ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 16/01/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


قبل أن لا ينفع الندم ...

هل تنسحب سورية طواعية من لبنان؟

الطاهر إبراهيم*

إن ما يبدو تناقضا في تصريحات مسئولين أمريكيين ،مبتسمين أو عابسين في وجه دمشق، لا يلغي حقيقة هامة أن القرار 1559 قد وضع سورية في مرمى الاستهداف لواشنطن، وأنه قد أبقى لهذه الأخيرة الحرية الكاملة في اختيار نوع ووقت التهديد الذي تطلقه، دون معرفة ما إذا كان هذا التهديد ابتزازا أو حقيقيا.

ولعل الغموض الذي يكتنف الخصومة بين دمشق وواشنطن قدلا يكون مرده إلى غموض موقف  إدارة "بوش"، بقدر ابتعاد النظام السوري عن المصارحة مع المواطن السوري عن الحقيقة التي  تحكم تلك الخصومة. ولكن الذي يعرفه السوري،وهو بالمناسبة مواطن ذكي،أن ما يُحرَص على  إخفائه ليس لأسباب تتعلق بأمن الوطن بقدر ما هو مطلوب دفعه ليبقى هذا النظام بعيدا عن معادلة الشطب والإلغاء التي حاقت بغيره من الأنظمة.

واستطرادا، فإنه لا تناقض بين ما قاله الناطق الرسمي في الخارجية الأمريكية عن تسليم القيادة السورية "رسالة واضحة وحازمة وفظة" من قبل مساعد وزير الخارجية الأمريكية  "ريتشارد أرميتاج" مع ما قاله هذا الأخير ،في زيارته الأخيرة إلى دمشق: "لقد حققت سورية بعض التقدم الفعلي خلال الأشهر الأخيرة الماضية فيما يتعلق بالأمن على الحدود".

وإذن فليس هناك ما يدعو إلى الاطمئنان عندما يخرج علينا مسئول سوري ليقول "إن المباحثات كانت مفيدة ومثمرة". ولعل هذا المسئول لم يستطع فهم ابتسامات الوفد الأمريكي على حقيقتها، ولعلها كانت في حقيقة الأمر تكشيرا أكثر منها ابتساما.

مواقف أمريكا ،وحتى إشعار آخر، سوف تبقى أسيرة مصالحها ومصالح إسرائيل. وهي لا يرضيها إلا الانصياع الكامل لسياساتها. وأي نظام يسعى وراء رضاها ،على حساب الثوابت الوطنية، ليضمن بقاءه في السلطة، لن يكون مصيره بأفضل مما آل إليه وضع الرئيس الليبي "معمر القذافي".

ولكن في المقابل إذا كان في وسع أي دولة أن تسحب الذرائع "الظاهرية" التي تحتج بها أمريكا، فينبغي عليها المبادرة إلى ذلك، خصوصا إذا كان سحب هذه الذرائع فيه مصلحة أو بعض المصلحة لهذه الدولة أو تلك. وعندها لن تكون هذه السياسة تفريطا، طالما أن الأخذ والعطاء بين قطرين شقيقين مثل سورية ولبنان.

فالشق المتعلق بلبنان في قرار مجلس الأمن رقم 1559 ،رغم الفظاظة الواضحة في الطريقة التي تم اعتماده فيها، هناك مصلحة واضحة للشعبين السوري واللبناني في تحقيقه إذا تم بين الحكومتين، على أن يتم التعامل معه سوريا بدبلوماسية الأشقاء، وأن تنتهي القضية على طريقة لا غالب ولامغلوب.

وبعيدا عن الخوض في حيثيات الخلاف بين موالاة لبنانية–مدعومة من دمشق-تؤيد..ومعارضة ترفض...ما أدى أن يصل الأمر إلى مجلس الأمن، فإن ما يهمنا هنا هو أن لا ينقشع الغبار عن انسحاب مفروض من مجلس الأمن، ومن ثم قيام حكم لبناني مشحون بمواقف عدائية ليس ضد النظام السوري فحسب، بل تمتد إلى الشحن النفسي تجاه الشعب السوري، الذي لم يستشر أصلا عند دخول الجيش السوري إلى لبنان، ولم يكن في صورة الوضع،ولا داخلا في حسابات النظام السوري عند ما تم التصعيد، وصولا إلى تعديل الدستور اللبناني، فالتمديد.

ولمن لا يدركون انعكاسات هذه القضية على الشارعين السوري واللبناني، فإنا نعيد إلى أذهانهم نتائج اجتياح الكويت عام 1990 والعقد النفسية التي نشأت عند الأشقاء الكويتين تجاه كل ما هو عراقي، وما زالت تتفاعل حتى بعد زوال النظام العراقي الذي قام باجتياح الكويت.

نستطيع أن نؤكد سوريا،أن الشعب السوري لم يكن في صورة دخول الجيش إلى لبنان، وبالتالي لم يكن له قضية يقاتل جيشه من أجلها في لبنان، طالما أن القضية المحورية التي يريد من هذا الجيش أن يتفرغ لها ،وهي تحرير الأرض المحتلة في الجولان، مؤجلة أو غائبة عن حسابات النظام السوري وحتى إشعار آخر.

وإن قيل: إن دخول الجيش السوري إلى لبنان كان لوقف الاقتتال اللبناني اللبناني الذي كان يهدد وحدة وسلامة الشعب اللبناني، قلنا إن الاقتتال انتهى الآن ولا خوف من تجدده، بعد أن رأينا التحالفات القديمة ينفرط عقدها، وتحل بدلا منها تحالفات جديدة جمعت بين خصوم سابقين كما حصل من وليد جنبلاط حاليا.

كما أن الخصومة بين الأشقاء لا تنقشع عن منتصر ومهزوم، بل الطرفان فيها مهزوم. لأن أي نصر يحققه هذا الطرف أو ذاك، سيكون على حساب تفكك لحمة النسيج الوطني لمجموع المواطنين. والسعي إلى الوصول إلى هكذا نصر، مقامرة وقفزة في المجهول.

 أفضل ألف مرة أن تبادر دمشق إلى سحب الجيش السوري من لبنان من أن يفرض ذلك على سورية ولبنان من قبل القوى الدولية، خصوصا وأن هناك ضمانة باستمرار النهج الذي تقبل به دمشق بوجود قيادة لبنانية سوف تستمر على الأقل لمدة ثلاث سنوات، وأنها أخذت شرعيتها من قوة الدستور المعدل مهما قيل عن الطريقة التي تم فيها التعديل.

لعل أهم ما ينير الطريق أمام النظام السوري هو البحث عما يريده الشعبان السوري واللبناني، لا ما تريده أمريكا أو ما لا تريده. لأن شعار هذه الأخيرة ليس الرضا فقط بما تحقق من تنسيق أمني على الحدود مع العراق، بل شعارها هو هل من مزيد؟

ولقد عبر عن ذلك "أرميتاج" –الذي أوردنا إشادته بالتقدم الفعلي فيما يتعلق بالأمن على الحدود العراقية- في تصريح له لتلفزيون "الحرة" يوم 8 كانون الثاني الجاري حيث قال: "لدي انطباع بان السوريين يدرسون ما ينبغي عليهم القيام به، وآمل في أن يسلكوا الاتجاه الصحيح".

ولعله أصبح من المؤكد الآن القول: أن أمريكا عندما تضع في أجندتها تغيير نظام ما في دولة ما، لاتقبل بديلا عنه أية تنازلات يمكن أن يعرضها هذا النظام لينجو برأسه من تحت مقصلتها. ولعل أوضح مثال على ذلك هو إصرار أمريكا على شطب النظام العراقي السابق من الخارطة السياسية، رغم أنه لم يعد يشكل أي خطر على حلفائها في المنطقة.

وقد رأينا كيف أن ياسر عرفات -بعد أن كان مرضيا عنه، ودخل البيت الأبيض جنبا إلى جنب مع كلينتون واسحق رابين- تم شطبه أمريكيا من المعادلة السياسية، بعد أن تأكد لبوش وشارون  أن عرفات لم يعد لديه ما يتنازل عنه، بعد أن رفض التنازل عن حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وأن تكون القدس عاصمة دولة فلسطين و..و..

قد يتأخر إدراك هذه الحقيقة عند بعض الأنظمة. وقد يتم شطبها كما شطب ياسر عرفات ونظام صدام حسين بعد أن يتم التأكد أمريكيا أنه لم يعد لدى هذه الأنظمة ما تقدمه من تنازلات. وعندها تكون قد فوتت ،قبل ذلك، على نفسها الفرصة بأن تنبذ الحلول الترقيعية. وستندم لأنها أهملت رصيدها الأهم وهو العودة إلى الشعب والاعتماد على الحلول الوطنية ،واقعا وممارسة لا شعارات ومزايدات. وأنها نسيت أن الالتزام الوطني الحقيقي، هو السياج الذي تترس وراءه في معركتها مع القوى العدوانية الطامعة. ولات ساعة مندم. 

* كاتب سوري يعيش في المنفى

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ