ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 08/12/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


مقابلة مع السيد ماكسيم غيلان

بعنوان :

هيئة الأركان العامة الإسرائيلية :

مجموعة من المجانين ( Dr. Strangeloves )*

ترجمة محمد ديب كور / حلب

ظهرت هذه المقابلة في مجلة نقدية أمريكية تدعى Executive Intelligence Review   عدد 4 حزيران 2004 و يرمز إليها في سياق المقابلة بالأحرف الأولى في اسمها EIR – م

موقع :

http://www.larouchepub.com/eirtoc/2004/eirtoc_3122.html  

ماكسيم غيلان كاتب وصحفي وشاعر، رئيس تحرير مجلة الدراسات الإسرائيلية و الفلسطينية الاستراتيجية المعاصرة  (I&P)  التي أسسها في عام 1971 بالتعاون مع لويس مارتون .

ماكسيم غيلان هو أيضاً مؤسس اتحاد السلام اليهودي العالمي ( IJPU) أول جماعة يهودية تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية(PLO)كشريك في الحوار.

بسبب من آرائه المؤيدة لقيام دولة فلسطينية بجوار إسرائيل,ودوره النشط في عملية السلام-قبل مدريد,أو أوسلو,بالرغم من أنه ما من حكومة إسرائيلية أيدت فكرة دولتين كحل قبل 1993- فإن غيلان أضطر للعيش خارج إسرائيل لمدة 23 عاماً (1969 – 1993).خلال ذلك الوقت صار جسراً حياً ما بين معسكر السلام الإسرائيلي و قيادة ياسر عرفات في منظمة التحرير الفلسطينية. و عاد إلى بلده فقط حين وقع رئيس الوزراء إسحق رابين اتفاقيات أوسلو .

I&P  هي أقدم نشرة موجودة في الشرق الأوسط تؤيد سلاماً عادلاً للشعبين الإسرائيلي و الفلسطيني .

تم إجراء المقابلة مع غيلان في واشنطن من قبل ميشيل شتاينبيرغ يرافقه دين آندروميداس من EIR في فسبادن ، ألمانيا .

القسم الختامي من هذه المقابلة يركز على خلفية ماكسيم غيلان – من وصوله إلى فلسطين في عام 1944 كلاجئ من أسبانيا الفرانكوية ، حيث كان والده قد قتل على أيدي الكتائبيين الفرانكويين ، إلى دوره التاريخي في حركة السلام الإسرائيلية العربية ، سيظهر في العدد التالي من EIR .

مقدمة المترجم

هذه المادة المترجمة هي دعوة للتعرف على فئة يهودية صغيرة في المجتمع الإسرائيلي تسمي نفسها معسكر السلام غير الصهيوني ، تقف على مسافة رفض واضحة من المشروع الصهيوني – الإمبريالي اللاعقلاني .

يذكرنا ماكسيم غيلان ، أحد رموز هذا المعسكر بمواقف المفكر الراحل  ماكسيم رودنسون و عالم الألسنيات ذائع الصيت نعوم تشومسكي ، الرافضة أيضاً لسياسات الصهيونية و فكرها العنصري .

يكشف غيلان هنا عن طبيعة  " خطة الفصل الأحادية " و دموية شارون و هدفه في إقامة إسرائيل العظمى ، و أسرار اتفاقية واشنطن الأخيرة  بين بوش و شارون و التي وافقت الولايات المتحدة بموجبها على نسيان ما يزيد عن 40 قراراً لمجلس الأمن  الدولي بما فيها 242 و 338 و ذلك لإطلاق يد إسرائيل في التوسع و ضم الأراضي و رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم و ممتلكاتهم و إضفاء الطابع العنصري اليهودي الصهيوني بشكل رسمي و كامل على دولة إسرائيل ، و آلية التوصل إلى ذلك الاتفاق المناقض لكافة الأعراف و المواثيق  و القرارات الدولية ذات الصلة .

و يتحدث غيلان عن طبيعة الطغمة العسكرية الإسرائيلية في هيئة الأركان العامة و كبار ضباط الجيش المنسوجة بالأيديولوجية الصهيونية : أيديولوجية التطرف و التعصب و الجشع و الجنون ، وعن المساعدات الأمريكية لإسرائيل و أرقامها الحقيقية,والعلاقة التكافلية ما بين المؤسسة الصناعية- العسكرية الأمريكية ووزارة الدفاع الإسرائيلية و وسطاءهما ، و المصالح الشخصية لكلا الفريقين في استمرار حالة الحرب في الشرق الأوسط .

و يأتي على وصف و تسمية عتاة المجرمين الصهاينة من معسكر التعصب القومي في المؤسسة العسكرية . و يتناول بالتحليل و الوقائع استراتيجية الكذب الصهيونية ، و إنشاء الفيلق اليهودي و علاقة ذلك بمحارق اليهود في أوسشفيتز في هولندا أثناء الحرب العالمية الثانية .

و يصف بإسهاب أساليب البروباجندا الصهيونية و أدواتها لنشر التضليل الإعلامي على مستوى العالم ، لتبرير السياسات الإجرامية الصهيونية في القتل و الحصار و تدمير المنازل و التوسع الاستيطاني و بناء الجدار العازل و الضم … الخ .

و إقتداء المحافظين/ الفاشيين الجدد في الولايات المتحدة بهذه السياسة التضليلية لشن الحرب على العراق .

و بعكس ما هو شائع عن التأثير الحاسم المزعوم لأصوات اليهود في الانتخابات الأمريكية ، يكشف غيلان عن الوزن الحقيقي لتلك الأصوات و آلية توظيفها و توجهاتها الفعلية .

و يرى أن السياسات الصهيونية و الإمبريالية الأنجلو-أمريكية في فلسطين و العراق والعالم العربي و الإسلامي تغذي الأصولية الإسلامية و تغذي الإرهاب المرشح للتوسع في القريب العاجل .

و عن صفقات محتملة للغرب مع الأصوليين : أسرار فضيحة إيران – جيت كنموذج .

و يبين كيف أن الآفاق مسدودة أمام السياسات الإمبريالية في القرن 21 . و يسهب في وصف المأزق الأنجلو-أمريكي في العراق و تصوره لحل عقلاني يبدأ بالانسحاب العاجل لقوات التحالف من البلد … و تقديره باستحالة تقبل الساسة الأمريكان الحاليون لهكذا حل . و عن المأزق الأمريكي في الاختيار ما بين حليفه التركي أو حليفه الكردي و احتمالات التفجر الناجمة عن هذا الاختيار . و يشرح كيف أن أساليب الإمبريالية البريطانية في القرن 19 لا يمكنها الصمود أمام تطورات حرب الغوار في القرن 21 .

و أنه لا حل في العراق بدون حل جوهر الصراع الرئيس" الإسرائيلي – العربي" و أن الحل في كلتا الحالتين ينبغي أن يكون متزامناً .

و يتحدث بالتفصيل أيضاً عن مكونات معسكري السلام في إسرائيل : أكثرية يمثلها معسكر السلام الصهيوني ، و أقلية يمثلها معسكر السلام غير الصهيوني .

و جهات نظر و تصورات و مواقف سياسية عديدة ترقى إلى بعد إنساني كوني ، تستند إلى مفهومي العدل والسلام و فق رؤية ماكسيم غيلان ، مما يستدعي محاورتها من منظور قومي عربي إنساني و كوني في آن ، لا يرى في اليهود جميعهم صهاينة . أي يكره و يقاتل في اليهود صهيونيتهم فقط ؛ لا يهوديتهم كدين أو كوجود بشري .

و كذلك تتضمن الترجمة وجهات نظر أخرى لغيلان تحتاج لوقفات نقدية مثل وصفه لوزارة الدفاع الإسرائيلية بأنها كانت ذات تفكير سياسي سليم عند نشوء الدولة . كأنه قد نسي أنها تتويجاً تنظيمياً لعصابات القتل و الإجرام الصهيونية : الهاجاناه و شتيرن و كتائب الموت و غيرها ، و هذا ما أكدته بعد 15 أيار 1948 بفترة وجيزة حين أعطت الأوامر بتنفيذ مجازر دير ياسين و قبية و غيرها .

و كذلك موقفه الإيجابي و إشادته بالمؤتمر اليهودي العالمي أثناء تولي ناحوم جولدمان رئاسة هذا المؤتمر ، و كأن الأخير قد كف عن صهيونيته في تلك الفترة ، ثم هل يستوي الأمر أن يكون المرء صهيونياً و محباً للخير الإنساني Philanthropist   في آن معاً ؟!!

و كذلك دعوة غيلان و تحمسه لشرق أوسطية فيدرالية أو كونفدرالية ، مع ما يتضمنه ذلك من سياسة إمبريالية و صهيونية ثابتة بدأت مع مشروع  " الشرق الأوسط الجديد " للأفعوان الصهيوني الكبير شمعون بيريز  ، و لما تنتهي بعد مع مشروع بوش الصغير " الشرق الأوسط الكبير " ، و تتلخص في رفض أية فيدرالية أو كونفدرالية للعرب ما لم يتخلوا عن تاريخهم و ثقافتهم و عروبتهم و أن يدخلوها أشتاتاً مشتتة ، طوائف و مذاهب و قبائل و إثنيات ،  أي أقزاماً تدور حول عملاق صهيوني اسمه دولة إسرائيل .

و يتناول نقدنا موقف غيلان من قضية أسلحة التدمير الشامل الإسرائيلية حيث أن رفضه لها ليس لأنه لا عنفي Pacifist  أو أنه لا يؤيد امتلاك دولة صغيرة لأسلحة دمار شامل ؛ بل يرفضها لأن المتحكمين بتلك الأسلحة في إسرائيل هم " حفنة من المجانين ".

نقول ، أليس امتلاك إسرائيل لتلك الأسلحة هو العامل الأكثر تأثيراً في ازدياد حمى التعصب القومي و شكل المرتكز الأساس لسياسات إسرائيل في التوسع و الضم و الضغط المتواصل على الزناد ؟ ثم هل كان من الممكن أن يستمر "المتعصبين و المجانين " في السيطرة على المجتمع الإسرائيلي بدون امتلاك إسرائيل أسلحة دمار شامل ؟

إن العمل من أجل السلام يتطلب إدانة حازمة قاطعة لامتلاك إسرائيل لأسلحة دمار شامل جملة و تفصيلاً ، ودعوة المجتمع الدولي إلى نزع تلك الأسلحة و جعل الشرق الأوسط بأكمله خالياً منها حفاظاً على السلام العالمي بأسره ، و تحميل المسؤولية عن امتلاك إسرائيل لتلك الأسلحة ، ليس فقط للحكومات الصهيونية المتعاقبة ، بل و بشكل أساسي للغرب عموماً بدءاً من فرنسا و بريطانيا الخمسينات الاستعماريتين حاضنتا المشروع الصهيوني منذ البدايات و لغاية الانتهاء من مغامرة السويس الفاشلة ، و انتهاءً بالولايات المتحدة الأمريكية التي شكلت منذ أواخر العام 1956 و لغاية الآن غرفة العناية الفائقة لإسرائيل .

و بعد ، لعل في هذه المادة ما يقنع بعض المثقفين العرب بأن لا ينسوا أو يتناسوا لحظة طبيعة المشروع الصهيوني – الإمبريالي الأنجلو – أمريكي الذي يستهدف أمتنا العربية و عمقها الجيو سياسي : العالم الإسلامي,  و أن لا يكذبوا على أنفسهم أو علينا بالتجمل بالقول إنه " صراع عربي – إسرائيلي " و حالياً يخفضوه إلى     "صراع فلسطيني– إسرائيلي " كمدخل بائس إلى تطبيع لاحق .

لا ، الوقائع العنيدة تؤكد ،و أفراح الصهاينة بسقوط بغداد تؤكد ، و نشاط الموساد المحموم في العراق و خاصة في شماله يؤكد ، و المقاومة الباسلة ، نور الأمة و ملاذها ، في فلسطين و العراق تؤكد بأنه صراع صهيوني – عربي .

محمد ديب كور / حلب

 

EIR : أهلاً بكم في EIR  سيد ماكسيم غيلان . لقد أعلن شارون أنه سيقوم بالفصل الأحادي مع قطاع غزة ، و لكن في 13 أيار ، فإن دبابات إسرائيل و قواتها دخلت غزة في واحدة من أكبر الغارات في التاريخ ، مسببة الدمار و الخراب في كلاً من مدينة غزة و رفح . ماذا حدث ؟

غيلان : أصبح موقف شارون داخل إسرائيل متعذراً الدفاع عنه بسبب انتفاضة الأقصى و بسبب تورطه في فضائح الفساد . لقد قرر أن يلحق بشكل أحادي ، أجزاءً كبيرة من الضفة الغربية ، و أن ينسحب تكتيكياً من قطاع غزة ، حيث يفرض  2300000 فلسطيني ثمناً باهظاً على قوات الاحتلال والمستوطنين اليهود . على أية حال ، فإن المتعصبين المعتوهين في حزب الليكود لم يفهموا مخطط شارون ،و رفضوا التزحزح من غزة . و في استفتاء داخلي في حزب الليكود ، فإن ما يقرب من 60000 متعصب معتوه قد أفشلوا محاولة قائدهم . كما أن كبار ضباط الجيش ، اللذين يريدون الاستمرار في حروبهم الأبدية  ، أجبروا شارون عند ذلك على شن عملية "قوس  قزح في غيمة"  في غزة .

EIR : في 14 نيسان كان هناك لقاء و تبادل رسائل بين أريل شارون و جورج دبليو بوش ، حيث تخلى بوش عن مطلب عودة إسرائيل إلى الحدود المعرفة بواسطة الأمم المتحدة . من كان مسئولا عن هذه السياسة ؟  و ما هو المتضمن فيها برأيك ؟

غيلان : هناك عاملان في إسرائيل مسئولان عن هذا التبدل في السياسة . أحدهما هيئة الأركان العامة للجيش ، و الآخر المتعصبون ، المعسكر القومي اليهودي " الزيلوت "1 ، و الذين كان شارون و ما يزال ينتمي إليهم   (إضافة إلى كونه نتاج صاف للعقلية العسكرية ) و الذين من أجلهم كان دائماً مصمماً على عمل كل ما هو ضروري ، بما فيه المجازر, مثل صبرا و شاتيلا في لبنان 1982 ، أو حتى قبل ذلك , في الخمسينيات ، عندما قاد شارون غارات على قطاع غزة التي كانت آنذاك ما تزال في أيدي المصريين . بعد ذلك ترأس شارون الوحدة 101 ، و هي كتيبة موت كانت تدخل إلى الأراضي العربية و تقتل الناس ، و ما إلى ذلك.

و هكذا فإن هذا سبب. أن شارون هو الممثل الأكثر بروزاً للمتعصبين ، لأنه أفضل استراتيجي و يتوفر على رؤية بعيدة المدى .

إن النسخ الحالية من خطة شارون ، و التي صادق عليها في واشنطن نائب الرئيس تشيني و الرئيس بوش ، قد فصلت لشارون من قبل كبار الضباط و هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي .

هذه العناصر تأمر في الواقع ،  ليس فقط الجيش ، بل كل دولة إسرائيل. أريل شارون لم يتغير مطلقاً و سوف لن يتغير. إنه يريد " إسرائيل العظمى " أو إذا شئت ، دولة ذات سيطرة يهودية في كل أجزاء إسرائيل / فلسطين – التاريخية .

إنه مصمم على التحرك جيئة و ذهاباً ، من أجل أن ينتزع كامل الأرض لنفسه ، أو في أسوأ الأحوال ، ليهيئ لمن يليه القيام بذلك . المخطط الكبير يبقى نفسه : الاستيلاء على كامل الأرض : خطوة خطوة و أحياناً جيئة و ذهاباً .

عند نهاية كل مرحلة فإن إسرائيل تتوسع دائماً ، هكذا فعلت حتى قبل قيامها رسمياً ، في الثلاثينيات و الأربعينيات ، عندما كانت تشتري الأرض من الإقطاعيين الغائبين و يطرد الفلاحون العرب خارجها ، و بعد ذلك  في 1948 و 1967 وحتى الآن .

في الثلاثينات و ما قبلها ، كان يعيش الفلاحون الفلسطينيون هناك منذ أجيال و لكنهم من الناحية الرسمية لا يملكون حيازة ، و ليس لديهم سند ملكية للأرض ، و على الأخص في وادي Saron .

-عقب قرار الهيئة العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 بتقسيم فلسطين إلى دولة عربية وأخرى يهودية,صدت إسرائيل غزو الجيوش العربية وميليشيات فلسطينية واستغلت نصرها لتنتزع معظم فلسطين العربية,طاردة 650000 فلسطيني,ومدمرة بشكل تام 416 قرية عربية؛ وغلى تلك الأراضي أنشأت على وجه السرعة مستوطنات يهودية.في مدينة يافا,التي كانت حتى ذلك الوقت العاصمة الثقافية للبلد,بقي فقط 3000 فلسطيني من مجموع 300000 نسمة.

البيوت العربية,بما فيها العائدة لمواطنين من يافا بقوا فيها,أعلنت" أملاك غائبين" وسرقت.

أتت المرحلة التالية مع حرب 1967,عندما تم ترويع عشرات الألوف من العرب ليفروا إلى الأردن ولبنان.

مرتفعات الجولان التي كانت سورية تم إلحاقها,ونم إلحاق القدس الشرقية أيضاً إضافة إلى مساحات كبيرة من الأرض حولها.وفي وجه الضغط الدولي ,الذي كان وازناً,فإن الضفة الغربية لم يتم إلحاقها رسمياً,ولكن برنامجاً للاستيطان اليهودي وانتزاع الأراضي جلب لهذه المنطقة مستوطنين يهود متعصبين؛ 230000 مستوطن حنى هذا التاريخ.

شارون,بعد إسحق رابين وشمعون بيريز ومناحيم بيغن وبيبي نتنياهو وموشي دايان وأعضاء المكتب السياسي لحزب العمل غاليلي وتاينكن وطنوا اليهود إستراتيجياً في كل بقعة وفي أية بقعة تمكنوا منها,بحيث يصار إلى طرد العرب- ليس فقط من الضفة الغربية والجولان بعد 1967,ولكن من الجليل وقلب إسرائيل قبل ذلك.لقد بني الكرمل والناصرة العليا على أراض مصادرة,أعلنت بادىء ذي بدء "مناطق عسكرية" وبعد ذلك تحولت إلى مناطق "لليهود فقط".

في الضفة الغربية,كانت تنشىء الكتل الاستيطانية بشكل متعمد لكي تعزل المنطقة إلى بانتوستانات مفصولة عن بعضها البعض بالمستوطنات,بحيث أنه في الوقت الذي تفرض فيه دولة فلسطينية على إسرائيل,فسوف لن تكون قابلة للحياة.وكل ما يجري يذكر المرء بالأبارتيد في جنوب أفريقيا أثناء حكم البيض.

في السنوات الأخيرة,عزل قطاع غزة بسياج محصن. صودر 40 بالمئة من القطاع لصالح 7500 مستوطن,مقارنة ب 2300000 فلسطيني في منطقة هي الأكثر كثافة سكانية في العالم.

وهكذا, فإن خطة شارون هي تحويل كل المناطق الفلسطينية إلى كانتونات في الوقت الحاضر,ريثما يتم ترحيل المزيد منهم.هذا الطور من حلم شارون هو ما تمت المصادقة عليه من قبل بوش وولفوفيتز, وكني باسم"إنشاء دولة فلسطينية" أو "خطة الفصل" .

في الحقيقة, لم يتم التخطيط لأي فصل,لأن الجيش الإسرائيلي سيبقى في غزة, وفي الضفة الغربية,وعلى الحدود المصرية فيما يدعى "منطقة فيلادلفيا".وسيستمر القتال,لأن الأسيجة لا تستطيع إيقاف صواريخ الكاتيوشا أو قذائف هاون القسام من الانطلاق من الأردن,لبنان أو من داخل قطاع غزة.

اتفاقية واشنطن

ولكن لنعد إلى أحداث 14 نيسان في واشنطن. ما لدينا هنا هو موافقة الولايات المتحدة على أن تنسى كلية ما يزيد عن 40 قراراً لمجلس الأمن الدولي,بما فيها 242 و338,والتي كانت بمثابة ضمانات أو على الأقل وعود من قبل المجتمع الدولي بأن الأرض الفلسطينية لا ينبغي أن تنتزع بالقوة.

قرارات الأمم المتحدة هذه,ومعاهدة جنيف,والتي تلتزم بها إسرائيل من الناحية الرسمية تنص على أن الأراضي المفتوحة بالقوة لا يجوز ضمها.

وهذا يناقض كلياً موقف بوش وخطة شارون.ولكن هذا شيء خيالي بسبب الضغط الدولي وبسبب الانتفاضة الشعبية للفلسطينيين- انتفاضتهم الثانية,المستمرة منذ أيلول 2000 – وما من أحد بإمكانه إيقاف مثل هكذا انتفاضة.لم يستطع ذلك يوليوس قيصر في ألمانيا,ولا نابليون في أسبانيا .الحل الاستعماري النهائي الوحيد هو الإبادة الجماعية- مثل تلك التي حدثت لسكان أمريكا الأصليين على أيدي المستوطنين الواسب WASP في أمريكا الشمالية.وهذا يمكن حدوثه فيما بعد للفلسطينيين أيضاً.

وهكذا,وبدلاً من ذلك,فإن شارون يخلق حالة لا يمكن تحملها من السكان الفلسطينيين,على أمل أن يستطيع هضم الأراضي,في غضون ذلك,باتجاه توسيع الكتل الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية,واحتواء الفلسطينيين كمقطعين خاضعين- أقنان بشكل كامل؛ وأولئك الذين لن يخضعوا,سيضغط عليهم باتجاه الهجرة.المسيحيون العرب قاموا لتوهم بذلك.

هذا ما يعنيه بوش ب "دولة فلسطينية".

و أكثر من ذلك ، في الضفة الغربية ، فإن الفلسطينيين سيتم تركيزهم بدرجة كاملة في مقاطعات صغيرة محاطة.  و بالنسبة لغزة ، فإنها لتوها أصبحت وعاء طبخ مضغوط، بشروط معيشة لا تطاق مع المخدرات و البغاء و عمل الأطفال و عنف المستوطنين . إن حلم شارون سيزيد من هذا الرعب ليس إلا .

إلى ذلك ، فإن شارون و الجيش يحلمون بأن الفلسطينيين سوف يرحلون في المآل الأخير . و لكن الديموغرافيا هي ضد ذلك ، ففي غزة ، لديك 2.3 مليون نسمة ،  في الضفة الغربية أكثر من 2 مليون نسمة ، داخل الخط الأخضر ، في إسرائيل ، 1.2 مليون نسمة, و خارج الأراضي ، هناك 4 مليون نسمة أو ما يقرب من ذلك ، و العديد منهم لا يزالون في مخيمات اللاجئين .

إن نعتقد أنه بالإمكان  تحطيم  و بعدئذ السيطرة على مثل تلك الكتلة ، فإنه بالطبع تفكير غير واقعي البتة . فقط اتفاقية سلام مع تدخل المجتمع الدولي يمكن أن يجلب وقف إطلاق نار طويل الأمد ، و فقط كونفدرالية من كل بلدان الشرق الأوسط و الشرق المركزية ، من الجماعات الدينية و الإثنية يمكنها تأمين السلم الدائم و الازدهار .

ما يسمى بـ " خطة الفصل " الشارونية تقود إلى راديكالية شاملة للمجتمع الفلسطيني ، و إلى نمو حماس إلى قوة عالمية حقيقية .  و أكثر من ذلك  ، فإن " الفصل " في الواقع ، سيشجع على حراك قسري لقطاعات كبيرة من العالم العربي ، بما فيها أصحاب الفعاليات الاقتصادية لصالح حماس ، أكثر مما هو لصالح فتح عرفات .  في العقود الماضية كانت هذه القطاعات العربية خارج فلسطين تخشى من القوى المسلحة لمنظمة التحرير الفلسطينية ، لذلك ساعدتها . 

و هم لم يقوموا بذلك لمجرد " الأخوة العربية "  : كانوا خائفين على أنظمتهم و على حيواتهم . الآن ، هم خائفون  من الأصولية الإسلامية ... حماس و الجهاد الإسلامية الفلسطينية هما جزء من هذه الحركة الشعبية الواسعة ، و سوف يحصلون على أية مساعدة يحتاجونها .

ما فعله القوميون الإسرائيليون المتعصبون عندما اغتالوا قائد حماس الشيخ أحمد ياسين ، منذ شهرين ,هو خلق قديس إسلامي جديد . إن صور كرسي المقعد الشيخ الضرير الذي دمرته حوامة إسرائيلية قد أضافت أيقونة قوية للدعاية الإسلامية على امتداد العالم .

في الشرق الأوسط ، فإن إسرائيل و الولايات المتحدة تخلقان حركة جماهيرية بشكل مصطنع – و أنا أتحدث عن ملايين ملايين البشر – مندفعة خلف الأصوليين الإسلاميين . أضف إلى ذلك واقعة أن معظم البلدان الإسلامية هم من غير العرب إنهم اندونيسيون ، صينيون ، و هم هنود ، باكستانيون ، و هم أفارقة . لذلك فإن هذا قد يؤدي إلى تدمير كامل بنية المجتمعات الإسلامية عبر العالم ، خاصة في الجنوب ، و حتى قبله ، تدمير المجتمع الشمالي الغربي .

EIR :  هل تعتقد بأن ما يدور في ذهن شارون ، يتضمن خطة أوسع لإعادة رسم خارطة إفريقيا الشمالية، جنوب غرب آسيا وكل العالم الإسلامي و العربي .

غيلان :  ليس لدي شك في ذلك . في عام 1982 كان لدى شارون خطط توسع مسعور للاستيلاء على بلدان النفط العربي في الخليج . فقط التدخل الأمريكي أجبره على تقليص غزوه إلى لبنان . كما أرى الوضع الآن ، يوجد هناك  ، بالولايات المتحدة , داخل المعسكر الرأسمالي ، عنصرين متناقضين : أحدهما تقليدي , مجتمع البزنس المحافظ ، و الآخر : الفاشيون الجدد داخل الجيش الأمريكي و داخل رأسمالية ذلك البلد . الفاشيون الجدد، لسوء الحظ ،  يمسكون بمقاليد السلطة في الوقت الحاضر أو على الأقل لديهم تأثير حاسم على الأفكار ، أو على رأس  الإدارة الحالية . يساعدهم و يحرضهم على ذلك أصوليون مسيحيون متعصبون ، تماماً مثلما أن الجيش الإسرائيلي يساعده و يحرضه مجرمون يهود متدينون متعصبون .

EIR :  في كلا البلدين فإن هؤلاء المتعصبون هم أقلية ، و مع ذلك فإن تأثيرهم يذهب أبعد من ذلك بكثير . هل السبب بأن سواهم يخشونهم ؟

غيلان :   لا ، لا  ليس الأمر كذلك . ليس كل شخص خائف .  بعض الناس خائفون و لكن ليس كل شخص ! و مع ذلك يوجد نوع من تأثير الدومينو .  دعنا نتكلم بنصوص  واقعية أكثر مما هي تجريدية : في إسرائيل لديك مجتمع فيه الجيش هو العامل المقرر في السياسة و الاقتصاد – و الصلات المحلية و الخارجية  ، و الدين وفي الشؤون الدولية . إنه كلب بحيث أن ذنب الجيش يهز الكلب القومي .

أنا لا أتحدث عن كل الجيش ، أتكلم عن الصقور في هيئة الأركان العامة.

داخل الأركان العامة  لديك عنصرين – عنصرين أو جناحين /  قوتين . أحدهما ، ضباط الجيش المحترفين ، ليسوا معميين كلياً بالسلطة ،  متعجرفين و لكن يفكرون بلغة المستقبل ، بعد ذلك ، لديك المتعصبون ، الشرهين للحروب ، المثاليين القوميين المفحمين خوفاً من محرقة ثانية أو من إبادة لليهود .

المجموعة الأكثر خطراً في الأرض

هذه ربما هي مجموعة الرجال الأخطر في الأرض في هذه اللحظة ، لماذا ؟

لديك بلدان أخرى أكبر و أكثر ازدهاراً و أقوى عسكرياً و لديها وسائل الدمار الشامل : الولايات المتحدة ، المملكة المتحدة و الاتحاد الروسي ، على سبيل المثال .

و لديك دول خطيرة أخرى يتربع فوقها أشخاص أكثر تعصباً و جنوناً من كبار الضباط الإسرائيليين . مثلاً،  العربية السعودية ومثلاً ،  كوريا الشمالية . و هناك أيضاً مجانين أكثر غموضاً في أمريكا اللاتينية و آسيا و في إفريقيا .

و لكن ما من مكان آخر في المعمورة  لديك فيه قادة و جنرالات معقدين إلى أقصى الحدود و أيضاً يمتلكون كميات ضخمة من وسائل الدمار الشامل . رجال هم حقاً متطرفون و قوميون متعصبون .

إذا أرادت نيجيريا أو أنجولا أو كولومبيا أن تشن الحرب فجأة ضد بقية ما يسمى بالعالم المتحضر ، ضد العالم العاقل نسبياً ، فإنها ببساطة لا تستطيع . مثل هكذا بلد يستطيع تدمير مئات الألوف ... أو حتى قتل مليوناً من البشر ، أو مليوناً ونصف المليون أي الإبادة الجماعية ، و لكنه لا يسبب النهاية المادية للعالم. 

و حتى كوريا الشمالية فإنها جائعة جداً و تعتمد إلى حد كبير على الصين . ما من أحد من الأنظمة الأخرى المتطرفة في جنونها يقول " كل العالم ضدنا " .

في إسرائيل يعلمون الأطفال نشيداً يقول بالضبط ، نفس هذه الكلمات . ما  من بلد آخر يهدد بتدمير العالم بشن حرب نووية ، بارتكاب الانتحار الجماعي ، كما فعل المتمردون اليهود ، " الماسادا " في تحديهم للإمبراطورية الرومانية. أو كما يروى عن شمشون فيما فعله بالفلسطينيين في فعل انتحاري جبار أخير و الذي يعلم للأطفال كمثل أعلى .  بالطبع فإن جذر هذا الجنون هو رهاب المحرقة ، و لكن هذا لا يجعل من هذه المجموعة أقل خطراً .

نعم ، يستطيع الإسرائيليون تدمير العالم ، أو إشعال حرب عالمية تقوم بذلك . تملك العسكرية الإسرائيلية  الوسائل الضرورية لعمل ذلك . وحتى وصول بوش و تشيني إلى السلطة لم يكن هناك من قوة غير تقليدية سواها تنظر في استعمال القنابل النووية التكتيكية . 

بالمناسبة ، دعني أوضح النقطة : إنني لست لا عنفياً Pacifist 2، و أنا بالإطلاق لست ضد أن يمتلك بلد صغير أسلحة دفاعية غير تقليدية على غرار ما تمتلكه البلدان الكبيرة طالما هي ليست محكومة بقادة مخبولين بإيديولوجيات عصابية . هنا لدينا مجموعة من المجانين ، Dr. Strangeloves'   شاؤول موفاز و بوجي يعالون – أو ديك تشيني – ليسوا المودعين المناسبين لأسلحة تدمير  العالم

و هكذا ، لدينا أولئك الأشخاص في عين الإعصار . و لديك أيضاً النوع النظامي من العسكريين داخل هيئة الأركان العامة الإسرائيلية . و لكن الأشخاص اللذين يتخذون القرارات هم المجانين . مرة ثانية ، لماذا ؟ لأن هناك وضعاًً تم إحداثه خلال خمسين عاماً ، يعيش فيه المجتمع الإسرائيلي على عكاز المساعدات الخارجية . في البدء ، كان يوجد فقط يهود أغنياء وفقراء ساعدوا على تدعيم دولة إسرائيل . و لكن في السنوات الأربعين الماضية فإن المساعدة بشكل رئيسي و رسمي كانت تأتي من الولايات المتحدة ،مساعدة عسكرية ضخمة ،وصلت إلى حد بلغ 3.1 مليار دولار بالسنة من الناحية الرسمية ، و لكنها في الواقع أكثر من ذلك بكثير حيث تصل إلى 16 أو 17 مليار دولار بالسنة ، و ذلك بطرق مختلفة . و هذا ما خلق علاقة تكافلية بحيث تحصل إسرائيل على طائرات و تكنولوجيا عسكرية هجومية إضافة إلى المعلومات التجسسية و التكنولوجيات الأخرى . تستعمل إسرائيل عندئذ الأموال الأمريكية  التي تمنحها و تضمنها الولايات المتحدة لتدفع بدورها للمؤسسات الأمريكية . بالطبع  فإن الوسطاء الأمريكيين و الإسرائيليين يحصلون على عمولاتهم التي تصل إلى  عدة ملايين. في تنظيم هذا البزنس الدائري ، فإن عنصرين يحصلان على أموال كثيرة . أحدهما هو المؤسسة الصناعية – العسكرية الأمريكية  ، مثل لوكهيد ، بوينغ ، كاتربللر ( التراكتورات المسلحة ) و هكذا ، و الذين يجندون لهذا الغرض هم أشخاص يعملون في البنتاجون  . إنهم يحصلون على عمولاتهم و فيما بعد يعملون لدى المؤسسات التجارية الكبرى .

تصرخ الأسلحة طلباً للحروب

الوسطاء الإسرائيليون هم من وزارة الدفاع أو من ضباط الجيش و كذلك من أصحاب المشاريع الخاصة ، و الذين هم جميعاً ، و بدون استثناء ، أشخاص عملوا أو يعملون في المراتب العليا من الجيش الإسرائيلي ، و بشكل سري . إنهم يستفيدون مباشرة من الصفقات الدائرية و يصبحون مليونيرات ، إذا لم يكن مليارديرات .

و لكن لديك أيضاً القطاعات الصناعية الإنتاجية ، هنا و هناك ، و التي ليس لها اهتمام بإيقاف هذه العلاقة التكافلية المتمركزة و المرتكزة بشكل جوهري على الحرب الدائرة الأبدية : على الأسلحة و التكنولوجيا العسكرية . لأن الازدهار ، كما هو عليه الحال ،  يجلب النمو المالي  ليس فقط للمؤسسات الصناعية الكبرى و لكن أيضاً للصناعات المحيطية و للنقابات بما فيهم  عمال الصناعات العسكرية المحلية .  و هكذا فالجميع مع استمرار هذه الصفقة بشكل غير محدود .

إن الأسلحة و التكنولوجيا العسكرية العالية تصرخ طلباً للحروب .  عادة ما تجلب العلاقة التكنولوجيا العالية المنفعة لكلا الجانبين ؛ و لكن هذه العلاقة ليست كذلك ! إنها علاقة عسكرية – علاقة المعدات و البرمجيات العسكرية التي تقلص من القطاعات الموجهة للأغراض السلمية ؛ و هذا يعني أن الأشخاص المتورطين فعلاً ، هيئة الأركان العامة للجيش أو هيئة أركان سلاح الجو الإسرائيلي ،  لديهم اهتمام  شخصي و مهني في استمرار حالة الحرب في الشرق الأوسط . إذا وجدت حالة سلم ، فإن سلطتهم ستختفي ؛ ليس عجباً إذاً أنها استمرت 50 عاماً .

عندما يسرح ضابط من الجيش و ينضم للقوات الاحتياطية في سن النضوج ، 45 عاماً أو ما يقرب من ذلك ، فإنه لا يحصل فقط على تعويض ، ولكن لديه استنتاج سابق أنه سوف يكون واحداً من رؤساء مشروع صناعي كبير، أو شركة كهرباء أو مديراً في إحدى الوزارات – أو في الحالات الأكثر تقدماً رئيساً للوزراء . حيث أنه لم يوجد أي رئيس وزراء إسرائيلي لم يكن على نحو ما  على علاقة بما يسمى مؤسسة الدفاع . وهذا يشمل شمعون بيريز، و الذي هو واحد من بضعة رؤساء وزارة في إسرائيل لم يكن جنرالاً أو رئيساً لهيئة الأركان ، و لكنه كان المستشار الرسمي لشؤون الدفاع لدى بن جوريون و الذي أحدث التكنولوجيا النووية الإسرائيلية بمساعدة جي مولييه ، رئيس وزراء فرنسا الاشتراكي في أوائل الخمسينات .

EIR : من هم هؤلاء الجنرالات في معسكر التعصب القومي اليوم ؟ أيمكن تسميتهم ؟

غيلان :حسناً ، لديك أولاً الرجل الذي أصبح رئيساً للوزراء ، أريل شارون ، ووزير الدفاع شاؤول موفاز ، الذي كان قبل ذلك رئيساً للأركان. ثانياً الرئيس الحالي للمخابرات العسكرية آهارون زئيفي فاركاش والذي تم تعيينه من قبل شارون . ثم لديك عاموس يارون ، مدير عام وزارة الدفاع ، صقر بين الصقور . و أشخاص مثل النائب السابق لرئيس الموساد ، جدعون عزرا ، و الذي هو الآن عضو في الوزارة ، بعد ذلك لديك  رئيس الموساد مائير داجان . و أيضاً الرئيس الحالي للأركان موشيه يعالون . و هذا " الغول " يعالون هو كذلك براجماتي يخضع تعصبه لطموحاته الشخصية. في تقديري ، إن يعالون سوف ينحاز لأي حزب يعتقد أن لديه فرصة في كسب انتخابات الكنيست القادمة ، أو التي تليها ، أكان العمل أم الليكود . يرغب الغول في نهاية المطاف في أن يصبح رئيساً للوزراء ؛ و هو سوف يلعب ، على أية حال دور المتشدد حيثما يحط به الرحال ، ليس لأنه واحداً منهم فحسب ، ولكن أيضاً ليكسب تعاطف الرأي العام .

اسم آخر بعد ، و سوف أنتهي منهم: ميجر جنرال دان هالوتز ، الرئيس السابق لسلاح الجو الإسرائيلي ، أحد الجنرالات القوميين الأكثر تعصباً و الأكثر عدوانية- كان مسئولا عن هجمات الحوامات على النشطاء الفلسطينيين ، و أمر بإلقاء قنبلة زنة طن على بناية مدنية فلسطينية لأن قائد حماس مشعل كان هناك . بعدها صرح بأنه نام بشكل جيد عندما تأمل بأنه هو من أعطى الأمر الذي تسبب بقتل العديد من المدنيين .

ودان هالوتز هذا,قد أعلن منذ فترة وجيزة نائباً لرئيس هيئة الأركان,وهذا يعني أنه سيصبح الرئيس التالي لهيئة الأركان بعد أن يترك موشيه يعالون.وخلال إحصاء الليكود الداخلي جلس هالوتز إلى يمين شارون,في انتهاك لتنظيمات الجيش التي تحظر الانغماس في الشؤون السياسية.

EIR : إنك تستخدم مصطلح " فاشي جديد"؛هل يتجه تفكيرك من خلال هذه المصطلحات إلى الذين يسمون أنفسهم هنا "المحافظين الجدد" ؟

غيلان : نعم,ولكن ليس فقط المحافظين الجدد.إنني أتحدث عن العناصر الأكثر تطرفاً في ,معسكر الأصوليين المسيحيين,من البروتستانت والكاثوليك. أتحدث عن جماعات الخدمات الخاصة والتجسس,داخل البنتاجون,والذين نجد بينهم بعض المتعصبين الأصوليين المسيحيين ببزاتهم العسكرية,متأملين أن يروا الحرب تندلع بين ياجوج وماجوج ولذلك هم تواقون لتجديد السياسة "القومية" الأمريكية,كما طبقت في الحرب الكورية,أو الحرب الفيتنامية,أناس أرادوا وقتذاك إلقاء قنبلة ذرية على الكرملين,ويتحدثون اليوم عن نشر" قنابل

ذرية تكتيكية" في الشرق الأوسط,والذين يعتبرون نفوذ أية قوة أو دولة غير أمريكية في العالم-إسرائيل مستثناة-

بمثابة إهانة للسيطرة الأمريكية.وهم ليس لديهم أي مفهوم عما هو عليه العالم,في الواقع,خارج حدود الولايات المتحدة,وربما أمريكا اللاتينية.   

EIR : بلا ريب.وشارون وتشيني لديهما أشياء كثيرة مشتركة:كلاهما يواجه نصف دزينة أو  أكثر من التحقيقات,ويبدو أن شارون,على وجه الخصوص,مهدداً بذلك.إذا أدين شارون- وهذه إذا كبيرة جداً-كيف سيغير ذلك من الحال؟

غيلان : بادىء ذي بدء,أنا لا أعتقد أن شارون سيدان-يمكن أن أكون على خطأ, بالطبع كما ترى,فان شارون

قد عين نائباً عاماً جديداً- مناحيم معزوز؛ لقد تخلص من النائب العام السابق إدنا آربل , الذي رفع إلى محكمة العدل العليا – وآربل هو الشخص الذي أوصى بإدانة شارون في قضية رجل الأعمال المشبوه , دافيد آبل . أنا لا أعتقد , بوجود مستشار الحكومة القانوني هذا , وفي الوضع الراهن, بأن شارون سيدان .

إذا أدين, فإن هذا سيشجع المتطرفين القوميين البلهاء , الذين لا يستوعبون ما يقوم به شارون , ويعتقدون بأنه يخونهم لصالح معسكر السلام. في الحقيقة, فإن شارون يستخدم ذريعة غزة لمحاولة ضم مساحات كبيرة من الضفة الغربية, وفي الواقع شطرها إلى نصفين , ولكنهم لا يرون ذلك .إن القوميين المتطرفين في التحالف القومي , وجمهور الليكود بما فيهم الكاهانيين , الذين لهم جناح في الليكود , جماعة موشيه فايجلن – لا يريدون أن يفهموا . إنهم يقولون " أيتها القوة ! إنك تخون!"

وقد كسبوا بحوالي 53 بالمئة استفتاءا داخلياً في حزب الليكود - ضد شارون.

في هذا الأسبوع , سيصوت مجلس الوزراء - ثانية – فيما إذا كان سيصار إلى فصل جزئي محدود أو انسحاب , إنهم يتحدثون عن ثلاثة مستعمرات في قطاع غزة , وثمانية من اصل مئات <المستعمرات> في الضفة الغربية . وأن الجيش الإسرائيلي من المفترض أن يبقى على الحدود ما بين قطاع غزة ومصر .

وفي الأسبوع القادم فإن مشروع الانسحاب المختصر سيوضع للتصويت في الكنيست – يكذب شارون حتى على المجانين المحيطين به –

EIR : ما هي سياسة شارون الحقيقية برأيك؟

غيلان : لمدة 50 عاماً ونيف , فإن نفس التيار القومي بكليته كان يغسل دماغ الأمة نحو مزيد من التعصب القومي , ومزيد من العسكرة!وهذا يشمل الدعاية  الإعلامية لكل من الليكود وحزب العمل.

وهكذا في القمة,لديك الجهاز الصهيوني السياسي والعسكري المعقد, رجال ونساء هم اليوم, وبشكل غير محدود,أكثر خطراً من البقية؛ولكن لديك أيضاً المتعصبين البلهاء! وهم يشكلون غالبية الليكود , وغالبية المعسكر القومي وربما غالبية الأمة , والذين غالبيتهم العظمى تبدو منقسمة بالتساوي ما بين أغنام سهلة الانقياد ومتعصبين بلهاء.وهؤلاء المتعصبون البلهاء لا يريدون أن يتخلوا عن بوصة واحدة من الأراضي المحتلة . وشارون يلعن هؤلاء البلهاء أتباعه,لأنه لا يستطيع إخبارهم عما يقوم به فعلاً! على الأقل ليس بشكل صريح ,لأن ذلك سوف يخرب علاقته الجميلة ببوش .إذا صرح بما يقوم بفعله حقاً ,عندئذ لن يكون هناك من عذر لواشنطن تستند إليه في الشرق الأوسط.

EIR :عودة ثانية لما حدث في واشنطن, في لقاء شارون – بوش الأخير في 14 نيسان.برز دوف فايسجلاس

كإحدى الشخصيات اللامعة هنا والأسطورية على نحو ما. ما مدى أهمية هذا الرجل ؟

غيلان : دوف فايسجلاس هذا هو جزء من الشيء الذي وصفته – هذا الوحش المخيف , الذي نما, عوضاً عن مؤسسة عسكرية دفاعية قوية ذات تفكير سياسي سليم, والتي وجدت عند نشوء الدولة. وهو أيضاً أحد الأشخاص الذين سيصبحون, بدون شك,على رأس معسكر اليمين بعد ذهاب شارون.

فايسجلاس في الوقت الحاضر, هو الناطق الرسمي باسم شارون في المحادثات مع واشنطن. ولكنه أيضاً أحد الأشخاص الذين وصفتهم من قبل: إنه مثل داجان أو فاركاش أو وزير الدفاع  عاموس يارون, أو مثل شاؤول موفاز, جزء من وأداة منفذة لصقور هيئة الأركان العامة للجيش.

بالطبع, هو لم يصل إلى ما وصل إليه من نفوذ بالجيش بصفته ذراع شارون. نعم لقد كان دائماً معجباً بشارون أو جندياً له, إلا أنه كان ولم يزل واحداً من متعصبي الجيش الزيلوت, وهو أيضاً سياسي جيد أو إذا شئت دبلوماسي عسكري.

كيف تشتغل اتفاقية الولايات المتحدة – إسرائيل

دوف فايسجلاس هو رئيس أركان مكتب رئيس الوزراء شارون, وهو منذ وقت طويل على اتصال بالبنتاجون فيما يتعلق بالشؤون العسكرية,وهذا يعطيه بالطبع "جواز دخول" لتلك الدوائر, التي هي جزء لا يتجزأ من العلاقة الإسرائيلية – الأمريكية التكافلية,من الزمرة العسكرية – الصناعية في الولايات المتحدة.

من خلال اتصالاته بالجيش وأولئك المتنفذين في الصناعات الموجهة للأغراض العسكرية, فإنه بات على صلة وثيقة بنائب الرئيس تشيني ومساعد وزير الدفاع بول وولفوفيتز,يهودي أمريكي من المحافظين الجدد. وفيما بعد, أيضاً,بكوندوليزا رايس. إنه يعرف بواطن الأمور وظواهرها في مؤسسة السلطة الأمريكية, أفضل بكثير من معظم الأمريكيين, هذا إذا لم نذكر الليكود. ومن الناحية الفعلية, حتى أفضل من شارون ذاته.

البرهان على ذلك: محادثاته الأولية,ومحادثاته الأكثر أهمية, قبيل اجتماع واشنطن الأخير بين بوش وشارون, كانت مع -  تشيني !

دوف فايسجلاس هو "مستشار" شارون والأركان العامة حسب طريقة تعبير المافيا!هذا منهجي, وليس مجرد منصب شخصي, مقارنة بهنري كيسنجر في إدارة نيكسون.

يرينا فايسجلاس كيفية بناء السلطة الإسرائيلية: يخبر الجيش رئيس الوزراء بما يريدونه أن يفعل,وهذا بدوره يرسل مستشاره إلى واشنطن للتحدث مع تشيني ووولفوفيتز, اللذين بمساعدة كوندوليزا رايس, وغالباً ضد أفضل التقديرات لكولن باول – يقنعون رئيسهم, الذي يدعو شارون للمجيء إلى واشنطن لإضفاء الصفة الرسمية على الاتفاق. وبعد ذلك يتلفظ بوش بجزء آخر من بيانه المتعلق بسياسة إدارته الخارجية – إلى أن يتوجب عليه تغيير هذا الجزء أيضاً .

إستراتيجية الكذب الكبرى

لقد أجل شارون لمدة شهرين زيارة أخرى للولايات المتحدة. هذا يظهر أن كبار ضباط الجيش غير سعداء.

تذكر أن فايسجلاس يتحدث باسم العسكرية الإسرائيلية,يتحدث إلى العسكرية الأمريكية وإلى الصناعة الحربية, الجناح الأكثر جشعاً وقسوة من الرأسمالية الأمريكية, التي تستخدم قاعدتها من الأصوليين المتعصبين لتأييد الاتفاق شعبياً.

وبوجه الأجمال, إنه تحالف بين قيادتين متعصبتين وجشعتين مدعومتين بمعسكرين من المتعصبين المخبولين,والذين يتم تجهيلهم بعناية شديدة من خلال الدين وغسل الدماغ بواسطة وسائل الأعلام, وبنظام سياسي مخادع من حيث الجوهر يسمى خطأً "الديمقراطية الغربية".بالمناسبة,إن المتعصبين المسيحيين ليسوا في الواقع مناصرين لإسرائيل. ولكن, وكما ذكر أحدهم في الليكود ذات مرة, في جلسة تناقش تكتيكات الحرب العسكرية:"دعهم يعتقدون ما يشاءون بخصوص مجيء مسيحهم وحرب ياجوج وماجوج – طالما هم يمولوننا ويدعموننا".

EIR :كيف يناور كلا الحزبين الإسرائيليين لخداع العالم بأسره في خطة الفصل؟ هنا في الولايات المتحدة, فإن الكونجرس يمضي قدماً بالخطة ويرفضون رؤية ما ترويه لنا كوقائع- بأن هذه الخطة ليست في الواقع ما تبدو عليه ظاهرياً.

غيلان : حسناً, لدي البرهان,على عكس شارون. ما أقوله يمكن توثيقه بوقائع راسخة, وفوق كل شيء بنتائج. هذا إذا لم نتحدث عن السير الشخصية للأفراد الذين ذكرتهم. أنا لا أخمن. إنني أقول فقط الأشياء التي حدثت, أو التي تفعلها حكومة شارون أو هيئة الأركان العامة.احكي عن حقائق على الأرض هي الآن قيد التنفيذ.

هذا يتصل بعامل آخر, وجه آخر, بإستراتيجية الكذب الكبرى ؛ في رواية جورج أورويل  1984 (3) ؛ الكذب هو الحقيقة, أن تقول شيئا ًوتعني عكسه عندما يحين الوقت المناسب .

لقد بدأت مع بن جوريون,ولقد بدأت حتى قبل بن جوريون, مع الحركة الصهيونية, ومع مجلس إدارة حزب العمل, التي قالت أنها لا تريد دولة, وبعد ذلك,بالطبع, عملوا دولة. قالوا أنهم يريدون إخلاء اليهود من أوروبا, الذين كانوا تحت السيطرة النازية, لكن عندما منحت الإمبراطورية البريطانية وقتذاك للمؤسسة الصهيونية في فلسطين الانتداب, حق إنشاء فرقة عسكرية, الفيلق اليهودي, ضمن القوى المحاربة للمحور الفاشي, فإن بن جوريون وموشيه شاريت عملا كل ما في وسعهما للتعاون مع بريطانيا, نتج عن ذلك أن مليون يهودي هنجاري ذهبوا إلى أوسشفيتز عوضاً عن مبادلتهم بمئة شاحنة عسكرية والسماح لهم بالذهاب إلى فلسطين.

وهكذا فإن محارق أوسشفيتز اشتغلت بكامل سرعتها, وأنشأ الفيلق اليهودي ضمن الجيش البريطاني – معطياً بذلك قوات بن جوريون خبرة عسكرية مفيدة- أما الحلفاء فلم يقصفوا مطلقاً معسكرات الإبادة ولا قاطرات السكك الحديدية التي كانت تقود قطارات الموت من فرنسا, هولندا,بلجيكا, هنجاريا,تشيكوسلوفاكيا وعلى هذا المنوال.

هناك العديد من الوثائق, بعضها إسرائيلي والبعض أمريكي, تؤيد ما أقوله. وهكذا سارت الأمور بهذه الطريقة.

في 48 قالوا أنهم سيقبلون خطة التقسيم التي أقرتها الأمم المتحدة . بعد ذلك مضوا يغزون الأراضي قدر المستطاع, وتدمير القرى العربية بشكل كامل داخل الأراضي التي انتزعوها, 46 قرية, وتابعوا يطردون العرب من المدن مثل يافا وحيفا .تلك كانت بداية مشكلة اللاجئين, التي تؤرق إسرائيل حتى اليوم.

في عام 1949 تم توقيع وقف إطلاق النار وبقي لفترة – هذه الترتيبات الإقليمية استمرت حتى عام 1967. من عام 1949 إلى عام 1967 ادعوا أنهم يريدون السلام, ولكنهم كانوا مصممين على عدم إعطاء بوصة واحدة مقابل سلام حقيقي, أو أن يوافقوا على قرارات الأمم المتحدة, أو أن يستجيبوا للضغط الأمريكي 4

استخدام دولة التفوق اليهودي

نحن نتحدث عن الخمسينات, قبل أن تضع الحكومة الأمريكية نهاية لعملية السويس,وتأخذ لنفسها دور حامي إسرائيل  من  بريطانيا وفرنسا, اللتين استعملتا دولة التفوق اليهودي حتى عام 1956, لإدامة سيطرتهما على عرب الشرق الأوسط ومواردهم النفطية.

بعد ذلك لم يفعلوا أي شيء لتقديم أي مخطط يهدف للسلام . في عام 1967 انتزعوا المزيد من الأراضي: أخذوا كامل مساحة القدس, أخذوا مرتفعات الجولان, أخذوا الضفة الغربية وكل فلسطين الانتداب الغربية , وصولاً إلى نهر الأردن , كلها وقعت تحت الحكم العسكري الإسرائيلي .

عند تلك المرحلة قالوا أنهم يريدون التوصل لاتفاق تفاهم ،  و أنهم سوف يعيدون أراض في الضفة الغربية ، و في غزة – و أنت تعلم بأنه لاشيء من هذا القبيل قد حدث . قال وزير الدفاع ، موشيه دايان ، وقتذاك  لوفد من أعيان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة : ليس لديكم شيء تعطوني إياه ، سأتحدث لملك الأردن فقط . و الآن ، يقولون بالطبع ، أنهم لن يرجعوا لحدود67 ، خلافاً لما قال موشيه دايان بأن حكومته ستفعله .

و هكذا هي سياسة الكذبة الكبرى . طوال الوقت ، فإن حكومة إسرائيل ،  و قبلها  ، قيادة الحركة الصهيونية كانت تطبق سياسة الكذب المتعمد. على أية حال فإن سياسة الكذب المتعمد الكبرى كانت تسير جنباً إلى جنب مع وقائع محدثة جديدة متعمدة ، مترافقة مع توسع آخر لقاعدة الدولة قائم على مزيد من الغزوات و على طرد

المزيد من العرب . أنت تتحدث عن دولة " ديمقراطية يهودية " و لكنك تطبق هالاخا Halakha أصولية أرثوذكسية يهودية . يعني المفاهيم المستندة إلى الزيلوت و المفاهيم العنصرية ، أكثر مما هي على صلة بـ" الماجنا كارتا "،وثيقة بريطانيا القانونية الأساسية ، التي كانت القاعدة التشريعية للنظام ، سوية مع المفاهيم التشريعية للإمبراطورية العثمانية .

ماكينات البروباجاندا ( = الدعاوة ) الأجنبية

إنهم يقولون " فصل " و لكنهم يقصدون " الأبارثيد" 5  المسيطر عليه إسرائيليا . يتحدثون عن " مقاييس إجهاضية هادفة " ويعنون القتل العمد لأناس لم تتم البرهنة على أنهم مذنبون في محكمة قانونية ، و في سياق هذا العمل قتل و إعطاب أناس أبرياء تصادف وجودهم أثناء ذلك بما فيهم أطفال و نساء .

يقولون  " منحهم الحكم الذاتي " و لكنهم يقصدون إحداث بانتوستانات 6 بائسة تحت السيطرة الإسرائيلية ، و التي ستزود إسرائيل باليد العاملة الرخيصة و المحاصيل ، و هكذا دواليك .

و في الوقت الحاضر ، أحدثت ماكينة البروباجندا الشارونية قسماً خاصاً في وزارة الخارجية الإسرائيلية للتضليل المعلوماتي ألألسني و الدلالي ، و والذي يعمل في الغالب في البلدان الغربية و في الأمم المتحدة ، مستخدمين بدقة المصطلحات التي يريدون للناس سماعها عندما تظهر الصور الفظيعة للاحتلال على شاشات التلفزة . إنها تشتغل  في فرنسا ، و في الولايات المتحدة و في المملكة المتحدة ، وهكذا دواليك . و فيما بعد فإن مثل تلك اللغة ، وفي الغالب الأعم ، تعتمد من وسائل الإعلام في بلدان عديدة .

EIR : ما هي تجهيزات البروباجندا الأخرى الموجودة ؟

غيلان : يوجد في الواقع عديد منها . يبدو أن هناك قسماً لاستخبارات التضليل الإعلامي ، وفقاً لتقارير أجنبية ، و يوجد قسم خاص في مكتب رئيس الوزراء و الذي من المفترض أن يسيطر على كل البقية . و لديك أيضاً قسماً للوكالة اليهودية ، إحدى قطاعات الحركة الصهيونية العالمية التي تطور بروباجندا تتضمن تقارير مفزعة عن العرب و معاداة السامية . توزع الأموال و المساعدات على نشطاء الجالية اليهودية و وسائل الإعلام في أوروبا والولايات المتحدة و هناك ادعاءات بأن كافة المساعدات لإسرائيل التي تجمع من قبل " الاستغاثة اليهودية المتحدة " في الولايات المتحدة تستخدم في مثل تلك البروبجندا و لـ " تشجيع السياسيين غير اليهود" .  و أخيراً لديك الملحقين الإعلاميين في السفارات الإسرائيلية بالخارج . اللذين يترجمون النصوص اليهودية والعربية التي يمكن أن تساعد محرري الأخبار بتسويغ الحجج الإسرائيلية .

EIR : حسناً ، إن الماكينة الإسرائيلية توازي إلى حد بعيد مكتب البروبجندا و الكذب و إساءة استخدام المصطلحات الذين استخدموا هنا في الولايات المتحدة لتبرير الحرب على العراق .

غيلان : نعم ، باستثناء أن شبكة البروبجندا الإسرائيلية هذه قد وجدت قبل تلك التي أحدثت في الولايات المتحدة قبل غزو العراق . أود أن أقول أن شخصاً  ما في الولايات المتحدة قد انتزع ورقة من كتاب شارون ! ربما هو وولفوفيتز !

EIR : اعتادت الجماعة اليهودية الأمريكية ، على ما اعتقد ، أن تكون إلى جانب الديمقراطيين . جماهير الشعب اليهودي و العديد من الجماعات الإثنية الأخرى كانت تعطي أصواتها للديمقراطيين . لكن ذلك تغير ، حسب اتجاه رئيس حملة بوش الانتخابية ، كارل دوف ، الذي هو على صلة وثيقة بالأصوليين المسيحيين المتعصبين ؛ تقوم استراتيجيته الانتخابية على أن اتفاقيته مع شارون سوف تؤمن له أصوات اليهود في الولايات المتحدة . كيف ترى هذه الوجهة ؟  

غيلان : لقد مضى وقت طويل جداً منذ أن كانت الأصوات اليهودية مؤثرة في السياسة الأمريكية. هذه العبارة قد تدهشك ، لذلك دعني أوضح . الجالية اليهودية – الأمريكية هي – كم مليوناً هم الآن ؟ خمسة ملايين أو ما يقرب من ذلك ! المنظمات اليهودية ليست أكثر من 600000 شخص بمجموعها ، متضمنة كل شيء : المنظمات المدنية ، بعناي  بريث ، منظمات الجالية الدينية ، اتحادات المنظمات ، التي هي الكنائس المحلية ( جمع كنيس ) ، المدارس ، الجامعات ، ADL ، و ما إلى ذلك .  هؤلاء الـ 600000 شخص هم بمعظمهم محكومين – و أنا أستثني هنا الجماعات الإصلاحية و المحافظة – و لكن حتى في صفوفهم هناك العديد من القادة محكومين جميعاً بمصالح البزنس اليهودي ، و التي هي حفنة قليلة جداً من الأشخاص . في الواقع ، أود أن أقول ليس أكثر من 10000 شخص بمجموعهم ، و رقم 5000 قد يكون أقرب إلى الحقيقة . إنني أتحدث عن الممولين الكبار الرئيسيين .

الآن ، هؤلاء الناس قد تحالفوا مع القوى الأكثر رجعية في  الولايات المتحدة . إنهم يتحدثون باسم الجالية اليهودية ، التي هي صامتة أو لا مبالية . الجالية اليهودية تصمت بسبب ( أ ) أنهم غير مهتمين فعلاً بالتسيس ، و ( ب ) و لكونهم متضامنين جداً مع دولة إسرائيل التي يرونها بمثابة حل لأولئك اليهود المهددين في أوروبا و ربما باب نجاة إذا أصبحت معاداة السامية خطراً حقيقياً في أمريكا .

كل ما تقوم به إسرائيل ، هو إما مقبول ، أو على الأقل ليس موضع نقد من قبل اليهود في الولايات المتحدة ، و هذا ينتح عنه ترتيب تكافلي آخر : قيادة دولة إسرائيل و القيادة المالية اليهودية ، التي تسيطر في هذه الأيام على منظمات مثل بعناي بريث ، المؤتمر القومي اليهودي أو حتى المؤتمر اليهودي العالمي – الذي اعتاد أن يكون ذات يوم ديمقراطياً ومحباً للخير الإنساني و ذو تفكير سليم عندما كان يرأسه الراحل ناحوم جولدمان و نائبه آرثر هرتسبيرج .

على أية حال ، فإن المنظمات اليهودية الأمريكية في عام 2004 ، ليست أكثر ديمقراطية مما كانه الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي السابق ؛ حيث أن قيادتها تستطيع المناورة بـ و استخدام 5 مليون يهودي بدون استشارتهم .

بما أن الفساد والتعفن يغذي اليأس والتعصب ، فإن ذلك الجزء من الجالية الذي لا يرغب بترك اليهودية – أتحدث هنا عن الثقافة اليهودية والروابط الإثنية ، وليس عن الدين اليهودي – ذلك الجزء الذي يريد أن يبقى يهودياً ، ويحافظ على هوية فرعية داخل العجينة الأمريكية العظيمة ، تغريه دائماً الأرثوذكسية و الوطنية الإسرائيلية  - من  على بعد .

الشباب اللذين كانوا في الماضي ليبراليين أو يساريين ، لأن الجيل الأول من آبائهم قد قدموا كعمال من أوربا الشرقية ؛ أو كانوا يجسدون حلم الأم اليهودية في " ابني الطبيب ، ابني طبيب الأسنان " أصبحوا الآن آباءً أغنياء أو من الطبقة الوسطى ، و يبحثون عن المثالية في جذورهم  المقتلعة مرتين . و الأكثر إحباطاً منهم يتبنون إيديولوجية مائير كاهانا و يذهبون للإقامة في كريات عربة ، في الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة .

من الواضح ، أن الجالية اليهودية قد قيدت بواسطة جناحها اليميني ، و بواسطة المؤسسة الإسرائيلية ، تماماً مثل العديد  من الأمريكيين غير اليهود من أبناء الطبقات الدنيا و الوسطى الذين حيدوا من قبل جناحهم اليميني و المتطرفين المسيحيين المتدينين .

و لماذا ينبغي أن يكون الأمر على خلاف ذلك ؟ يجب ألا ننسى أن اليهود الأمريكيين هم جزء لا يتجزأ من المجتمع الأمريكي .

بالنسبة لإدارة بوش ، في ظل هذه الظروف ، فإنها ليست بقلقة على الأصوات اليهودية ؛ على العكس إنهم يعتمدون على القادة الممولين و المنظمين ليجلبوا للجمهوريين الأصوات اليهودية ، لأنهم يدعون بأن بوش مفيد لإسرائيل ، و هذا هراء . إن بوش يساعد في التحضير لتدمير إسرائيل من خلال الحرب المستمرة .

EIR : بعد اتفاقية بوش - شارون وعلى الخصوص بعد اغتيال الرنتيسي ؛ فإن كلاً من الرئيس المصري مبارك والملك الأردني عبد الله أدليا  بتصريحات بأنهما لم يريا مثل هذه الكراهية الواسعة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، بسبب الفشل في صنع السلام ، والفشل في المساعدة على تقدم السلام ، و بسبب حرب العراق . هل هذا ما وصلت إله أيضاً ؟

غيلان : هذا جزء مما توصلت إليه ، أعتقد أنهما لم يذهبا بعيداً في الموضوع بشكل كاف ، وعلى الأخص بعد التدمير الهائل لمنازل المدنيين في رفح ، على حدود غزة مع مصر ، أعتقد أننا نشاهد تخريباً سريعاً للاستقرار -  للاستقرار الرجعي في الشرق الأوسط -  ولكن الساكن ، الاستقرار الذي وجد بعد أن أبرمت الولايات المتحدة اتفاقية مع العربية السعودية لتصدير النفط عند نهاية الحرب العالمية الثانية ، منذ حوالي 60 عاماً تقريباً . ما يحدث الآن في الشرق الأوسط ، هو انه بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ، فإن كل تلك العناصر التي آمنت بأن المجتمع في الدول العربية المحافظة سيتغير في نهاية المطاف ، صارت يائسة . 

الإله الوحيد الذي لا يخيب الرجاء

وكما شرحها لي فلسطيني ذات مرة: " في البدء ، نحن الفلسطينيين آمنا بالقومية العربية ، بعد ذلك آمنا في جناحي البعث ، السوري والعراقي . بعدئذ آمنا في جمال عبد الناصر . والبعض منا آمن بالماركسية اللينينية . و لكن كل تلك الآلهة قد خيبت آمالنا ، إذاً ماذا بقي لنا ؟ نحن العرب بقي لنا الله . و لذلك نحن نثق بالله و نتبع الإسلام . "

هل تعلم بأن نصف قيادة " منظمة العمل الشيوعي اللبنانية " ، ومعظمهم مؤمنين سابقين مارونيين مسيحيين و أرثوذكسيين يونان ، قد تحولوا إلى المذهب الشيعي في الإسلام و انضموا لقيادة حزب الله ؟

هذا التطور يعرفنا بدقة عما يحدث : يتحول العديد إلى الأصولية الإسلامية، لأنه لم يبق لديهم أي أمل آخر بتغيير حقيقي . و لكن و بشكل جلي أيضاً ، لأن بوش قد جعل من الأصولية الإسلامية بعبع العالم الغربي ، و أعلن عن ما يراه العرب الآن بمثابة حملة صليبية ، حملة صليبية رجعية مسيحية ضد فقراء العالم ، و على وجه الخصوص ضد المسلمين الفقراء في العالم . 

أعتقد أننا قريبون جداً من انفجار عالمي لهذه الحركة. أرى أن الدائرتين التاليتين لاستضافة هذا التوسع الإسلامي ستشملان مناطق واسعة في آسيا وأفريقيا. أتحدث عن أنجولا؛وعن جنوب أفريقيا,وأنا أتحدث أيضاً عن اندونيسيا وماليزيا, التي لديها أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم- هذا إذا لم نتحدث عن باكستان وجنوب غرب الصين,وصولاً إلى جنوب تايلاند والهند.

هذا الشيء سينفجر.إنه لتوه متفجر إلى حد ما,بفضل بوش – تشيني وطوني بلير. ولغاية الآن, فإن ما تمثله القاعدة ليس سوى تطور ضئيل مقارنة بما يمكن أن يحدث فيما هو قادم,وبفضل الغباء الغربي في العراق وأفغانستان,فإن الأنجلو – أمريكان قد زادوا على الأخطاء التي ارتكبها السوفييت في المنطقة.

الصفقات الغربية مع الأصولية

عليك أن تتذكر أن قادة العالم العربي, بما فيهم الرئيس مبارك وملك الأردن عبد الله – وكذلك أيضاً قادة العربية  السعودية والكويت والأمارات – ليسوا قلقين على نحو خاص فيما يتعلق بحاجات السكان لديهم.ولا هم قلقين بخصوص واقعة أن حكومة الولايات المتحدة تدعم إسرائيل . ما هم قلقون حقاً عليه,هو ممتلكاتهم, والتي يعتقدون أنها تتضمن بلدانهم. وهم الآن قد توصلوا إلى استنتاج, يرتكز على استخبارات محلية جداً جداً ؛ مفاده أن أنظمتهم لن تدوم؛ وأنه حتى الولايات المتحدة قد تبرم صفقة مع الحركات الأصولية في الشرق الأوسط ضد الملكيات, لأن الأصوليين يمكن أن يوفروا لهم الهيمنة على بعض بلدان الشرق الأوسط ليحتفظوا بسيطرتهم على النفط والموارد الطبيعية العربية والعالمية الأخرى . وفي أفريقيا وفي آسيا الوسطى.

القادة العرب خائفون على مصالحهم الشخصية. لذلك, هم أخيرا في ورطة, بحيث أنه, وعلى الرغم من المساعدة العسكرية ومساعدات التنمية الأمريكية والبريطانية للعربية السعودية,الأردن ومصر على سبيل المثال, إلا أتهم يتحدثون بصوت عال.في الحقيقة,إنهم يصرخون على المكشوف طلباً للنجدة "النجدة! ساعدونا!" . وهم يتحدثون – على ما أعتقد – إلى الأصوليين قدر ما يتحدثون إلى الساسة الأمريكيين والأوروبيين من كل الأصناف. إذا كانت الولايات المتحدة تتحدث معهم, لماذا هم لا يتحدثون معهم أيضاً؟ وهكذا فإن الأنجلو-أمريكان يساعدون الإسلاميين عن قصد أو عن غير قصد .

لا تنسى أن تشيني كان واحداً من أخلص حلفاء الحكام العرب- ثم أصبح المحرك الرئيسي للحملة المعادية للعرب.

:EIR بسبب النفط؟

غيلان : بسبب النفط – ليس النفط العربي فحسب – بل بسبب قرار أنجلو – أمريكي للسيطرة المباشرة على كامل إنتاج النفط وعلى الصناعة النفطية , حتى لو كان الثمن احتلالا عسكريا مباشرا , كما رأينا في العراق . هذه حرب للسيطرة , ببساطة , على كل النفط في العالم .

أحلام  بارانوية ؟ جنون العظمة ؟ بالتأكيد , ولكن هذا ما يعانون منه. إضافة إلى أنهم أغبياء سياسيا و جهلة .

EIR: هل ترى بأن الإرهاب , بعد ما فعله شارون في غزة في الأسابيع القليلة الماضية , واتفاقية بوش ـ شارون ـ سيصبح أسؤ في القريب العاجل ؟

غيلان : في المشهد العالمي عموما , والشرق الأوسط على نحو خاص . أنا لا أتحدث هنا بالضبط عن إسرائيل ـ إسرائيل مسألة مختلفة . وتحتاج إلى شرح مختلف .

EIR: هل يمكنك مقاربة كلا الوجهتين ؟ مثلا , هل ستصبح حماس منظمة جماهيرية ؟

غيلان : إنها الآن كذلك . إنها ستنمو من 40  بالمئة  إلى 70 بالمئة قريبا  . إنها تحوز الآن على دعم 40 بالمئة من السكان الفلسطينيين في غزة , وربما أقل , 32 بالمئة   إلى 35 بالمئة  بالضفة الغربية .

الآن , إلى الإرهاب العالمي بالأردن , حيث قد اكتشفوا  لتوهم خطة لهجوم كيماوي ضخم على الفعاليات الحكومية الرئيسية , وعليهم أن يعانوا من هجمات انتقامية عند الطرف الجنوبي من المملكة ولكن , يوجد فرق . كما ترى ؛ فإنني قد قلبت مليا فكرة أن حركات علمانية أو إثنية قد تضم قواها إلى الانتفاضات الأصولية في مناطق أخرى من العالم , ولكن بالتأكيد في الشرق الأوسط . 

حول الوضع الإسرائيلي الفلسطيني: بما أن شارون مهتم في خلق إرهابيين من اجل تأبيد القتال والضم, ليبقي البانتوستانات تحت السيطرة المسلحة, ريثما يستطيع طرد أو إخراج العديد من الفلسطينيين قدر المستطاع, فإن كلاً من الانتفاضة الشعبية والمدنية والإرهاب ضد المدنيين سيستمر وربما يزداد.

لدينا نوعان من الصراع المسلح في كل من فلسطين وإسرائيل: انتفاضة مسلحة؛وإرهاب أعمى ضد المدنيين. الإرهاب, في رأيي, هو أي فعل عنف موجه ضد المدنيين إما من قبل المنظمات أو من قبل الحكومات.

الانتفاضة الشعبية المسلحة تتضمن أي شيء موجه ضد الأهداف أو القوى العسكرية, التجهيزات الاستخباراتية, أو المستوطنين المسلحين وتتضمن كذلك المتعاونين الفلسطينيين مع الاحتلال .

الانتفاضات المدنية بالطبع تتضمن المظاهرات غير المسلحة, الاعتصامات والمسيرات وما إلى ذلك.

وهكذا,بمقدار ما يستمر الاحتلال والضم, فإن هذه الأشياء سوف تنمو, وسوف تخمد دائماً بمزيد من العنف . وذلك سيخلق دائماً كراهية متزايدة للمحتل, والمزيد من التطرف, والمزيد من الأصولية في فلسطين .

الاتفاق الغربي – الإسلامي السري

بينما يحدث هذا, سترى بقية العالم الإسلامي والعربي يزيدون من دعمهم للفلسطينيين, وبشكل علني أو بالخفاء, وسيكون لدينا أمور مثل نمو قوي جداً للحركة المضادة للإصلاح في إيران . هذا جزء من عملية بدأت لتوها منذ أوائل العام 2002 , عندما بدأت الأموال تتدفق على فلسطين من مصادر ومنظمات خاصة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة, دعماً للدوائر الأصولية . نفس الشيء حدث دعماً للمحافظين الإيرانيين مترافقاً مع الغضب المعادي لأمريكا, مما ساعد على تحطيم المعارضة الإصلاحية .

إحدى الأمور التي شجعت النمو المحافظ كان اتفاقاً سرياً بين بريطانيا, فرنسا ودوائر معينة في الولايات المتحدة, لتشجيع المحافظين الإيرانيين "لإبقائهم إلى جانب الغرب". نجم عن ذلك القضاء الجزئي على المتعصبين الماركسيين- الإسلاميين من مجاهدي خلق الإيرانية - حيث طرد العديد منهم من فرنسا . إلا أن عمليات دعم السلطة الإيرانية توقفت , لأن الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة توصلوا إلى استنتاج بأنه إذا وصلت المعارضة إلى السلطة, فإن البلد سيصبح أقل استقراراً, وسيزداد خطر الإسلاميين الأكثر تعصباً وغرابة .

الغربيون الآن هم عالقون بين المطرقة والسندان بسبب احتلال العراق.

بعد أن دعّموا سلطتهم فإن المحافظين الإيرانيين قلقون على إخوتهم الشيعة في العراق, وسوف لن يكترثوا إذا أصبح في البلد المجاور لهم ديكتاتورية دينية أخرى .لغاية الآن, فإن الغرب يفضل المتعصبين بالرغم مما هم عليه, على الديكتاتوريات العلمانية, أو حتى الديمقراطيات التي تبقى مستقلة . يعتقد الغرب بأنه قادر على عمل صفقات أفضل مع رجال الدين, خلف الأبواب, لأن ذلك برهن عن جدواه في الماضي.

باعت إسرائيل بضائع وأسلحة إلى رجال الخميني, واستخدمت الأموال بشكل غير قانوني من قبل واشنطن في فضيحة إيران- جيت الأسطورية,لمحاربة الساندينيين في نيكاراجوا, وما من أحد أدرك كنه ذلك لفترة . فقط عندما أصبح الرئيس السابق للمخابرات المركزية الأمريكية , بوش الكبير, رئيساً, تم التعتيم على المسألة.

أحدهم اغتال كافة الأشخاص المتورطين في فضيحة إيران – جيت ,كل الوسطاء . قتل العميل الإسرائيلي السري عميرام مير , الصحفي السابق, في حادثة طيران غامضة في مكسيكو, على سبيل المثال .

هذه الأيام, تغيرت الظروف كما هي شأنها دوماً.من الصعب صياغة سياسة إمبريالية فاعلة في القرن الحادي والعشرين.

السياسة الخارجية الأمريكية الثابتة الوحيدة, التي حافظت على تماسكها, هي دعم إسرائيل, حتى عندما تحدث هنا أسوأ عمليات الاغتصاب, عمليات الاغتصاب التي تخلق إرهابا ليس أقل تماسكاً. وعندما يفكر المرء في من تلقوا الدعم من الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية في فترة إيران – جيت, عليه أن يستنتج أن الغباء شأن عالمي ! أعني أنه لدينا الآن نفس طبيعة المنطق ؛عندما ترى من هم الحكام العراقيين المفترضين, أعضاء مجلس الحكم,في ظل الاحتلال, ومسئولين رسميين مثل القومي سانشيز,وشجعان قوات  المارينز – أعني ينبغي أن تكون انتحاريا لتضع حياة الجنود الأمريكيين بأيدي مثل هؤلاء الأشخاص .

يوجد لدى الولايات المتحدة تعاطفاً مع الجماعة الشيعية العراقية التي اضطهدها  صدام.الآن فإن الشيعة هم في آن معاً المعارضة الأكثر وحشية للاحتلال والخطر الأعظم على عراق موحد وديمقراطي في المستقبل ، لقد ثارت الجماعة الشيعية العراقية غضباً في وجه الغرب . كل شيء في الشرق الأوسط يثور غضباً في وجه الغرب .

وما من أحد لديه فكرة عما يفعله لحل اللغز ، مع أن الحل تسهل رؤيته :

أن يغادر التحالف الأنجلو ـ أمريكي العراق فوراً ،و يتخلى عن السيطرة العسكرية والسيطرة النفطية لقوة من الأمم المتحدة بمشاركة واسعة من البلدان العربية ، ويسلم إعادة البناء إلى حكومة عراقية جديدة بينما يدفع الفواتير .

أي شيء آخر سيقود إلى استمرار المصيبة الراهنة ، حتى الحالة المستقرة نسبياً في العراق الكردي ستتفجر في وجه الغرب فيما بعد ، لأنه عاجلاً أم آجلاً ، سيتعين على الولايات المتحدة أن تختار ما بين كردستان حرة,وتركيا,حليف الولايات المتحدة الاستراتيجي ،فإذا هم اختاروا كردستان , فهذا يعني تجزئة العراق إلى ثلاثة مناطق ، حيث كردستان الغنية بالنفط ستتم السيطرة عليها بأي ثمن ـ من خلال الأكراد وهذا يعني خسارة أمريكا لتركيا كحليف . ستتفجر تركيا ، وأصوليو الشرق الأوسط سيضمون قواهم إلى أقرانهم الأتراك ، ومع الجيش التركي ، الذي هو الحاكم الفعلي ، والذي سيتوجب عليه صياغة تحالف أمر واقع مع الإسلاميين بالرغم من إيديولوجيته العلمانية الكمالية ، قد تتطلب السلطة مشاركة الفراش مع الغرباء !

المأزق الكردي ـ التركي :

وإذا اتفق أن اختارت الولايات المتحدة تركيا، عندئذ سيهب الأكراد مرة أخرى. وهم سيثورون غضباً ليس فقط في العراق : إنهم سيثورون أيضاً في تركيا ، الآن ، يوجد حظر على مقاتلي الحرية الكردية الأكثر تطرفاً ، لأنهم متطرفون ، ولأن بقية الأكراد تريد على الأقل دولتها الخاصة ، في العراق وربما في إيران أيضاًُ ، تماماً مثلما حصل الأرمن على دولة أرمينية ، بجوار الاتحاد الروسي ، فقط في دولة خاصة بهم يستطيع الأكراد أن يزدهروا ويتطوروا. في الوقت الحاضر ، فإن كلا من الأكراد العراقيين والأرمن يحاكون الصهاينة ,حيث يتحدث الأكراد عن الحكم الذاتي  في العراق أكثر من حديثهم عن الاستقلال . ولكن إذا فضل الأمريكيون تركيا ، فإن هذه المواربة  ستجد طريقها إلى البالوعة.

 في كردستان لديك حليفين للولايات المتحدة ـ لديهما إجمالاً مصالح متناقضة ـ(الطالباني والبرازاني – م ) وبعد ذلك لديك النفط . والولايات المتحدة تفضل دولة كردستان هزيلة بدلاً من أن تكون جزءاً من العراق ، ولكنها لا تريد للأكراد أن يسيطروا على النفط . ومن القائل أنه بعد أن يتولى الأكراد الأمر فإنهم لن يسيطروا على النفط ؟

وأن يتحالفوا مع الأكراد الآخرين ، في إيران ، وفي سوريا؟ وبعدئذ في تركيا ذاتها  ؟

شيء وحيد أكيد : الولايات المتحدة ـ والفاشيون الجدد في الولايات المتحدة على وجه الخصوص ـ ليس عندهم استشراف استراتيجي حقيقي ـ لا يملكون تحليلاً يسمح لهم بأن يخططوا . ليس لديهم القدرة على تحمل فترة احتلال طويلة للعراق ، وخطتهم للسيطرة على كامل المنطقة عبر مخطط " الشرق الأوسط الكبير " ليس سوى حلم تحشيش ، أو مزحة مستشرق غربي .

وليس لدى الأمريكان استراتيجية قصيرة المدى : فقط الجشع والجهود الدعاوية وتعهدات انتخابية . إنهم مضطرون الآن لإيجاد مرتزقة أجانب ـ وهؤلاء باشروا بترك السفينة ، أسبانيا والهندوراس فعلتا ذلك ، وإذا إيطاليا واليابان فقدتا الاستقرار بفعل الإرهاب ، فإنهما ستحذوان حذوهما . أو أن حكوماتهما سوف لن تستمرا في السلطة. الاقتراح الأنجلو ـ أمريكي الجديد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ليس سوى جهد دعاوي.   يريد الأمريكان والبريطانيون أن يضعوا قبعات زرقاء على قواتهم الموجودة في العراق وأن يحصلوا على المزيد من المرتزقة تحت أمرة الولايات المتحدة . إنه جهد لشرعنة وضع اليد على النفط العراقي وللاستمرار في السيطرة على العراق . هذا الاقتراح الجديد يمكن أن يتم تبنيه من قبل الأمم المتحدة ولكنه سيفشل على الأرض . إنه لن يوقف لا التمرد الشعبي العراقي ضد الاحتلال , ولا حتى ما هو أسوأ , الثورة الإيديولوجية الأصولية الإسلامية.

Eir  :أنت تعرف ما قاله السيد لا روش وصار في الواقع مستساغاً شعبياً من قبل الأمريكيين ، من الناس العاديين : جورج دبليو بوش هو أغبى رجل صار رئيساً للولايات المتحدة حتى الآن

غيلان : ولكني لا أعلم إذا كان هذا صحيحاً . لقد وجد بضعة رؤساء أغبياء جداً في المرحلة الأولى من التاريخ الأمريكي

Eir : حسناً ، إننا نمعن النظر بها وتبدو مطابقة تماماً

غيلان : ولكنه بالتأكيد رجل غبي جداً . وتشيني كما ترى ، عندما يكون لديك في القمة أعلاه ، شخص غبي ،ويليه أناس متعصبين ، عندئذ يكون لديك تركيب متفجر جداً .

Eir: صحيح

غيلان: لأن المتعصب ليس محل مساءلة ، الأبله قابل للمساءلة. ولكن عندما يحدد المتعصبون السياسة ـ ووه! ‍ بالضبط عندما لا يكون هؤلاء المتعصبون عقلاء لأنهم محكومون بانفعالاتهم وبموجهاتهم الهرمونية أكثر مما هم محكومون برؤوسهم .

أمريكا كعطيل وبريطانيا كإياجو

علاوة على ذلك ، فإن المتعصبين الأمريكيين يأخذون دروسهم من الإمبريالية البريطانية ، إنهم يلعبون دور عطيل أمام أياجو بريطانيا .

ولكن الإمبريالية البريطانية تطورت في بيئة مختلفة كلياً, حيث كان الأسطول السلاح الرئيس للسيطرة لدى أية قوة إمبريالية ، وحيث كان لدى الجيوش مقاربات محلية مختلفة ، ومقاربات ثقافية مختلفة بالنسبة لطبيعة السكان المتنوعة ، اليوم ، ليس الأمر على هذا المنوال ، ولا يمكنه ذلك . لكن المحافظين الجدد وكبار ضباط الجيش مازالوا يؤمنون بالاحتلال المباشر والسياسات العسكرية التأديبية ، مثل القصف الذي يستهدف القادة وقتل قطاعات واسعة من السكان . النقطة الأساسية في هذا العالم الحديث ، مع التكنولوجيا الحديثة ، إن حرب الغوار قد أصبحت لديها قوة كامنة فعالة ضد الإمبراطوريات ، وعلى الأخص ضد المحتلين الإمبرياليين ، مثلما كانت عليه جيوش الجبهات والأساطيل في العصور الماضية . لقد تغيرت الوضعية الاستراتيجية ، والأوضاع المحلية تغيرت . وإذا لم تستوعب ذلك ، إذا أردت أن تفرض الإمبريالية الأمريكية ، مستخدماً نماذج الإمبريالية البريطانية للقرن 19 ، عندئذ تكون في طريقك نحو الكارثة : وهذا ما يحدث بالضبط في العراق ، وفي أفغانستان وقريباً في أفريقيا وفي الباكستان .

Eir: بالنسبة للعراق ، فإن ليندون لاروش مهتم جداً بإيجاد استراتيجية مخرج وقد وضع واحدة ، تبدأ بأن تقول الولايات المتحدة بكل وضوح " نحن مغادرون " وأن ملكية العراق هي للشعب العراقي ، على الولايات المتحدة أن تنهي الاحتلال وبمقدار ما تطول إقامة الولايات المتحدة هناك ، بمقدار ما تسوء الأمور أكثر . وهو قد دعا البلدان المجاورة للعراق لكي تلعب دوراً رئيسياً وعلى نحو محدد : إيران ، تركيا ، سوريا ، مصر : وهؤلاء جميعاً سيتأثرون بالكارثة هناك

غيلان : لقد نسيت واحدة : اليمن

Eir: أيتوجب عليهم أيضاً لعب دور رئيسي في العراق ؟

غيلان: بالتأكيد . وإلا فإنهم سيصيرون قاعدة للثورة الأصولية . ولقد نسيب أيضاً بلداً آخراً : الأردن ، الذي هو على حدود العراق ، الحدود الأكثر هشاشة , علاوة على ذلك ، بسبب التنافس بين سوريا والأردن ، مع مصر ، ينبغي الإتيان بمصر أيضاً

في الواقع ، لا يمكن أن يكون لديك تصميماً على الصراع من أجل الديمقراطية  في الشرق الأوسط بعد الغزو الأمريكي للعراق ، أي لن يكون هناك من حل للمشكلة العراقية ، إذا لم يؤتى بكل العالم العربي للمساعدة : وهذا يؤدي بنا إلى الصراع المحدد في الشرق الأوسط ، الصراع  الإسرائيلي ـ العربي ، الصراع الفلسطيني ، وهذا يعني أن مثل هذا الانخراط للعرب في اتفاقية سلام ينطوي بالضرورة على حل فوري ، أو على الأقل تقدم ملحوظ على طريق فرض الخارج لوقف إطلاق نار إسرائيلي ـ فلسطيني وانسحاب إسرائيل من فلسطين .

إذا لم يحدث هذا فإن الخراج سيتحرك بسهولة من عضو شرق أوسطي إلى آخر ، وبعد ذلك في الواقع إلى أجسام جيو سياسية أخرى .

Eir: كيف يمكن التوصل إلى حل بعد هذه السياسة الكارثية ؟

غيلان : حسناً ، بادئ ذي بدء ،يمر الحل الآن عبر ثلاثة مراحل مختلفة ، على الأقل ، والتي ينبغي أن تكون قريبة جداً من بعضها البعض ، مسألة شهور لا ينبغي لأية مرحلة أن تستغرق أكثر من سنة .

المرحلة الأولى : هي تأسيس وصاية للأمم المتحدة ، لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ، ولكن ليس أقل من سنة ومثل تلك الوصاية للأمم المتحدة تبدأ بإنشاء قسم وصاية للأمم المتحدة تماماً مثلما كان هناك قسماً لجنوب أفريقيا أثناء الأبارتيد ، مع جيشه الخاص ، الذي ينبغي أن يكون مختلفاً ومنفصلاً عن الناتو ، أو من أية قوات للأمم المتحدة ، شريطة أن  لا تتضمن أية قوات لعضو في حلف الناتو .        

خلال المرحلة الثانية ، يتوجب على الأمم المتحدة ، دول الناتو مستثناة ، أن تسيطر على كل العراق ، بمساعدة قوات عراقية ، بعد ذلك وبالتدريج تسلم السيطرة العسكرية والسياسية في كل المناطق للعراقيين .

قبل أن يكتمل هذا ولدى الوصول إلى مرحلة تبدو مستقرة يجب إقامة انتخابات مباشرة بإشراف المراقبة الدولية ، على مبدأ ناظم هو : نصف أعضاء المجلس الوطني أو البرلمان لكل العراق على مبدأ صوت واحد لكل شخص ، والنصف الآخر يحتفظ به لتمثيل القطاعات الأربعة الموجودة : السنة ، الشيعة ، الأكراد والأحزاب العلمانية ، كل قطاع يحصل على عدد من المقاعد متطابق مع قوته العددية والمساحة التقريبية للأرض التي يعيش عليها . و قد تكون الحسابات المتعلقة بذلك أكبر عقبة لانتقال ديمقراطي فعلي .

على النحو المشار إليه ، يتوجب على الأمم المتحدة أن تمول عملية الانتخابات في العراق ، منطقة تلو منطقة وداخل الجماعات الإثنية والدينية ـ أفكر بالأكراد ، بالشيعة ، بالسنة ، وبالعراقيين الوطنيين العلمانيين ، من كل من مؤيدي بعث ـ صدام ومن المعادين لصدام ، ولكن الذين يؤيدون جمهورية غير دينية يكون فيها للنساء كامل حقوقهن .

 وينبغي الاحتفاظ بمقاعد أيضا لمجموعات أخرى ، مثل الآشوريين هذا إذا لم نذكر سواهم .

ينبغي أن يؤتى بهم جميعاً إلى مجلس وصاية الأمم المتحدة كمستشارين ، وفيما بعد كأعضاء في مجلس وصاية الأمم المتحدة ، لجنة العراق الدولية هذه . عندئذ ، وفقط عندئذ ، يتوجب طرح دستور محدد ونهائي لتتم المصادقة عليه وفقاً لمبدأ شخص واحد ـ صوت واحد , ينبغي حدوث ذلك في السنة الثالثة ، معطين بذلك البلد فترة تهدئة كافية .

بعد سنة واحدة ، تنسحب تدريجيا القوات العسكرية الأجنبية ، وتبنى قوى عسكرية محلية ، كلاسيكياً من أشخاص كانوا في الجيش أو الشرطة العراقية زمن صدام ، ولكن يتوجب أن تكون هذه القوات مؤلفة من السكان المحليين في كل منطقة ، وأن يبقوا لفترة تحت سيطرة مفوضي الأمم المتحدة من غير جنسيات الناتو ، وبعد ذلك تحت سيطرة المفوضين العراقيين الإقليميين ، لحين عقد الانتخابات .

يمكن الوصول إلى الاستقرار فقط حين تشعر الجماعات المختلفة بأنها ممثلة في مثل تلك الوصاية . بخلاف ذلك فإن الثورة الإسلامية ستستمر وستسود في البلد .

هكذا ، فإن كل القطاعات سيكون لها حقوق ، وبعد ذلك سيطرة ، في كل ولاية ، ولكن ليس لهم الحق في زرع الفوضى بسبب من عصبياتهم الخاصة . سيكونون جزءاً من الماكينة منذ البدء , ولكن ستتاح لهم السيطرة وفقاً لقطاعهم ، في ظل الوصاية ، والسيطرة الكلية المشتركة على الحكومة عندما تصير الصراعات الداخلية قابلة للاحتواء .

هذا أفضل حل بين كافة الحلول السيئة ، بما أن الفوضة الراهنة تحول دون الخلق المباشر لجمهورية عراقية فيدرالية ، أو جمهورية كونفدرالية .

النفط العراقي كعقبة : 

يوجد بالطبع عقبة كبيرة لمثل هذا المخطط ـ النفط . من سيسيطر على نفط العراق ؟ بعد كل شيء هذا ما كان يستهدفه الغزو ، إلى جانب رغبة سلالة بوش الحاكمة بالانتقام .

أنا لا أعتقد أن شركات النفط الغربية متعددة الجنسية ستتخلى عن السيطرة على إنتاج واستغلال النفط في القريب العاجل .وهذا  بالطبع هو بمثابة قصر نظر منهم ، لأن الشركات الأنكلو ـ أمريكية ـ + الفرنسية ، الألمانية والروسية ـ هي الوحيدة فقط القادرة على تطوير النفط بطريقة صناعية متقدمة ، بما أنهم الوحيدون فقط في العالم الذين يمتلكون وسائل التطوير الملائمة لثالث أكبر احتياطيات نفط في العالم .

ينبغي للشركات المتعددة الجنسية أن يكون خيارها المنفعة وليس السيطرة ، ولكن الجشع دائما هو أقوى من المنطق .

 لذلك ، من المحتمل ألا يكون هناك وصاية للأمم المتحدة . والفاشيون الجدد في إدارة بوش ، الذين هم خدم للشركات النفطية آلهتهم المزيفة ، سوف لن يتخلوا بالتأكيد عن سيطرة الولايات المتحدة المباشرة على العراق ونفطه ، بطريقة أو بأخرى .

لذلك أنا لا أعتقد بأن آلية ديمقراطية ستشتغل ، وبالتالي فإن حالة الفوضى أو القتال ستستمر ، يلي ذلك عدم استقرار اقتصادي على امتداد المعمورة .

أعتقد ما من أحد  ، لا في أوربا ولا في الولايات المتحدة قد اقترح مثل خطة الوصاية هذه بالتفصيل خطوة خطوة ، والتي يمكن أن تعرض على أشخاص مثل المرشح الديمقراطي ( والذي ليس هو موضع اختياري الشخصي لأنه قائد لامع ، ولكن لأن لديه ميزة أنه ليس بوش أو تشيني )

في خاتمة المطاف ، وبعد سفك المزيد من الدماء إذا تحقق مثل هذا الترتيب للوصاية ، فإنها ستشتغل فقط إذا أكد المجتمع الدولي ، بما فيه ولايات متحدة أكثر تعقلاً ، للعالم العربي واستطراداً لكل الجماعة الثقافية الإسلامية على امتداد العالم قائلين لهم ‍‍‍‍‍‍" الآن ، هذا ما سيحدث . لكن فقط من خلال مشاركتكم الديمقراطية في عموم القرارات يوماً فيوم . سوف نسمح للأمم المتحدة أن تأتي بقوات ، إذا كان ذلك ضرورياً ، ولكنها ستبقى يقظة لمنع أية هيمنة إمبريالية أو دينية أو توتاليتارية . "

علاوة على ذلك ، يجب أن ترى الجماعة العربية ـ الإسلامية ـ ليس أن توعد ، ولكن ترى ـ أن الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني قد انتهى ـ وثانية بمساعدة قوات فصل مسلحة دولية تتموضع على كلا الجانبين من الخط الأخضر الإسرائيلي الفلسطيني . بدون حل سلمي عادل نسبياً بمقدورك أن تنسى السلام في العراق أو في أي مكان آخر من العالم الثالث .

دعنا نوقف هذا الصراع الذي يسمم العلاقات الدولية . إنه حقاً يمثل أفضلية جيو ـ سياسية من الدرجة الأولى .

Eir: إذا برأيك ينبغي تنفيذ هاتين الخطتين في وقت معاً : إذا عملت شيئاً في العراق ، يتوجب أن تواكبه بشيء يؤدي إلى الاستقرار في الوضع الإسرائيلي ـ الفلسطيني ؟

غيلان : نعم . ولكن تذكر أن الطريق إلى وقف إطلاق نار إسرائيلي يمر عبر عمليات فصل إجبارية تفرضها قوى مسلحة دولية عند طرفي الخط الأخضر ، على حدود ما قبل عام 67 المقبولة دولية . أعني أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية سوف لن يطلقا النار على الأمم المتحدة ، صحيح ؟

عندما يتقاتل مجنونان ، عليك إحضار طبيب للجمهما ، إذا اقتضت الضرورة . في نفس الوقت على الأمم المتحدة أن تقرر بشكل أحادي ، مدعومة بقرار مجلس الأمن ، رعاية وتوجيه مفاوضات مفتوحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين . ينبغي لمجلس الأمن أن يؤسس آلية للجنة تخطيط دائمة تعنى بخطط تعاونية للمستقبل ـ اقتصاد ، تطوير ، تشييد بيوت للجمهور في غزة وفي أمكنة أخرى ، وحتى للتعاون الثقافي والديني . وعن الوسائل لتمويل سلام دائم في الأرض غير المقدسة حالياً .

يجب ممارسة الضغط ، ضغط العقوبات الاقتصادية على طرف أو كلا الطرفين في حال التلكؤ . وينبغي أن يقدم أيضاً حوافز على شكل مساعدات لإعادة البناء والتطوير ، من قبل المجتمع الدولي . وأخيراً مع أنه يتوجب تأكيد حق العودة للاجئين الفلسطينيين ، إلا أن عروضاً سخية للتعويض ولإعادة التوطين في عدد من البلدان المتطورة يتوجب كذلك عرضها على أولئك الذين يرغبون بذلك .

إذا أنجزت هذه الامور ، فإن ثلاثة أشياء ستحدث :

ستنمو الأمم المتحدة وتتطور من تروست يضم بضع شعوب قوية تحكم السيطرة على العديد من الشعوب الصغيرة ، إلى منتدى دولي حقيقي وشرعي .

أخيراً ، ستصبح مصادر النفط في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى محركاً للتطور الاقتصادي والسياسي .

سيوضع الأساس لجماعة اقتصادية مشرقية أو شرق أوسطية تقود إلى مشرق فدرالي أو كونفدرالي على تخوم الجماعة الأوربية ، ولكن بمحتوى اجتماعي أقوى .

بالنسبة للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني  في المستقبل ـ ما من أحد في المنطقة سيسمح لدولتين صغيرتين بالاستمرار بالقتال ، مخربين بذلك النمو الاقتصادي في المنطقة . إن الطريق إلى سلام يهودي ـ عربي يقود أولاً إلى التطور التجاري والاقتصادي ، والذي بمفرده سوف يضمن استمرار السلام .

Eir: كجندي في معسكر السلام في إسرائيل ـ أحد مؤسسيه ، لعدة عقود : كيف يمكن لمعسكر السلام أن يستعيد السلطة في إسرائيل ؟

غيلان : أنظر ، لديك في إسرائيل طرفين ، معسكرين للسلام . لديك طرف هو أقلية صامتة أخرى ، هي معسكر السلام غير الصهيوني . بتعبير آخر ، أولئك الذين يقولون " إننا لا نريد السيطرة على أي أحد . نريد دولة فلسطينية حرة تستند إلى ازدهار اقتصادي إلى جانب إسرائيل ، وربما في مستقبل لاحق ، كونفدرالية الشرق الأوسط أو الجماعة الشرق أوسطية .  "

إنهم أقلية بين دعاة السلام في كل مكان .

 ثم ، لديك الأكثرية ، التي هي معسكر السلام الصهيوني ، وأنا أعنى أناس مثل حزب يوسي بيلين الجديد " ياهادا ، بما فيهم ميرتس ، الجناح اليساري من حزب العمل (الذي هو ليس بجناح يساري جداً ولكن ـ ) ؛ وحتى بعض الأشخاص في الليكود ، وبعض الأفراد أيضاً في الشينوي الذين هم رجعيون من الناحية الاقتصادية ولكنهم يؤيدون السلام مع الفلسطينيين , والمراتب الدنيا من شاس الحزب الشرقي الأرثوذكسي الذين هم ضد الفلسطينيين باستثناء مسألة العدل الاجتماعي .

معظم الذين في معسكر السلام هذا ما عدا شاس وشينوي ، هم في الوسط فيما يخص الشئون الاقتصادية ، وأحياناً جناح يميني ، ولكنهم في قلب اليسار فيما يخص الشئون الفلسطينية .

إنهم لا يريدون استقلال فلسطيني حقيقي ـ يريدون دولة فلسطينية يسيطر عليها الإسرائيليون والولايات المتحدة ، لأنهم يعتقدون أنها الطريقة الوحيدة لتأكيد الأمن الحقيقي والسلام لإسرائيل .

يبدو أن معسكر السلام الإسرائيلي يعتقد بأن مثل هذا السلام المسيطر عليه سيجلب الوفرة الاقتصادية للإسرائيليين أو التحرر الحقيقي للجماهير العربية في المشرق ؛ ومع شارون يعتقدون جميعاً بأنه ما من شيء آخر سوى السلام المسيطر عليه إسرائيلياًً ، لا يقود إلى فناء الدولة الإسرائيلية ـ لذلك فإن تطلعاتهم الاجتماعية أو الاقتصادية ستبقى معلقة حتى يحل السلام ، وهذا يصح على كلا معسكري السلام الصهيوني : الجناح اليميني (شينوي ) والجناح الشعبي ( شاس ) .

معظم هؤلاء الناس هم ضد شارون ، باستثناء البعض منهم ، مثل فؤاد " بن اليعازر أو شمعون بيرز ، حيث أن " تحالف وحدة وطنية " يشمل العمل ، الليكود وشينوي ، هو هدف مرغوب شريطة أن يخلي شارون بعض المستعمرات اليهودية ، بما فيها كل مستعمرات غزة .

 هذا يخلق مشكلة لأشخاص ، مثلي أنا ، يفهمون بأنه لن يكون هناك سلام بدون عدل اجتماعي ، ولا إصلاح اجتماعي بدون سلام عادل مع الفلسطينيين .

أن تكون أخلاقياً ومع ذلك تنجح :

المعادلة هي على النحو التالي : إذا دعم المرء الأكثرية في معسكر السلام الصهيوني في بعض من نشاطاتها مثل المظاهرة الجماهيرية التي نظمت في ساحة رابين ، تل أبيب ، في 15 أيار ، والتي ضمت 200000 مشارك ، يكون المرء في الحقيقة قد قدم المساعدة لشمعون بيرز ، الذي أطلق بخطابه هناك حملة لقيام حكومة وطنية متحدة جديدة مع شارون وتومي لا بيد على رأسها . إذا لم تذهب إلى مثل تلك النشاطات ، إذا بقيت شريفا ونقياً ، فإنك تكون مرتبطاًً بذلك الغيتو الصغير بالأحرى لمعسكر السلام والعدالة .

قررت أن أشارك ، وكما أخرجها لي أحد أصدقائي : " نذهب إلى هناك ، وعندما يبدأ بيريز بإلقاء خطابه ، نمسك أنوفنا ونتجنب الرائحة النتنة . "

على أية حال ولسوء الحظ ، فإن السلام الحقيقي العادل ، الحل الدائم حقاًَ ، يمكن الوصول إليه فقط بعد سفك المزيد من الدماء ، ربما موت أكثر من 25000 إسرائيلي وحوالي ثلاثة أضعافهم من الفلسطينيين . وبغضون ذلك ، على المرء أن ينمي وينشر روحا إسرائيلية غير صهيونية للمستقبل, مدونة بديلة من المعتقدات والسلوك تكون في آن معاً إنسانية وعملية .

وأن يتابع القتال من أجل العدالة وحقوق الإنسان حيثما تنتهك .

ترجمة محمد ديب كور / حلب

ــــــــــــــــــــ

* Dr. STRANGELOVE  أو كيف تعلمت أن أضع القلق جانباً و أحب القنبلة النووية : كوميديا سوداء تعود لبداية ستينات القرن الماضي تتحدث عن نهاية العالم ، حيث يأمر جنرال أمريكي عصابي طائرات B52 بقصف الاتحاد السوفييتي بالقنابل النووية . و بدوره يستعد الاتحاد السوفييتي للرد بسلاح ماحق يشكك فيه عالم الذرة النازي  Dr. STRANGELOVE  مؤيداً الجنرال في توجهاته المجنونة -  م .

 زيلوت : فرد من طائفة يهودية قديمة شديدة التعصب .

 Pacifist اللاعنفي : من يرفض حمل السلاح لأسباب أخلاقية أو دينية . من يستبعد اللجوء للحل بواسطة القوة

3ـ رواية 1984 لمؤلفها البريطاني جورج أورويل في عام 1949 وفيها تصوير رهيب لآليات القمع والاضطهاد والكذب التي يمارسها النظام الشمولي على ضحاياه, أبناء الشعب, لحساب قائد الشعب "الأخ الأكبر" صاحب إستراتيجية الكذب الكبرى.... – م

4ـ وهل كان هناك حقاً من ضغط أمريكي على إسرائيل؟! الضغط الوحيد المعروف هو ما مارسته إدارة الرئيس ايزنهاور على إسرائيل وشريكيها بريطانيا وفرنسا في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وذلك لاحتواء إنذار بولغانين السوفييتي ولوراثة الاستعمار القديم – م

5ـ الأبارتيد : سياسة الفصل العنصري التي اتبعتها جنوب أفريقيا أثناء حكم البيض – م

6ـ بانتوستانات : مناطق العزل العنصري للسود التي كان المستوطنون العنصريون البيض يحشرون بها السكان الأصليين في جنوب أفريقيا – م

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ