ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 15/01/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حقوق الإنسان ما بين الشريعة الإسلامية

والقوانين الوضعية

الحلقة الثانية

حقوق الإنسان في المواثيق الدولية

طريف السيد عيسى

لا ينكر عاقل أن الله خلق الوجود بتوازن وتكامل فكان الإنسان معجزة من معجزات الخالق عز وجل فهو روح وجسد وعقل وسمع وبصر وفؤاد

( ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الاسراء   70.

فخلق الكون وارسال الرسل وانزال الكتب كل ذلك ليقيم الانسان حياته على الصراط المستقيم ويؤمن أن الله هو المشرع .

ولكن عندما يبتعد الانسان عن منهج الله يصاب بالغرور ويتبع الهوى فيشرع لنفسه ولغيره مالم يأذن به الله , ومعلوم أن الانسان مهما بلغ من درجات العلم والمعرفة يبقى علمه محدودا أمام خالق الكون , وكل من ينصب نفسه مشرعا بدل الخالق فينطبق عليه قول الله تعالى

( قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ) المائدة   77.

ومنذ أن أقر ميثاق الأمم المتحدة الخاص بحقوق الانسان  وهي تسعى لابراز دورها على أنها راعية حقوق الانسان بل ان بعض الدول تفرض نفسها على أنها هي الراعي الأول لحقوق الانسان ولو كان على حساب الانسان نفسه من قتله وامتهانه وحرمانه من أبسط هذه الحقوق .

ولابد لنا من وقفة متانية مع هذا الميثاق لنوضح أنه محدود المدلول .

فكم نشهد حروب تحت زعم الحفاظ على حقوق الانسان لكننا نجد أن هذه الدول هي أول من ينتهك تلك الحقوق بل نجدها ترفض التوقيع على أي معاهدة تلزمها بهذه المواثيق للحد من عدوانيتها, لكن الذي عاش لفترة طويلة يعاني من العمى وفجأة ابصر فعندما يرى ضوء الشمعة فيحسبه ضوء الشمس .

وهاقد مر زمن طويل على هذا الميثاق وكل يوم نرى ونسمع عن انتهاك الحقوق والتمييز بل اننا نجد هذه الدول ترعى دولا تقوم بأفظع الجرائم بحق الانسانية , فهل ينكر عاقل التمييز بين الأسود والأبيض في أمريكا وهل يخفى على أحد الفرق الكبير في الدخل بين مناطق السود والبيض في أمريكا وهل ينكر منصف أن نسبة مشاركة المرأة في الوزارات والمناصب لاتساوي الا واحد بالمائة في أمريكا  فأين تطبيق هذا الميثاق .

ثم ماهي السلطة العليا التي تلزم الدول بالالتزام بهذا الميثاق بل ان الميثاق يخضع لسياسة الدول المتغلبة وبالتالي يبقى هذا الميثاق عرضة للانتهاك ( يقول آرنولد توينبي صاحب كتاب  مختصر تأريخ الحضارات – عن ميثاق الامم المتحدة لحقوق الانسان  بانه ميثاق سخيف لأنه أعطى لبعض الدول حق الفيتو الذي يجهض أي قرار لنصرة المظلوم ) .

ثم ان أي ميثاق يحتاج الى برامج ومناهج لاصلاح الفرد والمجتمع والدولة وهذا مايفتقده الميثاق مما جعله فاقدا للمصداقية وخاضعا لمزاج الدول الغالبة والقوية التي تتحكم بمصير الشعوب  وهذا مادفع ممثل الصين في مجلس الأمن ليقول ذات مرة ( أمريكا تتعامل مع مجلس الأمن بالحذاء ) .

وهذا مايجعل ذلك الميثاق مسيطرا على الأمور فقط على الورق لانه لايحمل أي منهج للاصلاح وهكذا سيبقى كالجائع الذي يتغذى على رائحة الخبز.

مالفائدة أن يقر الميثاق الحقوق الاساسية للانسان والأمم وفي نفس الوقت أعطى حق النقض الفيتو لبعض الدول حصرا وهذا يتناقض مع كل قيم الحرية والديمقراطية بل انه قمة الاستبداد لانه يجعل مصير العالم بيد دولة تتحكم بمصائر الشعوب والدول .

وقد يقول قائل الباب مفتوح للشكوى والتظلم فنقول مالفائدة من التظلم طالما هناك دولة واحدة قادرة على افشال أي محاولة للانتصار لحقوق المظلوم .

كما أن هذا الميثاق فيه من الثغرات القانونية والتي مكنت بعض الدول من المساءلة والقضاء لان الميثاق في بعض نصوصه ينص على أنه لايتدخل في القضاء الدولي الا في حال رضى الطرفين الظالم والمظلوم ,فمتى كان الظالم يرضى بالاحتكام الى العدل عندما يكون مخيرا بين القبول وعدمه وهذا ماجعل هذا الميثاق يقوض الحقوق بشكل جماعي لانه مافائدة المواثيق اذا لاتوجد جهة تلزم الظالم والمعتدي للمثول أمام القضاء العادل .

وعندما نبحث عن العدالة في الميثاق فلا نجد أي نص يتكلم عن العدالة بل نجد عكس ذلك حيث هناك نص يقول ( اذا تقاطع السلم مع العدالة فلا عبرة بالعدالة وانما العبرة بالسلم  والأمن الدولي وذلك باعادة السلم الى نصابه – المادة الأولى – الفقرة الأولى ) فلنفترض أن دولة تملك حق النقض أو احدى حليفاتها على دولة صغيرة ضعيفة وأفقدت هذه الدولة كل الحقوق ودمرت بنيته التحتية فبموجب المادة الاولى على الدولة المعتدى عليها أن تستسلم استسلام المكره للقوة العاتية الظالمة وهذا منافي لكل قيم العدل , أو تقوم برفع دعوى للامم المتحدة وهنا ندخل من جديد في دوامة حق النقض الفيتو أو يتوجب قبول الطرفين بالاحتكام الى القانون الدولي وهذا أيضا يدخلنا في متاهة تهرب الظالم من قانون العدل .

لذلك نجد الميثاق فتح الباب واسعا لتملص الدول القوية ومالكة حق النقض للتهرب من أي مساءلة , في حين نجد شريعة السماء أوجبت القتال ضد المعتدي الظالم لانه لاقيمة للسلم القائم على الظلم( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) الحديد  25

( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله ) الحجرات   9.

كما أننا نجد الميثاق وتكريسا لهيمنة الدول الكبرى والقوية حيث تمكن هؤلاء من الاحتياط لاي تغيير في الميثاق قد يحد من هيمنتهم حيث أنه في حال الطلب لتعديل أي نص فان ذلك يخضع أيضا لحق النقض الفيتو حسب المادة (108) من الميثاق , وهذا يبقي حقوق الانسان والدول الضعيفة رهينة وأسيرة للدول الكبرى صاحبة حق النقض .

اذا كان هذا هو حال ميثاق صادر عن جهة تعتبر مظلة لكل الدول فكيف لمواثيق صدرت عن جهات غير رسمية ولا دولية ولاتملك أي سلطة لتنفيذها فانها قطعا سوف تتعرض للانتهاك أكثر بكثير من ميثاق الأمم المتحدة .

كل ماتقدم يثبت فشل ميثاق الأمم المتحدة في الحفاظ على حقوق الانسان والشعوب , وبما أن الانسان يشرع لنفسه فانه يشرع بما تقتضيه مصلحته  وبالرجوع الى العديد من القرارات الدولية نجد أنها ضربت عرض الحائط بحقوق الانسان وحقوق الشعوب فدمرت دول وتم قصفها بالاسلحة المحرمة كما حصل في هيروشيما وناغزاكي وكما حصل في فيتنام وكما يحصل اليوم في العراق .

ان الأمم المتحدة راعية حقوق الانسان والشعوب هي نفسها من شرع في مؤتمر القاهرة الدولي الخاص بالاسكان والتنمية أنه يجوز انشاء المراكز الطبية التي تعمل على احهاض النساء الحوامل أثناء فترة الحمل وهي نفسها شرعت في مؤتمر بكين للمراءة  بجواز زواج الرجل من الرجل وزواج المرأة بالمرأة تحت دعوى الحريات الشخصية وبذلك حازت هذه المؤسسة الدولية على مرتبة الشرف في جعل الرذيلة نظاما عالميا مخالفة بذلك الفطرة التي فطر الله الناس عليها .

ان كل هذا التناقض لان الميثاق لايملك منهج وبرنامج للاصلاح ولأنه من صنع البشر بينما نجد شرع الله وضع النصوص وآليات التنفيذ مع برامج الاصلاح اللازمة من خلال الايمان بالله على أنه المشرع والايمان باليوم الآخر والعقاب والجزاء والمكافئة وحض الانسان على الالتزام بالأخلاق الحميدة .

وطالما أن هذا الميثاق يفتقد لهذا المنهج فانه سيبقى ينتقل من فشل الى آخر ومن اخفاق الى آخر وبذلك ينطبق عليه وعلى من يجعل هذا الميثاق هو المرجعية الاولى والاخيرة  قول الله تعالى

( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوقاه حسابه والله سريع الحساب . أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور )   النور  39-40

والى لقاء مع الحلقة الثالثة

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ