ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 21/04/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المعارضة السورية

وغول الطغيان والفساد

عبد الحميد حاج خضر*

لم تكتفي الباطنية السياسة باحتكار الحقيقة والوطنية ومصير البلاد والعباد، لأربع عقود من تاريخ سورية الحديث، تحت مقالة الحزب القائد، والقائد الضرورة، ودعاوى التحرير والإنجاز، بل تريد أن تمارس اللعبة ذاتها تحت مسميات أخرى ولعقود قادمة. إن الطغمة الكاذبة الظالمة الفاسدة تريد أن تحتكر الماضي والحاضر والمستقبل، باستجداء الأجنبي تارة، وقمع الوطني تارة أخرى، وبالتهويل من الخطر الأصولي تارة والانفلات الأمني تارة أخرى، حيث الفتنة العمياء والاحتراب ليصبح الجميع ضد الجميع. تتفنن أبواق النظام في رسم معالم الفتنة العمياء الموهومة، حيث يصبح الدين قتل على الهوية، وتعود حرب داحس والغبراء، وتنتهك الأشهر الحرم بحرب الفجار، وعندما ’تستكمل رسم الصورة القاتمة في أذهن الناس؛ يصبح التسليم بالأمر الواقع والقبول بالمظالم والقسمة الضيزي على أنها أهون الشرين. إن أقبح ما تفتقت عنه "عبقرية" الاستبداد هو وضع الديمقراطية والشرعية وسيادة القانون الذي ينشدها كل مواطن ومواطنة في سورية في مقابل الاحتلال، وعلى المواطنين أن يختاروا أحد السؤالين التالين: الاحتلال وعودة الاستعمار أو الطغيان والفساد، ولا ثالث بينهما.

إننا ندري وندري أننا ندري؛ إن ما تدع إليه السلطة اليوم هو لكسب الوقت، وترتيب بيت الاستبداد من الداخل، وحشد فلول الطغيان على الطريقة الساداتية، بعد معاهدة كامب ديفيد؛ لهذا أطلقت الباطنية السياسة مقالة المؤتمر القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي سيملأ البلاد عدلاً بعد أن ’ملئت ظلماً وجوراً.

اللعبة مفضوحة مكشوفة: استبدال شعار الحزب القائد للدولة والمجتمع، بالرئيس القائد للدولة والمجتمع - تماماً كما فعل السادات عندما حل الاتحاد الاشتراكي، وبقرار سلطوي أنشاء الحزب الوطني، وجعل المشهد السياسي في مصر الكنانة بهلوانية أو بهلولية الرجل الواحد، أو كما يقول الأمريكان One man show؛ ولهذا سارعت البرجوازية الطفيلية (مخلوف وشركاءه) إلى تجيش الرعاء وإكراه الشرفاء بمسيرات تضامنية تماهي بها المسيرات الملوكية رافعة شعار: ( الله، سورية، بشار) لتكون أكثر ملكية من الشعار الملكي المعرف (الله، الوطن، الملك).

يا رهط مخلوف ومعلوف يا لصوص النفط والدولار والخلوي: إن سورية جمهورية جمهورية، وليس مزرعة ملكية للمفسدين الذين ينتحلون أسم الفعاليات الاقتصادية أو لمن يسخرون أبناءنا خدماً وخولاً للسيد العقيد أو العميد تحت مسميات الجندية والخدمة العسكرية. متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا !!!.لقد جب صلفكم وأنانيتكم رعونة وجاهلية ابن كلثوم عندما قال: ونشرب إذ أردنا الماء صفواً// ويشرب غيرنا كدراً وطينا.

’يشيع عسس السلطة وأحلاس الوظائف وخدن الأجهزة القمعية أن باب الإصلاح سيفتح على مصراعيه مع انعقاد المؤتمر القطري لحزب البعث، حيث سيسمح بالترشح للرياسة لأكثر من مرشح، وستكون هناك انتخابات عامة حرة ومباشرة لأعضاء مجلس الشعب، وقانون جديد للأحزاب، وتخفض رتبة حزب البعث من قائد للدولة والمجتمع إلى "مجرد" حزب قائد للمجتمع، وتلغى القيادة القومية أو تستبدل بلجنة تنسيق، ويصدر قانون جديد ينظم السياسات الحزبية......الخ. يا قوم لقد قلناها قبل أربع عقود، وقبل أن تأخذ الرطانة منا كل مأخذ لنصبح عاجزين عن القريض: أي بعث من الجهالة يرجى   غير بعث الأصنام والوثنية.

إن الطغاة المفسدون لا يجهلون مفردات الحرية والكرامة الإنسانية فحسب، بل لا يؤمنون بهما أصلاً. فهل يعقل أن نسلم بوعود عرقوبية، أو نلدغ من الجحر نفسه مرة ومرات، ثم متى كان الحزب، الذي جعلت منه الباطنية السياسية ركام من المتناقضات صاحب القرار. إذا كان الطغاة من المولعين بصناعة الأوثان والسجود إليها فهذا شأنهم، فالشعب كفر بهم وما يعبدون. إن شعبنا كريم ومتسامح لهذا لن يقول لكم كما قال الحجاج " إني أرى رؤوس قد أينعت وحان قطافها" ولكن أرحلوا عنا ودعونا نضمد الجراح العميقة التي تركتموها في سويداء قلوب أبنائنا، أو كما قال الحطيئة: تنحي فاجلسي عني بعيداً          أراح الله منك العالمينا

                                حياتك ما علمت حياة سوء     وموتك قد يسر الصالحينا

أجل - إن تنحي أو موت الطاغية يسر الصالحينا، فقد أفسد الطغاة الحرث والنسل، وجعلوا أعزة أهل البلاد أذلة، قاتلهم الله.

عندما انعقد مؤتمر لندن للمعارضة السورية في آب (أغسطس) عام 2002،  شاركنا به، وأسهمنا في نجاحه، والقبول بمقرراته كقاسم مشترك للطيف السياسي المشارك، رغم أن القرارات والتوصيات كانت في مجملها مطالب تقتضيها أبسط قواعد العدل، وضرورات الاجتماع الإنساني، ومقتضيات الكرامة الإنسانية، وحقوق الإنسان للشعب السوري المنكوب بالطغيان والفساد، ولكن المؤتمر لم  يطرح مسألة شرعية ودستورية النظام القائم المغتصب للسلطة عنوة، ودون تفويض من الشعب صاحب السلطة والولاية. المؤلم حقاً أن السلطة وأخدانها نجحوا أن يجلسوا المعارضة الوطنية الشريفة على كرسي الاتهام، وينتزعوا منها تصريحاً بأن لا تستقوي بالأجنبي ولن تعود إلى دمشق بدبابة أمريكية على غرار ما فعلت المعارضة العراقية. هذا التصريح المرسل، وفي السياسة لا مكان للتصريحات المرسلة، شجع حلس من أحلاس السلطة أن يصرح لقناة الجزيرة: "إن وزن المعارضة المجتمعة في لندن من وزن الريشة، وليس لها القدرة على إدارة مدرسة ابتدائية". لقد نبهنا خلال المؤتمر إلى ضرورة طرح إشكالية الشرعية واحتكار السلطة، فاغتصاب السلطة من زمرة مدعية بالمظهر مرتهنة بالجوهر هو الذي قاد البلاد في مسيرة بائسة مدمرة مسكونة بكل الاحتمالات الكارثية، والبوابة إلى الإصلاح الحقيقي هو الرجوع إلى دستور الاستقلال الناجز الذي حققه الشعب السوري بتضحية أبناءه وإقدام سراته من رجال الكتلة الوطنية الذي أحسنوا الاستفادة من المتناقضات بين أطراف معسكر الاستعمار الغربي، كان على المعارضة الوطنية أن تحزم أمرها وتدعوا إلى انتخابات عامة وحرة ومباشرة لتعود سورية جمهورية برلمانية وتنهي الحكم الشمولي حزبياً كان أو وراثياً. بدا هذا الطرح للكثيرين ممن شاركوا في المؤتمر متطرفاً وطفولياً، فالنظام كان يبدوا متماسكاً وقوياً، والبعض لا زال يعول على الوعود العرقوبية لرأس النظام، كما أن موازين القوى المادية محلياً وعالمياً تقتضي سياسة التدرج والمصالحة، وقلنا في أنفسنا كما قال الشاعر:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً       ويأتيك بالأخبار من لم تزودي

فموازين القوى التي كانت بالأمس لصالح النظام تنقلب لصالح خصومه، والعنجهيات ودعاوى التصدي والصمود الكاذبة تنقلب إلى هراء ومواء، فينقلب السحر على الساحر. النظام القمعي الذي كان يمسك بأوراق المنطقة من أطرافها؛ يتبضع بها في سوق الهيمنة العالمية. أصبح اليوم ورقة يتبضع بها سماسرة الاستبداد وفراعنة العصر ليتقربوا بها إلى الاستكبار الصهيوني زلفا. لقد انكشفت عورات النظام وسوأته على الصديق (فرنسا، أمريكا، الصهيونية) والعدو ( الشعب المضلل والمقموع)، فصار لزاماً على أصدقاء النظام أن يراجعوا ملف السلطة الطاغية الفاسدة من ألفه إلى ياءه لا لركه فحسب بل ليستنبطوا جلاداً آخر يذيق الشعب المنهك سوء العذاب وعلقم العولمة اللعينة. إنها العنصرية المتجذرة في نفوس صناع القرار في الغرب والأمريكيين بشكل خاص.  

إن الطبقة السياسية السورية تقف اليوم أمام معادلة صعبة وخيارات أحلاهما مر؛ زاد من مرارتها أن "السادة" الأمريكان يفرضون على الشعب السوري خيارات لا يرى فيها الشعب بارقة أمل للخروج من النفق المظلم الذي قادته إلية السلطة الظالمة، وعلى الشعب السوري أن ينتظر ساعة الفرج القريب، بإذن الله.

(المسألة الغادرية) نسبة إلى فريد الغادري. اختارته بعض دوائر القرار في الإدارة الأمريكية ليخرج الزير من البير، كما يقول المثل الشعبي؛ رفضته وترفضه المعارضة السورية، وقد يصرح البعض بهذا الرفض، ويرى فيه البعض الأخر كعصا موسى يتكئ عليها ويهش بها على النظام وله فيها مآرب أخرى. ظاهرة الغادري كظاهرة الجلبي، ولدت ميتة، ولكن ما عسى أن يفعل الشعب السوري وطبقته السياسية إذا كان الأمريكان مولعين (بالرمبو)، ولم يدركوا بعد أن الشعب العربي كفر بالقائد الملهم والقائد الضرورة المصنع أمريكياً؟. الغريب حقاً أن الغادري، الذي لم يعرفه أحد قبل أن تبرزه صحيفة معروفة بميولها الصهيونية الفجة - إثر مداخلة له في أحد لقاءات المعارضة العراقية، كما صرح بنفسه أمام كاتب هذه السطور وبعض الزملاء - عند جولته في أوربا في نهاية عام 2003، لم يبشر فقط بإزاحة النظام المستبد، ولكن أيضاً جاء ليجتث الحركة الإسلامية التي اتخذتها الصهيونية عدو استراتيجي لها، ويفرض العلمانية الصارمة في سورية.

 لقد توصلنا إلى يقين أن الرجل سيضمحل ويذوب مع تسعير حرارة المعارضة الوطنية، أو قطع الدعم المالي عنه، فالرجل تنقصه الملكة والموهبة والعزوة السياسية، أو سينتهي به المطاف كما انتهى المطاف بالجلبي أو العلاوي- الأول يقبل أيدي المرجعيات الدينية، ويلفق الحيل الانتخابية؛ ليفوز بمقعد في المجلس "الوطني"، والثاني يتزلف إلى بعض قادة الكرد المغرورين، ويقدم التنازولات المشينة لمشاريعهم الطوبائية التي تحمل وباء التطهير العرقي؛ ليبقي على الرمق الأخير من حياته السياسية الوضيعة والعميلة.

 إن المعارضة السورية التي ولدت من رحم المعاناة السورية، وعاشت وعايشت القتل والتعذيب والسجن والتشريد - أدركت أن طريق الخلاص والإصلاح يمر عبر صناديق الانتخاب، والعودة إلى الأمة صاحب الولاية وإلى الشعب صاحب السلطة- مستلهمة إرثها الديمقراطي من دستور الاستقلال العتيد، الذي يرسم: أن الشعب مصدر السلطات، ويدعوا إلى انتخاب مجلس نيابي يمارس السلطة التشريعية، ويعين ويقيل ويحاسب رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء والوزراء، وينتدب قضاة المحكمة العليا؛ ليباشروا باستقلالية تامة إقامة العدل لا سلطان عليهم إلا القانون وقواعد العدل المتعارف عليها.

إن المعاناة المرة للشمولية الحزبية، وتوثين القائد الضرورة؛ الخالد المخلد الذي يفتدى بالروح بالدم - يجعلنا نصر على ما يرسم دستور الاستقلال: إن سورية جمهورية برلمانية (نيابية)؛ رئيس الجمهورية ينتخب ويعزل من قبل المجلس النيابي، ولكنه يتمتع بصلاحيات سيادية وتمثلية معتبرة. المجلس النيابي وحده يمنح الثقة أو يحجبها عن الوزارة. من هنا ندرك أن العملية الانتخابية التي ينبثق عنها المجلس النيابي، الذي يمارس السيادة نيابة عن الشعب لدورة انتخابية مدتها خمس سنوات، هي الكيل والميزان الذي يستقيم معها البيع والبيعة، فضبطها وربطها بأكثر القوانين سبراً لإرادة الشعب، وإجراءات صارمة تجعل من العملية الانتخابية: عامة، حرة مباشرة، سواسية وسرية. إن نسخ دستور الاستبداد بدستور الاستقلال يوفر على المعارضة الجدل النظري، والمماحكة الفلسفية لطبيعة للمرحلة الانتقالية، ويقطع الطريق على أمثال بريمير؛ لفرض الوصاية على الشعب السوري..إن سدنة الطغيان والفساد يرون ذلك بعيداً ونراه قريباً، وما الفوز والنجاح والنصر إلا من عند الله.

*باحث في الفقه السياسي الإسلامي المعاصر

A.H.Hajkheder@gmx.net

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ