ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 11/10/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


إعادة تأهيل سلطة يحكمها ميت

أحمد شاهين

قامت سوريا بعملية إعادة انتشار لقواتها الموجودة في لبنان منذ العام 1976 ، في إطار العمل لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1559 ، ووصف وزير الخارجية الأميركية ، كولن باول ، سحب بعض القوات السورية من لبنان بأنه "مشجع" لكنه أضاف أن الولايات المتحدة تنتظر من سوريا أن تنفذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 وتطبقه تطبيقا كاملا. وقال "نحن راضون لرؤية سوريا تسحب بعض قواتها من لبنان ومن بعض المعسكرات إلى الجنوب من بيروت."

على صعيد آخر، أعلنت الولايات المتحدة  أن سوريا وافقت على تشديد المراقبة عند حدودها مع العراق لمنع دخول مقاتلين إلى هذا البلد. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ريتشارد باوتشر  إن السوريين يوافقون على اتخاذ تدابير محددة بالتنسيق مع القوات العراقية وقوات التحالف الدولي موضحا إن "هذه التدابير ترمي إلى إغلاق الحدود السورية أمام الأفراد الذين يحاولون إشاعة العنف وزعزعة استقرار العراق".

وقامت وحدة من الموساد الإسرائيلي بقتل أحد قادة حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) في دمشق ، وبالرغم من ملابسات عملية الاغتيال ، إلا أن الرسالة واضحة : لم تعد سوريا مكانا آمنا للقادة الفلسطينيين الذين تعترض أميركا على إيواء سوريا لهم .

العناوين الثلاثة أعلاه كانت موضوع مباحثات مساعد وزير الخارجية الاميركية ، وليم بيرنز ، مع المسؤولين السوريين ، حين زار سوريا في 10 – 9 - 2004 .

وكانت القضايا التي بحثها بيرنز مع المسؤولين السوريين ، حسب الترتيب الذي أورده البيان الذي وزعته السفارة الأميركية في دمشق على الصحفيين ، في 11 – 9 - 2004 : موضوع العراق ، حيث ورد في البيان " ولقد ناقشنا ضمن جملة المواضيع طرقا عملية ... وأكدنا أن الأمر الجوهري الآن هو التقدم الحقيقي وليس إطلاق الشعارات " . وفي مجال مكافحة الإرهاب ، حسب الوصفة الأميركية  ، تم تناول موضوع فلسطين ، واعتبر العنف عائقا في طريق تحقيق رؤيا الرئيس الأميركي " للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط " . الموضوع الثالث موضع البحث بين أميركا وسوريا كان مسألة الوجود العسكري السوري في لبنان والتدخل في سياسته ، وتم التأكيد على وجوب تنفيذ قرار مجلس الامن 1559 ( نص بيان السفارة الأميركية في دمشق على موقع : usinfo.state.gov) .

 وكان سفير سوريا لدى واشنطن ، السيد عماد مصطفى ، صرح لـ "النهار" الثلاثاء 14 أيلول ( سبتمبر ) ان زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي للشرق الاوسط وليم بيرنز لسوريا والمحادثات التي أجراها مع الرئيس بشار الأسد قد أسفرت عن تفاهم حول آلية للتعامل بين الطرفين السوري والأميركي .

وقد نشرت مجلة " التايم " الأميركية في عددها الصادر يوم 19 – 9 – 2004 " ان مسؤولين من وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين اجتمعوا بالرئيس السوري بشار الأسد لعدة ساعات في دمشق " ، وقال مسؤول أميركي " ان المحادثات تناولت تعاون سوريا لضبط حدودها مع العراق ، وتسيير دوريات مشتركة في هذا الامر " .

     كما وصل وفد فلسطيني برئاسة روحي فتوح ، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني ، في 18 - 9 – 2004 ، إلى سوريا لبحث التعاون السوري – الفلسطيني لتوحيد الموقف الفلسطيني من مسألة الانسحاب الإسرائيلي من غزة . والمعروف أن لبعض الفصائل الفلسطينية مكاتب في سوريا  ، وتطالب أميركا سوريا بإغلاقها .

ووصل الى لبنان ، وزير الدفاع السوري ، العماد حسن تركماني ، في 20 – 9 – 2004 ، لترتيب إعادة انتشار القوات السورية وسحبها إلى الحدود السورية – اللبنانية .

يبدو ان سوريا " جادة " الآن في تنفيذ المطالب الاميركية ، ولن تنتظر نتائج الانتخابات الأميركية القادمة ، فجون كيري لن يختلف عن بوش الابن ، في حال فوز الأول في الانتخابات التي ستجري في 2 – 11 – 2004 ، فكيري قال " انه كان سينفذ ما قام به بوش ، إنما بطريقة مختلفة " ، وبما ان الاختلاف في الأسلوب وليس الأهداف ، يبدو أن السلطة السورية ارتأت لنفسها الاستجابة .

وسنقلب ترتيب النص الأميركي أعلاه ، بادئين بمسألة لبنان التي هي في رأينا مطلب فرنسي ، ترضي به أميركا شريكها الفرنسي في إصدار القرار 1559 ، وتقطع بذلك على سوريا احتمال الرهان على " خلاف " فرنسي – أميركي ، قد تماطل سوريا بواسطته في لعبة كسب وقت ، بانتظار غودو .

في الموضوع الفلسطيني ، يأتي استقبال سوريا لوفد فلسطيني رسمي ، طلبا أميركيا لارضاء القاهرة ، وكف احتمال ان تقوم سوريا بدور تحريضي ضد مصر المكلفة أميركيا بالفلسطينيين من الملف الفلسطيني .

الملف العراقي ، وهو المطلب الأميركي الأساس ، يكتفي في المرحلة الراهنة من سوريا بتسيير دوريات مشتركة على الحدود السورية – العراقية ، وهو يقطع أولا على سوريا إمكانية " اللعب " مع أميركا فيه كورقة مساومة على الطريقة التي لعبت فيها سوريا بحزب الله في لبنان ضد إسرائيل ، خاصة بعد أن عدلت الولايات المتحدة عن " الأسلوب العراقي " في تغيير أنظمة المنطقة ، وسوريا تعرف ان بديلها الحالي حركة إسلامية سنية تتزعمها حركة الإخوان المسلمين ، الأمر الذي لن يريح اميركا ، حيث قد تشكل رديفا للحركة الإسلامية في العراق ، وموقف الإخوان المسلمون من أميركا معارض واضح لكل ما تفعله في منطقة شرق المتوسط ، العربية والإسلامية .

هل هناك مقايضة سورية – أميركية ؟ للوهلة الأولى يبدو : نعم ؛ إنما هذه المقايضة جاءت على حساب لبنان وفرنسا ، حيث بدأت سوريا عملية " إعادة انتشار " وليس انسحابا من لبنان .

والمقايضة الأساس بالنسبة للنظام في سوريا هدفه الاستمرار في السلطة لحماية سمعة " رئيس ميت "، إضافة إلى الحفاظ على المكاسب الشخصية لرجالاته ، وعلى ذلك ليس مهما بالنسبة لهكذا نظام  تنفيذ المطالب الأميركية ، سواء تم ذلك علنا كما هو مطلوب الآن ، أو سرا كما كان يجري في السابق . وخطوة الدوريات المشتركة مقدمة لإرسال قوات عربية ، تشارك فيها سوريا ، للحفاظ على الامن في المدن العراقية التي ستخرج منها القوات الأميركية ، بعد انتخاب الحكومة العراقية القادمة التي ستوقع مع الولايات المتحدة الأميركية  اتفاقية دفاع تسمح لها باستخدام القواعد الأميركية الست التي يكتمل إنجازها ، مما لن يضطرها الى الاحتكاك بالعراقيين . ولسوريا سابقة التعاون مع الأميركيين في الحرب على العراق في العام 1991 ، لكن سوريا ، في حينه ، ساومت على تلك المشاركة وقبضت ثمنها نقدا ، .و في حينه كان الاتحاد السوفياتي مازال حيا يرزق ، و كانت الحكومات العربية تستخدمه فزاعة للمساومة مع الأميركيين ( للتذكير ، عندا دخلت القوات السورية لبنان في العام 1976 ، بضوء أخضر أميركي وموافقة اسرائيلية للقضاء على المقاومة الفلسطينية، ترافق ذلك مع دخول كوسيغين ، رئيس الحكومة السوفياتية الى سوريا عبر حدود العراق في زيارة رسمية ) .

اعتادت السلطة في سوريا ، منذ مجيء حافظ الأسد إلى الحكم في 1970 ، على نمط في التعامل السياسي يعتمد على التفاوض" طويل النفس " ، او ما يطلق عليه الأميركيون " دبلوماسية المثانة " بأوراق سياسية لا يضر سوريا التخلي عنها ، من أبرزها الورقتين : اللبنانية والفلسطينية ، إضافة إلى الورقة القومية التي تشهرها في وجه الدول العربية الأخرى . وكان لهذه الأوراق فاعليتها في سياقات معينة ، على الرغم من قول جيمس بيكر ، وزير الخارجية الأميركية الأسبق ، في إحدى جلسات الحوار مع حافظ الأسد " لو كان للضفدعة أجنحة لما حكت مؤخرتها بالأرض " ( النص في مذكرات جيمس بيكر ، الترجمة العربية ، اصدار مكتبة مدبولي ، القاهرة 1999  ، ص 664 ) ؛ لكن تلك الفاعلية لتلك السياسة كفت عن قابليتها للتشغيل ، ولم تعد أميركا تجري مفاوضات مع المسؤولين السوريين ، بل أصبحت تصدر أوامر ، أو تطلب تنفيذ ، كصيغة ملطفة لصيغة الأمر ، ولم تعد تسمح بذكرها بالسوء لتغطية سلوك سياسي يخدمها ، كما كان يحدث قبل سقوط الاتحاد السوفياتي ، وكانت مؤشرات هذا الاتجاه بدأت منذ الرسالة الأميركية إلى قمة بغداد في أواخر أيار ( مايو ) 1990 التي سبقت احتلال صدام حسين للكويت ، وما استتبع إلى أن انتهى الأمر مع بوش الابن إلى إعلان " إما معنا أو ضدنا " ، وضدنا تعني ان هناك ثلاث سيناريوهات : إما حالة ميلوسوفيتش ( يوغسلافيا ) ، أو حالة الملا عمر ( أفغانستان ) ، او حالة صدام حسين ( العراق ) . ويراهن النظام السوري على ان الورقة البديلة لسلطة آل الأسد هم الإسلاميون ، وهو مالا تقبله أميركا ، حسب قراءة السلطة في سوريا ، لكن هناك بديلا آخر تجري الولايات المتحدة الآن تجريبه في العراق : الفوضى التي تؤدي الى التفتت الذي قاعدته طوائف وعشائر واثنيات في بلدان لم تحتل المواطنة فيها بعد المساحة السياسية ، وفي سوريا ، كغيرها من بلدان المنطقة العربية مازالت الهويات ماقبل المواطنة قائمة ، وعودتها للنشاط مثلها مثل جرثومة الطاعون تحتاج للمناخ المناسب : الفوضى .

ويبدو ان المؤسسة الأميركية لن تكرر " الأسلوب العراقي " ، حيث الشعارات التي أرسلت القوات الأميركية لتحقيقها في العراق شبعت موتا في أبو غريب ، ولذا ستلجأ ، حسب قراءتنا ، إلى اعتماد أحد أسلوبين : إعادة تأهيل السلطات القائمة في البلدان العربية للقيام بأدوار تخدم الاستراتيجية الاميركية للهيمنة على العالم ، واما ان تدفع بتلك البلدان إلى الفوضى الداخلية ، على أن تبقى تلك الفوضى بعيدة عن الإضرار بمنابع النفط ، المواقع الوحيدة التي ستقاتل القوات الأميركية لحمايتها .

في سوريا مات حافظ الأسد ، وماتت سياسته التي خدمتها ظروف خاصة ، لكن النظام الحاكم مازال يكابر في الإعلان عن انه ليس " القائد الخالد إلى الأبد  " .

لقد كلفت سياسة " تصدير " حاكم للعراق ، بدلا من صدام حسين ، الإدارة الأميركية ، حتى الآن ، نحو 135 مليار دولار ( يمكن مراجعة تزايد الكلفة على موقع Georgebush.org  ) ، بينما لا يكلفها إعادة تأهيل أي سلطة في المنطقة العربية سوى بطاقة طائرة لنائب وزير الخارجية ، وبعض قرارات محاسبة  يصدرها الكونغرس الأميركي للتخويف.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ