. كان الوعد الفيصلي يتجسد في دولة عصرية ديموقراطية علمانية تتأسى الأنموذج الغربي (الكمالي) التركي. هذا الحلم وأدته فرنسة المستعمرة لتؤسس في سورية لعهد يقوم عليه حفنة من الجبليين المتعطشين للسلطة والمال.

كانت فكرة (الطوائف) ومهماز (الأقليات) تستعمر الذهنية الفرنسية ـ كما هو حال الذهنية الأمريكية في العراق ـ هجمت فرنسا على الواقع السوري بلا سابق خبره اللهم إلا نقمة خلفها ذلك الاندحار البائس الذي واجه امبراطورها الأعظم على أسوار عكا، التي كانت تعتبر بوابة من بوابات سورية الكبرى.

كانت المراهنة الفرنسية على الواقع الأقلوي أو الطائفي واضحة، فبادرت إلى تقسيم سورية إلى خمس دول طائفية ومناطقية!! في لبنان حاصرت فرنسا نفسها في دائرة لبنانية صغيرة متخلية عن جملة الساحة اللبنانية، متناسية القاعدة الذهبية (إذا كنت تستطيع أن تكسب الكل فلا تقنع بالجزء).

وفي سورية مارست فرنسا دوراً غير مسبوق في إذكاء المشاعر الطائفية في تركيبة الدولة والمجتمع. كانت فكرة (حزب الطوائف) كما أطلق عليه أمينه العام (منيف الرزاز) فكرة فرنسية بامتياز، حملها معه الأمين العام المؤسس للحزب اليوناني الأب الذي جعلت منه فرنسا المبشر الأول بالقومية العربية للحياة السياسية في مستواها المدني.

ثم جاء تأسيس الجيش السوري، القوة التي جهزت لتحكم سورية مستقبلاً تأسيساً طائفياً، تدبيراً فرنسياً لحماية المشروع الفرنسي والغربي في المنطقة.

وفي حلف غير مقدس بين قادة حزب الطوائف وبعض كبار الضباط من الطائفيين في الجيش السوري، كانت الدولة الخداج. أو قلعة (الموت) التي أعادت التأسيس لدولة الحشاشين من جديد.

فرنسياً أو عالمياً أنيط بهذه الدولة أمران أساسيان: الأول، تخريب البنية التحتية لإقليم هو من أغنى أقاليم المنطقة في حينها بالطاقات والثروات، وإفشال أي مشروع تنموي على الصعيد الداخلي.

والثاني، التغطية على قيام دول إسرائيل، وحمايتها من أي مشروع تحرير رسمي أو شعبي مستقبلي.

وهما المهمتان الاستراتيجيتان اللتان تعهد بهما الحكم العسكري في سورية. ولا يجاحد في هذا إلا المكابرون أو الأغبياء.

كان شعار (الاشتراكية)، على غناه الاقتصادي والإنساني، معبراً للتدمير الاقتصادي، وسلب الثورة الوطنية (ثروة جبلي واحد يعيش خارج سورية مع حاشيته تفوق دخل الدولة القومي!!).

كما كان (الزعيق الثوري) معبراً لعدوان السابعة والستين، وما كان بعدها لا يخفى على إنسان.

في بنية الحديث عن الدور الفرنسي المريب يتوجب أن نشير إلى الدور الديغولي في تسهيل انزلاق الموقف العربي، والوعود الكاذبة التي قطعتها الحكومة الفرنسية على نفسها برفض مترتبات العدوان!!

الأسباب التي دفعت فرنسا إلى تبني (المسيحيين) في لبنان مفهومة ومباشرة. وإن كانت الطبقة الواعية من اللبنانيين قد بدأت بنفض اليد من فرنسا. ولكن الأسباب التي دفعت فرنسا إلى تبني الأقلية (الجبلية) في سورية وتمكينها من المجتمع السوري وإذلاله بسلطتها تلقي علامات استفهام مبهمة.

يتحدث بعض المؤرخين عن عريضة استعطاف قدمها وجهاء الجبل إلى الحكومة الفرنسية عشية الاستقلال، وعن وعد فرنسي بتمكين الطائفة وحمايتها شبيه بوعد بلفور!! وسواء أصحت هذه الوثيقة أو لم تصح فإن فرنسا قد انحازت في سورية إلى (الأقلية الجبلية) مخلفة وراءها المجتمع المتمدن في سورية بشرائحه المسلمة والمسيحية.

بل إن الأغرب والأبعد عن الفهم، أن فرنسا منذ أواسط السبعينات، وحتى أشهر مضت، وفي موازنة سياسية مباشرة تخلت عن حلفائها التقليديين في لبنان لمصلحة أولئك (الجبليين) فأدارت ظهرها للمجتمع المتمدن في لبنان، وأرخت العنان لأولئك (الجبليين) يذلون المجتمع اللبناني على الطريقة التي يريدون.

بهذا الانحياز غير المتحضر الذي مارسته السلطات الفرنسية المتعاقبة، تكون قد انحازت إلى جانب البدائية والعنف والاستبداد ضد كل ما هو إنساني وحضاري متمدن. خلال عقود أربعة مارس هؤلاء الجبليون السياسة على طريقة (حز العنق) التي يتبعها إرهابيو العراق اليوم!!

لن نذكر الرئيس شيراك بعمليات القتل الجماعي التي نفذها هؤلاء (الحطابون) المنحدرون من الجبال بحق أبناء سورية ولبنان.

نذكره فقط بغض الطرف الفرنسي المخجل والمهين لشرف فرنسا ولمدنيتها عن الجرائم التي يندى لها جبين الإنسان. شيراك الذي لا يزال يعتبر نفسها داعماً لهؤلاء الحطابين لم يدرك الموقف الذي طوره السوريون المتمدنون من مسلمين ومسيحيين لدفع شر هؤلاء الجفاة.

معادلة جديدة على الساحة السورية لم يدركها شيراك العلماني المسكون حتى اليوم بهاجس الطائفية، والمشغول بترهات رمزية الحجاب.

قتل الحريري في لبنان لأنه قارب كسر الطوق الطائفي وبناء الموقف المدني الموحد الذي يلتقي مع البطرك صفير والزعيم جنبلاط.

السوريون واللبنانيون يعتبرون فرنسا شريكاً مباشراً في الإثم الذي مورس عليهم طوال أربعة عقود ومن هنا فإنهم يتوقعون من الرئيس شيراك أكثر من زيارة مجاملة لآل الحريري. يتوقعون منه اعتذاراً رسمياً للحياة المدنية العامة في سورية ولبنان. ولقاعدتها الشعبية التي تخلى الغرب عنها، وباركت الحكومات الفرنسية المتعاقبة ذبحها.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ