ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 25/10/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


مهزلة الانتخابات الأفغانية ! ؟

والسعيد من اتعظ بغيره

عبد الحميد حاج خضر*

يكثر الحديث اليوم في الأوساط السياسية والثقافية ، العربية والإسلامية ، عن الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان ، بعد أن تراجع الحديث عن الاشتراكية والقومية والمشاريع الحضارية الإسلامية . إن ما يضني القلب ، ويجهد الفكر ، ويفجع النفس حقاً ، أن الحديث عن هذه المسائل يفتقد عنصر الأصالة والتأصيل ، كما يجعل الشأن كله عبارة عن صدى وترديد ببغاوي لشعارات ومقالات غربية تفتقد أبسط قواعد الجدية ، أي  زخرف قول وكلمة حق يراد بها باطل . أسمح لنفسي أن أبسط الحديث عن التجربة الأفغانية في هذا المضمار ، كمثال حسي بصائري عن الهزل المبرمج والسخرية المقيته التي أعدها الغرب لهذا البلد المنكوب بعد عجز سراته وقادته من جهة ولؤم وكيد أعدائه من جهة ثانية . سأضرب صفحاً عن تاريخ نشوء الدولة الأفغانية "الحديثة " بعد معاهدة روالبندي Rawalpindi وأقتصر وبشكل مقتضب أيضاً على التاريخ السياسي الأفغاني منذ تمكن حزب الشعب ( خلق ) الديمقراطي في ربيع 1978 من السلطة بعد الإطاحة بمحمد داود خان بانقلاب عسكري ، كان الاتحاد السوفيتي يهيء له أكثر من عشرين سنة تقريباً ، عبر التعاون الفني والعسكري والثقافي بين البلدين . بدأت الصراعات الدموية ، بين قادة الطغمة العسكرية ، والأجنحة المختلفة للحزب ، متزامنة مع الإجراءات القمعية وترويع الشعب الأفغاني ، تعصف بالدولة والمجتمع . وقع الإنقلابيون معاهدة صداقة وتعاون مشترك مع الاتحاد السوفيتي في 5/12/1978 وفي سبتمبر ( أيلول ) عام 1979 تمكن حفيظ الله أمين من إزاحة طاراقي ، رئيس الحزب والدولة ، والعقل المفكر والمدبر للانقلاب ، ونصيب ببرك كارمال  كرئيس للدولة والحكومة والحزب . حاول ببرك كارمل امتصاص نقمة الشعب الأفغاني فأعلن عن ايديولوجية جديدة تقارب بين القومية الأفغانية والتقاليد الإسلامية ضمن تصور ماركسي – لينيني . إلا أن هذا التلفيق الفج لم يؤجج روح التمرد في الشعب الأفغاني فحسب ، بل دفع بوحدات من الجيش الأفغاني على التمرد والانضمام إلى إلى نواة المقاومة المسلحة الوليدة من رحم الحركات الإسلامية . مما دفع بالاتحاد السوفيتي في 27/12/1979 إلى دفع قواتها المرابطة على الحدود الأفغانية للدخول إلى الأراضي الأفغانية استناداً إلى معاهدة  الصداقة والتعاون المشتركة وبطلب من حكومة ببرك كارمل . في بداية حرب التحرير ؛ أخذت المقاومة مواقع معتبرة لها في وادي بانشير إلى الشمال من كابول . وكانت مصادر السلاح  في البداية أما تقليدية فردية ، سلاح القبائل واستنساخ نماذج بورشات صناعية بدائية محلية ، أو شراء أسلحة صينية الصنع عبر الحدود المتاخمة للصين ، ثم تبعها أسلحة القطعات العسكرية التي انظمت إلى المجاهدين . كبد المجاهدون الأفغان الجيش الأحمر وجيش السلطة الأفغانية خسائر موجعة مما حمل دول الجوار ، باكستان ، ايران ، والهند إلى تكثف  نشاطها الاستخباراتي وأخذت تبحث عن موقع قدم لها في هذه المعمعة وربما عن حلفاء محتملين . لانريد أن نعيد كتابة التاريخ الجهادي للشعب الأفغاني ، على أهميته ، ولكن فقط الكشف عن بعض صفحات الخدعة السياسية التي أسهمت للوصول إلى مهزلة الانتخابات ووهم الديموقراطية الأفغانية . حتى انقلاب 1978 لم تكن افغانستان تقع على سلم الاهتمامات الأمريكية ، والدولة الأوربية الوحيدة التي كان لها اهتمامات تجارية وثقافية بالدولة الأفغانية هي ألمانيا الغربية . بعد الثورة الإيرانية ثم الانقلاب الأفغاني آنف الذكر ، دفع بالملف الأفغاني إلى الدوائر الألمانية المختصة ( توزيع أدوار ) . كلفت الخارجية الألمانية معهد التنمية للعالم الثالث في جامعة بوخوم Bochum الذي يشرف عليه الأستاذ فون رينيسه Von Renesse ومعد الدراسات الاستراتيجية لوسط آسيا . قام الأستاذ فون رينيسه باستقطاب عدد من الأكادميين الأفغان ذوى الميول الملكية والعلمانية ، لتعريف من يهمه الأمر بالشأن الأفغاني والصراع الأفغاني السوفيتي . استصدار العديد من الدراسات " الأكاديمية " عن المسألة الأفغانية . رغم الجهود المبذولة والدعم المادي من الخارجية الألمانية لم يستطيع أن يستقطب إلا نفر قليل من المتعاونين الأفغان المتغربين أصلاً أو الملكيين التقليديين منهم على سبيل المثال : السيد فرغان الذي أصبح وزيراً للتنمية في الحكومة الأفغانية ، والدكتور يوسف الذي كان رئيس للوزراء في العهد الملكي ، الذي يحمل شهادة الدكتوراة في الفيزياء من ألمانيا . اما من الحركات الشيعيية ، فقد انظم  بعض قادة حزب الوحدات الذي يمثل الشيعة في أفغانستان إلى هذه الجوقة . وكالعادة كان التركيز على الأقليات العرقية وأصحاب الخصوصيات الدينية والمرأة . أما الحركات الإسلامية والجهادية فكان الموقف منها يتراوح بين الإقصاء والاستدراج . كانت مهمة الدارسين الألمان هو إقامة البديل السياسي ولو على الورق ، وخارطة للطريق للوصول إلى القصد والهدف . الندوات العامة التي كانت تعقد للحوار والجدل وعرض نتائج البحث والاستقصاء ، حيث كنت شديد الحرص على الحضور والمشاركة بها ، كانت تنعقد  في أحسن الحالات ، من ثلث علماني ملكي وألماني وثلثين من التيار الأسلامي الجهادي . لقد كان القائمين على المشروع  يضيقون  ذرعاً بالحضور الإسلامي ، وكأن لسان حالهم يقول ليتنا لم نعقد هذه الندوة . على الورق استطاع العاملون في هذا الفريق " الأكاديمي " أن يقيموا البديل للحكم الشيوعي وأن يقدموا " النصح " بإقصاء الحركات التي يجب إقصاؤها ويقدموا الآليات واجبة الاتباع لتحقيق الغرض . وكمتتبع للشأن الأفغاني أجزم أن ما أنجزه هذا الفريق ، الذي لم تأخذ نتائج عمله من الحركات الجهادية الإسلامية مأخذ الجد ، قدم خطة عمل دقيقة التفاصيل . 1- شرذمة الحركات الإسلامية ودفعها إلى الاقتتال المسلح ، فقد أدركوا أن الرابط القبلي أقوى من الولاء الحزبي والبرامج السياسية ( نظرية ابن خلدون ) . شهوة الرياسة والسلطان المفتاح لتغير الولاءات أو فصم عرى التجمعات والأحزاب ، وفي سبيل السلطة والرياسة قد يصبح عدو اليوم صديق الأمس ، كما حدث مع برهان الدين رباني الذي هرول إلى موسكو لطلب العون منهم ضد طلبان ، وأمثال لا تعد ولا تحصى . 2- اكتشف الألمان قبل العرب والأفغان ( الوياجرغا ) وأهمية بعثها من جديد وبإطار قبلي محض وتوظيفها لتكون المؤسسة التي تضفي الشرعية على من يراد أن تضفى عليه الشرعية ، وقد كان ذلك . اكتشاف عنصر المال في كسب الولاءات أو تغيرها ، وقد علق أحد الصحفيين عندما كان شقيق الرئيس قرضاي يتنقل على حمار يحمل ملايين الدولارات لشراء الذمم والضمائر قائلا : أليس هذا الحمار وما يحمل أقوى من بضع فرق عسكرية مدرعة ؟ أمام هذه الوقائع المادية الصارمة ذهبت جهود الدعاة الإسلامين الداعية إلى الوحدة ونبذ الفرقة ، ومعها دماء الشهداء من العرب والأفغان مسفوحة على جبال تورابورا تشكوا إلى الله جهل الأعيان وسذاجة الإخوان . من هنا نستطيع أن نقرب للقارئ الكريم . لماذا اختار الأمريكان وحلفائهم مدينة بون مكاناً لنعقاد أول مؤتمر للأطراف المشاركة بالحرب .

كل الحركات الإسلامية تدعوا اليوم إلى الديمقراطية ، والتعددية السياسية ، وتبادل السلطة عبر صناديق الاقتراع . السؤال أي ديموقراطية يريدون ؟ هل هي ديمقراطية قرضاي أم ديمقراطية علاوي أم ديمقراطية زين العابدين بن علي أم ديمقراطية بوش . كل هذه الديموقراطيات هي عبارة عن تصنيع  الأكثرية بالخداع والتضليل والتزوير ، واستمرار القهر وممارسة الاستبداد بطريقة أخرى . الهدف هو إضفاء شرعية صورية على المستبد أو مستبد آخر بطرق بهلوانية وشيطانية . إن النظام الرئاسي الذي اعتمد في أفغانستان ، حتي في صورته المثالية  كما في فرنسا ، هو صورة مسخة للديمقراطية ، ولولا رسوخ المؤسسات الديقراطية وآليات الضبط والربط الانتخابية في فرنسا  لما كان هناك اختلاف يذكر بين جاك شيراك الفرنسي وقرضاي الأفغاني  أو ابن علي التونسي . إن الديمقراطية المطلوبة والمقبولة من شعب عاش الاستبداد وعانى من التهميش والسخرية والازدراء من قبل المؤسسات القمعية الكاذبة هي ديمقراطية برلمانية حيث يمثل البرلمان المتخب إرادة الأمة وولايتها ، وعن هذا البرلمان تنبثق السلطة التنفيذية وتخضع له  ، يراقبها ويحاسبها ويقيلها ضمن أصول دستورية تجعل الحرية وحقوق الإنسان مسلمات وثوابت لا يجوز المساس بها . الديموقراطية المطلوبة هي التي تضع إرادة الأمة ممثلة بالبرلمان في مقابل السلطة وبديل عن المستبد . هذا المطلب لايتحقق عبر شعوذة انتخابية على الطريقة الامريكية أو القرضائية أوعلى طريقة هرم يتصابى بشعر مصبوغ على الطريقة الباكستانية . إنها تحتاج إلى قانون انتخابات محكم وصارم وآليات توصل إرادة الناخب إلى حيث يريد الناخب دون تزوير أو تلفيق . إن عملية الاقتراع يجب أن تكون من البساطة والوضوح والدقة كالميزان الذي يحسن استعماله العالم والجاهل ويرتضيه الأمين ويكره عليه اللئيم . إن الذي يريد أن يعطي كل ذي حق حقه لا يهمه إن كان صاحب الحق قوياً أم ضعيفاً جاهلاً أم عالماً بصيراً أم أعمى صحيحاً أم سقيماً ، وليس من الحكمة أن نوكل هذا الشأن الجلل إلى مروءة المستبد أو حسن نواياه أو كرم نفسه . لابد أن يكون لكل مواطن حق المحاسبة والمراقبة وحتى التربص بأهل الكذب والخديعة للضرب على أيدهم دون هوادة أو شفقة وإلا ما الفرق بين تستحوذ على السلطة عبر الدبابة أو عبر صناديق اقتراع مزورة ومزيفة . ولكي نجعل التعددية السياسية واقع حسي يجب الأخذ بنظام الانتخابات النسبية التي تضع العاملين في الشأن العام أمام امتحان صعب ينجح فيه الحريصون على مصلحة الشعب ويفوز بقصب السبق فيه من له القدرة على بسط السديد والصحيح وتقريب العقول والقلوب على انجازه . لقد سئم الشعب التلفيق والتزوير والخداع والتضليل والعنجهيات والوعود الكاذبة من أوكار الاستبداد وخفافيش الطغيان . ما جرى في أفغانستان هو أقصي ما تعد به الإدارة الأمريكية وهو النموذج  واجب الاتباع في كل البلاد التي المفتوحة والمقهورة أمريكياً ، ولعل النموذج الأفغاني هو الأقل سوءً في منطقة الشرق الأوسط الكبير . قرضاي وحكومته الحالية والمرتقبة لن تستطيع أن يبسطوا سلطانهم أبعد من حدود مدينة كابل  وإذا أوتوا " الحكمة " فعليهم أن لا يحاولوا أن يبسطوا نفوذهم أبعد من ذلك ، كما عليهم أن يجددوا عقد الشركة الأمريكية التي تحمي رئيسهم لسنوات عديدة ، وسيظل رهين المحبسين ، العمالة والأنانية ، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا . حتى إذا خرج الأمريكان وحمي الوطيس وثارت العصبية سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . يظن الذين بسطوا زراعة الأفيون في المثلث ( الطاجيكي – الباكستاني – الأفغاني ) والذي يقدر انتاجه في السوق السوداء بحوالي 100 مليارد دولار سنوياً ، أنهم حققوا ما يصبون إليه من حربهم على الإرهاب ، وإن الشعب الأفغاني القبلي المتخلف ، كما يعتقدون ، لن يدرك اللعبة وسيرضى بالقسمة الضيزى التي فرضها الأمريكان . عندما ينسحب الأمريكان وحلفائهم من أفغانستان فلن يعودوا إليها أبدا ، حتى لو علق عملائهم على أعواد المشانق ، وقد تعلم الروس هذا الدرس . المسألة العراقية و" دمقرطة " العراق والوطن العربي تختلف كماً ونوعاً . العلاوي والجوقة العميلة على امتداد الساحة العربية لن تقبل بانتخابات حتى على الطريقة الأفغانية أو بتزيف أكثر ، وسوف تسعى بالدرهم والدينار والنوافل والخدمات للتقرب إلى من يستطيع إفشالها وإبعاد شبحها المخيف للعروش والجمهوريات . إن ما يعلن عن ترتيبات وتحضير حبر لا يمحى بساعات وجداول زور للآنتخابات ماهي إلا خدعة لا تختلف عن خدعة ابن العاص في التحكيم ، لنزع سلاح المقاومة وتركيع القرى والمدائن الثائرة وفرض من جاءوا من وراء البحار وزراء أو سفراء أو قتلة في جنح الظلام البهيم . يتبعها تنصيب عتل زنيم يقيم سيرة الأولين ويهتدي بهدي الأقربين .

*باحث في الفقه السياسي المعاصر

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ