ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 18/07/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الحركة الإسلاميّة .. ومعركة المصطلحات

عزّة النفس .. والمسكنة

عبد الله القحطاني

أ-" اطلبوا حوائجكم بعزّ الأنفس  ، فإن الأمور تجري بالمقادير "..

 هذا أحد التوجيهات النبويّة ، التي تشكل عقولنا ونفوسنا ، وتوجه تصرفاتنا ، وتضبط مواقفنا ، نحن أبناء الحركة الإسلاميّة ..

هذا عندما يكون " الطلب " فرديّاً ، يتعلق " بحاجة " خاصّة للمرء ..

( عزّة النفس ) أسا س في القول والفعل . والمرجعيّة النفسيّة والعقليّة، أي الركيزة التي يستند إليها المرء ، باطناً وظاهراً ، هي " أقدار الله الجارية في الكون ، الجارية على الخلق " .

فكيف إذا كان الطلب يتعلق " بحقّ" لا " بحاجة " ؟ وكيف إذا كان عاماً ، يتعلق بشعب ، أو أمّة ،لا بفرد أو مجموعة أفراد!؟

إننا ونحن نطا لب بحقوق شعبنا وأمتنا ، في الحريّة ، والمساواة ، والعدل ، وحفظ حقوق الإنسان في بلده .. إنما نعي هذا المعنى جيّداً ، بشموليّة وعمق " نطلب حقوق شعبنا بعزّ الأنفس .. لأن الأمور تجري بالمقادير " .

أما عبارة " تمسكن ْحتى تتمكّن " وما فيها من مصطلحات "المسكنة" و" التمكّن.."

فليست واردة في قاموس تفكيرنا ، أو تحركنا . لأن " المسكنة الجماعيّة "  مخالفة لأشياء كثيرة عندنا .. من أهمها :

1-   سنة الحياة نفسها ، فليس من المعقول أن يتمسكن حزب ، أو تنظيم أو قبيلة ، أو شعب .. كله بسائر أفراده ، مخفياً نياته ومقاصده عن عيون الناس المحيطين به، دون أن تندّ عن فرد واحد منهم عبارة أو كلمة تشي بحقيقة الموقف الجماعي كله ..

2-   لأن الأفراد الذين يربيهم الإسلام على الأنفة وعزّة الأنفس ، ويتلقون هذه التربية ن في محاضن الحركة الإسلامية صباح مساء .. لايمكن إخضاع نفوسهم ، لقرار " التمسكن "  الجماعي .. مهما كانت قوّة هذا القرار ، أو الجهة التي أصدرته .

3-   إن " التمسكن " طبع ، أو تطبّع ، فيه نوع من الخداع والمكر . وهذا قد يصدر من شخص فرد ، لحاجة فرديّة ، قد يحصل عليها طالبها أو لا يحصل . لكنه يدفع ثمناً باهظاً من كرامته وعزة نفسه ، حتى قبل تأكده من حصوله على الحاجة أو حرمانه منها .. فإن حُرم منها ، فقد دفع ثمنها الباهظ دون مقابل ..

وهذا كله ، لايمكن أن يصدر عن تنظيم إسلامي ّجماهيريّ ، يعتز بقيمه الإسلامية، ويفخر بالتفاف شعبه حوله ، أو يطمح إلى مثل هذا الالتفاف . فماذا تكون نظرة أفراد التنظيم إليه ، حين يدفع هذا الثمن الباهظ من كرامته وعزته لقاء مكسب سياسي ّ عرضيّ ، قد يتحقق وقد لا يتحقق ؟ وماذا تكون نظرة الجماهير إليه حين تراه يتذلل و(يتمسكن ) ويعطي من نفسه الد نيّة ، لخصومه ، أو حتى لأصدقائه؟

4-    إن قرار التمسكن الجماعي ، لا يدخل في مضمون الحديث النبوي ّ " الحرب خدعة " .

لأن " الخدعة" حالة عابرة ، تما رس ضمن ظرف عابر هو (ظرف الحرب ) . وهي عملية محدودة ضيّقة ، يمارسها فرد ، جنديّ ، أو قائد ، أو حتى مجموعة صغيرة من الأفراد ، لكسب جولة معينة ، أ و إخفاء نيّة معينة ، في ظرف محدّد . وهذه تختلف عن حالة التمسكن الجماعي ، التي تشمل حركة إسلاميّة واسعة بسائر أفرادها ، إذا كان مطلوباً منها إخفاء أهدافها ونياتها وطموحاتها وسياساتها .. إخفاء ً تاماً، وإظهارُ ما يخالفها أو يناقضها ، وعلى مدى طويل من الصراع الفكري والسياسي والإعلامي ، ضد أفكار الآخرين وسياساتهم وإعلامهم .

5- بناءً على ما تقدّم ، فإن ما تعلنه الحركة الإسلاميّة ، في تصريحات مسؤوليها ورموزها ، وما تبثه في صحفها وأدبياتها ، هو ما تريده فعلا. فإذا قالت في دولة ما ، إنها تريد منابذة الحاكم المستبد، للحصول على حقوقها الوطنية والسياسيّة، أو مصارعته سياسيا أو إعلامياً ، فهذا هو ما تريده حقّاً ، لأن هذا الإعلان ُيلزم قواعدها بما تريد ، ويجعل هذه القواعد تكيّف عقولها ونفوسها مع هذا النوع من الصراع لا تتعداه ، وبالمقابل لا تتنازل عن حقها في ممارسته ..

وإذا صرّح قادة الحركة ، في دولة ما ، بأن الحركة تنبذ العنف ، أو تسعى إلى التعاون مع حكومة بلدها لتعزيز مؤسساتها  وبنائها بشكل سليم ٍ .. فهذا ما تريده فعلاً ، لأن هذه التصريحات ، إنما تكون أساساً مبنية على فلسفة  سياسيّة أقرتها المؤسسات والتزمت بها القواعد ، وصارت منهجاً ودستوراً لتفكيرها وحركتها . ومن يخرج عليها، فإنما يضع نفسه تلقائيا ًخارج الصف ، ليبحث لنفسه عن منهج آخر يلائم مزاجه ، أو طريقة تفكيره . فالعمل الإسلامي متعدّد الصور والجوانب ، متنوع الميادين .

6- وتبقى ملحوظات أساسيّة لابدّ من الإشارة إليها، بإيجاز وتركيز ، من أبرزها :

أ ) إن الحركة الإسلامية  ليست حقـل تجارب ، لذوي المغامرات الفكرية، أو أصحاب " الهبّات " العاطفية ، أو عشاق البطولات الفرديةّ والنزعات الانتقامية  ..

إنها عمل حضاري متمدّن . مؤسس على مبادئ سامية وقيم نبيلة ، وأخلاق را قية ..

وهو في الوقت ذاته يطمح إلى تحقيق أهداف جليلة ، على رأسها بناء الإنسان السوي الواعي المؤهل لصنع حضارة إنسانية كريمة .

وهذا لا يلغي، بالطبع، دور الملكات الفردية  أ و المؤهلات الشخصيّة للأفراد ، و إلاّ لكانت الحركة الإسلامية ، مجرد تجمع ضخم لقطيع بشري متشابه الملامح والسمات ، عاجز عن تحقيق أي هدف إنساني مُجدٍ، قابلٍ لأن يقوده أي راعٍ أحمق أو سفيه، حتى لو كان مندساً عليه، عازماً على تدميره.

ب ) إن الحركة الإسلامية المؤسسة على المبادئ، تختلف بالضرورة،  عن مثيلاتها المؤسسة على المصالح - الفردية أو الجماعيّة-. فالأولى تحكم تفكيرها وحركتها المبادئ التي تستند إليها. ولو خرجت عن إطار هذه المبادئ ، لخرجت من جلدها ، ودمرت نفسها، وفقدت مسوّغ وجودها . وهي من خلال حركتها المبدئية ، تراعي حساب المصالح العليا ..

أما الثانية فتسير في رمال متحركة ، لأنها تنطلق أساساً من حساب المصالح غير المحكومة بأي مبدأ . والمصالح شديدة التغيرّ ، لأنها محكومة بالظروف والأحوال المتغيرة أبداً ..

وإذا قاس رجال الحركة الإسلامية ، حركتهم إلى الحركات الأخرى ، واندفعوا يسبحون فيما تسبح فيه هذه الحركات ، من برك آسنة، ومياه ملوثة ، لتحقيق مكاسب آنيـّة رخيصة ، .. إذا فعلوا ذلك ، أو استدرِجوا إليه ، دمّروا حركتهم ، بدءاً بتدمير مبادئها وأخلاقها ، وانتهاء بتدمير أهدافها التي لن تصل إليها أبداً . لأن الأهداف إنما وضِعت لخدمة المبادئ ،فإذا ضاعت المبادئ ضاعت معها الأهداف . والأهداف الجديدة التي قد تنشأ بناءً على المصالح  القريبة ، ليست هي الأهداف الإسلاميّة ، ولو سماها أصحابها بذلك ..

فالمبدأ إذن –هنا – هو ميزان الفكر والحركة والقول والسلوك . ولن يصدّقنا الآخرون لو قلنا لهم : " نحن براغماتيون .. نفعيون .. مصلحيون .. .. مثلكم " .لأنهم عندئذٍ سيضحكون منّا ويقولون لنا :   " إما أنكم أغبياء .. وإما أنكم تحاولون ممارسة المكر والدهاء بطريقة فجّة ساذجة ، وإما أنكم تافهون منافقون ، ترفعون شعارات سامية ، وتلهثون لمنافستنا على المصالح السياسيّة الآنية والمكاسب العرضية، التي نبيع لأجلها كل شيء ، بدءاً بماء وجوهنا ..!"

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ