ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 30/11/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لماذا البعثيون كما 

الشيوعيين لا يقبلون النصح؟

شاهر أحمد نصر / طرطوس

لعب حزبا البعث والشيوعي دوراً في تاريخ سوريا.. ولقد استطاع بعض قادة حزب البعث أن يتميزوا عن كثير من الأحزاب، وأن يستلموا دفة الحكم منذ ستينات القرن العشرين، كما أنّهم استفادوا من الفكر الماركسي وبزّوا الشيوعيين في طرحهم لأفكار تلامس الواقع في فترة تاريخية معينة أكثر من أفكارهم المستوردة، فلقد استطاعوا في صيغة شكل السلطة،على سبيل المثال، أن يجعلوهم يتبنون فكرة الديموقراطية الشعبية (المستوردة هي الأخرى) بدلاً من دكتاتورية البروليتاريا التي كانت في صلب برامجهم، علماً بأنّ هاتين الصيغتين صورة لعملة واحدة. وجرت تطورات في البلاد خلال النصف قرن الماضية في مجال المسألة الزراعية، وعمل المرأة، والبنية التحتية.. إلاّ أنّ البلاد عانت من أزمات سياسية واقتصادية كثيرة منذ أكثر من عقدين من الزمن.. إذ يتفق جميع الباحثين الاقتصاديين على أنّ عملية النمو الاقتصادي في سورية تشهد تعثراً منذ ثمانينات القرن الماضي، وأنّ عملية نمو الاقتصاد السوري ازدادت تباطئاً، كما أنّ معدل الاستثمار العام والخاص قد تدهور بشكلٍ ملحوظ... (ومن المفارقات المرعبة أن يترافق ويتناسب الانخفاض في معدل الاستثمار في البلاد، طرداً مع ازدياد الدين العام، ومع ازدياد كمية الرساميل المهربة والمودعة في المصارف الأجنبية، والتي لا يستبعد أن تعود بعض فوائدها لخدمة الاقتصاد الإسرائيلي، كما نوه عن ذلك كل من الدكتور طيب تيزيني والدكتور عارف دليلة في محاضراتهما الاقتصادية) وما ينتج عن ذلك من تدهور في مستوى المعيشة، ومن زيادة في البطالة، ومن تآكل قدرة الاقتصاد الوطني على المنافسة وعلى اللحاق بالركب العالمي.(1) وتشير الدراسة الصادرة عن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ومنظمة العمل العربية بعنوان البطالة في الدول العربية، تشير إلى أن معدل البطالة في سورية يقدر بحوالي 30% (2) في حين يقدرها البنك الدولي بحوالي 37%(3). هذا فضلاً عن البطالة المقنعة في المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع (العام).. ونعتقد أنّ الآثار السلبية لهذه الحالة غنية عن البيان.. وهي تعكس وضعاً كارثياً يدل على أن نسبة تقارب 40% من أبناء المجتمع، إن لم يكن أكثر، تعيش دون مستوى خط الفقر..

وعلى الصعيد الاجتماعي والسياسي يسود الركود في البنى والأحزاب والمؤسسات الاجتماعية، والضعف الوظيفي للأحزاب والمؤسسات الاجتماعية المترهلة والمعمرة لفترة طويلة من دون تجديد في بنيانها وفكرها.. ويهيمن الانحطاط والبيروقراطية على صعيد الجهاز العام، والتوقف عن تحقيق الوظائف الأولية، ويتجلى ذلك في: ضعف مراقبة وضعف محاسبة منتهكي القواعد الاجتماعية والتنظيمية، والقانون، وسيادة حالة عامة أقرب ما تكون إلى  اللامسؤولية.. وازدياد الهوة بين الفقراء والأغنياء، واستشراء الفساد والرشوة، والاستخدام غير النزيه للسلطة.. ونهب الملكية العامة، وملكية الدولة بمختلف الطرق والأساليب، ويترافق ذلك مع تراقص القادة النقابيين والحزبيين وجهاز المراقبة حول الإدارات لتغطية سلوكها، بما يضمن المكاسب والمصالح الشخصية.. وتزداد حدة التشوهات الاجتماعية والفروقات في مستوى حياة الناس...  يجري ذلك كله في ظل سيادة القوانين الاستثنائية الطارئة، التي تعيق المقياس القانوني عن القيام بوظيفته. ويعيق الركود استبدال تلك القوانين، التي تعرقل عملية التطور الاجتماعي والاقتصادي... من غير المنطقي وغير المجدي تجاهل حقيقة عودة العلاقات العشائرية إلى المجتمع، بعد حوالي نصف قرن من الحكم الجبهوي التقدمي، وكثيراً ما يُلجأ إلى تلك العلاقات لمعالجة العديد من القضايا الشائكة والحساسة، والأمثلة كثيرة على ذلك، آخرها ما جرى، مع كل أسف، في القامشلي والحسكة..

ويترافق ذلك كله مع ازدياد الهوة بين مجتمعنا والمجتمعات المتطورة.. وفقداننا لكثير من مستلزمات مواكبة التطور العالمي على الصعيدين المعرفي والتقني والاقتصادي، وفقداننا في كثير من المجالات متطلبات الانسجام مع روح العصر.. فضلاً عن التحديات المصيرية الكبرى التي تقابلنا في مواجهة المشروع الصهيوني وتحرير أراضينا المحتلة، وإحقاق حقوق الشعب العربي الفلسطيني..

وهنا يتبادر تساؤل مشروع: من المسئول عن هذه الحالة الكارثية، وعن عدم التمكن من إجراء الإصلاحات الاقتصادية والسياسية؟ وما هي سبل الخروج من هذا الوضع الصعب والمعقد.. لتمكين بلادنا من الدخول في علاقات سليمة مع الآخر، وفي مواجهة التحديات المصيرية الماثلة أمامها..

وفي هذا السياق يجري تقديم الكثير من الاقتراحات من قبل قوى مختلفة في الساحة السياسية السورية، ويمكن تلخيص بعض تلك الاقتراحات، المتعلقة بالإصلاح السياسي الديموقراطي، للخروج من هذه الحالة الكارثية، في المسائل التالية:

* ـ إلغاء قانون الطوارئ والأحكام العرفية، وعدم فرضها إلاّ في الحالات الاستثنائية ولوقت محدد وفي أمكنة معينة من البلاد.. والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، واعتبار أحكام المحاكم الاستثنائية في قضايا الرأي باطلة ..

* ـ إصدار القوانين التي تكفل تأمين الحقوق الثقافية والحقوقية والمواطنة الكاملة لجميع أبناء الوطن ..

* ـ  إصدار قوانين: أحزاب، ومطبوعات، وانتخابات متحضرة وفق أسس تصون الحرية، بعد طرح مشاريع هذه القوانين للنقاش العام يشارك فيه المفكرون والمثقفون ورجال السياسة والعلم، وعموم أبناء الشعب.. تسمح بتفتح مؤسسات المجتمع المدني المراعية للأصول الاجتماعية والحامية لحقوق المواطن..

* ـ الإعلان عن مرحلة انتقالية لسنوات محددة، وإطلاق حوار وطني ديمقراطي شامل حول المخاطر العظمى، التي تواجهها البلاد، لوضع الأسس المعرفية والفلسفية الصحيحة للإصلاح والتغيير، على أن يؤسس الحوار على أسس علمية نقدية بعيداً عن الثأرية وروح التعصب والانغلاق...

* ـ تطوير لغة الخطاب العربي للوصول والتأثير في الرأي العام العالمي بمجمله، والنظرة الموضوعية عند البحث في العلاقة مع دول العالم أجمع، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية..

كل ذلك على طريق بناء أسس الدولة الحضارية العصرية، التي تشاد وفق قواعد ديموقراطية مجربة ومعروفة، أهم شروط وجودها وتطورها وقدرتها على البقاء، هي: رضا وقبول أبناء المجتمع بسلطتها، والتداول السلمي لها، والمساواة القانونية والحرية في ظلها... وهذا يعني ضمناً إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تجعل الحكم حكراً على حزب واحد إلى الأبد، ما يتنافي مع بديهيات التطور الاجتماعي والتاريخي، ومع أسس بناء الدولة العصرية، وروح العصر..

فكيف كان جواب البعثيين والشيوعيين والأحزاب المشاركة في الحكم، وفي المصير الذي وصلت البلاد إليه؟!

إنّ الاتجاه السائد والجواب العام على هذه المسائل والنصائح، يدعو إلى التطوير، لا إلى الإصلاح؛ فما بالك بالتغيير.. بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك بتخوين كل من يدعو للإصلاح، نذكر على سبيل المثال الشواهد التالية:

ـ التهديد واتهام من يطرحون مثل هذه الآراء "أحد اثنين: إما بسيط لا يدرك خطورة ذلك على مستقبل البلاد وأمنها واستقرارها ولا يدري ما يمكن أن يحدث بعد ذلك، وأما الثاني فهو يعرف النتائج الخطيرة ويريدها ويسعى إليها لأسباب لا تتعلق بمصالح البلاد ولكنها تفيد المشاريع الخارجية من جهة، ومن جهة ثانية إسرائيل، فتزول من أمامها الدولة التي حملت عبء مقاومة المشروع الصهيوني.."(4)

ـ أضيفت تهم جديدة إلى دعاة الإصلاح آخرها "التخريب" فهذا رأي مسئول رفيع في دعاة الإصلاح، وتحديداً فيما يثار من مطالب لتعديل الدستور تجاه إلغاء المادة الثامنة التي تنص على قيادة حزب «البعث» للدولة والمجتمع؛ يقول: «إن حزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب الأكثرية الساحقة في سورية (,,,) فلماذا يتم رفض وضع هذا الإطار ضمن صيغة دستورية سليمة»، وأضاف: «إذا كان كل عشرة أشخاص وجدوا أن مسيرة البلد بكاملها لا تناسبهم وأنهم يريدون أن يصنعوا حزباً مهمته التخريب، فإن هذا ليس اسمه حزباً سياسياً ولا معارضة، بل إن هذا اسمه تخريب على الوطن وهو منطق الناس المعزولين الفردين الذين ينطلقون من الديموقراطية للتعدي على الديموقراطية».(5)

في الحقيقة وجدت بعض الأصوات من بعض البعثيين وحلفائهم التي وصفت بالجرأة، إلاّ أنّها حسب زعمنا  تتخلف عن متطلبات العصر وروحه، أو تتناقض معها.. ففي مجال تحرير الدولة من هيمنة الحزب الواحد، على سبيل المثال، أيد البعض هذه الدعوة، إلاّ أنّ هؤلاء ـ ربما نظراً للخوف من أن يُكّفروا، وربما لقناعاتهم ـ عللوا رأيهم بطرح (نظريات) لم ينزل الله بها من سلطان، تقول بأن الحزب أكبر من الدولة!! وهذه سابقة لا أعتقد بوجود مثيل لها في (علم) الاجتماع، ولا سند لها، اللهم إلاّ في مسرحية "الفيل يا ملك الزمان" للمسرحي الكبير سعد الله ونوس.

ـ التسويف في إصدار قوانين الإصلاح، وفي مقدمتها قانون الأحزاب، فمن المعروف أنّ النائب رياض سيف كان قد أعلن قبل أيام من اعتقاله لقناة الجزيرة الفضائية أنّ قانون الأحزاب سيصدر في شهر شباط2001، وقد بنى إعلانه على معلومات تلقاها من مسئول رفيع المستوى، وأعيدت الوعود مراراً، ومضت سنوات دون أن يرى المواطن شيئاً من ذلك، وأخيراً، وبعد سنوات، تأتي التصريحات واضحة "لا قانون للأحزاب في سورية: اعتبر المحلل السياسي أيمن عبد النور أن مطلب إلغاء قانون الطوارىء والأحكام العرفية في سورية هو مطلب مثالي جداً ، مشيراً إلى عدم إمكانية طرح قانون للأحزاب في سورية هذه الفترة، إلى أن تتم مناقشة المبدأ أمام المؤتمر القطري لحزب البعث الحاكم في آذار (مارس ) المقبل ، وهو الأمر الذي كشف عنه أعضاء الجبهة الوطنية التقدمية المنضوية تحت لواء حزب البعث الحاكم..(6) علماً بأنّه كان قد جرى الحديث عن عقد هذا المؤتمر في أواسط عام 2004، ومن ثم قيل قبل نهاية عام 2004، واليوم يقال حتى آذار (مارس) 2005...

ـ التمسك بحالة الطوارئ والقوانين العرفية، والأسلوب الديماغوجي في تبرير استمرارها لنصف قرن من الزمان، لتخلق أجواء الرعب والخوف في نفوس المواطنين "كما ركز عبد النور إلى أن المطالبة بإلغاء قانون الطوارىء والأحكام العرفية هو مطلب مثالي جداً، فجميع دول العالم لديها بشكل أو بآخر آليات وأدوات للتدخل المباشر التي تشبه قوانين الطوارىء وتستعملها عندما تفشل الأساليب الأخرى، لافتًا إلى أن المشكلة ليست في قانون الطوارىء بل المشكلة هي في طريقة استخدامه في غير محله ومن قبل جهات لا تمتلك الكفاءة في تطبيق أساليب التدخل غير المباشر فتغطي عجزها بالتدخل المباشر، معتبرًا إلى أن الحل لا يكمن في إلغائه بل في ترشيد استخدامه ورفع كفاءة الجهات التي يحق لها استخدامه".(7)

ونتساءل: هل هناك مبرراً لبقاء حالة الطوارئ، وهل نستطيع تخطي الحالة الاقتصادية والسياسية الصعبة، وبناء أسس الدولة العصرية في ظل حالة الطوارئ؟؟ وهل فعلاً تفيد حالة الطوارئ في مواجهة العدو ـ وهو المبرر الذي يزعم معلنوها أنّها وجدت بسببه ـ أم أنّها تضعف البلاد أمام هذا العدو بخلقها أناس خائفين هلعين من ظلهم، وتساعد في حماية الفساد والمفسدين، وتخلق حالة تنفر المستثمرين.. والأمثلة كثيرة طالما تم إيرادها، كما يطرح الإصرار على إبقاء حالة الطوارئ تساؤلات منها؛ إنّ كان تحالف أصحاب رؤوس الأموال الطفيلية الفاسدة، وممثليهم في المواقع المفصلية يخشى من أية فسحة أو نسمة ديموقراطية تكشف عورته.. لذلك يجري الاحتماء بحالة الطوارئ، وتسدّ الأبواب والنوافذ أمام أي أفق ديموقراطي حر!!

ونأسف لوجود من يبرر هذه الحالة في صفوف من جرى التطلع لأفقهم الديموقراطي، ونجدهم فجأة يبررون تلك الحالة التي تزيد الوطن خوفاً وضعفاً وهواناً، وتمنع حتى الحزبيين من مناقشة أمور حزبهم الداخلية بصدق وصراحة وجرأة.. ولا يسعنا هنا إلاّ أن نأمل أن تكون تلك هفوة يتم التراجع عنها وإصلاحها، وليست موقفاً. ونعلن بمحبة وغيرة، لمن يطلق مثل هذه التصريحات: من الضروري التمعن جيداً في الآراء التي نطرحها،، لأنّ كل رأي يخدم حالة معينة، والآراء التي تخدم حالة ضعف البلاد ليست في صالح الوطن، ليس المهم ما سنقوله، بعد حصول الكارثة، أو في أيام الرخاء، المهم ما نقوله في اللحظات الحرجة وقبل حصول الكارثة، وأثر ذلك على تطور الأحداث.. ومن الضروري أن يحصل انسجام بين أقوالنا وأفعالنا، وأن نبتعد عن حالة الانفصام والازدواجية، فالدعوة، على سبيل المثال، إلى حالة السوق الاقتصادية، تحتاج إلى الحرية وسياسة السوق..

لم يختلف رد الحلفاء وفي طليعتهم الشيوعيين السوريين الموجودين في الحكم (والذين يتحملون مسئولية تاريخية عن الحالة التي وصل إليها الوطن والمجتمع).. فقد أخذوا ـ باستثناء بعض الأصوات العقلانية الوجلة والمحدودة التي تعي وتطالب بضرورة الإصلاح والتغيير ـ يلعبون إما دوراً سلبياً معرقلاً (رجعياً) يتعارض مع متطلبات بناء الدولة العصرية ومواجهة متطلبات وتحديات العصر، أو دوراً مغامراً يطرح مهاماً من دون وجود الحامل السياسي لتحقيقها، والدوران كلاهما يلعب دوراً سلبياً في الحراك السياسي في البلاد.. فمن غير المعقول تجاهل أثر التشويش السلبي الذي تتركه مواقفهم على الأصوات المترددة في المناداة بالإصلاح والتغيير، والتي يرى أصحابها، على سبيل المثال، أنّ الدعوة إلى إلغاء حالة الطوارئ هي دعوة مثالية!!..

لماذا لا يُسمح للمعارضة الحقيقية أن تتشكل بشكل سليم، وأن تقول كلمتها بشكل جلي:

لا يسع المهتم بصالح الوطن إلاّ أن يحي الأصوات الصادقة الغيورة المنادية بالإصلاح، والنابعة من صميم أناس ضحوا بالكثير في سبيل قناعاتهم في صفوف ما يطلق عليه حالياً بالمعارضة.. ومع ذلك نرى بأنّه من الإجحاف الشديد بحق الشعب السوري حرمانه من تشكيل معارضته بشكل سليم، فتفرض عليه معارضة، أو يفرض عليه من يتحدث باسمه كمعارضة تتشكل في ظروف استثنائية من السجن والقمع والتهجير، مما يجعلها تحمل نفس صورة الجهة التي قمعتها.. المعارضة الناتجة عن القمع والتخويف والإرهاب معارضة من نوع خاص، لها مواصفات ووعي حالة الرعب والسجن.. ومع التقدير والاحترام لكل التضحيات التي قدمتها قد لا تقنع هذه المعارضة المواطنين دائماً.. إنّ السبيل الصحيح للوصول إلى بنية اجتماعية سياسية سليمة، تلبي متطلبات العصر هو السماح للمعارضة أن تتشكل في المجتمع بشكل قانوني سليم، وسماع صوتها، فالمعارضة الكامنة في أعماق الشعب، المعارضة الحقيقية لم تقل كلمتها بعد.. وفي حال الاستمرار بتجاهل ضرورة السماح للمعارضة أن تتشكل بشكل قانوني سليم، ستحل لحظة التغيير بكل تأكيد، عندها ستنتقل البلاد من حالة إلى حالة بائسة، مشابهة للسابقة، نتيجة طبيعة القوى التي فرزتها مرحلة التشوه، وفي ذلك خطر محدق خطير على مستقبل الوطن..

إننا نحيي الأصوات التي تقول: لقد تعرضنا للضرب والاعتداءات، التي كادت تودي بحياتنا، من قبل البعثيين، وفصلنا من المدارس من قبل أساتذتهم، وخفضت علاماتنا وزيدت علامات الطلاب البعثيين دون وجه حق، وتخرج بهذه الطريقة مهندسون وأطباء ودكاترة جامعات، ربما أصبحوا الآن رؤساء مراكز (أبحاث) يضعون الخطط لمستقبل البلاد.. وعانينا في العمل من قبل أجهزتهم ومدرائهم، كما سجن الكثيرون بسبب آرائهم، وفقد البعض وهُجّر.. وعلى الرغم من كل ذلك يتجاوز الكثيرون جراحهم في سبيل صالح الوطن بما في ذلك صالح البعثيين، ويتقدمون برؤيتهم للخروج من هذا الوضع العصيب، ولمواجهة التحديات المصيرية ومواكبة مسيرة التاريخ بالشكل السليم، ونحصل على ردود وأجوبة أقرب إلى الغطرسة..

إنّ العديد من قادة الأحزاب الحاكمة بما فيها الشيوعية وكوادرها، لا تستطيع استيعاب حقيقة وجود حالة جديدة، هي حالة عصر المعلوماتية وما بعد الحرب الباردة،  ولهذه المرحلة متطلباتها المعرفية العصية على هؤلاء.. كما تتطلب هذه المرحلة بناء الدولة على أسس جديدة، كي تستطيع المحافظة على الاستقلال وتحمي المصالح الوطنية، وفي نفس الوقت لا تعزل الوطن عن العالم وعن التطورات الجارية فيه..

قد تستطيع بنية ما أن تستمر لفترة زمنية ما، بفعل عوامل ضعف وقوة مختلفة داخلية أو خارجية، ولكن يبقى السؤال الكبير حول المستقبل. ما الذي نبنيه من أجل المستقبل، كيف سيكون حالنا في المستقبل؟

لقد قدم في السنوات السابقة الكثير من النصائح المفعمة بالغيرة على الوطن وعلى جميع قواه وأحزابه السياسية وفئاته الاجتماعية، تستدعي الوقفة والتأمل، نأمل من العقلاء الاستفادة منها..

إنّ عدم قبول النصح يضع علامات استفهام كبيرة حول البنية، وطبيعة القوى التي لا تقبل النصح، ومدى إمكانيتها في تحمل المسئولية، ومواكبة متطلبات العصر ومواجهة تحدياته..

إنّه لمن الضروري أن ترتفع في الوطن أصوات، من داخل أهل الحكم، تحاجج الأصوات المحافظةه، التي ترى في المطالبة بالإصلاح، وبناء الدولة على أسس حضارية عصرية، سذاجة أو خيانة أو تخريب..

كم كان مفيداً لو قبل البعثيون في العراق النصح، وأوقفوا حربهم ضد إيران، ولم يدخلوا الكويت، أو خرجوا منها طواعية؟ كم كانوا جنبونا من الويلات والمآسي؟

كم سيدفع من الثمن ليقبل النصح؟ كم سيكون الثمن باهظاً نتيجة عدم قبول النصح؟!

الهوامش:

1 ـ  نبيل سكر، الاقتصاد السوري إلى أين، مجلة الاقتصادي الكويتي، الكويت، العدد406، يوليو/ تموز2003، ص47-48.

 2 ـ  هيئة مكافحة البطالة في سورية ـ التقرير السنوي الأول 2002، مصدر سابق، ص4، أنظر أيضاً جريدة الحياة اللندنية، العدد 14949، 2 آذار 2004، ص13. لمزيد من المعلومات انظر:  جريدة الاتحاد، أبو ظبي، العدد 10162، الجمعة 2 /5/200،ص17.

3 ـ  جريدة الاتحاد، أبو ظبي، العدد 10305، الاثنين  22/9/2003،ص27.

4 ـ حوار مهم مع سيادة النائب، نشرة ـ كلنا شركاء في الوطن ـ الالكترونية بإشراف المهندس أيمن عبد النور عدد 23/8/2004 ـ عن مجلة أبيض وأسود

5 ـ انظر صحيفة "الرأي العام" الكويتية عدد 14 /9/2004

6 ـ 7 ـ بهية مارديني: موقع إيلاف 1/11/2004ـ كما نشر التصريح في النشرة الإلكترونية "كلنا شركاء في الوطن" التي يشرف عليها المهندس أيمن عبد النور، 1/11/2004

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ