ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 30/01/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


النائب السوري بين السياسة والدين

قناة العربية الفضائية والسيد محمد حبش

أمير أوغلو / الدانمارك

الحقيقة أنني لا أود الحديث عن السيد محمد حبش النائب في مجلس الشعب السوري, بشكل شخصي ولكنه بنظري يمثل ظاهرة جديرة بالدراسة, ولا أجد بدا من  أكتب عنه لكونه مقرءاً معتمدا للقرآن على إحدى القنوات الفضائية, وأخشى أن يظن الناس أن كل من قرأ القرآن يؤخذ برأيه أو يعتبر صادقا في أقواله وتصرفاته وخاصة السياسية منها , وأخشى أن يُتخذ هذا ذريعة للإساءة إلى الإسلام والمسلمين , وأخشى أن يختلط على المشاهد منظر قراءة القرآن مع التأشيرات والحركات التعبيرية وهو الأسلوب الذي يتبعه القارئ محمد حبش , أن يختلط هذا المنظر بالتصريحات السياسية التي يرميها السيد حبش على شاشات الفضائيات العربية , فيظن المشاهد خيرا والأمر شر , أو يظن صدقا وإخلاصا والأمر كذب ورياء , أويظن حرية وانفتاحا والأمر وظيفة وعبودية.

إن السيد حبش يُستغل تماما من قبل من وظفه في مجلس الشعب والذي لا تجد فيه إلا كل من ترضى عنه الدولة والحكومة تشتريه بسيارة مرسيدس وراتب محترم قياسا إلى الرواتب العادية في سورية وببعض الإمتيازات والتسهيلات وبعض الرشاوى التي يحصل عليها من تيسير بعض المصالح لبعض المحتاجين.

المقابل هو التصفيق والتهريج لقرارات الدولة التي تمررها عبر المجلس وهي أصلا القرارات التي لا تهم الحكومة نهائيا وليس لها أي أثر على السلطة والمخابرات والتعسف والظلم والقهر الذي يعيشه الشعب والذي يتكلم باسمه أعضاء مجلس الشعب ظلما وزورا وبهتانا.

أما من لا يقبل بهذا ويظن نفسه في مجلس حقيقي ويتكلم في الأمور المحرمة فيكون مصيره رفع الحصانة البرلمانية ثم السجن أو السجن أولا ثم رفع الحصانة الدبلوماسية, خلافا لكل الأعراف والقوانين, كما حصل مع النائبين الحمصي وسيف وهما قابعان الى الآن في السجن يمارسان هناك حرية الرأي والتعبير ويتمتعان بالحقوق المشروعة للمواطن السوري الذي له برلمان منتخب ورئيس منتخب ومجالس شعبية منتخبة وأحزاب معارضة كما في بقية دول العالم التي يعيش فيها أناس من بني البشر.

السيد حبش صار يظهر مؤخرا على الشاشات الفضائية لتجميل صورة النظام , وإظهار حب هذا النظام للمسلمين والإسلام , ولماذا لا والنظام لديه في مجلس الشعب شيخ مقرئ حافظ لكتاب الله جامع للقراءات العشر وهو يفهم في السياسة ويتكلم عن السياسة السورية الخارجية وعن سياسة سورية في لبنان ويشارك في مناظرات على الهواء وتحت الماء وفي الفضاء ويدلل على الإنفتاح والإصلاح الذي يحصل في سورية والذي لا يلاحظه ولا يشعر به أحد في العالم للأسف سوى الحكومة السورية.

قناة العربية الفضائية استطاعت ان تمزق هذه الصورة المزعومة وأن تبطل كل الألاعيب التي كان الحبش يمارسها لرسم صورة ناصعة لنظام شديد الإتساخ لا يمكن تنظيف صورته ولا باستعمال جميع أنواع المنظفات المعروفة وغير المعروفة.

قناة العربية جاءت بالحبش ومعه الكاتب اللبناني سمير القصير وأجرت معهما حوارا على الهواء كان الحبش فيه يحاول تبرير موقف سورية من لبنان ويبرر تدخلها في شؤون الدولة اللبنانية وتمديدها اللاقانوني للرئيس لحود وقمع الديمقراطية والحرية وتحويل لبنان إلى مستعمرة سورية تديرها المخابرات السورية وورقة سورية للمفاوضات الخارجية ولتنفيس الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.

لم يستطع حبش أن يصمد أمام منطق الحرية والإستقلال الذي كان السيد سمير القصير يتكلم به واضطر في نهاية الحلقة أن يعلن أنه مع استقلال لبنان وأنه يتمنى خروج الجيش السوري من لبنان وأنه ضد تدخل المخابرات السورية في لبنان , وحاول أن يرمي بالكرة في ملعب اللبنانيين عندما قال إن البرلمان اللبناني هو الذي وافق على التمديد وتعديل الدستور وهو يعلم كيف يوافق النواب لأنه نائب وماهي الضغوط التي تمارس عليهم من اجهزة القمع السورية .

فاجأ السيد القصير السيد حبش في نهاية الحوار بسؤال وقع عليه كالصاعقة عندما قال له : " مادمت معارضا للوجود السوري في لبنان وما دمت عضوا في البرلمان السوري الحر المنتخب فلماذا لا تطرح القضية في البرلمان للمناقشة ؟" بهت عندها الحبش , وللأسف انقطع الإتصال أو حاول هو أن يوهم المذيعة بأنه لم يعد يسمع الحديث لانقطاع الصوت ظانا بأن مثل هذه الحركات تنطلي على المشاهد , وانتهى للأسف الحوار دون أن نسمع جواب السيد الحبش .

لو صدقنا أن الحبش لم يعد يسمع أثناء المحاورة فهاهو السؤال يطرح  عليه ثانية : " لماذا لا تطالب مجلس الشعب الحر السوري بمناقشة موضوع التواجد السوري في لبنان وتبين رأيك هناك بأنك ضد هذا التواجد ؟ "

المطلوب من السيد الحبش أن يرد على هذا السؤال على صفحات موقعه على الشبكة مع الحوار الكامل مع السيد القصير , أو أن يرد على الصفحات الحرة للجرائد السورية تحت راية وزير الإعلام الجديد الذي يحاول تلميع صورة نظام استهلك منذ أكثر من ثلاثين سنة بل جاء مستهلكا أصلا إلى الحكم , نظام سوءاته وعوراته أكبر من أن تغطى بمقرئ يدخل مجلس الشعب ليهرج ويصفق مع المصفقين أو بوزير للإعلام يبيح بعض المواقع الممنوعة على الشبكة أو يسمح ببعض المقالات المعارضة وفي سجون سورية مازال يقبع معتقلوا الإنترنيت الوحيدون في العالم كله .

في النهاية وحتى نخرج من شخصنة الموضوع إلى دراسة الظاهرة نقول : إن الأمر ليس أمر قصة عن شخص أو حكاية عن فرد , وإنما هي ظاهرة حماية المؤسسة الدينية للحاكم المتجبر المتكبر وارتباط المؤسسة السياسية بالمؤسسة الدينية وتبادل المصالح بينهما من زمن يزيد وحتى الآن, فواحدة تظلم والأخرى تبرر الظلم , واحدة تتجبر وتتكبر والآخرى تحمي وتمنع الناس من الإنتفاض والقيام والتحرك, واحدة تنتهك جميع قوانين الإنسانية والأخرى تربط هذا بالقضاء والقدر وتأمر الناس بالصبر على المكاره ليكون مثواهم الجنة.  إن هؤلاء المتكلمين باسم الدين لا يشعرون أو لا يريدون أن يشعروا بأنهم يمثلون أكبر إساءة للدين , هؤلاء يظنون أنهم يقربون بين الحاكم والشعب ولكنهم لا يدرون أنهم يطيلون عمر هذا الحاكم ويطيلون عمر الظلم وعمر القهر وعمر الذل الذي يعيشه الشعب, عن هذا سيسألون يوم القيامة وعن المساهمة في قتل روح الحياة عند الشعوب سيحاسبون , وعن تجاهلهم أو جهلهم بما يخطط لهذه الأمة وبما يضمره لها حكامها الذين ساموها الخسف والذل نصف قرن سيناقشون, هل ستنفع عندها صلاة وصيام وحفظ لكتاب الله وترديد لآياته باللسان بينما العمل يكذب هذا كله؟ لقد ابتليت الأمة بهذا الفهم المعكوس للدين فهم الدين أنه علاقة بين الإنسان وربه, يزعم هؤلاء أن النصارى حرفوا دينهم وجعلوه طقوسا وعبادات فصلوا فيها بين القيصر والله, فماذا فعلوا هم؟ ليتهم فصلوا بين القيصر والإله لكنا وصلنا عبر القرون إلى ما وصل إليه النصارى من ديمقراطية وحرية وتفاهم وإبداع في أشكال الحكم, ولكنهم بدلا من ذلك قاموا بحماية القيصر وتبرير أفعاله وجعلها هي الدين وجعله نائبا عن الله في أمور الدنيا, وليا للأمر لا تمكن مخالفته ولا مناقشته ولا محاسبته وإلا فالويل والثبور للأمة التي ستغرق في عذاب الله وفي الفتن وفي الضلال إذا نطقت بكلمة إعتراض على ما يفعله الحاكم (إلا أن ترى كفرا بواحا) وهذا الكفر البواح سنبينه للقارئ في مقال لاحق بإذن الله تعالى.

لقد وصلنا في العالم الإسلامي وفي العالم العربي بشكل خاص إلى حضيض الحضيض, بفضل الحاكم الذي حولنا إلى مزرعة له ولأسرته وبفضل المؤسسة الدينية والنخب الثقافية المحيطة بالحاكم والمتخصصة بقلب الحقائق وتزوير التاريخ والحاضر والمستقبل, إن هذه الشعوب لن يحركها  إلا الإسلام فقد جربت كل الشعارات وطالما أن الإسلام مقنن من قبل المؤسسة الدينية لصالح الحاكم, فلن تقوم لنا قائمة, وسيحمل هؤلاء العلماء الوزر مضاعفا, لموافقتهم على ما يحصل إما لجهلهم بالسياسة والذي كان يجب أن يدفعهم بعيدا عن الحاكم, وإما لتجاهلهم مقابل منصب أو علف أو متاع مما سيؤدي بهم إلى نفس المصير. إن واجبكم الديني أيها العلماء أن تعيدوا للناس حريتهم التي جاء الدين ليعطيهم إياها لا أن تنزعوا منهم هذه الحرية وتصبروهم على عيش الذل والعبودية. إن لم تجدوا في أنفسكم القدرة على القيام بهذا الدور فلا أسهل من تصمتوا على الأقل وأن تدعوا الشعوب تتكفل لوحدها بحكامها وجزاكم الله عندها عن هذه الشعوب كل خير.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ