ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 23/11/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ندوة (الوحدة الوطنية ) في دمشق

وقضية الحوار بين السلطة والمعارضة

رجاء الناصر

وسائل الإعلام العربية تناقلت نبأ عن "حوار بين السلطة والمعارضة " مشيرة بذلك إلى الندوة التي عقدت في دمشق بدعوة من ( اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ) تحت عنوان " الوحدة الوطنية كأداة لمواجهة المخاطر " وقد ضمت الندوة ما يزيد عن الستين شخصية من الفعاليات الثقافية والسياسية والعاملة في الحقل العام ومن مختلف الأطياف السياسية والفكرية .

هذا النبأ لم يكن بلا أساس فلأول مرة من سنوات طويلة تحظى ندوة ثقافية بهذا الاهتمام الإعلام السوري ، حيث حضرت وكالةسانا وبعض الصحف السورية ، وغطت جريدة الثورة جانباً من هذه الندوة ، وهو ما دفع وسائل إعلامية عربية متعددة للمشاركة وتغطية الندوة وإعطاءها حيزاً مهماً من الدعاية ، على غير ما كانت تفعل في ندوات سابقة ، ولكن على ما يبدو أنه وقع خلط أو التباس بين أهداف الندوة وبين الوقائع التي جرت على الأرض ، فالندوة لم تكن حواراً بين معارضة وسلطة ، ولم تكن مؤتمراً وطنياً ، رغم أن الكثير من المشاركين في فعاليتها دعوا لهذين الأمرين ، وهي أصلاً افتقدت الكثيرين مما يصفها بالحوار بين السلطة والمعارضة فهي :

أولاً- جاءت بدعوة من لجنة توحيد الشيوعيين السوريين التي تطرح نفسها بأنها ليست في السلطة ،إذ لا تشارك في أي من مؤسساتها ، ولا تتفق مع بعض سياستها ، وهي أيضاً ليست من المعارضة رغم الكثير من التوافقات التي تظهر في خطابها السياسي ،بل هي أصلاً ترى أن هذا التقسيم التقليدي غير صحيح ،حيث هناك انقسامات جديدة في المجتمع تشمل السلطة والمعارضة معاً ،وهي ترتبط بالموقف من الاستعمار والصهيونية وبالموقف الاجتماعي .

ثانياً- أن الدعوة للندوة لم توجه للأحزاب والهيئات السياسية ، وإنما وجهت لأفراد بصفاتهم الشخصية مع الأخذ بعين الاعتبار لمواقعهم الثقافية والحزبية والسياسية ، ولكن دون أن يطلب منهم تمثيل الجهات التي ينتمون إليها ، وبعض هؤلاء لم يجدوا ضرورة لإبلاغ أحزابهم بما جرى أو استشارتهم بذلك سواء بسبب وجود موافقات مسبقة أو ضمنية أو ربما بسبب تخوف بعضهم من ممانعات من هذا الفريق أو ذاك داخل أحزابهم ذاتها .

ثالثاً- إن حضور عناصر من السلطة "أو من حزب البعث كان رمزياً وليس من مستويات قريبة من صنع القرار بل هم في معظمهم من عناصر الصفوف المتأخرة ، وهو ما يدلل على محاولة السلطة نفي أية توجه للالتقاء مع المعارضة  ناهيك عن الحوار معها ،فهؤلاء لا يملكون أي دور في الحزبي والسلطة .

رابعاً- إن الخطاب الذي استخدمه العناصر البعثية في الندوة ، كان سلطوياً بامتياز حيث قال بعضهم أنه لا توجد في سورية إشكالية في الوحدة الوطنية ، وإن الجميع ملتفون حول القائد وحزبه العظيم ، وإن الأكراد عرب وبالتالي ليس هناك مشكلة كردية أو مشكلة أقليات ، وإن الاقتصاد الوطني بخير ، وأنه لامبرر للحديث عن الإصلاح فالرئيس بشار سبق الجميع ، وجميعهم تحت سقف خطاب يوم القسم على الرئاسة بل أنهم تباروا في الحديث عن المنجزات وإيجابيات الوضع الراهن !!

وإذا تجاوزنا هذه كله ، فالجميع يدرك أن للحوار شروطه وقواعده التي يتأسس عليها وفي مقدمتها :

1ـ الاعتراف المتبادل بين المتحاورين وبدون هذا الاعتراف فإنه لا يوجد حوار ،وإذا كانت المعارضة قد اعترفت بالسلطة ومشروعيتها الواقعية من خلال توافق جميع أطرافها على التخلي عن شعار إسقاط السلطة ، والقبول بالحوار معها، إلا أن السلطة لا تزال ترفض الاعتراف بوجود معارضة لها ، ولا تعترف بوجود آخر مختلف عنها ومعها ، وعندما قال رئيس الجمهورية بالاعتراف بالأخر في خطاب القسم عاد بعد عام ليقول أن الأخر داخل السلطة وليس خارجها ، متجاهلاً منطق الأشياء بأن الأخر هو بالضرورة المختلف وليس المتفق أخر ، وإن الأخر هو المعارضة وليست السلطة ذاتها ، وتكّرس رفض الآخر من خلال خطب وتصريحات كبار المسؤولين وقد وصف المعارضة نائب رئيس الجمهورية (بالجهلة أو الخونة ) وأنهم ليسوا مؤهلين لإدارة مدرسة ابتدائية ). وقال عنهم رئيس مجلس العشب (أنهم لا يتجاوزون الخمسين شخصاً!!) إن الاعتارف بالآخر يجب أن يكسى شرعية قانونية عبر الترخيص الرسمي وهو ما لا يبدو أنه من الممكن أن يتم في المدى المنظور إذا سارت الأمور كما هي عليه الآن .

2ـ إن الحوار حتى يكون منتجاً يجب أن يكون ندّياً وهي ندّية ليست ممكنة في ظلّ دستور يحتكر فيه حزب ما قيادة السلطة والدولة والمجتمع لأن الندية تتأسس على قاعدة المساواة أمام القانون لا أن يكون الأول قائداً يملك كل شيء والآخر مقوداً لا يملك شيء .

3ـ ثالث شروط الحوار أن يكون هناك هدف مشترك بالتوصل إلى تفاهمات وتوافقات ، وأن لا يسعى كل طرف أو أحد أطرافه ليملي شروطه وقناعاته على الآخر أو الآخرين بدل البحث عن العوامل المشتركة فيما بين المتحاورين .

4ـ أن يكون للحوار أهداف واضحة يعرفها المتحاورون ويعملون للتوصل إليها لا أن يكون الحوار لمجرد الحوار على طريقة الفن للفن والحوار بين السلطة والمعارضة موضوعه الوطن وسبل تجاوزه لأزماته .

تلك الشروط لم تكن متوفرة في ندوة الحوار الوطني " حول الوحدة الوطنية " وبالتالي يصعب الحديث عن وجود حوار بين السلطة والمعارضة ، أو حتى بين المعارضة وذاتها أو مع مجتمعها .

ولكن ومع ذلك تبقى لتلك الندوة وبالصورة التي تمت فيها والتوقيت أيضاً جوانب إيجابية كثيرة .

فهي خطوة ضرورية على طريق طويلة وشاقة ووسط مطبات ومصاعب ومخاطر جمة ، وهي تساهم في مقدمات حوار قد لا يكون شاملاً وهو بالقطع ليس كذلك فقد غاب عنه كثيرون وفي مقدمتهم السلطة ذاتها ، وقطاعات واسعة من تيارات العمل السياسي ، كما غاب عنه التمثيل المباشر للقوى ، ولكن شارك فيه أيضاً كثيرون ممن يجب أن يساهموا في أي حوار وطني ، وتبقى مسألة أخيرة أنه في السياسة لا تناقش المبادئ والاستراتيجيات فحسب ، وإنما أيضاً ممكنات الواقع ومعطياته فمن السهل أن يرفض كل منا الآخر ، وبالقطع لديه الكثير من المبررات ، ولكن هذا الرفض لن يؤدي إلى التغيير السلمي والمتدرج ولا حتى التغيير على دفعة واحدة وبلا مقدمات – بل هو في كثير من لأحيان ليس إلا نوعاً من العصاب الممزوج مع نرجسية من يعتقد أنه محور كل شيء وبعدها تبقى مسألة الوقت ، حيث لا نملك جميعاً ترف إهدار الوقت في تحقيق الإصلاح ، أو رفضه فما كان منتظراً بالأمس أصبح ملحاً اليوم وربما مفوتاً غداً..

وتبقى كلمة شكر وتقدير لكل من يسعى ويعمل من اجل تحقيق حوار وطني جدي يساهم في إنقاذ الوطن ، فالوطن مركب لا يمكن أن يغرق أحد أطرافه ويبقى آخرون ..إما أن نغرق معاً أو ننجو معاً ..

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ