ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 04/08/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


النظام السوري لا يرد تحية المعارضة السورية بمثلها

صراح أجنحة في حزب البعث أم لعب في الوقت الضائع ؟

* طاهر إبراهيم

إذا كان النظام السوري لم يكن يعترف،في عهد الرئيس حافظ الأسد، بأي معارضة لحكمه، فإن هذا الأمر تغير في عهد الرئيس بشار إلى نوع من الاعتراف الخجول بوجود معارضة من نوع ما.غير أن الأمر الذي طبع علاقة العهد الجديد بهذه المعارضة، هو إصرار هذا النظام على أن تكون هذه العلاقة باتجاه واحد. أي أن على المعارضة أن تعطي، ثم تعطي .. ثم لا تأخذ شيئا. بل إن عليها أيضا، أن تقبل بأن يأخذ النظام ثم يأخذ...وأن لا تنتظر منه أن يد فع شيئا في مقابل ذلك .

وللأمانة فقد تحسن بعض الشيء موقف النظام من أطياف المعارضة في عهد الرئيس بشار الأسد عنه في عهد أبيه، حيث لم تعد أجهزة الإعلام البعثية توزع شهادات العمالة لأمريكا على فصائل المعارضة، كما كان الحال في عهد الرئيس الأب. ولكن هل اختلف التعاطي بينهما فعليا تجاه هذه المعارضة؟

 ففي المقابلة التي أجراها محرر "نيويورك تايمز" في شهر ديسمبر الماضي، قال الرئيس السوري: (هم –أي المعارضة السورية- لايؤيدون النظام السوري، ولا الدستور ولا الحكومة ،ولكنهم ضد ما يقوله الأمريكيون بخصوص نشر الديمقراطية في العراق. إنهم ضد تصدير الديمقراطية بالقوة أو بأي وسيلة أخرى).

هذه الشهادة لم يترجمها نظام الحكم ،حتى الآن، إلى انفتاح تجاه المعارضة،-بعد موقف المعارضة المشرف من التهديد الأمريكي لسورية- لرص الصف السوري في مواجهة التهديد الأمريكي، وبالتالي لم يكن القصد منها الثناء على وطنية المعارضة، بقدر ما أريد بها أن يدفع عن نفسه طمع الأجنبي في اصطفاف المعارضة معه. 

وهذه السياسة باعتقادنا، ليست لا تخدم المصلحة السورية العليا فحسب، بل هي لا تخدم النظام نفسه على المدى المنظور أيضا، لماذ؟.

 فقد بات معروفا أن فصائل المعارضة استطاعت أن تدفع إلى سدة القيادة -بعد مخاض عسير ونقد داخلي مرير- بقيادات راشدة ليس من منهجها أي تفكير غير سلمي للتغيير. وإن أكبر ما تخشاه قيادات المعارضة الحالية، أن يكون وراء رفض النظام القيامَ بإصلاح سياسي، أجنحةٌ فيه لا تزال تحدّث نفسها بأسلوب القمع وسيلة للبقاء في الحكم، فتدفع هذه السياسة أجنحةً في فصائل المعارضة - تم إبعادها بشكل شوري عن مركز صنع القرار- إلى العودة للعمل تحت الأرض، ومن ثم التفكير بأن تعود لمقارعة القمع بالعنف.

هذا السيناريو قد تقوى حظوظُه، فتقوى حظوظ أهل القمع والعنف في السلطة والمعارضة،  إذا تأكد للجميع أن النظام ليس في وارد القيام بأي نوع من أنواع الإصلاح السياسي، بحيث لا يقبل بأي شكل من أشكال التعددية وتداول السلطة.

بصورة أوضح، إن الإبقاء على نص وروح المادة /8/ من الدستور السوري التي تنص على:"إن حزب البعث قائد للدولة والمجتمع"، مما أثار، على مدى ثلاثة عقود، استياء الشعب السوري بأكمله. مما يؤكد أن نظام الحكم ما يزال مصرا على استبعاد هذا الشعب عن المشاركة الفعلية في بناء حاضر ومستقبل سورية السياسي.

ففي الوقت الذي قامت مختلف فصائل المعارضة السورية –اليسارية والإسلامية والقومية- بنقد تجربتها الشخصية والبينية السابقة، والعمل على تكوين تصور مشترك بينها، يضعها على سكة العمل الوطني المشترك بقدر الإمكان، فإن هذه المعارضة لم تجد تجاوبا من النظام مع سعيها إلى الاقتراب أكثر فأكثر، لردم الهوة التي تعمقت بينها وبينه ،على مدى أربعة عقود، بحيث لا يدع هذا الاقتراب أي مساحة للأجنبي المتربص، للدخول ضمن فراغ العلاقة بين الطرفين ،النظام وقوى المعارضة.

حزب البعث يطور نفسه أيديولوجيا ويَجْمد سياسيا.

وحتى لا نكون جاحدين، فإن أطرافا في حزب البعث جهدت،حتى قبل مجيء الرئيس بشار الأسد إلى الحكم، لإدخال الفكر الإسلامي لأول مرة إلى صميم المنطلقات الفكرية في حزب البعث.كما تم مد أسباب التواصل الفكري مع تيارات فكرية ولكن من خارج القطر السوري ،وعقدت مؤتمرات حزبية جمعت إلى حزب البعث تيارات حزبية أخرى، إسلامية وقومية، وأطلق على هذا المؤتمر اسم "مؤتمر الأحزاب العربية" ،وتم انتخاب القيادي البارز في جبهة العمل الإسلامي الأردنية الدكتور "اسحق الفرحان" رئيسا لها.

وقد كان لافتا للمراقبين ورود عبارة "العروبة هي الجسم والإسلام هو الروح"، في المؤتمر القطري لحزب البعث الذي عقد في تموز عام 2000 ،الذي تم فيه اختيار الدكتور بشار الأسد أمينا عاما لحزب البعث بعد أبيه.كما جاء في موقع حزب البعث على الإنترنت تحت عنوان:( بعض المقولات الأساسية حول تطوير الحزب )  ما يلي: "يجب إعادة التأكيد على العلاقة التكاملية بين العروبة والإسلام، ومواجهة كل المحاولات الرامية إلى وضع حواجز بينهما وإظهارهما في مظهر متناقض وفي حالة عداء..." .

ونتجرأ أكثر عندما نزعم بأن هذه اللقاءات، وتلك الإضافات الفكرية الهامة، قد قطعت الطريق على كوادر حزبية بعثية أخرى داخل نظام الحكم، كانت تقوم ،في ما سبق، بتأجيج الصراع الفكري مع الإسلاميين لجرهم إلى معركة مكشوفة معهم، كما حصل في ستينيات القرن العشرين، عندما كتب الضابط "إبراهيم خلاص" في مجلة جيش الشعب عام 1967 ، يشتم الذات الإلهية والأديان . فلم نعد نسمع أو نقرأ فكرا معاديا للإسلام، بعد أن تمت توأمة الفكر العربي مع الفكر الإسلامي في لقاءات مؤتمرات الأحزاب العربية، وفي المنطلقات الحزبية الجديدة لحزب البعث.

 المعارضة تطور نفسها والنظام يراوح في مكانه.

في المقابل، لم نلحظ تطورا رسميا لافتا على الصعيد السياسي، يواكب ذلك التطور الذي لحظناه على الصعيد الفكري والأيديلوجي، وبدت المعادلة كأنها مقلوبة. فقد اعتاد المراقبون ،في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، أن يلحظوا تشددا أيديولوجيا، وأحيانا مغالاة حتى قال شاعرهم:  آمنت بالبعث ربا لا شريك له   وبالعروبة دينا ما له ثان.

وباستثناء الفترة القصيرة التي عرفت بربيع دمشق التي حظيت بانفتاح هامشي، فقد عادت الدعوة إلى إقفال الساحة السياسية على حزب البعث فقط، وكان التعبير الواضح على ذلك على ألسنة القيادات العليا في النظام، أنه لا لإصلاح سياسيا في الوقت الراهن.

معارضة الداخل ،يجمعها التجمع الوطني الديموقراطي، ويضم خمسة أحزاب أهمها،الاتحاد الاشتراكي العربي الذي يرأسه الأستاذ "حسن عبد العظيم"، والحزب الشيوعي جناح الأستاذ رياض الترك، حاولت أن تخرج إلى دائرة المعارضة الرسمية العلنية، بحيث يتم ترخيص أحزابها الخمسة رسميا، وأن تظهر إلى العمل العلني، إلا أن النظام ما يزال يفرض حظرا على إنشاء أحزاب معارضة، إلا من أراد أن ينضوي تحت خيمة "الجبهة الوطنية التقدمية".

 ومع ذلك فإن هناك هامشا ولو بسيطا تتحرك فيه أحزاب التجمع، ويسمح لناشطيه بالسفر أحيانا لحضور بعض المؤتمرات خارج القطر ويمنعون أحيانا أخرى. ومن خلال هذا المد والجزر، فإن الساحة السورية شبه راكدة، لا تَقَدّم ولا تَأَخّر، إذا استثنينا الحملة التي شنها نائب رئيس الجمهورية الأستاذ عبد الحليم خدام على ناشطي ربيع دمشق.

 كما لاحظ المراقب أيضا، وجود هدنة إعلامية غير معلنة بين جماعة الإخوان المسلمين وبين رموز النظام. فباستثناء تصريحات لمسؤولين "رفيعي المستوى" كما ورد في جريدة "النهار" البيروتية و"الحياة" اللندنية، عزتها قيادات إسلامية إلى مسؤولين أمنيين، فلم يلحظ أي تطور إعلامي لافت للنظر بين الطرفين.

ولزم السياسيون في النظام الصمت تجاه مبادرات عدة دعت لها "جماعة الإخوان المسلمين" ،لتضميد الجراح وطي صفحة الماضي وإجراء مصالحة وطنية لا تستثني أحدا. وقد اعتبر الأخوان البادرة التي أطلقها مؤخرا الدكتور "محمد حبش" لإزالة العقبات أمام عودة المنفيين ،مجرد أمنية منه، في حين لم يصدر من النظام أي تعليق عليها.

مبادرات المعارضة السورية لم تجد آذانا صاغية لدى النظام

وقد كان انعقاد "مؤتمر الحوار الوطني السوري الأول" للمعارضة السورية في لندن، نهاية شهر آب 2002 ،تحت شعار"سورية لكل السوريين"،نقطة فارقة في تاريخ هذه المعارضة. فقد استطاع هذا المؤتمر أن يجمع معارضين سوريين،يساريين وإسلاميين وقوميين،ما كان أحد يعتقد بإمكان جمعهم تحت سقف واحد،حتى وقت قريب.

وكانت النقطة الفارقة الأخرى هي اتفاق جميع المؤتمرين على اعتماد "ميثاق الشرف للعمل الوطني في سورية"، وهو نسخة معدلة عن "ميثاق الشرف الوطني" الذي أصدره الإخوان المسلمون في أيار 2001 ، عدلت لتستوعب مجمل أطياف الحاضرين.

وقد لاحظ المراقبون غياب فصائل معارضة الداخل عن هذا المؤتمر. ومع اختلاف التبرير الذي ساقه كل فصيل، فإن ما أجمع عليه المراقبون هو أن معارضة الداخل محكومة بعدم رضى النظام السوري عن هذا المؤتمر، وأن من يريد المشاركة محتاج إلى تأشيرة خروج من الجهات الرسمية.

مرة أخرى، لزم إعلام النظام الصمت تجاه انعقاد هذا المؤتمر، إلا ما كان من تعليق أحدهم  في إحدى الفضائيات، وهو ،على كل حال، لا يعتبر ناطقا باسم النظام السوري.

غموض بناء أم خلاف داخل أجنحة نظام الحكم.

رغم عدم توقف أجهزة الأمن عن ممارسة نشاطها في اعتقال المعارضين وناشطي حقوق الإنسان ،وإن بصورة أقل عما كان عليه في عهد الأسد الأب.وفي غياب أي تحرك حكومي فعال، لمد جسور الاتصال أو للتصعيد مع المعارضة، فقد ذهب المحللون مذاهب شتى في تعليل ذلك. إلا أن واقع الحال ،على ما يظهر، أن أركان النظام لم يتفقوا فيما بينهم بعد ، على استراتيجية محددة يتعاملون بها مع فصائل المعارضة.

ولئن كانت الفقرة الأبرز في البيان الذي صدر عن مؤتمر لندن عام 2002 ، هي "رفض الاستقواء بالخارج على الوطن" وسيلةً للتغيير أو الوصول للحكم، واعتبار" أن من يفعل ذلك، فقد هانت عليه نفسه"، رسالة واضحة لنظام الحكم، فإن هذا النظام ،حتى في منطق العلاقات العامة، قد فشل في رد تحية المعارضة بأحسن منها أو مثلها.

وإذا كان لسان حال النظام يسمح بقبول معارضة داخلية منزوعة المخالب، أو معارضة خارج الوطن ترفض التعاون مع أمريكا، فإن من الممنوع عنده، وليس في وارده اقتسام السلطة معها. وهذا يعني ،في ظل التهديد الأمريكي، أن نظام الحكم السوري ما يزال يلعب في الوقت الضائع، وأنه أخفق في إعادة حساباته على أساس وطني صرف.

 ولا يجب اعتبار ما أشرنا إليه من رفض المعارضة "الاستقواء على الوطن بالخارج" نوعا من "تحسين البضاعة" أو استجداء للنظام. بل يجب اعتبار ذلك على أنه استشعار للخطر الذي لم يعد خافيا لذي عينين. بل يجب أخذ الأمر بمنتهى الجدية، إذا أراد النظام أن يفتح صفحة جديدة ،لمصلحة النظام ومصلحة المعارضة، وأولا وأخيرا لمصلحة سورية ،الوطن والشعب.

* كاتب سوري يعيش في المنفى / عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ