ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 05/07/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

العلمانية في الوطن العربي بين واقع وطموح .

(3)

د.نصر حسن

خير البداية سؤال :

هل العلمانية مناهضة للدين ومتناقضة معه فكريا ً واجتماعيا ً , وهل هي رؤية إلحادية ؟ وهل تعني فصل الدين عن الدولة أم عن السياسة ؟.

هنا يجب التمييز بين العلمانية كمفهوم في ظرفه التاريخي وهدفه السياسي وحامله الإجتماعي في مرحلة تاريخية معينة , وبين فهم معظم العلمانيين من خلال إسقاط علاقة غيرصحيحة على واقعهم الإجتماعي على وجه التحديد , وتحميله على أزمة النظرة الفئوية إلى المجتمع , وهذا الفهم الخاطئ أدى إلى ظهورعوارض مرضية جديدية في المجتمع بدل أن يكون علاجا ً لبعض ظواهره المرضية وتجاربه الفردية في الحكم , وتجريده من لحظته التاريخية والتعامل معه بدرجة عالية من الجمود في الفكرة والمفهوم الأمرالذي أفرغه من فوائده السياسية والإجتماعية التي إن فهمت بظروف كل مجتمع وراعت مراحل تطوره وثقافته ربما تكون مفيدة في تفعيل وتيرة التطور والنمو نحو الأفضل للمجتمعات والشعوب .

ولعل من المفيد الإشارة بأن مفهوم العلمانية شأنه شأن كل مفهوم فكري , يحكم عليه من خلال الوسط الناقل له بين مجتمع وآخر وطريقة التعامل معه وأسلوب التبشيربه , وبهذا الإطار فإن الموقف من العلمانية في الوطن العربي هو مرادف للإلحاد ومناهض للدين بل في تناقض كامل مع الدين والشريحة الكبيرة التي تؤمن بالدين ودوره في حياة الشعب , وبالتالي فهم على أن الهدف الأساسي منه هو إلغاء الدين وإلغاء الدور السياسي والإجتماعي والفكري للأكثرية وبالتالي الرجوع إلى مواقع الفردية ولكن من موقع الفكر العلماني هذه المرة مما أعطى الموضوع بعدا ً يتعلق بالهوية , وهذا أخطر مافي الفهم العربي للعلمانية , أي إلغاء ثقافة مجتمع وهويته وإحلال ثقافة أخرى غريبة عن شخصيته وعن ثقافته ولاتملك عوامل الإتصال الفكري والثقافي مع ماضيه وحاضرة .

بيد أن الذي أعطى للعلمانية طابعها الإلحادي هو التعامل التعسسفي وغير العلمي مع موضوع العلاقة بين الدين والحكم قديما ً , والدين والدولة حديثا ً, هذا التعامل الذي لم يستطع وضع حدود للعلاقة بين الدين والدولة , وانسحبت نظرته على الواقع بمنظار الماضي حيث لعب الدين الدور الأساسي في تكوين النظام السياسي في كل المجتمعات وربما قد يكون أفرز نظاما ً سياسيا ً مركزيا ً , من هنا جاء الفهم العلماني للدين خليطا ً بين الثقافة والسياسة بشكل مقصود حينا ً و غير مقصود حينا ً آخر , وبالتالي لم يحدد الآلية الصحيحة للتعامل مع

الدين , هل يلغيه ؟ وهذا يضعه في مواجهة ثقافة وهوية مجتمع ونمط حياة وطريقة تفكير وسلوك أفراد تحكم أدق تفاصيل الحياة في المجتمع العربي الذي يشكل الإسلام الغالبية المطلقة منه .

من هذا الفهم العلماني غير الواضح للدين وربما يكون واضح وغير معلن لدى دعاة العلمانية , وهذا يرجعنا إلى السؤال الأساسي ماهو مفهوم الدين لدى العلمانيين ؟ وهل العلمانية تريد من الدين أن يترك مواقع العقيدة وينتقل إلى مواقع السياسة ؟ وكيف تتعامل مع مجتمع كل مخزونه الثقافي هو إنتاج الدين ؟ .

لعل الخطأ المنهجي في العلمانية العربية هو محاولة فرض نظرة إصلاحية للمجتمع العربي المؤمن على حامل كافرغريب عنه ومضاد له , وبالتالي كانت بداية التأسيس للصراع والتناقض مع المفهوم جملة ً وتفصيلا ًً وهذا مايبرهن على عدم تمكن العلمانية من الإنتشار إلا في صفوف فئات محددة من المجتمع ولعوامل نفسية سلبية وليس تعبير عن حاجة وضرورة .

ولتصحيح هذا الإشكال يجب أن تحدد العلمانية بالضبط ماذا تريد أن تصل إليه ؟ هل تريد الوصول إلى بناء دولة حديثة تكون الروابط بين مكوناتها الإجتماعية غير دينية ؟,أي  روابط مدنية تحكمها معاييرالتسامح والقبول بالآخر والعيش المشترك ؟ أم تريد تكسير أواصر تكوين مجتمع أنتجتها مسيرة طويلة من الصراعات والتفاعلات الإجتماعية ؟ وهل مفيد لعملية التطور التاريخية للمجتمع إلغاء أسسه النفسية وتفكيك روابطه الثقافية وهل يمكن ذلك ؟ولماذا الإصرارعلى إلغاء الدين بدل الحوار معه والتفاعل على قاعدة إنتاج البديل الأكثر تلبية ً لمصالح المجتمع والأكثر انسجاما ً وتجاوبا ًمع التطوروالبعيد عن الدخول في متاهات الصراعات ؟ وبشكل أكثر مباشرة هل تريد إلغاء دور الأكثرية عبر إفراغها من الشحنات الثقافية الإجتماعية الأساسية التي تعطي للمجتمع هويته وقوة حركته ؟ ولماذا هذا الإصرار على الدخول إلى مشاكل المجتمع عبر النوافذ الضيقة الجانبية ولم يتم الدخول من الباب الرئيسي مباشرة ً إلى المجتمع ؟ .

وعليه , هل يمكن تحقيق مجتمع مدني وعلماني وديموقراطي في ظل دولة تستند إلى الشرائع الدينية كمصدر أساسي للتشريع ؟.

مرة أخرى كل الأسئلة المطروحة للنقاش والوصول إلى فهم مشترك للعلمانية والدين والوصول إلى حل يكون لصالح المجتمع واستقراره تستند على الفهم الغير صحيح للدين , وربما المبطن بأهداف أخرى , فالدين والمقصود هنا الإسلام على وجه التحديد وفي نظرته الحقوقية إلى علاقة الأفراد مع بعضهم وعلاقتهم مع المؤسسة الدينية أي الدولة قائمة على أساس قانوني مدني ضمن وعاء ثقافي ديني , ولعل الإشكال هو تجميد الدين أولا ً وإسقاط كل رواسب التخلف والضعف عليه ثانيا ً والنظر إليه ضمن حدود هذه الصورة والتي هي غير صحيحة ثالثا ً,بل هي تشكل بعض الإفرازات للحكم وهذه مسألة معروفة ومفهومة وعادية  لأن علاقة الحكم بالواقع لاتنظمه مسطرة دينية سحرية تحدد مسبقا ً كل شاردة وواردة في حركة الواقع رابعا ً, وهذا هو بعض أسرار التطور الإنساني ,الأمرالذي أدى إلى استنتاجات غير صحيحية , وهنا لانريد أن نخوض في جدل موقف الدين من القضايا الفردية وتفاصيلها ولكن بشكل عابر نقول:  إن أهم شيء يحتاجه الفرد المجرد السليم عقليا ً ونفسيا ًفي كل زمان ومكان هو الحرية والعدل والتساوي ورفض التمييز وتنظيم علاقة الأفراد على أساس إنساني ورفض الظلم والعبودية واللاهوتية وتنظيم علاقة المجتمع على أسس بعيدة عن العبثية وأقرب إلى فطرة الإنسان أي تنظيم علاقة الفرد مع نفسه ومع الآخرين على أساس عقلاني مفيد وربطها بهدف معين ,أي القرب من الواقعية وتلبية الرغبات الإنسانية على أساس هذه القواعد والمحددات الإجتماعية , هذا باختصار هو الدين والذي يعبر عنه يمنتهى البساطة ( إنما الدين المعاملة ) أي أسلوب علاقة الفرد بالآخرين ويجسده بشكل واقعي السلوك الإجتماعي للفرد ومدى قدرته على التعايش مع الآخر المختلف,أما الدخول في مسألة النظرة إلى المرأة وتعدد الزوجات وقطع يد السارق والحجاب وزواج المتعة والعصمة هذه أمور جزئية وظرفية وهي قابلة للحل وليست مستعصية عنه , وكذلك إن الدخول في الغيبيات هي مسألة فردية تنحصر بين الشك واليقين ,بين النسبي والمطلق , بين الكفر والإيمان , والإيمان هو سمو في النفس والفكرة وهي مسألة طوعية وضرورية للفرد وغير مؤذية للآخرين لأنها تمثل الإرتباط بهدف نهائي مطلق من الحياة وهذا عامل يساعد على نموالجانب الإنساني والإجتماعي والتوازن للأفراد والمجتمعات.

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ