ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 20/03/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الحكومة الكرامية الجديدة

د. محمد أحمد النابلسي*

بعد التمديد للرئيس لحود إنسحب الرئيس الحريري من الحكم لإستحالة إستمراره في إدارة الأزمة وبقي البلد تحت رحمة المتجرئين على مستقبله. ولم يعد من خلاص للمأزق غير شخص الرئيس كرامي. فكانت مهمته الصعبة التي تمخضت عن تشكيلة حكومية كان كرامي ذاته يرجوها أفضل مما كانت عليه. لكنه واقع البلد الضاغط يفرض نفسه ومعه حكومة غاب عنها أصدقاء الرئيس كرامي وحلفاؤه. ولا شك أن كرامي حمل في نفسه مرارة متعددة النكهات بسبب المواقف المعنرضة لتشكيلته الحكومية. خاصة وأنه يعود بعد إقصاء دام إثني عشر عاماً كاملة. حتى تجرأ كل الصغار على كل الكبار في ظل هذا الإقصاء. ونحن في حل من مجرد ذكر بعض مواقف التجروء المتطرفة. ويساهم في إعفاءنا بعض المواقف البذيئة التي دنست طقوس الحزن على الشهيد الحريري. وبالرغم من الإقصاء والتجروء فقد بقيت العلاقة بين الرجلين بمستوى الرقي اللائق بهما. كون الرجلين الزعامتين الأبرز للطائفة هو واقع كان يقتضي تقدم الرئيس كرامي في تقبل التعازي. لكن ذنب كرامي كان أن عودته للقصر الحكومي تزامنت مع الإغتيال. ورأينا ونظرنا بحزن شديد لمن تقدموا العزاء. في حين إضطر كرامي وقائمة من محبي الراحل لتقديم عزائهم كالغرباء وبصورة شخصية. وأيضاً وسط شتائم الصغار وكلامهم النابي. وبطبيعة الحال لا نقصد بذلك الشعارات السياسية. فرفع هذه الشعارات هو من إختصاص عائلة الحريري ورؤيتها وردود فعلها التالية لصدمة الفقدان.

عمر كرامي سليل عائلة سياسية عريقة وقادرة. وهو تلقى نبأ الإغتيال بصدمة وأراد الإستقالة فوراً. ولو هو فعلها لقطع الطريق على كل الصغار والمتجرئين ولكرس زعامته الإحتكارية للطائفة السنية اللبنانية. لكن حسابات الرئيس كرامي تختلف عن كل هذه الفرضيات ونمط التفكير المقولب ( وهو نمط كان حرياً بدفع كرامي لتزعم بازار الإغتيال المدعوم بالضغوط الأميركية على البلد والمنطقة) فحسابات كرامي هي حسابات البلد ومستقبله وضرورة إدارة أزمته وإخراجه من عنق الزجاجة لمنع عودته ساحة للتقاتل أو توظيفه مدخلاً لإعادة تشكيل جغرافيا المنطقة وتغيير خارطتها. كما هو معلن في مراكز الدراسات الاستراتيجية الأميركية. فكان كرامي كعادته عريقاً وطنياً لبنانياً وعروبياً عندما رفض الصعود في قطار الجنازة حفاظاً على إقتصاد البلد وإستقراره ومستقبله. وتلقى الصفعة الأولى بالتطاول على شخصه فتحمل بجلد لغاية جلسة الثقة. وفيها قدم إستقالة حكومته تحت ضغط التطاول على شخصه. فالزعامة عند كرامي ومعها المناصب ليست تشريفاً. فالرجل دخل المجال محصناً بتاريخه الشخصي والعائلي وبصداقاته الوطنية الداعمة وأيضاً بتساميه فوق حسابات صغيرة كثيرة. فزعامة كرامي لم يصنعها المال ولا العلاقات التابعة أو غير المتكافئة. وعليه فإنه يتحمل المسؤولية التي تفرضها عليه المعطيات الراهنة في البلد. وهذه المسؤولية تستبعد أي رهان كان غير تلك المسؤولية. فلو دخلت الرهانات في حساب الرئيس كرامي لفكر ملياً بالإغراءات التي رفعت أصوات الصغار حتى ظنوا أنهم أصبحوا كباراً. وإنطلاقاً من حس المسؤولية الوطنية ذاته قبل كرامي إعادة التكليف ومعها الدعوة الى حكومة وحدة وطنية. حتى ظهر في مظهر بديل الأب الذي يتجاوز حماقات أولاده ولا يفقد الأمل بإستردادهم ولو على طريقة الإبن الضال.

إن العارف ببواطن الأمور يعرف أن صفة الإبن الضال تنطبق على معظم المتاجرين بالجنازة. حيث تكفي مراجعة الخدمات والرعاية السياسية الكرامية لهؤلاء ولعائلاتهم. وهي مراجعة تبين جحود الأبناء الضالين. ومع ذلك يدعو الأب هؤلاء الأولاد الى منزل العائلة ويصرون على الرفض.

في هذه الأجواء يدعى الرئيس كرامي اليوم لتأليف حكومة جديدة. وذلك وسط ظروف تهون أمامها ظروف تشكيل حكومته السابقة. وفي بيانها الوزاري أشار كرامي الى التشظي السياسي بدءاً بشروط قرنة شهوان والرفض الحريري والجنبلاطي وغيرهم. مما جعله يعلن إدراكه أن تحمل المسؤولية في هذه الظروف هو رهان صعب ويحتاج للتضحية التي قبلها من أجل مصلحة البلد. فماذا تراه يقول بعد رواج الإتجار بدماء الحريري؟.

عقب نيل الوزارة السابقة للثقة طرحنا السؤال: كم تصمد هذه الحكومة في وجه التحديات المحدقة بها؟. فما هو السؤال اللائق بظروف الحكومة الجديدة؟. هل ترانا ننصح الأب بالتخلي عن الضالين من أبنائه وتركهم في ضلالهم؟. أم ننصح كرامي بالتنحي وترك الضالين يتحملون مسؤولياتهم؟.

من الهام في هذه الظروف إستعراض الإحتمالات المتاحة أمام الرئيس المكلف بغض النظر عن قبوله إعتمادها. وهي التالية:

حكومة إتحاد وطني: وهي التي أعلن كرامي عن سعيه لها بإعتبارها هدفاً من شانه إخراج البلد من وضعية عنق الزجاجة الراهنة.

حكومة اللون الواحد: وهي صالحة لإدارة أزمة قد تنشأ عن تصعيد داخلي غير محسوب.

حكومة التقاليد اللبنانية: وهي أحد الحلول المتاحة بإعتماد التقليديين من الساسة اللبنانيين. وهؤلاء أصحاب إنتماءات وتيارات واضحة ولكنها غير مشاركة في التجاذبات الراهنة.

حكومة إنقاذ وطني: وهي مصغرة تضم النائب بهية الحريري وزيرة للعدل مسؤولة عن التحقيق في إغتيال شقيقها. كما تضم الكبار في مختلف الطوائف.

الحكومة الأميركية: لم يعد تدخل السفير فيلتمان في شؤون البلد الداخلية خافياً على أحد. وعرقلة التركيبة الحكومية من مهامه. وعليه فإن إستشارات الحكومة الأميركية تقتضي حصر الإستشارات بسعادة فيلتمان. وهو يقرر التركيبة الملائمة.

الحكومة الشهابية: وهي نمط الحكومة التي تألفت من أربعة وزراء فقط عقب حوادث العام 1958. وإحدى تركيباتها تضم مثالاً كلاً من عمر كرامي ودوري شمعون ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية.

هذه في رأينا الخيارات المتاحة أمام كرامي لتشكيل حكومته الجديدة. فإذا ما قرر الإعتذار فإن إحتمال الفراغ الدستوري سيبقى الأرجح. لأن البلد لن يتحمل الحكومة العسكرية. كما أنه لا يحتمل تكليف رئيس وزراء من خارج نادي رؤساء الوزارات في ظرف غياب الرئيس الحريري إغتيالاً. حتى لو كان التكليف للنائب بهية الحريري. وعليه فإن خيارات الخروج من المأزق محدودة ولا يدخل ضمنها هايد بارك الإغتيال.

*رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ