ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 28/07/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بالعربي الفصيح

" كيف يَصنع حكّام السنّة مِن حولهم هلالاً شيعيّاً " !؟ 

عبد الله القحطاني

أ‌-  لا بّد من المصارحة لتلافي الأخطار :

يقول الشاعر :

إذا ما الجرح رُمّ على فسادٍ           تَبيّنَ فيه إفراطُ الطبيبِ

إنّ المجاملة والمسايرة ، وإنّ الالتفاف حول النقاط المحرجة والقفزَ من فوقها .. إنَّ ذلك كلّه لم يعد يُجدي شيئاً . فالأمراض الخطرة الكامنة في جسد الأمّة ، لم يعد ينفع فيها مَرهم خارجيّ ، أو علاج مسكّن ..!  لا بدّ من تشخيصها بوعي وصراحة وجرأة ،  ومعالجتِها بالدواء المناسب لها ، وإذا احتاجت إلى عمل جراحيّ ، فلا بدّ من الإقدام عليه ،  إذا أريدَ للحياة أن تستمرّ في الجسد ..!

سهلٌ على المرء أن يقول :

" إنّ إخواننا الشيعة يفعلون كذا وكذا ، والجهةَ الفلانيّة منهم ارتكبت الخطأ الفلاني .." ثمَّ يتابع القائل مستدركاً : " ونحن نأسف لهذا الحديث عن أمور طائفيّة لا نُحبّ أن نراها متداولة بيننا .. فنحن أبناء أمّة واحدة .. " ! 

سهل أ ن يقول المرء هذا وأمثاله ،   ممّا هو دارج في لغة الصحافة العربيّة وفي الفضائيات العربيّة ..!

لكنْ ما الجدوى !؟ لا شيء .

لا بدّ من وضعِ الأمور في نصابها الصحيح ..

ولابدَّ – بالتالي – من أن يتصارح أبناء البيت الواحد ، فيما بينهم ، حول مشكلاتهم الداخليّة وأساليب حلّها ، وحول الأخطار القادمة ، من بني العمومة أو الخؤولة .. أو الجيران ، لمعرفة الطرائق المناسبة لتلافيها ، ولمعرفة السبل الملائمة للحوار حولها ، مع الجهات التي تصدّرها إلينا ..

ب- أساس المشكلة :

أساس المشكلة كامن عندنا ، نحن المحسوبين على أهل السنّة :

1-  لن نتحدّث عن الجهلة الضائعين من بني الملّة ، الذين لا يعرفون أصلاً ما معنى شيعة أو سنّة ، بل لا يعرفون شيئاً عن مذاهب أهل السنّة ، ولا من أين جاءت كلمة سنّة !

2-  ولن نتحدّث عن أصحاب " الحِذق " و" الفَهلَوة " من حَملة الأقلام ، الذين يؤجّرونها ، أو يتاجرون بها ، مع هذا الفريق أو ذاك .. فترى أقلامهم تمدح الفرقاء ، بقدر ما " تَمتَح " أيديهم من جيوب هؤلاء الفرقاء ..! فتَرى " الفهلويّ " صاحبَ القلم الرشيق ، يتمثّل أبداً بقول عِمران بن حِطّان :

يوماً يَمانٍ إذا لاقَيتُ ذا يَمَنٍ        وإنْ لَقيتُ مَعَدّياً فعَدناني

3-  ولن نتحدّث عن بعض المخلصين ذوي النيّات الطيّبة من طلَبة العلم ، الذين استهواهم حديث السياسة ، فشَغلهم عن مواصلة طلبِ العلم والتعمّق فيه.. فما استفادوا ممّا كانوا فيه ، ولا نَفعوا – بل أضرّوا – في المجال الذي أسرَعوا إلى الخوض فيه ، بلا زادٍ من وعيٍ أو معرفة ، ممّا يحتاجه التصدّي للولوج في هذا المجال .

4-  وبالطبع لن نتحدّث عن الحاقدين ، الذين لا باعثَ لديهم يدفعهم إلى مهاجمة الآخرين ، سوى الحقد المحض ،أو الحقد المغلّف بأوهام ..! كما لن نتحدّث  عن صيّادي الأخطاء ، الباحثين عن الخلاف مع كلّ أحد ، فإن لم يجدوا مَن يختلفون معه ، اختلفَ كلّ واحد منهم مع نفسه ..!

5-  مَدار حديثنا هنا ، هو حكّام السنّة .. الذين يدركون جيّداً ماذا تعني كلمة " سنَّة " في العالم الإسلاميّ عامّة ، وفي العالم العربيّ خاصّة .. على المستوى السياسيّ أوّلاً ، وقبل كلّ شيء ..!

" وكلّ حديث عن الطوائف ، لدَى صانع القرار السياسيّ في بلادنا ، هو حديث سياسيّ بالضرورة ، لأن الطائفة هي (كتلة) متَمذهِبة ، لذا فهيَ (كتلة) سياسيّة بالمنطق السياسيّ ، أو بمنطق الفلسفة السياسيّة " ..!

وليس مهمّاً  أن يكون الحاكم السنّي متمسكاً بمذهب أهل السنّة أوْ لا .. بل ليس مهمّاً أن يكون  ملتزماً بأحكام دينه الإسلاميّ أوْ لا .. المهمّ هنا ، في المسألة كلّها ، هو الجانب السياسيّ منها ، أيّ ما يمثّله أهل السنّة من تجمعّات بشريّة معيّنة ،في دول معيّنة ،خاضعةٍ لأنظمة حكم معيّنة ، معرّضةٍ لأخطار الاختراقات السياسيّة المذهبيّة من جهات معيّنة !

هنا لبّ المسألة ..!

وهنا يكمن الحساب السياسيّ ، من وجهة نظر صانع القرار السياسيّ ..! وهذا أمْر مشروع    لا غبارَ عليه ، بل هو مندوب إليه ، وأول مَن يُندَب إليه صانع القرار .

ج- المدّ والجَزر " بين القول والفعل " :

1-  الثورة الخمينيّة في بدايتها ، كانت تَعدّ الإقليمَ المحيط بها كلّه ، مَجالاً حيويّاً لها ، ولا سيّما على المستوى الإيديولوجيّ " المذهبيّ " .. بل مدّت عينيها إلى ما وراء ذلك ، حتّى المغرب العربي  ..!

وكان مدّها في ذلك مزدوجاً : مدّاً بالقول مرتفعاً إلى أقصى مدَى ممكن ..

ومدّاً بالفعل – من خلال الممكن – عَبْر التحريض والتحرّش ، وإرسال الدعاة ، وتحريك العناصر الموالية لها مذهبياً ، في سائر الدول العربيّة والإسلاميّة ، وفي سائر دول العالم ..

ولقد ساعدها في طغيان هذا المدّ ،استبشار الشعوب الإسلاميّة بأنّها ستتحرّر من قيود الاستبداد التي تخنقها ، بمؤازرة المدّ الشيعيّ الفتيّ المتصاعد ، الذي ظنّته هذه الشعوب مدّاً إسلاميّاً .. ففتَحت له عقولَها وقلوبها ، قبل أن تتبيّن حقيقتَه ، وقبل أن تلتقط أنفاسها ، لتدقّق بما فعلته هذه الموجة المذهبيّة العاتية بمواطنها المسلمين من أبناء السنّة ،في مناطق عدّة من إيران ، وعلى رأسها منطقة الأهواز !

وحين نشبت الحرب العراقيّة الإيرانيّة في بداية الثمانينات من القرن العشرين ، واختلطت فيها النزَعات المذهبيّة، بالمصالح المحليّة والمصالح الإقليميّة – وإن شئت قلت: المخاوف الإقليميّة – والمصالح الدوليّة ..عند ذاك بدأ المدّ بالانحسار، لأنّ المجال الحيويّ الذي كان مفتوحاً – وأهمّ ما فيه عقول الشعوب وقلوبها – بدأ بالانغلاق ، وصار دعاة المذهب يقابَلون بشيء من الحذر والتوجّس في أنحاء العالم ، كما صارت الشعارات والبيانات والتصريحات المذهبيّة ، تفقد أصداءها ، إلاّ عند أبناء المذهب ، في أنحاء العالم ..

واستمرّت الحرب ثمانيَ سنوات ، والموجة المذهبيّة تراوح في مكانها ، ـ حسبَما هو ظاهرـ يَصعب عليها التقدّم ، ويَصعب عليها الانكفاء التام إلى داخل إيران . والظاهر للعيان أنّ اندفاعتَها القويّة خفّت ، وأنّ نشاطها تباطأ لحساب الحذَر والتمدّد الهادئ ..! ودعمِ البؤرِ والمرتكزات التي أنشأتها في أثناء اندفاعها السريع ، ولاسيّما في الدول التي فيها كتل شيعيّة كبيرة ، والدولِ التي فيها طوائف ذات أصل شيعيّ ـ حتّى لو ابتعدتْ عنه كثيراً ـ !

2-  بعد انتهاء الحرب العراقيّة الإيرانيّة ، وفي أثناء حرب الخليج الثانية ،التي احتلّ فيها العراق الكويت وخرج منها ، وفي أثناء حصاره الذي استمرّ ثلاثة عشر عاماً، ظلّ المدّ الشيعيّ الهادىء يتحرك ببطء ، إلاّ أنّه (مَدّ بالفعل) لا يوازيه قوّةً ( مدّ القول ) ..

3-  وكانت ( حكومات السنّة ) مشغولةً بمجابهة ( المدّ العسكريّ) والمدّ الأمنيّ ( الاستخباريّ ) والمدّ السياسيّ المتعلّق بسياسة الدولة الإيرانيّة .. لأنها تملِك وسائلَ مجابَهتِها ..أمّا المدّ المذهبي ، الذي كان يتغلغل بهدوء ، وينتشر في مواقعَ شتّى من العالم العربي ، فلم تكن الحكومات لتأبَه له، لأنّه لا يحمل تهديداً مباشراً لسياساتها ومصالحها . كما أنّها لا تملك وسائلَ مجابهته ، حتى لو أرادت ذلك . والسبب واضح وبسيط:

إيران دولة عقديّة مذهبيّة ، لديها إصرار على نشر مذهبها ،لأنّها تراه المذهب الصحيح    " وربّما يَتقرّب قادتُها إلى الله بذلك ". كما أنّها تَرى في نشر المذهب تمهيداً أساسيّاً وقويّاً، لخدمة سياساتها في الدول الإسلاميّة عامّة والعربيّة خاصّة ، وعَبْر هذا المذهب تجنّد العيون داخلَ الدول ، وتجنّد الأنصار الذين يمهّدون ،داخلَ دولهم، للهيمنةِ الإيرانيّة لاحقاً، على هذه الدول ، لأنّها الدولة الشيعيّة الوحيدة في العالم ، القائمة على أساس المذهب . فهي تعَدّ    - بالتالي – المرجعَ الأعلى لكلّ شيعة العالم ..

ويمكن القول ببساطة ، وبلا تردد : إنّ إيران تحلم بقوّة ، بالهيمنة الامبراطوريّة على دول العالم الإسلاميّ ، عبرَ المذهب الشيعيّ . فحين تُفتح قلوبُ الناس وعقولهم للمذهب الشيعيّ – الذي يعَدّ عقيدةً عند أصحابه ، لا مجرّد مذهب فقهيّ –  فإنّ فتح الدول يصبح أمراً تلقائياً ..!

4-  لكن لماذا لا تملك حكوماتُ السنّة وسائلَ المجابهة على المستوى المذهبيّ ؟؟

الجواب هنا بسيط وواضح كذلك :

إيران الدولة ، اتّحدت بالمذهب الشيعيّ اتّحاداً تامّاً ، وشعبُها متوحّد معها في هذا المذهب . فالدولة وأكثريّة شعبها يخدمان المذهب – العقيدة- ويحرصان على نشره . بينما هذا ، غير متحقق في ( الدول السنيّة ) ألبتة . بل ربّما كان المتحقّق هو عكسه ، في أكثر الدول المحسوبة على السنّة ..!

فالفكر يحتاج إلى فكر لمجابهته .. والدعاة إلى عقيدة أو مذهب ، يحتاجون إلى دعاة مثلِهم ، من وزنِهم ، ليتصدّوا لدعوتهم ..وحكومات السنّة ، ليس لديها دعاة متعاونون معها تندبهم لهذه المهمّات !  وفقهاء الحكومات، الذين توظّفهم لتمرير المسائل التي تحتاج إلى فتاوى فقهيّة ، لا يَصلحون لمهمّات (المجابهة المذهبيّة) بحكْمِ مَواقعهم – وإن كان بعضهم لديه مؤهلات جيّدة على المستوى الشخصي - بل هم حريصون على مجاملة الشيعة أكثرمن حرصهم على مجابهتهم ـ..!

 والدعاة المستقلّون المتحمّسون لعقيدة أهل السنّة ، مهمّشون في بلادهم في أكثر     الأحيان ، ومضطهَدون في كثير من الأحيان ..!

أيّ بعبارة أخرى : دعاة السنّة في حالة (جَزر) يَفرضها عليهم حكّامهم . ودعاة الشيعة في حالة مدّ متواصل ، يَدفعهم إليها حكّامهم ، ويَدعمونهم بكلّ ما يحتاجون ، من وسائلَ ماديّة ومعنويّة .. 

دعاة السنّة محارَبون بتهمة (الإرهاب) ، أو بتهمة ( مظنّة الإرهاب) ، أو بتهمة ( الإطار الفكري للإرهاب) ..

إنّهم محارَبون بهذه التّهم وبغيرها ، من قِبل حكوماتهم ، ومن قِبل النخَب العلمانيّة في بلادهم ، التي تَصبّ عليهم شآبيبَ حقدها عبر وسائل الإعلام ، وتحرّض عليهم بأساليب مباشرة وغير مباشرة ، حكوماتِ بلادهم ، والدولةَ العظمى " الإمبراطوريّة " أمريكا ، لتتعاون هذي وتلك على قمعِهم ، وتركِهم في حالة " جَزر" دائم ..!

إنّها معادلة طبيعيّة بسيطة وواضحة :

فراغ القوّة لابدّ من ملئِه ..! وكلّ قوّة تَبحث عن الفراغ الذي يناسبها ..

فالقوّة العقديّة تتمدّد في الفراغ العقدي ، حتّى لوْ جُوبِهت بقوّة عسكريّة أو أمنيّة .. لأنّ هذه ليست من النوع الذي يَملأ الفراغ العقديّ ،أو يَستطيع التصدّي للمدّ العقديّ..!

وبناءً على هذا ، سيظلّ ( الهلال الشيعيّ ) يمتدّ ويستطيل ويتقوّس ، حتّى يصبح دائرة تلفّ العالم العربيّ كله ..!

إلاّ أن يدرك الحكّام، قبل فوات الأوان ، أنّ دعاة الإسلام في بلادهم ، ليسوا أعداء لهم .. وأنّ همّ الداعية الأول ، هو التقرّب إلى الله ، بخدمة دينه والدفاع عن سنة نبيّه (ص) . وأن عليهم – أيْ الحكّام- غضّ النظَر عن المدّ الإسلاميّ الذي يتصدّى للمدّ الآخَر . ولا مانع من مراقبة هذا المدّ ، كيلا يتجه شيء من خطره (عمداً أو سهواً)،إلى مصالح الحكّام ، أو مواقع سلطتهم  .." (ونقول : غضّ النظر عن الدعاة لا دعمهم ! وعندئذٍ ، سيرى حكّام السنّة أنفسَهم ،بعد حين ، يتمثلون – في مجابهة المدّ الشيعيّ – بقول القائل : " إنّ الحديد بالحديد يفلح  ".. أو بقول الآخَر : إن كنتَ ريحاً فقد لاقَيتَ إعصارا !

وعندَها ، عندَها فقط ، يستطيعون أن يقولوا للسادة الشيعة ، بثقة واطمئنان : يا قوم " تعالَوا إلى كلمةٍ سَواءٍ بينَنا وبينَكم " ..!

ولله الأمر من قبل ومن بعد .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ