ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 08/01/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


خيبة أميركية في العراق

د. محمد أحمد النابلسي*

     الخيبة الأميركية أمام سقوط مشاريعها الشرق أوسطية السابقة ضئيلة في مقابل الخيبة الراهنة. فعندما سقط مشروع حلف بغداد، كانت الولايات المتحدة بصحتها الكاملة ومن هنا قدرتها على ابتلاع الفشل، وقبله قدرتها على تخطيط أفضل للموضوع.

ففي تلك الفترة من الخمسينيات كان الاقتصاد الأميركي معافى، أما السياسة الخارجة الأميركية فكانت تمتع بسطوة كبيرة على حلفائها في المنطقة والعالم.

وكانت هذه العافية ممتدة إلى هؤلاء الحلفاء إذ كانت إسرائيل وتركيا وإيران في أوج قوتها العسكرية الاقتصادية وكل هذه المظاهر الصحية كانت مدعومة بأجهزة مخابراتية قادرة وحرة في تنفيذ العمليات القذرة.

     في المقابل كانت الدول المعارضة لحلف بغداد دولاً فقيرة وضعيفة. ومع ذلك فهي تمكنت من إسقاط هذا الحلف. وكان هذا السقوط مرتبطا بمعادلة المصلحة الأميركية،وهي معادلة تدفع بأميركا للتراجع عن أي مشروع يهدد مصالحها. فالمبدأ الأميركي يقول  بأن رب البيت العاقل لا يصنع في بيته ما يمكنه شراءه من الخارج بكلفة أقل.

الإدارة الأميركية الحالية خرجت على هذا المبدأ وعلى كل المبادئ التي وضعت الخطوط الحمراء الحائلة دون تورط استراتيجي أميركي. وكانت حرب فيتنام مصدراً للمزيد من هذه الخطوط الحمراء التي داستها إدارة بوش. وذريعة ذلك هو الضعف الأميركي على الصعيد الاقتصادي والسياسة الداخلية والخارجية.

هذا الضعف الذي يقارب الانهيار هو الذي يعطي لبوش الإبن صفة "الماشيح المخلص" عبر هيجانه الهوسي في مناطق النفط في الشرق المسلم. هذا الهيجان المنتشي بالتفوق العسكري، والذي يربط سقوط المشاريع الأميركية السابقة بخوف الرؤساء السابقين من المبالغة في استخدام القوة. في حين يتمتع بوش بالشجاعة الكافية لاستخدام أقصى حدود القوة ( أو هكذا أقنعه الصقور على الأقل). مثال ذلك أن نيكسون تقبل هزيمة فيتنام لأنه خاف من الخيار النووي أما الرئيس كلينتون فهو عجز برأي بوش وفريقه عن تحقيق أية حلول للمشاكل الأميركية لأنه رفض استخدام أسلحة ذات ثمن استراتيجي وذلك أيضا بدافع الخوف.

هكذا تم إقناع بوش بأنه الرئيس الشجاع الثاني بعد ترومان الذي خلق زعامة أميركا العالمية بجرأته على إلقاء قنبليتين نوويتين على اليابان وكان مستعدا لإلقاء قنابل أخرى لو لم تستسلم اليابان في حينه.

إلا أن الشكوك بشجاعة بوش تتراكم عبر أنباء اختبائه عقب حوادث 11 أيلول وعدم خروجه من مخبئه إلا بعد أن نهرته أمه باربارا ، ومن علائم ضعف الشجاعة أيضا اختيار بوش لأضعف دول العالم (أفغانستان، والعراق) لمحاربتها. في حين أنه يتهرب من مواجهة دول أقوى قليلا منها ( كوريا وإيران). بل أنه يلجأ للاختباء وراء الدول المتضررة من تنامي قوة هذه الدول (أوروبا بالنسبة لإيران الصين بالنسبة لكوريا). حتى أنه يطلب وساطة هذه الدول في الحوار مع هؤلاء الأعضاء في محور الشر.

    حجة إدارة بوش في اعتمادها أسلوب المقامرة العسكرية والسياسية تقوم على كون سياسات كلينتون مجرد حلول مؤقتة غير قابلة للاعتماد على الدوام, وبالنظر إلى ضخامة الأزمات الإيرانية فإن الهياج الهوسي والتهديد بإمكانية تحول أميركا إلى الحمق هو الحل الوحيد للحالة الأميركية.

وواقع الأمر أن مقامرة بوش قد تمكنت فعلا من تحقيق جملة أهداف استراتيجية أهمها.

1- ـ تصدير الفوضى الداخلية الأميركية إلى الخارج، بحيث بات الداخل الأميركي يخشى الإرهاب. وهو يجد فيه عدوا مهددا مما يصرفه عن الإضرابات والشغب العنصري وغيرها من مظاهر الفوضى.

2- ـ إحداث زلزال جيو سياسي في المنطقة النفطية الشرق أوسطية بحيث يستحيل إعادتها إلى حالة ما قبل حربي العراق وأفغانستان،وبحيث يستحيل ترتيبها بدون تدخل أميركي.

3- ـ تعويم الشركات الأميركية المفلسة، وفي طليعتها شركة ديك تشيني المسماة هاليبرتون، وذلك باستغلال النفط العراقي.

4- ـ إيجاد خلل علائقي بين دول المنطقة. قوام الخلل إضعاف القوى والمؤسسات الإقليمية مع تحويل المرجعية إلى القوة الأميركية الطارئة في العراق مثال ذلك تجرؤ البحرين على تحدي السعودية بتوقيعها اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا وهو أمر كان مستحيلا قبل احتلال العراق.

5- ـ امتلاك أميركا القدرة على التحرك في المنطقة وإثارة الأحقاد التاريخية فيها، والأمر الذي يمكن أميركا من تهديد  استقرار دول المنطقة ومساومتها بهذا الخصوص.

6- ـ تحقيق اختراقات واسعة في الدول السوفياتية السابقة وكذلك على تخوم الصين بما  يشكل احتواء مزدوجا للصين ولروسيا.

7- ـ تحسين قدرة أميركا على التحكم بأسعار النفط والتلاعب بها بحي تسدد الدول الصناعية الكبرى فواتير هذه  التقلبات المبرمجة في أسعار النفط.

8- ـ أكدت أميركا على تجاوزها للثوابت الاستراتيجية القديمة التي كانت تعيق القوة الأميركية وتلجمها وهو أمر يخيف الدول الكبرى من دول محور الشر.

9- ـ الخلاص من الالتزامات الأميركية تجاه الأمم المتحدة  ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي وهذا الخلاص سوف يسمح للولايات المتحدة لاحقا المطالبة بتعديل قوانين هذه المؤسسات حتى أن دعوة أميركية انطلقت صريحة لتعديل ميثاق الأمم المتحدة وقوانين مجلس الأمن.

10- ـ التمهيد لعودة أميركية قوية إلى الشرق الأقصى ومناطق نفوذ أميركية أخرى.

11- ـ تضخم الدور السياسي الأميركي في المنطقة بحيث بات من الممكن لها التهديد بالانسحاب من العراق لتركه فريسة حرب أهلية وفتنة مذهبية تمتد إلى دول المنطقة.

12- ـ إعادة إبراز الصورة الإيرانية بصورة الدولة الصفوية المهددة لدول المنطقة العربية.

لكن هذه النجاحات الكبيرة لم تبقى خالصة وبعيدة عن مخاطر الانزلاق الأميركي في اللعنات الشرقية الأسطورية ولعل أهم هذه المخاطر هي التالية:

1. . إن التفرد الأميركي في السياسة الدولية ( الحروب والنفط والإستراتيجيا العالمية عامة) لايمكنه أن يمر بدون معارضة القوى الأصغر. وإن كانت من نوع المعارضة السلبية.

2. . تخطي الولايات المتحدة للأمم المتحدة ولكل مؤسسات الشرعية الدولبة دون طرح بدائل. الأمر الذي يهدد بقية دول العالم بفوضى إستراتيجية عارمة تهدد مستقبلها.

3. . أن الولايات المتحدة تتجاهل التجارب التاريخية التي تثبت فشل كل المشاريع العالمية في التاريخ إن هي تعارضت مع الطموحات الإقليمية. وتجربة الشرق الأوسط تبين أن اللاعبين الإقليميين يقهرون دوماً هذه المشاريع. فهي تتجاهل مصالحهم كما أنها عاجزة عن تقديم تضحيات وتحمل خسائر بحجم تلك التي يتحملها اللاعبون الإقليميون.

4. . القرار 1559 يؤكد قانون محاسبة سوريا الأميركي دون أن يضيف جديداً للسياسة الأميركية. فهو مجرد صك كاتب عدل الأمم المتحدة لحفظ الحقوق الفرنسية في لبنان. وهذا يعكس حالة إنعدام الثقة بين فرنسا وأميركا. بما يشكل مقدمة لدخولهما قريباً في صراع مصالح في المنطقة.

في الخلاصة وبعيداً عن الدروشة السياسية نقول أن قدرة الأذى الأميركي للعرب مخيفة الى حد الرهبة. ولنا أن نرهب التهديدات الأميركية ونخشى على مستقبلنا منها. ولكن هذا الضرر العربي ليس نصراً أميركياً ولن يكون. فبالعودة الى سايكس بيكو نجد أنها بترت أوصال الشام التاريخي ومهدت لأحقاد متعددة وبالغة الضرر به وبشعوبه. إلا أن هذه الإتفاقية لم تستطع حماية المصالح الأجنبية في المنطقة. وتبقى لنا المقارنة.

* رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ